زهرة اصلان

32.9K 481 12
                                    

39
.

الفصل التاسع والثلاثون

فى منزل حامد المنصورى :

جلس " أحمد صابر " بشرفة غرفته بعد أن عاد مع أبيه و جده من عند عمته الصغرى و الوحيدة زهرة .. صديقته الطيبة الرقيقة أكثر من كونها عمة له .. نظرا لعمرها المقارب لعمره .. تاركا جده و أبيه بالطابق الأول و يصعد هو للطابق الثالث المتواجد به غرف الأحفاد شاردا .. منذ إلتقائه بتلك الفتاة التى كانت تحمل عمته الغارقة بدمائها و تبكى محتضنة إياها بشدة .. صارخة بالجميع حتى جده و زوج عمته الأصلان الملقب بالوحش .. و رافضة تركها وحدها على الرغم من الجيش المكون من أقاربه إلا أنها أعتبرتها وحيدة و أصرت على الذهاب معها لولا أن نبهتها سيدة ما كبيرة بالعمر و من الواضح أنها تعمل عندهم على ملابسها و التى كانت غارقة بالدماء .. فى تلك اللحظة لم يشغل أحمد باله بها نظرا لإلتهائه بمرض عمته .. حتى قابلها مرة ثانية .. و كانت أجمل من الأولى من حيث تبدل الأجواء إلى الفرح .. فكانت فتاته مزيج من الصفات المتناقضة التى لائمتها جميعا .. ضاحكة .. باكية .. حنونة .. مشاكسة .. شرسة .. أضفت أجواء أكثر مرحا .. فأضحكت الجميع حتى جده و أبيه الصارم .. و نالت محبتهم جميعا .. كما من الواضح متانة علاقتها بعمته الصغرى .. فلم تبالى بالجميع و صرخت بهم لراحتها بعد أن ألتهى كل فريق من العائلتين بالسلام و الترحيب .. و لم تقطع همسها لعمته المندمجة معها و كذلك تلك الفتاة الأخرى الهادئة خطيبة أسامة الأخ الأصغر للأصلان .. و شاكست عمته و الجميع و لم تتركها إلا ضاحكة .. كما لم تبالى بالجميع للمرة الثانية و استئذنتهم لتغيير ملابس عمته بأخرى أكثر راحة .. كذلك مرحها الدافئ مع جدها الحج قدرى و الذى يتضح منه قوة علاقة الجد بحفيدته .. ليجد عينيه تراقب كافة حركاتها و سكناتها دون إرادة منه .. ليصمت بحزن مع بكائها .. و يبتسم على مرحها .. حتى هدأت فتاته فجأة بعد أن أمسكته بالجرم المشهود مراقبا لها .. لتخجل أخيرا تلك الجريئة بشكل جعله شاردا طوال طريق عودته من منزل الحج قدرى إلى منزلهم .. كذلك لم يبالى بنداء الآخريين له .. و وجد نفسه ينسحب ليختلى بنفسه رغبة منه فى تذكر كل ما بدر منها مرارا و تكرارا حتى يلتقيها ثانية .. و هو ما وعد به نفسه و عزم على تنفيذه .

و من جهة أخرى خرج محمد من منزل الحج قدرى فاقدا لأعصابه لا يرى أمامه من الغضب .. لدرجة جعلته يترك سيارته و يمضى فى طريقه مسرعا سيرا على قدميه ..  يلحقه أسامة صديقه و ابن خالته من بعيد .. بعد أن فضل عدم التحدث معه حاليا نظرا لحالته التى يراها لأول مرة .. و أكتفى فقط بمراقبته و ملاحقته من بعيد خوفا على صديقه و خجلا من تصرف أخته التى توعدها بمجرد أن يعود لمنزله .. حتى وجده يتوقف أمام منزل والديه و الذى تركه بعد وفاة والدته الأخت الصغرى للسيدة نعمة و التى قد توفى زوجها أبو محمد أثناء حملها له ..
لذا قام الحج قدرى بعد وفاة والدته بتربيته و اعتباره حفيد من أحفاده الذين يعيشون فى كنفه .. و جعله يترك منزل والديه منذ أكثر من خمسة عشر عاما .. ابتسم محمد بحزن لتلك الذكريات و يدفع بوابة منزله .. لتقابله حديقة المنزل المشذبة بشكل جيد نظرا لحرصه الدائم على ذلك و يجلس على أحد مصاطبها المبنية على جوانبها مطرقا رأسه فى تفكير .. ليشفق أسامة على حال أخيه و صديقه .. و يتقدم حتى جلس بجانبه صامتا .. بينما نظر محمد إليه ثم عاد لصمته و لا يعلم أى من الصديقين كيفية بدأ حديث .. حتى بدأ محمد حديثه بخفوت

زهرة اصلان Where stories live. Discover now