٦- تبكي

105 11 3
                                    

لست أدري كم مضى من الوقت و أنا هنا، وحيد أرتجف بوجه مبلل على حافة النهر.

أضم قدماي لجسدي أكثر كلما مرت علي نسمة باردة، و أدع الهواء يجفف دمعي المنهمر، بينما يتردد بذهني الصراخ من المنزل.

خفضت بصري لأرى الألبوم المحطم بحجري، الصورة خاصتي تمزقت و كلمات سان اختفت معها كأحلامي التي انتهت كابوسًا.

أعلم أن ما حدث ليس بالجلل، حتى النزاع بالمنزل و كل ذلك الصراخ ليس بالجديد، لكني لا أدري لمَ كتفاي مثقلان بالهم و قلبي امتلأ و فاض
شجا.

و حتى و عيناي لم تتوقف عن ذرف الدموع فإن روحي تحترق من الحسرة، كأني بحاجة لرمي جزء مني خارجي لتعود أنفاسي المكتومة.

-يونغي؟ هل أستطيع أن ألمسك؟

رفعت نظري إليها، لازالت بطلتها البهية كالمرة السابقة، و لازالت عيناها تفيض بالحزن بينما تعكس وجهي.

هززت رأسي موافقًا لأشعر بيدها المبتله على خاصتي، كانت باردة للغاية و دافئة أكثر، بينما تغطي خاصتي بالكامل بأصابعها المكففة.

-اليوم نصبوا أحزاني من جديد، ضاغطين على جرحي بلا شفقة، ألا يرى أحد كم أنا مصاب؟

لم أدرك نفسي و أنا أصرخ و أبكي بصوت عالٍ، لم يسعفني عقلي أن أكتم شهقاتي المشابهة لخاصة الأطفال ، و لم أشعر إلا بيدها التي أخذت تضم خاصتي أكثر.

و بلحظة ظننت السماء تبكي على لحني الحزين، لكن ما إن رفعت بصري حتى رأيتها دموع الحورية بجانبي، أجهشت البكاء ببضع قطرات إلى أن صارت تنتحب و ينهمر دمعها المتلالأ.

بكينا سويا كما لو كانت آخر أحزاننا، و ما إن هدأت أكفكف دموعي إذا أنا أفاجأ بكتلة تلمع بين الرمال.

- إنه زبرجد، يقال أن دموع الحورية غالية لأن الماء يغدو حجرًا كريمًا بعد ذلك، لكن ما شعرت به بينما تبكي كان أغلى من أن يكبح.

عيناها لاتزال تلمع بالمزيد من الدمع، و أنفاسها القريبة مضطربة كخاصتي، و للحظة كدت أنسى أنها ليست  على علم حتى بما يبكيني.

- ألا يبدو الأمر زائفًا أن تبكي على رجل غريب بأحزان مجهولة.

انفرجت شفتاها معلنة بسمة صغيرة

- لقد عشت طويلًا و تعلمت أن ما أشعر به قد يكون غير مفهوم، لكن على الأقل قلبي يدركه، و هذا المراد، و لقد رميت بمشاعرك داخلي و لا أدري أكنت دومًا بهذه الهشاشة أم أن مشاعرك قاسية عليّ كجلمود هوى لاعماقي.
إني و لطول سني لم أبكِ سوى يوم حلت علينا كارثة النيران؛ حينما رمى البشر قنابل في عمق البحر يختبروها أثناء حربهم السخيفة، بعدها باتت كل المصائب هينة.
لكن ما تحمله روحك من خيبة و حسرة جعلتني أعود لذاك الوقت، فتلك النظرة اليائسة ليست بغريبة على عينا ميرالانيوس الصغيرة.

- أتشفقين على نفسكِ الصغيرة بداخلي؟

- أشفق على أرواحنا التي أهلكها الحزن و الجزع حتى نفرت من الحياة و استعجبت الفرح، إن الحياة لا تخلق التوازن و نحن نفعل، لذا لما لا أكون أنا من يضغط على كفة ميزانك المرتفعة؟

أخذت بيدي و سحبتني خلفها، و أنا كالمخدر تبعتها داخل الماء و لم أدرك ما تفعل إلى أن وجدت نصفي السفلي غارق في اليم و هي تركع في الماء ساحبةً إياي معها.

كتمت أنفاسي فاتحًا عيناي ببطأ لأراها تناظرني مبتسمة بينما شعرها الطويل يتطاير حولنا يغلفنا كتعويذة حامية.

- صوتي يكون أعذب تحت الماء، ما رأيك أن أسمعك إياه؟


بدأت أغلق عيناي أصغي لكلماتها العذبة تترد على أذناي ، و هدأت جميع صراعات الغضب و الحزن بعقلي، تاركةً قلبي يغرق في اللحن المنشود.

و لخوفي أردت أن ألمسها قاطعها الشك باليقين، لكن ما إن مددت يدي حتى جذبتني يد للأعلى قاطعةً صوتها من أذناي ساحبةً لي من حلم جميل.

- يونغي لم أكد أترك منذ ساعتين ما الذي تفعله الان!!! لقد أقسمت ألا تقتل نفسك اليوم!

-أجننت؟ أنا كنت أستمع لغناء ميرا؟

مسحت وجهي بيدي لأراه متجمدًا مكانه بينما قطب حاجباه مركزًا نظره على البقعة التي بها ميرا.

- يونغي حبًا في الإله، لا يوجد أحد هنا عدانا!!

_______

تعليقك و رأيك؟

يكفي في هذا العالم السريع المجنون الرأسمالي أن تشعر بمرور الوقت ببطأ لبعض الوقت
أن تؤمن أنك قيم لنفسك لا لإنجازك
و أن تعمل للعمل لا للنتيجة
وقتها ستشعر بالسلام
وقتها سيأتيك الانجاز دون أن تطارده

حورية || مين يونغيNơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ