5 | مَاءٌ لَيّن وأيْدِي مُكَبّلَة .

847 97 66
                                    

أستغفر اللّه العظِيم من كلّ ذنبٍ عظِيم .✨
.
.
.
أكشَن، ألمٌ ومفاجآت .. ربّما ؟
.
.
.
.
دَهر تتمنّى لكم قراءةً ممتعَة ..❤️✨
.
.
.
.
.
.
.
.
وتطايَرت شظايَا النّيران، كجحيمٍ فوق الأرض، جحيمٌ زلزل خيوط الاِضطرابِ المتربّعة بين عينيّ، وأنَا واقعةٌ هاهنَا، بلا حولٍ ولا قوّة .. أنصِتُ لهذَا اللّهيب وهو يلتهِم شموخ أشجارِ الصّنوبر بلا رحمةٍ، ينهشَها غصنًا غصنًا، يَطرد أطيارهَا، ويوارِي ثراهَا، يفتّت جذوعهَا، ويخنق أشباح ماضيهَا ..

تقدّمت، ثمّ تراجعت، موضوعةٌ وسوداوتيّ مفتوحتان على مصراعيهمَا، تحاوِل اِشتقاق ولو بضع تفسِيرات ! ثمّ تخطّط فجأةً وبشكلٍ غير منطقيّ، لاختطَاف أحمد والهروب من هاتِه الأشواك الّتي اِنهالت علينَا، تتناطح فيمَا بينها، متنافسةً في من ستغرس سمّها الزّعاف داخل حناجرنَا أكثر ..

تلكَ العمّة .. لا زالت ممسكةً بفتات ردائهَا، تغطّي به ثغرهَا الّذي اِنفجر بشهقاتٍ مكتومةٍ بصعوبةٍ، لن يستطيع أحدٌ عدّ مقدارهَا أو تحدِيد نسبة الوجع المتجذّرة فيهَا ..

رجالٌ يهرَعون، يمسكون بدلاءٍ لم تتعفّر أصلًا بالماء الّذي لعلّه يستطيع ولو بصورةٍ مؤقّتةٍ إخماد هذا الحرِيق المهولِ وبثّ الهدوء والسّكينة في روحه وأرواح قاطنِيه .. ثمّ يرمونهَا، يرمونهَا بعجلةٍ فوق إحدى الكثبان النّارية المتكدّسة على زوايَا شجرةِ صنوبرٍ لم يبقَ من بقايَا يتمهَا سوى رمادٍ وقطيراتِ سوادٍ ..

بقيَ الأمر هكذَا ودوالَيك، وأصوات النّساء الموجعَة الّتي انطوَت رفقتِي في إحدى البيُوت، تجاهِد في كتم كميّتها بقدر المستطاع، وأنا هاهنَا، أتأمّل فقط وجوههم وتقاسيمهَم المتورّدة، بعدما قامتِ العمّة بجرّي بعيدًا عن ألسنة اللّهب رغم إصرارِي الشّديد على البقَاء .. لكن مع كَثرة الرّجال المتجمهرين هنَاك والصّدمة الّتي لاحظتها هيَ، والّتي اِرتسمت على عينيّ بطريقةٍ مرعبةٍ ومربكَة، لم تقتنِع بكلامِي دقيقةً واحدةً، وسَارت بِي ممسكةً ذراعِي برفقٍ، واضعةً إيايّ تحت هذَا السّقف البَليل الّذي زرته مسَاء أمسٍ، رفقتهنّ .. ومعهنّ وبداخلهنّ .. نتشَارك فيما بيننَا ضيقًا هاتكًا، نتشارك دموعنَا، ونوارِي خوفنَا .. فكلهنّ وأنا نعلم نهايَة هذَا الحدث، وحتّى لو تمّ إخمَاد النّيران بمشيئة اللّه وقدرتهِ، سيظلّ هناك لظى غطريفٌ مسموم، يتلهّف لطعننا، لنهشِ صدورنَا، وينتظر عند ربَى انتصاراتنَا ليبعزقهَا ..

الأمر مؤلِم، مؤلمٌ وخانقٌ ولا يُحتمل .. أن ترَى كلّ هؤلاء النّسوَة، هؤلَاء الرّجال، هؤلَاء الأطفَال المتشبّثين بأثوابِ أمّهاتهنّ، خائفينَ من هواجسهم الطّفولية، خائفِين من هول ما يَحصل وسيحصل، خائفِين أن تلتهمهم هذه النّيران وهم أحيَاء ... ولم يبقَ لهُم سوى التّجمع على زربيّة الغرفة المزركشَة، والاحتمَاء باِصفرار جدرانهَا الباليَة ..

الرّعَايَاWhere stories live. Discover now