الفصل التاسع

Start from the beginning
                                    

الغرق ... هو المعني الحقيقي لما يحدث معها ... كل يوم تذهب عازمة أمرها على عدم التأثر به وبوسامته وبشخصيته التي تزداد مشاغبة يوما بعد الأخر لكن ... كل قرارتها تذهب ادراج الرياح بمجرد لقاءه .
ماذا تفعل ... هو بالأخير نجم مشهور وسيم خفيف الظل ... مراعي ... مهذب لكن مشاغب ... وهي بلهاء ... حمقاء ... مراهقة المشاعر وقعت في فخه بمنتهى السهولة .
تشد شعرها بعصبية وهي تقرأ الخبر الجديد عن اقتراب ارتباطه بالنجمة الصاعدة حنان فهمي ... وعشرات الصور تؤكد صحة الخبر .
تتذكر من عدة أيام زارته المذكورة التي تتمتع بالكثير من الميوعة وتمتلك القليل من الملابس وصاحبة أكبر عدد من عمليات التجميل .
وكانت لهفتها واعجابها به واضح للجميع بينما هو كالعادة هادئ رزين ثقيل عاملها كما يعامل الجميع بدون اي اهتمام خاص ... يبدو أنه لا يحب خلط حياته العملية بحياته الشخصية لهذا تعامل معها بهذه الطريقة ... لكن بالتأكيد فيما بينهما يكون اللقاء أكثر حرارة والتعامل أكثر خصوصية .
عضت على شفتيها بقهر وقالت لنفسها : وحتى لو مفيش حنان هيبصلي أنا بأمارة ايه ... وحتى لو بصلي هو أنا ممكن اقبل ... اللي زي ده عايز يتسلي ويعيشله يومين وأنا مش كده ... مهما حبيته لا يمكن اتنازل وهو شكله مش بتاع جواز ... كبيره خطوبة لحد ما يزهق ويبدل .
أنار اسمه شاشة الهاتف فردت سريعا متناسية كل قرارتها وقالت بسعادة : صباح الفل يا استاذ .
قال : صباح الورد يا هدية ... مجتيش امبارح مع إن كان بينا معاد .
قالت بتماسك : راحت عليا نومه وقمت 1 بعد الضهر .
ابتسم وقال : طيب هتقدري تيجي النهاردة ... أنا مفطرتش ومستني افطر معاكي .
قامت سريعا بمنتهى الحماس تفتح الدولاب لترتدي بنطالها الجينز و تقول : حاضر يا استاذ مسافة الطريق ... ها اجيب كشري ولا بطاطس شيبسي .
ضحك بشدة وقال : لا حرام عليكي كشري وتوم ودقة على الصبح كده ... تعالي انتِ بس والفطار عليا المرة دى .
أومأت كأنه يراها وقالت : تمام يا استاذ نص ساعة وابقى عندك .
اغلق معها يفكر بها ... لا ينكر أن الأمر في البداية كان اعجابا بحيويتها وبساطتها وكلما تعامل معها وتعرف عليها اعجابه بها يزيد لا يعلم هل هو اعجاب بشخصها أو بإسلوبها أو بشكلها أو بأنوثتها أو .... بها هي كلها بكل ما يخصها .
كل ما يعلمه أنه اصبح يشتاق لساعات الصباح للقاءها ... عدل الكثير من مواعيده لتناسب نظام يومها ويستطيع لقاءها .
اصبح ينهي اعماله بالاستديو في الثانية صباحا ويعود لمنزله ليعود في الصباح كي يلقاها .
يشعر بنفسه معها هادي الانسان العادي بعيد عن الشهرة والتملق ولغة المصالح المحاط بها .
لهذا هو لا يزعج نفسه بالتفكير أو التفسير
هو يرتاح معها وبوجودها ولهذا يحاول لقاءها يوميا وهذا هو المهم .
بعد اربعين دقيقة تقف أمامه وهي تنظر للمائدة بذهول وتقول : ايه ده ... انت بتتكلم جد ... الكشري هيتعب معدتك والكبدة والسجق هيهديها ... كبدة وسجق يا أستاذ !!!
انطلقت ضحكاته التي تجعل نبضات قلبها تفر هاربة اليه وعيونها تخرج من مكانها لتتراقص أمامه ... حاولت التماسك لكن تصرفاته لا تساعد ابدا .
هدأت ضحكاته وقال باتهام مصطنع : انتِ السبب يا هدهد ... خلتيني افتكر أيام الشقاوة أيام الكلية وعربية الكبدة اللي جمب الجامعة ... وأول ما شميت ريحتها نزلت بنفسي جبت من المطعم اللي جمبنا .
قالت ببلاهة : يعني إنت بنفسك وقفت وسط الناس وقلتلهم عايز 6 كبدة و 4 سجق وزود المخلل .
ضحك مرة اخرى وقال ببساطة بدون وعي لصدى كلماته : عشان عيونك يا هدهد وعشان افطر معاكي ... الموضوع يستاهل الصراحة .
ابتلعت ريقها بتوتر ووجهها يتورد من كلماته وهو يجذبها بعفوية من يدها ويناولها احد الشطائر ويقول : يالا افتحي نفسي بقى وبعدها نشرب اي حاجة تهضم وربنا يستر ونعرف نتمرن بعد العملة السودا دي .
اخذت الساندويتش منه واكلت وهي تتخيل نفسها تشاركه جميع وجباته لتنهر نفسها على تخيلاتها الحمقاء .
انطلق بالكلام أثناء تناوله الطعام وقال بعفوية : أنا كنت في الجامعة الأمريكية اللي في ميدان التحرير قبل ما تتنقل التجمع ... كان جمب الكلية عربية كبدة حكاية فضلت اقاوم لأني كنت بأرف جدا بس ريحة الأكل كانت لا تقاوم ... وكانت المجازفة ... اينعم تعبت بعدها وجالي شبه تسمم بس رجعت كلت تاني منه لحد ما معدتي اخدت عليه .
ضحك وقال : اصل أنا عمري ما كنت باكل من الشارع ممكن مطاعم وكانت سمعتها ممتازة لحد ما دخلت الجامعة وخرجت عن حصار اهلي وقررت اغامر .
قالت وهي تكاد ترقص فرحا لأنه يتكلم معها بحياته الشخصية : ولما مامتك عرفت إنك عملت كده عملت فيك ايه .
قال ببساطة وهو يتناول قطعة جزر مخلل : لا ماما توفت وأنا 12 سنة وبابا اتجوز تاني ووقتها كان سفير فشغله كله برة مصر فسابني لجدتي ربنا يبارك ليا فيها ....
طبعا كانت بتخاف عليا جدا ... ممنوع أكل من برة ... ممنوع أكل بعيد عنها ... ممنوع أتأخر ... ممنوع اسافر لوحدي ....
باختصار أنا كنت كل حياتها وهي كل حياتي .
قالت بتعاطف لحياته الصعبة وحرمانه من الام والاب : ربنا يخليهالك يارب ... ودلوقتي فكت الحصار شوية .
ضحك بشدة وقال : الحصار بيزيد هي تكبر وتتعلق بيا أكتر وأنا أكبر وحبها جوايا بيكبر .
قالت : ربنا يخليكو لبعض يارب ... وبغيرة أضافت : ويا ترى رأيها ايه في العروسة !!
قال بعدم فهم : عروسة مين !!!
قالت بغضب داخلي : حنان فهمي يا استاذ ... الخبر نازل في كل السوشيال مديا ولا إنت خايف لأحسدك .
ابتسم وقال ببساطة : مش كل اللي تقريه تصدقيه وخصوصا في مجالنا دا يا هدهد .
عوجت فمها وقالت بغيرة ظاهرة : ماهي لسه جيالك من يومين وكان واضح من نظراتها ليك يعني ... يعني بقى إنت فاهم .
هل يلمح في لغتها غيرة ونظرتها حزن ام يهيئ له ... لا بالتأكيد يهيئ له هو لا يريد لعلاقتهما هذا الاتجاه يريدها صديقة وقريبة منه بدون اي التزامات أو اعتبارات اخرى ... ستفسد علاقتهما المريحة الهادئة فقال : اللي اعرفه اني مخطبتش ومش مسؤول عن نظراتها وموضوع الارتباط مش في دماغي خالص بالوقت الحالي .
ثم اضاف ببديهية : وبعدين يا هدهد لو فكرت اكيد مش هابص لحنان أو حد زيها ....
بالنهاية انا راجل شرقي محبش مراتي تبقى سلعة معروضة للكل يتفرج عليها .
جحظت عيناها من كلماته ... إنه نفس كلام هشام ولكن بطريقة مختلفة لكن التفكير لا يتغير كل منهما يبيح لنفسه الشهرة والدخول بالوسط الفني لكن اخيها يرفض لاخته نفس المجال وهادي يرفض لزوجته ان تكون من نفس الوسط .
لاحظ صمتها وصدمتها من كلماته فقال شارحا ولا يعلم ما سبب رغبته بتصحيح نظرتها له : أنا مش ضد إن مراتي تبقى بتغني أو حتى بتمثل لكن متبقاش زي حنان مش عارف اشرحهالك ازاي ...
يعني مثلا هيفاء وهبي وامال ماهر الاتنين بيغنوا بس واحدة بتعتمد على جسمها اكتر من صوتها وواحدة صوتها هو الاصل والشكل مكمل للصورة العامة .
تنفست الصعداء فهي لا تتخيل نفسها ان تكون شبيهه لحنان ان ترتدي مثل ملابسها أو تعتمد على عمليات التجميل كما اعتمدت الأخرى .
أومأت متفهمة وقالت بصدق : معاك حق اي راجل ميحبش ان مراته تبقى فرجة للي رايح واللي جاي .
كان يكلمها وهو يلملم الاكياس والأوراق مكان إفطارهم وقال : طب يالا بقى نشوف شغلنا .
ثم غمزها قائلا : على فكرة عندي ليكي مفاجأة كمان كام يوم ... اظبط المواعيد وابلغك بيها بكرة أو بعده .
اقتربت منه تتمسك بكفه بعفوية وقالت : مفاجأة ايه ... أنا لسه هاستنى يومين ... عشان خاطري ... أنا كده الفضول هيموتني .
ابتسم وقال : بعد الشر عليكي ... بكرة هاقولك ومتحاوليش معايا أكتر من كده .

مصابيح فى حنايا الروح الجزء الثانى من سلسلة طعم البيوتWhere stories live. Discover now