Atramental | أَتْرَامِينْتَالْ

الفصل الأول.

وهكذا اِنتهىٰ بي الأمر مُستسلمة للفكرة، ليس لأجل شغَف، بل لأنّ أي إهدار إضافي للوقت يعنِي حرمانِي من الحصول علىٰ القهوة اليوم، أومأتُ برأسِي مُوافقةً ببُطء وأنا أهمِس كلمة ٫٫حسنًا٬٬ مُكرهة، لأجدها هِي التِي تشدّني الآن وقد اِنطلقت منها ضحكة اِنتصار طفوليّة، حتىٰ أن من يرانا قد يُقسم علىٰ أنّها هي الراغبة بيننا في المجيء إلىٰ هذا المقهىٰ !

***

- "عِند النظر إلىٰ الوراء قليلاً لن تجِد أنّ الكثير قد حدث خِلال هذه الفترة، لقد سقطت الدُول الأوروبيّة والولايات المُتحدة وكندا علىٰ يد الاِتحاد الإستحكامي الذِي تقُوده الدُول العربيّة، أو علىٰ الأقل هكذا كانت تُعرف سابقًا.
لقد أضحىٰ البترول ومُشتقاتّه بلا قِيمة بعد أن اِستُبدِل بالبروبيلانت، أنهىٰ الاِتّحاد المجاعَات والجهل والفقر، لانزال نُعاني بسبب الكوارث الطبيعيّة، ولكنّا أصبحنا أكثر قُدرة علىٰ التنبُؤ بثوراتِ الطبيعة وتقلباتِها الحادّة.

الأسلحة والحرُوب قد باتت كُلها جزءًا من الماضِي الآن، بالكاد يُسمَح لقوّات الشُرطة بحمل أسلِحة يُمكنها في أفضل الأحوال أن تُسبّب ضررًا مُؤقتًا، ولكنّها لا تقتل، بل لا تُؤذي بشكل جدّي حقًا، لقد تطوّر الطب لحدٍ صادِم تقريبًا، إنّ البشر يُعمّرون حتىٰ سن الخمسين بعد المئة، ولكنّ الأمر ليس مُريعًا فعليًا؛ فالتعداد السُكاني غير مُرتفع، بل إنّه قد يكون في أفضل أحواله مُنذ بداية القرن الثانِي والعشرين، لقد قُسّم سُكان العالم بشكل مِثالي؛ بحيث لم تعُد الكثافة السُكانيّة مُرتفعة في أي مكان مُقارنة بالمساحة الجُغرافيّة التي تم توزيعهم عليها.

لم يعُد ثقب الأوزون هاجسًا أسودًا يُهدّد نمط الحياة الطبيعي علىٰ هذا الكوكب، كُل شيء يعمل بالطاقة النظيفة، وحتىٰ مُكيّفات الهواء والمصانِع أصبحت صديقة للبيئة، لقد تمّ التخلص من التلوث، وقد تم حلّ الأزمات الاِجتماعيّة، الدستور والتشريعات مثاليّة ومن يُطبّقونها فوق الشبهات، لقد تحققت الأمنية القدِيمة وعمّ السلام والوئام العالم، الجميع يحيا حياة رغِيدة هانئة، ولكِن .. لمَ يبدُو شيءٌ ما خاطئًا؟ .."

أغمضتُ عينيّ بقوّة وزفرتُ بضِيقٍ واضِح عندما شعرتُ بيد رامي المُستندة علىٰ كُرسيّ ورأسه الذِي أطلّ به من فوق كتفيّ ليقرأ ما كتبتُه علىٰ شاشة حاسبي، لقد حذرتُه ثلاثًا وثمانين مرة من فِعل ذلك ولكنّه لم يستمِع إليّ قط.

ضربتُ يده المُستندة علىٰ الكُرسي مُبعدًا إيّاها ثمّ نهضتُ ووضعتُ نظّاراتِي بهُدوء علىٰ الطاولة، فقط لأنفجر في وجهه بعدهَا.

- ˒˒رامي، أيها الأحمق، ألم أحظر عليك التسلل لقراءَة كتاباتِي غير المُكتملة هكذا؟ إنّي مُوشك علىٰ نشر هذا الشيء، لا داعِي لألاعيب الأطفال هذِه˓˓.