1

15.8K 230 8
                                    


› الشيطان شاهين › الفصل الأول (الجزء الثاني)
الفصل الأول (الجزء الثاني)

بعد ثلاثة سنوات......
في احدى أكبر مستشفيات لندن...
طرق أيهم باب مكتب مدير المستشفى الدكتور
ألبير ليسمح له بالدخول، أدار مقبض الباب
ثم دلف ليقف له الآخر و يحييه باحترام مرحبا
به :"مرحبا دكتور أيهام...تفضل بالجلوس".
أخفى الاخر رغبته في الضحك على هذا
الانجليزي الذي لم يستطع نطق إسمه بالطريقة
الصحيحة رغم مكوثه هنا لمدة ثلاثة سنوات
كاملة....
هتف أيهم رادا التحية و هو يهم بالجلوس
:"شكرا دكتور ألبير".
إنحنى الآخر ليفتح أحد أدراج مكتبه
و يخرج احد الملفات ليضعه أمامه
قائلا باهتمام :"إذن دكتور أيهام... هل
مازلت مصرا على تركنا، في الحقيقة
أنا و بقية الطاقم الطبي الذين
يعملون هنا لا نريد خسارتك...فكما
تعلم أنت تعتبر من أهم جراحي المخ و الأعصاب
في هذه المستشفى حتى أن مجلس
الإدارة في آخر إجتماع إقترح مضاعفة
راتبك و قبول جميع مطالبك حتى تقبل
تجديد عقد عملك في مشفانا ".
أجابه أيهم باختصار و قد نمت على شفتيه
إبتسامة خفيفة:" دكتور ألبير.. اشكرك على هذه الفرصة القيمة و لكنني في الحقيقة أريد
الرجوع إلى بلادي..لدي زوجة و طفل صغير
و عائلة تنتظرني هناك ".
نزع البير نظارته ثم وضعها على سطح
مكتبه ثم تطلع في أيهم بتمعن قبل
إن يتحدث بصوت واثق :" مستر ايهام
أنا اطلب منك أن تفكر مجددا...إنت من الاطباء المحظوظين الذين وجدوا
فرصهم هنا في بلد متقدم كبريطانيا...تستطيع
جلب عائلتك و الإستقرار هنا من المؤسف ان
تضيع عملك بعد كل الجهود التي بذلتها لتصبح
رئيسا لقسم جراحة المخ و الأعصاب في احد اكبر
المستشفيات هنا....
أومأ له أيهم بتفهم و قد إرتسمت أمامه شريط
ذكريات ثلاثة سنوات متواصلة من العمل
و الجد المتواصل ليلا و نهارا حتى
تم إختياره لرئاسة قسم جراحة المخ
تنهد مطولا قبل أن يهتف بتصميم
:"اقدر ذلكم ذلك مستر البير و لكنني
لا أستطيع لدي ظروف قاهرة تجعلني
أعود لمصر.... لكن أعدك إن قررت
مغادرة مصر مرة أخرى فسوف تكون
مشفاكم اول وجهة لي".
:"حسنا دكتور أيهم اتمنى لك التوفيق
في حياتك...و لا تنس ابدا ان هذا المستشفى
يرحب بك دائما".
أنهى كلامه ليقف من مكانه ليمد
يده ليصافح أيهم بحرارة قبل أن
يمد له بملف يحتوي على أوراقه.
بعد ساعة...
وصل أيهم لشقته التي تقع في
احد الأحياء الراقية بلندن.. دلف
إلى الداخل بخطى رتيبة ليجول بنظره
أنحاء الشقة الباردة كبرود حياته منذ
اول يوم أتى فيه إلى هذا البلد.
رمى مفاتيحه و هاتفه على أقرب
طاولة إعترضته ثم توقف أمام
مجموعة من الصور المعلقة على
الحائط بطريقة أنيقة.
تحسس إحداها باصابعه و هو يبتسم
بشوق.... طفله الصغير "أيسم" الذي بلغ من العمر
سنتين و نصف كم يشبهه بعينيه
الزرقاء و بشرته البيضاء المحمرة و شعره
الأشقر الحريري...
لم يره سوى من خلال الصور
التي تبعثها له والدته كل أسبوع و التي كان
ينتظرها بفارغ الصبر إضافة لمكالمات
الفيديو...كم حلم بضمه و تقبيله و
إستنشاق رائحته الطفولية... كم تمنى
انه كان معه في لحظة ولادته يتذكر
جيدا ذلك اليوم الذي هاتفته فيه والدته
و أخبرته أن إبنه قد جاء إلى الحياة يومها
ظل لساعات طويلة يبكي كطفل صغير
ود لو أنه لم يفعل ما فعله سابقا حتى
فقد حق وجوده بقربهما كأي اب في العالم.
منع نفسه بصعوبه حتى لا يركب أول
طائرة متجهة نحو مصر ليكون معهما.
في كل مرة يتمنى لو يلمح وجهها الجميل
الذي إشتاق له حد الموت...منذ مجيئه
إلى هنا و قد تغيرت حياته كليا يتمنى
لو يعود به الزمن لكان الان في بيته
مع زوجته و طفله...
ندم بل يكاد يموت ندما في كل يوم
على أفعاله في الماضي.. كل يوم
يمر عليه يشعر و كأنه يموت بالبطيئ
يتعمد إرهاق نفسه في العمل لساعات
طويلة حتى لا يفكر.....
مسح دمعة خائنة سقطت من عينيه
رغما عنه قبل أن يشق طريقه لداخل
الشقة متجها نحو الحمام حتى
يتوضأ و يصلي صلاة الظهر...
في فيلا عمر الشناوى....
صرخت هبة بقهر و هي تدفع
باب غرفة نومها متجاهلة نداءات
عمر باسمها :"و الله حرام... انا إستحملتها
كثير و هي عمالة بترمي كلام زي
السم يمين و شمال... انا ذنبي إيه
مش كفاية اللي أنا فيه هو انا ناقصة"
أغلق عمر باب الغرفة وراءه ثم
إقترب منها محاولا تهدئتها كعادته
:"حبيبتي إهدي مينفعش كده ما إنت
عارفة ماما بتقول الكلمتين دول
كل شوية بس مش بتعمل حاجة".
هبة ببكاء:" لا يا عمر المرة دي مامتك
مصرة على اللي في دماغها و عاوزة
تجوزك بنت صاحبتها اللي بتقول
عليها دي...مش بتسيب فرصة إلا
و بتعايرني عشان لسه ربنا مكرمناش
و رزقنا بحتة عيل يملأ علينا حياتنا ".
إنكمشت ملامح عمر و بان عليه الحزن
ليردف بنبرة مريرة تخفي ورائها إنكساره
:" قلتلك قبل كده خليني اقلها
الحقيقة... إن انا اللي.. مبخلفش...
أسرعت نحوه بخطوات متعثرة
لتقف أمامه واضعة يدها على
ثغره تمنعه من إكمال كلامه قائلة
بصوت متحشرج وهي تنظر داخل عينيه
:" مش عاوزة اسمع الكلام داه ثاني..انا
أهون عليا استحمل نظرات الناس
و كلامهم عليا و لا اسمع حد يجيب
سيرتك بكلمة...
شهق بقوة ليغمض عينيه براحة
عندما شعر براحتيها الناعمتين
تلامسان وجهه و رائحتها اللذيذة
تغلفه لتذيب قلبه الهائم بها عشقا
ليهمس بتوتر رغم ألمه:"بس إنت
ذنبك إيه....انا السبب في ألمك و
حزنك داه...الناس كلها لازم تعرف
إن إنت ملكيش ذنب...
قاطعته مجددا :" متقولش كده مافيش
حد له ذنب في اللي حصل داه قدر
ربنا.. إحنا نصبر و و ندعيه وهو اكيد
حيعوض صبرنا خير....
أومأ لها بإيجاب لتجذبه هبه لها
لتريح رأسه على كتفها مخففة عنه
بعضا من آلامه التي يختزنها داخل
قلبه المتعب منذ سنوات....

الشيطان شاهين الجزء الثانيWhere stories live. Discover now