الفصل التاسع

79 12 9
                                    

بين موت و موت، بين النيران و النيران
ع الحبل ماشيين الشجاع و الجبان
عجبي على دي حياة، و يا للعجب
أزاي انا يا -تخين- بقيت بهلوان!
و عجبي!

صلاح چاهين

............................................................................

المملكة الجنوبية
المدينة الساحلية - بيت القمر..

أسندت ظهرها على الشجرة الضخمة التي رمت بظلالها في الأرجاء، ثم نظرت إلى جمع التلاميذ الصغار الجالسين على أرضية الساحة في سكون، لتبتسم و تشرع في الحديث:
"منذ ما يقرب من الألف عام قبل الحرب، كان عالمنا يعيش في سلام، رخاء، و رفاهية...
يتظلل الجميع تحت سقف مملكة واحدة تُحكم بالعدل، من قبل ملك ذي بأسٍ لا يعرف قاموسه سوى كلمات الحكمة و القوة، تتلمذ في بيوت القمر، تحت إشراف حراس عالمنا و أبوابه الكونية، و هي أبواب ضخمة تفضي إلى عوالم أخرى...

و فجأة بأحد الأيام المشؤمة، مات الملك!
مات ميتةً عادية، لكن خلّف وراءه حزنًا جمًا خيم على أرجاء المملكة التي تدهور حالها من بعده، و خسفت الشمس ملقيةً بظلالها على الأرجاء في حداد بائس..
كان للملك أبنين من زوجتين مختلفتين، أحدهما كان الأحق لتولي العرش لأنه الأكبر، لكن الأبن الآخر كان يغار من أخيه طامحًا لتولي الحكم و السيطرة على المملكة بدلاً منه، حتى أن طموحه كان يتعدى حدود عالمه!
ثم أعلن التمرد على أخيه الملك المستقبلي، و حشد مريدين كُثر من الشعب و العامة و حتى صفوة المجتمع، بحيل خداعة و شعارات واهية بصياغات ذكية! قسّمت نسيج المملكة و نشرت الفتنة كالحية التي تنفث سُمها في عقول الشعب!
و بعد فترة لم تطل تخللتها الحروب الأهلية بين أبناء الجنس الواحد، أُعلن أستقلال شمال المملكة الضخمة عن جنوبها، لينصب الأخ المتمرد نفسه ملكًا عليها..!

و على الرغم من أن الأخ الأكبر كان الأحق بالعرش، و كان بإستطاعته أن يتنازل عن الحكم لأخيه ليئد كل تلك النزاعات في مهدها قبل أن تتفاقم إلي ذلك الحد، لكن و لسبب ما لا نعلمه تمسك بحكمه و عاند لأجله، حتى وإن كان ذلك على حساب تفكك مملكته و شعبه، ليرضى فقط بالجنوب...
و مع ذلك لم يسلم من مضايقات الشمال، و لم يتعامل معهم سوى بالسلم على عكسهم، مما أثار بداخلهم الغل و الحقد أكثر فأكثر تجاههم..

و هنا كان دور الحراس الذين تناساهم الجميع، عندما وصلتهم الأخبار غضبوا من الوضع المزري الذي آلت إليه الأحداث، و من المسئولية التي أعطوها للناس فأضاعوها بغبائهم، و تدميرهم لذاتهم من الداخل، و هم يجابهون لأجلهم المخاطر من الخارج لينعموا بالسلام!
و في محاولة حكيمة أخيرة من الحراس ليعيدوا الأوضاع لما كانت عليها، أرسلوا برسول إلى مملكة الشمال مجرد من الأسلحة، مبعوثًا للتفاوض، و لكن لغباء الملك و رعونته أصدر قرارًا بقتل الرسول قبل أن تلمس قدماه ساحة القصر! ظنًا منه أنه بذلك قد يفرض سيطرته و يُرضي غروره،  باعثًا برسالة غير مباشرة لأخيه بأن إرادته تتخطى حتى إرادة الحراس!
و بذلك كان قد بدأ عصرًا جديدا، عصرًا جديدًا كُتب تاريخه بالدماء و اللعنات!"

الحارس الأخير (قيد التعديل)Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt