عائلة السملوتي

71 18 21
                                    

قرية"المضاربة"

تلك القريه التي كانت تعج بالمطاحن حتي وقت ليس بالقريب..ولكن هذا الاسم لا يعرفه سوي الاجداد،فقد تغير اسمها في القري المجاوره الي قرية "الطاحونه"  لأسباب ستعرفها في السطور القادمة..
قريه هادئة.. او كانت،حتي جدت الظروف وتغيرت الاحداث..
قرية منغلقه علي اهلها كما تنغلق الاصداف علي القواقع..
قرية منعزله عن جميع القري المجاوره..
قريه مرعبه كالجحيم..
كئيبه كالظلام..
حزينه كالقبور..
إنها قرية الطاحونه الملعونه..
فكيف لها ان تكون!
كانت طاحونة السملوتي آخر الطواحين الموجوده في تلك القرية..
ورثها "محمد السملوتي"  عن اجداده،اسياد القريه منذ قديم الازل.
كانت الطاحونه راقدة كأي طاحونه،او كأي شئ يذكر،فقد جري العرف ان يُلقي صاحب تلك الطاحونه من عائلة السملوتي ببشري من معاقي القرية ومتسوليها كل عام لكي "يزفرها" كما تدعي عائلة السملوتي..
والسر وراء هذا لا يعرفه احد،ولكن تورث الوصايا بعدم وقف العمليه من الأب للأبن،مع التهديد بالوعيد ان مر عام ولم تزفر الطاحونه بدماء بشرية..
يالبشلعة المشهد وانت تقود احد البشر، لتضعه في طاحونه وتديرها، واهل القرية يشاهدون التضحية السنوية، مكبلي الايدي، مكممي الافواه، غير قادرين على اظهار اي فعل تجاه تلك العائلة الجبارة، فهم يعلمون ان اي فعل سيكون له رد فعل لن تُحمد عُقباه من تلك العائلة، ولربما يضعون كل معارض في الطاحونه..لذلك فالصمت هو الملاذ الاخير!
صمت اهل القرية علي افعال تلك العائلة في بؤساء القرية المُعاقين..
فحتي وان كانوا مُعاقين..حتي وان كانوا متسولين.. حتي وان كان لا اهل لهم ولا نسب..فهم ينتمون للقرية بحق..ولن يرضي الشيطان نفسه بأن تذهب دمائهم بهذا الشكل سُدي..ولكن عائلة السملوتي ترضي بهذا بدماء باردة!
صمت اهل القرية دام، حتي ورث محمد الطاحونة.. فلم يرث محمد جبروت عائلته، ولم يكن له نصيب اجداده وأبائه من القوة، ضعف شخصيته اتي علي القليل الباقي من هيبته، فحان وقت الخروج من طور الصمت، والدخول في طور الاعتراض، في طور التنمر، واخيراً طور الثورة، فثار اهل القرية عليه، وقرروا ان يوقفوا بطش تلك العائلة..
كثرت الاقاويل حول نهاية هذه العائلة، فالبعض يقول انهم طردوا محمد وأهله شر طردة من القرية، ومن وقتها لم تطأ اقدامهم ارض القرية، ولم يظهر لهم اي اثر.. والبعض الاخر يقول انهم وضعوا محمد في الطاحونة ليتجرع من نفس الكأس، الذي طالما سُقي منه اهل القرية التعساء علي يد ابائه واجداده، وفر الباقي من تلك العائلة اللعينه الي اراضي الله الواسعة، حتي لا يطولهم ما طال محمد..
والقليل يقول انهم اعتصموا جميعاً، والقوا بالعائلة بأكملها في تلك الطاحونة..
القصص كثيره والاقاويل اكثر، ولكن الحقيقة لا يعرفها إلا من عاش هذا العصر..
ولكن ما يعرفه الجميع، ان الطاحونه بعد عام من ثورة القرية لم تعد كما كانت من قبل..
لم تعد تلك الطاحونه بريئة..
لم تُمسِ تلك الطاحونة صامتة..
لم تصبح تلك الطاحونه ساكنة..
لم تلبث علي حالها بعد الثورة ابداً..

ــــــــــــــــــــــــــــــيتبعــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثغرة لوسيفرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن