١-آخر ألم

344 21 9
                                    


أطلق تنهيدة أخرى بينما أحدق بحافة النهر الذي أجزم أن المياة به أبرد من قطرات المطر في ليالي ديسمبر.

مر زمن و لازلت بنفس البقعة، مفترشًا الأرض ملتقطًا أنفاسي المسلوبة مستشعرًا نسيم الهواء الذي يلفح جسدي المغطى بقطعة ثياب ركيكة النسيج أحدق بالبخار المتصاعد مع أنفاسي الهائجة هوج الأمواج العاتية أمامي لنهر ناكدونغ.

أخرجني من سكوني و اضطراب دواخلي اهتزاز الهاتف بجيبي، لأخرجه مبتسمًا حين لمحت رقم صديقي الوحيد الذي أفيض عليه بكل خواطري، لكن ليس اليوم كيم تايهيونغ!

أغلقت الهاتف و وضعته بجانبي على ضفة النهر بينما التفت حولي متأكدًا خلو المكان ما يبعث في نفسي السكينة.

وقفت رامقًا حذائي بينما انزلقت ضحكات خفيفة من ثغري؛ حتى بعد كل هذا الكد ليس لديك حذاء لائق تنتعله يوم وفاتك،يونغي؟!

لكن ما المقصد من الحذاء، ستكون فقيدًا قريبًا، سيلقي رفيقك كلمات وداع حزينة على قبرك و يلتف الأهل ذارفي الدموع، لن ينظر أحد لهيئتك خائفين أن يحفر شكلك بذاكرتهم، سيفضلون لو أنهم تذكروك بهيأتك الحية.

لكن متى آخر مرة كنت بها حيًا؟

تركت حذائي على الضفة بجانب هاتفي بينما أخذت خطوتين داخل المياه التي أرسلت الصقيع لسائر بدني كأنما تسري مسرى دمي.

- الآن أو أبدا يونغي، ليسقط الحزن أسير هذه البقعة و ليعلنوا الحداد على روحي الشهيدة منذ عقد، مين يونغي سيمر بآخر ألم في طريقه إلى النهاية!

اندفعت أركض داخل المياه حتى ما عادت قدمي تلامس شيئا، و غمر الماء كلي فما عادت عيناي تدرك شيئًا من قتمة الاعماق.

الآن و هاهنا أنا أغرق بشيء غير دموعي، و ما عاد يكتم أنفاسي الغصة القابعة بصدري، بل مياه اليم المثلجة، رفعت بصري لأرى ضوءًا فوق سطح الماء دلالة أنوار المدينة التي احتوت بؤسي اثنان و عشرون عاما.

المياة تدفق داخل رئتاي حارقةً صدري و أخذ جسدي يكافح لأنفاسه الأخيرة، أما هلكت مع روحي قبلًا؟ فلنلحق بها إذن!

سكن جسدي و هدأت جميع الأصوات، رؤياي المشوشة لا ترى سوى ضوء خافت بعيد، انه الخلاص!

لكن فجأة غطى ظل كبير ممر خلاصي مندفعًا جانبي لالتفت مدركًا خيال فتاة ذات شعر طويل تمتلك عينان حادتان حتى و إن كانت رؤياي ضعيفة فإني أدرك الخوف بهما، ثوبها الذي يتطاير حولها أحاطني قبل أن تفعل ذراعاها.

لابد أنها هلوسة ما قبل الموت، لأنها ليست فتاة.

هي حورية !

_______

توقعك و رأيك؟

أترى الشخص المنتحر مستسلم أم محارب؟

حورية || مين يونغيWhere stories live. Discover now