| II |: قُل لي يا وهمي

123 16 24
                                    

يُراقِب الأطفال بهدوءٍ من خلف زُجاج النافذة

بعيونٍ حزينةٍ ومُتعبة

وعلى الرغم من أنّه يحاول ألّا يفكّر

إلّا أنّ مِئات، بل آلاف الأسئلة تجول في ذهنه

يحرّك عينيه تزامُنًا مع حركة الأولاد اللذين يركضون خلف الكُرة

إنهم يلعبون كُرةَ القدم، وكم أحبّ لَعِبها

وكم حَزِن قلبه لأنه لا يستطيع مشاركتهم

كان يرفع ستارة النافذة بشكل ضئيلٍ للغاية

حتّى لا يرى أحدهم بأنهُ ينظر لهم

فقد حذّروه من مراقبتهم!

لم يُريد أن يخرج اليوم

فملابسه غير جميلةٍ كما يقولون

تفحّص بعينيه هيئاتِ الأطفال الآخرين

ملابسُهم جميلة بألوانٍ متناسقة، شعرهم مُصفف بشكل جميل دوماً..

كما أن رائحتهم عَطِرة، فلطالما استطاع أن يشُمَّ روائح العطورِ المنبعثةِ منهم

لكنه لا يملك أيًّا من هذا

كان ينظر بتركيز، لكن ما قاطع تركيزه هو ارتطام الكُرةِ بالنافذة التي كان ينظر منها

شهقَ فزعاً مغلقًا الستارة وتراجع للخلف مما جعله يسقطُ على الأرض بقوةٍ

جعّد ملامح وجهه للألم الذي أحس به في نهاية ظهره إثر سقوطه

وبقِيَ جالسًا كما هو بلا أن ينهض

فما الجدوى من الوقوف وهو يعلم بأنّه سيستمر بالوقوع؟

ما الجدوى من الوقوف وهو يعلم بأنّه يمضي في طريقٍ مليئٍ بالعثرات؟

فبالنسبة له الوقوف بعد كُلِّ وقوعٍ ليس قوةً كما يُقال، وإنّما هو استنزافٌ لطاقته فقط

رمى نفسه للخلف يمدد جسده على الأرض بتعب

وبَقِيَ يحدّق في السقف بتَمعّنٍ

هو ينظر للسقف بعمقٍ وكأنّما ينظر للسماءِ الشاسعة

وضع ذراعه على عينيه يغطيهما

وتجمّعت الدموع في عينيه

حاولَ أن لا يبكي

Graveyard Where stories live. Discover now