الشتاء الرابع.

41 9 2
                                    


بعدَ ما حدث الليلة الماضيّة قررّت مين چونغ الذهاب إلى المدرسة علَّها تجدُ معاملة طيّبة منهم لكنهم لم يفعلوا ذلك بل بدأوا بالتنّمر عليها و رميها بالأوساخ و علبِ الحليب الفارغة.

لم تحرِّك ساكنًا بل ظلَّت كَما هِي مستلقية على الأرض تانُّ بألمٍ و تطلبُ منهم التوقُف، رغم أن ذلكَ مستحيلًا لكنها توقعت أن يوجد عاقلٌ واحدٌ بينهم؛ توسَّخت ملابسُها و شعرُها أيضًا و مع ذلك لم يتوقفوا، تعالت صرخاتُها الموجِعة بالتوقُف.

و على مسافةٍ بعيدةٍ منها كان سونغ تشان يسيرُ ببطء مع سماعات الرأس على أذنيّه، يقرأ كتابَ الحِصةِ الأولى، لم يعرِف أنها تعاني حتى شاهدَ التجمُّعَ الكثيف للطلاب عند نقطةٍ ما، تفاجأ في بداية الأمر لكنه قررَ معرفةَ ماذا يحدُث.

سارَ بهدوء نحو الحشدِ هناك لكنه أسرع خطاه حالما لمِحَ خصلاتِ شعرها البُنيّة واضِحةً من بين أرجُل أحد الطلاب الذين كانوا يركلونَها على معدَتِها و جانبيّها بقوةٍ، دفعهُ بقوةٍ و حماها بجسدهِ؛

تلقى عنها الضربات المتَبقيّة متحمّلًا الألم كله علَّها تبكي بصمتٍ هناك، لم يوقفوا حتى نده عليهُم المعلِّم و طلبَ الجميع في مكتبه عداهم -چونغ سونغ تشان و كيم مين چونغ-.

ساعدها على الوقوفِ و السير حتى مكتبِ المُمَرِّضةَ لتتلقى العِلاج، انتظرها في الخارج حتى تنتهي ثم دخلَ حينما ندهَت له المُمَرِّضةَ، استأذن قبل الدخول حتى لا يُحرِجَها ثم دخل.

كانت تلكَ المرة الأولى التي يراها بها و هي بهذه الحالة متعبة، متألِّمة، باكيةً بصمتٍ حتى أنه مسموع بالنسبةِ له؛ تقدمَ حتى وصلَ لمُستوى وجهِهَا و قال دون أن ينظرَ نحوهُ "أسِف مين چونغ لم أتِ في الوقتِ المناسب، سأكون في المرة القادِمة جانِبَكِ."

"لا داعٍ لذلكَ سونغ تشان-شي أنا بخيرٍ مع كلِّ ذلك، لقد اعتدتُ الأمرَ حتى أضحى روتيّنًا بالنسبة لي لا بأس." قالت بصعوبة ثم مدَّت يدها السليمة نحوَه تطلبُ مساعدتهُ على الوقوفِ.

لبَّى ما طلبت ثم توجَّه صُحبتِها نحو منزلِها، لم تكُ بخيرٍ حتى تسيرُ لمنزِلها البعيد لذلكَ قال لها بينَما ساعدها على الاتكاءِ على عامودِ الكهرباء "هل نذهَب لمنزلي فهو أقرَب، أنتِ مُتعَبة مين چونغ؛ من فضلكِ لا تُجادِلي لسببٍ تافه."

"هل كرامتي تافِهة بالنسبة لكَ سونغ تشان؟" ما قالته صدمَ الفتى الواقِفَ أمامها، لدرجةِ أنه بقيَ نصفَ ساعة حتى تحدَّث قائلًا "لا، لم أعنِ ذلك كل ما في الأمرِ أنكِ مُتعَبة و بالكادِ تستطيعين السيرَ خطوتيّن دونَ التوجُّع، ثم أُبي طبيبُ و يمكنُهُ معالجة جراحكِ."

"و جراحَ قلبي؟" همسَت بها لتُقابِل إجابتِهَا زخَّات المَطرِ الكثيفة تضربُ الأرضيّة بألمٍ أبكتها بخفةٍ، لم يمتلك سونغ تشان أيةَ فكرة عن كيفيَّة التصرُّف في هذه الحالة و رجَّح أن ما قامَ به سَابِقاً قد يُفيّد؛

لذلِكَ ضمَّ جسدها المبلَّلِ بدموعِ السماء و طبطَبَ على كتفِهَا بخفَةٍ ثم همسَ قربَ أذُنِهَا "سأُشفي جِراحَ قلبكِ بنفسي، فقط ثقِ بنفسكِ أولًا."

ما كانت بحاجتهِ مين چونغ قدَّمه لها فتىً جديدٌ من بيئةٍ مختلفةٍ عن بيئتها، عن تفكيرها، و عن نمط حياتِها، لكنَّها كانت بحاجة لشخصٍ يحتويها بين ذراعيه، أن يِخبِرَها أنها ليسَت المِخطِئة بل أحدٌ أخَر.

بعدَ إلحاحٍ منهُ وافقَت على الرحيلِ لمنزلِ عائلتهِ فقط لهذا اليوم، ابتسم بإشراقٍ و سارا معًا نحوَه، لم يكُ بعيدًا لذا استطاعوا الوصول له بسرعةٍ، فتحَ الباب و صرخَ أنه هُنا ثم ساعدها على بلوغِ العتبة، بالنسبة لها كان الجنةَ بحدِّ ذاتها.

شتاء. ✓Where stories live. Discover now