الفصل الأول: أنا و أنا

Start from the beginning
                                    

"أمي". همس جونغكوك وهو يطبع قبلة ناعمة على رقبتها ويحكم ذراعيه حول إطارها الصغير. "أنا أحبك جداً أنتِ وأبي.. كما أنني سعيد لكوني ابنكما".

ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيّ هوا يونغ وهي تبتعد قليلاً لتغلف وجهه بيدها بينما تنظر إليه بعينيها المولعتين. "تعال يا طفلي واجلس كي تتناول حساء عيد ميلادك وإلاً فلن أستطيع أن أدعك تبتعد عن حضني طيلة اليوم".

أومأ الصبي برأسه وابتسامته المحبة لأمه لم تغادر شفتيه وهو يمشي نحو المائدة الخشبية الصغيرة كي يستقر على المقعد بينما تُحضر له هوا يونغ طبق الحساء وتضعه بجانب طبق الأرز أمامه.. أمسك فتى الميلاد بملعقته وبدأ بتناول طعامه ليُخرج همهمة مستمتعة على مذاقه اللذيذ. "ماذا عن أبي؟". سأل بفمه المحشو بالأرز. "ألن ينضم إلينا لتناول وجبة الفطور؟".

"لقد استيقظ اليوم مبكراً وأكل بالفعل قبل أن يسبقك إلى الحقل". أجابته أمه وهي تضع قطعة من الكيمتشي على طبق الأرز خاصته. "أخبرني بأنه يمكنك اللحاق به بعد أن تنهي طعامك"

"أمي". نادى جونغكوك وهو يتململ قليلاً على مقعده وقد بدا التردد واضحاً عليه. "اليوم هو عيد ميلادي، ألا يمكنني أن أخذ إجازة؟". سألها بنبرة صغيرة مع علمه بالإجابة مسبقاً.

"أوه يا طفلي". قالت هوا يونغ بنبرة متعاطفة وهي تمد يدها لتربت على يده من فوق الطاولة. "أود لو تستطيع، لكنك تعلم بالفعل بأننا في موسم الحصاد وأبيك بحاجة إليك كي تعاونه بالحقل.. نحن لدينا شحنة وعلينا تسليمها في موعدها لأننا إن تأخرنا فسوف يقومون بخصم المال من كامل الأجر المتفق عليه.. ومع ذلك، فأنا أعدك بأنني سآتي للمساعدة فور أن انتهي من تجهيز الغداء وحينها ستكون قادراً على المغادرة مبكراً إن أردت".

"لا بأس، أمي". قال جونغكوك بنبرة مريرة وهو يخفض رأسه منهزماً لعدم تمكنه من قضاء يومه الخاص بالمنزل وحده وفساد مخططاته. "ليس وكأن لديّ أصدقاء كي أقضي عيد ميلادي معهم أو حتى أي مكان ممتع أذهب إليه في هذه القرية".

شعرت هوا يونغ بالألم ينغز في قلبها على خيبة الأمل ومسحة الحزن اللتان غلفتا تعابير وجه طفلها الجميل.. كانت تعلم بأن جونغكوك قد كبر حتى وإن رفضت تقبل هذه الحقيقة، ومن حقه بأن يكون عالمه أوسع بكثير من حدود قريتهم الصغيرة.. من حقه أن يكون لديه أصدقاء كي يتسكع معهم ويقضي أوقاتاً ممتعة كما يفعل الصبية الآخرون في مثل عمره.

لكن ربما الأهم من ذلك كله أن من حقه بناء مستقبله الخاص الذي يريده، حيث الذهاب إلى الجامعة وإكمال تعليمه سيكون خطوته الأولى على ذلك الطريق.. كان هذا الأمر هو أكثر ما يحرق قلبها وينشر الذنب الحيّ بروحها في كل دقيقة من كل يوم ترى به ابنها يُمضي حياته التي قد تقرر مسارها بالفعل بسبب أوضاع معيشتهم المتواضعة وعدم اقتدارهم على توفير المال الكافي لإرساله إلى المدينة كي يلتحق بالجامعة هناك.

الخطيئةWhere stories live. Discover now