الفصل الثاني [2]

351 31 3
                                    

"الفصل الثاني" (2)
"الأحمق الشارد" -Fae-

_ كم هي جميلةٌ رائحة الصباح والزهور أُمي.!
_ انثغر فمّ "حوّاء" عن إبتسامة رقيقة، وأردفت وهي تتأمل الأرجاء بوجهٍ مُشرق وتتنفس بعمق:-
أنتِ مُحقة جميلتي، البَكور مُنعش جدًا ورائحة الطبيعة تُطيب القلب المكلوم.
_ أرجحت "حور" بيد أُمّها المُمسكة بها، وأردفت بلُطفٍ:-
نعم لكن رائحتي المُفضلة مازالت عبق المخبوزات والحلوى، وكم أُدمن الإستيقاظ على رائحتها.
_ ضحكت "حوّاء" بصخب وقالت:-
أيتها المُشاغبة أصبحتِ آنسة كبيرة وتُجادلي أمك.
_ أمي بالطبع لا أستطيع، ونعم أصبحتُ الآن آنسةٌ كبيرة.

اكتفت "حوّاء" ببسمة وإماءة من رأسها تعني أنّ لا فائدة، فابنتها تُريد أنّ تكبُر بشّتى الطُرق؛ اعتلت عليها الذكرى وكيف مرّت التسع سنوات هذه عليها بصُحبة ابنتها ببلاد أجنبيةٌ عنها ناضلت كثيرًا وكأنها بحربٍ عِضال، تجاهلت ذاتها وقلبها الذي دُفن منذ أنّ ارتضت بآراء الآخرين حُكمًا لها..
كانت كباقِ الفتيات تتلهف نفسها لتذوق الحُب وخوض ملحمة مليئة بأطعمِة التجارب المختلفة، فحفظت قلبها لمن يستحقه ولم ترضى بخادشٍ واحد من أطايف الحُب الزائفة لقلبها الطهور، وترقَبت الزواج الذي خيّب آمالها وأخنى عليها الندم، وقُتلت كُليمات الحُب التي لم ترضخ لتُرهف أسماعها، وتضيع هي بغيابات الندم.
لكن وسط الصخور تجد أندر الورود، "حور" تلك المُسّكِن الذي جاء إلى قلبها خصيصًا فرّطب عنه وشفى الكثير.
حتى خرج لها من حيث العدم "أرسلان" مُحقق واعر صارّم ناجحٌ بعمله يُناشدها الزواج منذ ست سنوات دون إنقطاع أو قنوط، أنبتَت بروحها براعم الحُب والتي أخذت في الترعرع غير أنّ صدوع الماضي وغَبر التجربة يُضللها ويحجب عنها الحُسن في أيّ شيء، وتشتد الحرب على أوزارها داخلها رفضًا لأجل ابنتها فيعلو مُثَار نقْعها على عقلها فيشوشه فتقف موقف مُعاند لا ترتضي خوض التجربة مرة أخرى وإطلاق عنان قلبها.

_ ماما؛ انظري .. ما أجمل هذا لأول مرة أرى هذا المكان، إنه حقًا فردوس.

سحبتها كلمات ابنتها من شرودها لتنظر تتأمل المكان لترى بأنها في رُّحْب بُلقع من الأرض المُستوية الواسعة مُمتليء بأزهار مُتباينة الألوان والهياكل ونباتات مختلفة ويبدو بأنها نادرة ويقبع خلفهم أعتاب غابة خضراء تتصاف الأشجار الوراقة وكأن أغصانها تُسلّم على بعضهم البعض وأوراقها تتسامر فيما بينهم.
وبالرغم من جمال المكان كان خالٍ تمامًا حتى زقزقة الطيور لم تسمعها، المكان هاديء هدوء يبعث الريبة ويُقلقل القلب.

_ نعم إنّه جميل لكن مُخيف بعض الشيء حور، وأيضًا كيف لم نشعُر وأتينا إلى هُنا؟ نحن نتمشى يوميًا ولم يُصادفنا هذا المكان من قبل!

_ كلمات لم تشعر بها الطفلة ولم تفهمها وإنما كان همها وطئة تلك الساحة الواسعة من الخُضرة والأزهار الخجلات، وبينما "حوّاء" تلتفت وتبحث بأعينها بجميع الجهات كانت الطفلة قد غاصت داخل أحضان الطبيعة.
نادت أمها بمرح:-
أمي .. أمي انظري إليّ.

"الأحمق الشارد " -Fae_Tahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon