٥- لمَ البكاء يا ابن القمر؟

499 100 129
                                    

استحلفت هذه السنة ألا تذهب دون اقتطاف أحد بذور تلك الأسرة السعيدة، فكانت مارين تذبل كل يومٍ عن سابقه و البيت كله يذبل معها، حتى النباتات أعلى النافذة و خارج المنزل قد ماتت.

يجلس جون أمام زوجته التي تبتسم في وجهه ببهوت، يُحكم القبض على كفها كأن حياته فيها و هي سقمه الذي يتمنى أن يداويه.

- اعتقدتُ أن مرضي كان مجرد زكامًا طبيعيًا!
قالت و أخذت تضحك بخفوت و تقطُع حفاظًا على تنفسها.

و استرسلت:
- اقتربوا جميعكم مني، لا أريد الرحيل مشتاقة أرجوكم احتضنوني، أشعروني بالدفء لآخر مرة.

صعد جون جوارها و احتضنها داخله بقوة، كان يبكي قرب عنقها،
ثم فعلا جيمين و تاي المِثل فـ بات السرير يحتضن أربعتهم و هم يحتضنوها خشيّة ذهابها، ابتسمت راضية عن هذا العناق.

و كان آخر ما جاهدت لقوله:
- لا شيء يُغني عن الترابط الأسري، شكرًا لكم.

مذ إغلاقها جفنيها أصبحت مارين ذِكرى، فراقها صعب و نسيانها مستحيل.

•••

بعد إتمام مراسم تشييع جثمانها ذهب كل منهم لمكان، اتجه تايهيونغ للحديقة الخالية مجددًا، و قرفص على الأرض في مكان غير مكشوف و أخذ يبكي بينما يمُر شريط ذكرياته مع والدته أمام عينه.

مر الوقت و لا زال يبكي حتى صدر صوت تنهيد مرتفع جواره لفت انتباهه ليجفف دموعه بسرعة

- ألم تكتفي من البكاء؟ لقد مرت نصف ساعة بالفعل ستتورم عيناك!
قالت بهدوء و اقتربت أكثر منه، ذات الفتاة التي لمحها تبكي، و ذات المشهد يتكرر بتبادل الأدوار.

استنشق ماء أنفه يُطالع الفراغ أمامه بنظرات فارغة:
- اليوم لقد رحل عني أقرب الأقربين لروحي، ليتها ظلت جواري مريضة على أن تتركني وحيدًا!

- إن ظلت معكَ بمرضها سيكون أشبه بعذاب لها و أنتَ حقًا لا تريد هذا. لقد انتقلت بين أيادٍ رحيمة لولاهما لما جاءت تلك الدنيا اللعينة.

لم يتحدث لها، استشعرت حزنه الكبير على فقيدته و قررت التهوين عليه، فهو لم يتركها يومَ كانت حزينة..

- هل أكلت؟ لقد أعددتُ طعامًا لحسن حظك سيكفي كلينا فلتشاركني.

نظر لها هو بلا تعبير و هي لا تستطيع قراءة ملامحه فقالت مجددًا:
- اسمع يا هذا أنتَ وسيم و لا يجب أن تهمل صحتكَ لأجل وسامتكَ و كفاكَ بكائًا، عيناكَ جميلتان لا تخدشهما.

- ما اسمكِ؟
كانت تعبس بملامحها في وجهه بطريقة ظريفة

- روزالين، و الآن تناول الطعام.

- أنا تايهيونغ تذكريني جيدًا و أيضا.. شكرًا لكِ يا روز.

تناولا طعامهما سويًا، كانت قد أعربت عن إعجابها الشديد به بين دواخلها، احترامه لها و لين نبرته رغم أنه يعاني، كيف أنه لا يخترقها بنظراته كما يفعل الجميع حولها هذا ذكرها بالفتى اللطيف صاحب المظروف..

و الذي بذكره لا يستطيع مواجهة حزنه سوى بالنوم، لذا هو يرقد داخل السرير كالجثة بعدما عجز عن إيقاف سيلان دموعه.

كانت فترة مريرة لهذا البيت الذي تقلص عدده، الحزن يقتله من الداخل لكن حياته ما زالت طويلة لذا سيحارب بقوة ليعيشها بسلام، هو و أفراده الثلاثة الباقون.

~~~~~~

To be continued.

منحدرُ التسعين✔︎حيث تعيش القصص. اكتشف الآن