الشتاء العاشر.

52 7 3
                                    


بعدَ عشر سنواتٍ.

الطائرة المتوجهة من سان فرانسيسكو قد حطَّت أراضي العاصمة الكورية سول، جميع الرُكاب الذين كانوا على متنِها ابتهجت قلوبهُم لمقابلة العائلة عدا واحدٌ منُم، جلَّ تفكيرهُ في تلكَ الفتاة كيفَ أصبحت بعد هذه السنوات العشر.

طلب سيارة أُجرى و عرضَ العنوان على صاحبها، بعد أن أستقرَّ داخلها و أنطلقَت عاد شريطَ الذكريات منذ زمنٍ إليه حين التقاها المرَّة الأولى مرَّ جانب المدرسة و ابتسم، ثم تجاوزت السيارة منزلها المهدَّم نحو منزله حتى واصلَت السيرَ نحو المشفى الأولى التي بحثَ بها عنها مرورًا بتلك الحانة التي وُجِدت بها حتى وصلَ أخيرًا لمنزل جدته.

توقفت السيارة أخيرًا أمام المكان المنشود، دفعَ ثمنَ الإيصال ثم نزلَ مع حقائبه للمتجر، وقفَ أمام بابه لبضع دقائق ثم دفع الباب و دخل، أنذرت تلك الأجراس المُعلَّقة على قدومِ أحدٍ ما، دون أن تنظُر اتجاه الباب قالت "أهلًا بكَ، لكن أعتذ.."

و قبل أن تُكمِل كان سونغ تشان قد وصلَ إلى أمامها و ابتسم بإشراقٍ ثم قال "مرحبًا مين چونغ." قطّبت حاجبيّها بعدمِ فهمٍ ثم خلعت مئزرها و توجّهت ناحيته ثم قالت "أتعرفُني؟"

ابتسم سونغ تشان بخفةٍ ثم ثبّت حقيبته هناك و وضع الصغيرة فوق الطاولة و وضع ساعدع هناك ثم أراح ذقنه فوق كفّي يديّه و قال "لا أعتقد أني تغيّرت كثيرًا وُيْنّتَرْ خاصتي، عشرُ سنواتٍ ليسَت طويلة."

"سو سونغ تشان؟" قالت بتفاجؤ، ابتسم هازًا رأسه بالموافقة ثم استقام حالما تقدّمت أكثر أتجاهه، أحاطَ كتفيّها بيديه و قال "أشتقتُ لكِ كثيرًا، كنت أعِدُّ الأيام و الساعات حتى موعد اللقاء؛ كنت أراكِ في كلّ زهرةٍ، كلّما أشرق الشمس و يظهر القمر، حين أرى قطرات الندى و هي تسقطُ على الأرض الجّافة كنت أذكر اللحظات الأولى لنا؛ يومي الأول في المدرسة، ملامحكِ الخائفة، الباهتة، الشوفة للغدِ البعيد؛ أردت إيصالكِ إليه و فعلت؛ لقد أخبركِ سابقًا. سأُعيدها الآن لقد كنت بالنسبة لي باردة كثلج الشتاء، دافئة كشمس الصيف، مشرقة كإشراقة الربيع، باهتة كأوراق الخريف، لقد كنتِ و لاتزالين مختلفةً وينتر خاصتي."

سكتَ قليلًا ثم أسترسلَ الحديث ممسكًا يديّها "هل تسمحين لي أن أصبحَ خلاصتكِ، معالجَ جراحكِ؛ جراحَ قلبكِ أيضًا، هل تصبحينَ النُّورَ في عينيّ كيم مين چونغ؟"

لم تستطع الكلمات أن تغادرَ جوفها بل ظلَّت عالقةً هُناك، لا يمكنها أن تبتسّم أو تبكي، لأنها لا تعلم ما الفعل الصحيح لهذا، لم تتوقع مين چونغ ذلك و منه بشكلٍ خاص كلَّ ما أرادته هو العيشَ بكرامةٍ.

أفلتَ يديّها ثم توجَّه صُحبتِها نحو أحد الطاولات الفارغة و جلسا هناك ثم قال بصوتٍ هادئٍ "ما بكِ مين چونغ؛ أقلتُ شيئًا خاطئًا؟"

"لا لم تفعل لكنّي مصدومة، أعني لم أتوقّع منكَ ذلك؛ لا أقصد أنكَ بالغتَ في شيء لكن لم أستطع تصديقَ ما فعلتَ الآن... سونغ تشان أقبلُ بأن تسكُنَ قلبي شريطةَ أن تعِدني بشيء." أجابت سؤاله و في النهاية انتظرت ليطرح سؤالًا أخر أو ليُجيبَ عن كلامِها النهائي بعباراتٍ معقولة.

"أعدكِ مين چونغ بأن أفَعل كلِّ ما تطلبينَهُ." قال بابتسامة طيّبة على محياه منتظرًا منها ما تريد أن تطلُب فقالت بابتسامةٍ "تَعدُ بأن تجعلَ وينتَر خاصتكَ سعيدة؟"

قهقه بخفةٍ ثم أومأ برأسه و قالَ "أَعدُكِ بذلك، سأجعلُكِ سعيدة مادمتُ قربكِ؛ وينتَر خاصتي أعهدُ لكِ أن تكوني بخيرٍ مادام أنّي هُنا قربَكِ (أمسكَ يدها و أسترسلَ) أحبكِ كيم مين چونغ."

شتاء. ✓Where stories live. Discover now