الفصل السابع

149 18 43
                                    

مزيكه هاديه الكون فيها انغمر
و صيف و ليل و عُقد فل و سَمَر
يا هلترى الناس كلهم مبسوطين
و يا هلترى..شايفين جمال القمر!
و عجبي!

صلاح چاهين
............................................................................

"قولي يا كرومبة، هو إنتَ اسمك كرومبة ليه؟..فيه قصة ورا الموضوع ده؟!"

قالها الضابط أحمد متسائلاً ليلطف الأجواء بين ذلك الجالس يأكل من الطعام كل ما لذ و طاب، و بين العقيد الحانق الذي أوشك صبره على النفاذ، ليردف كرومبة و هو يلوك بفمه قطعة دجاج:
"والله يا هندزة، أنا أصلاً إسمي في الشهادة مندوح (ممدوح)، و زي ما بيقولوا كدة إسم كرومبة ده إسم مكتسب، من أول شغلانة إشتغلتها.."
"كنت بتبيع كرومب يعني ولا إيه؟"

تسائل أحمد بشغف حقيقي رغم أنّه بدأ ذلك الحديث ليكسر حاجز الشحنات بينهم، في حين كان يطالعهم فهمي شذرًا بصمت، ليستطرد كرومبة بجديه ملوحًا بإصبع كفتة و كأنه يناقش رسالة دكتوراة:
"مش بالظبط، أنا هحكيلك يا بيه...
من يجي عشر زنين (سنين) كدة، كنت لسة عيل ف الإبتدائية، و أمي كانت بتقعد بفَرشة خضار في السوق..أوطة على فلفل و ممكن برنجان (باذنجان) مأور، بس كانت أكتر حاجة بتنباع و مشهورة بيها هي الكرومب بتاعها، المهم جت ففترة يا بيه و أمي تعبت تعب جامد أوي و هي أصلا كانت صاحبة عيا يعني، و مكانتش بتقدر تبيع و إحنا كنا محتاجين فلوز للعلاج، قوم أعمل إيه؟..منا مش هتخلى عن أمي كدة!...و في نفز (نفس) الوقت كان عمي عنده أزمة في بيع المخدرات، كان تاجر على قده ساعتها، خليته يديني حاجات قليلة كدة من إلي بيبعها يا بيه في الأول، و أنا عشان كنت عيل فطِن ربنا يحفظني، بقيت أروح لأمي و أخد منها الكرومب أحشيه بالمخدرات و أسرح بيه في الشوارع و اللي عايز يشتري، بيشتري بأضعاف سعر الكرومباية! و بقيت بضرب عصفورين -أو تلاتة مش متأكد- بحجر واحد!، و الحمد لله عالجت أمي..و كله من عرق جبيني يا هندزة أومال إيه!..و من ذلك الحين بقى إسمي الحركي كرومبة..."

اومأ أحمد مندهشًا و هو يقول:
"لا تاريخ مشرف يا كرومبة الحق يتقال يعني، بس أمك مستغربتش أو مسألتكش عن مصدر الفلوس الزيادة دي..و لا إيه؟"

"لا طبعًا يا بيه سألِتني، و أنا هخبي حاجة زي دي على أمي!...الله يمزيها (يمسيها) بالخير بقى.."
أنهاها بنبرة خافتة شبه متأثرة، ليستطرد أحمد في سرعة:
"هي ماتت؟!"

"فال الله ولا فالك يا هندزة!..تف من بوقك أوماال!...هي إتشلت بس.."

نظر فهمي لأحمد بضجر شاعرًا بأنه في طريقه لأزمة قلبية مجحفة، لينهض الآخر محمحمّا:
"إحم!..طب مش يلا يا كرومبة للي إتفقنا عليه ولا إيه؟"

الحارس الأخير (قيد التعديل)Where stories live. Discover now