الفصل الثامن عشر

ابدأ من البداية
                                    

يتبع ......

😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍




اتسعت عينا طارق وهو يقول غير مصدق :- ماذا فعلت ؟؟؟
أمسكت خصرها بيديها وهي تقول :- أخبرت عصام بزواج هديل وجواد .... من حقه أن يعلم .. إذ ظلت هديل تحت رعايته لسنوات ..
مرر طارق يده فوق صفحة وجهه وهو يشعر بعالمه يدور ... كان جواد قد أخبره بكل شيء عن تاريخه مع هديل .. وكيف أنه بعد أن تسبب في تدمير حياتها قد طلب من عصام أن يتلقفها برعايته .. أخبره أيضا بأن عصام حمائي جدا ومجنون فيما تعلق برعاية فتياته كما يسميهن .. وأنه يفضل أن يؤجل معرفته عن زواجه بهديل حتى تستقر الأمور بينهما بعض الشيء ... لا يعرف طارق كيف تمكن جواد من إقناعها بالزواج ... إلا أنه يعرف بأنها لن تتخطى بسهولة تاريخهما المعقد ..
ما أغضبه الآن ليس معرفة عصام المهدي بالأمر ... جواد أكثر من قادر على التعاطي مع صديقه القديم ولا يحتاج لأن يقلق عليه طارق .... ما أغضبه هو موقف أمل .. التي وقفت أمامه ما تزال ممسكة بجانبي خصرها ... ترفع رأسها إليه بتحدي .. عيناها الزرقاوان تلمعان بشدة بينما تدلى شعرها الكثيف حول وجهها وفوق كتفيها بنعومة ... تستفزه بملابسها الرقيقة .. إنما مغرية جدا حتى مع تغطيتها لجسدها كاملا ...
قال من بين أسنانه :- أنا لا أفهمك أمل ... لا أفهمك ولا أظن بأنني سأفعل يوما .. أعرف بأنك غاضبة .. بتلك الطريقة الطفولية التي تلومين فيها جميع من حولك على كل مشاكلك .. أفهم بأنك تعانين مشاكل في الثقة ومستعد لأن أصبر ما حييت حتى أراك تتخطينها أخيرا ... إلا أنني لا أفهم أبدا هذه الطريقة التي تتعالين فيها على عائلتك ... عائلتك ... فلا ترفضينهم فقط ... ولا ترفضين تقربهم اليائس إليك أيضا .. بل ترفضين حتى أن تشعري بهم ... تصرين على أن تبقيهم بعيدا كالغرباء مستبدلة إياهم بآخرين مهما اهتموا بأمرك .. مهما تقربوا إليك .. فإنهم أبدا .. أبدا لن يكونوا أكثر إخلاصا من أفراد عائلتك ... ها أنت بكل طفولية وعناد تعقدين الأمور على جواد – وهو بالمناسبة لا يحتاج إلى مزيد من التعقيد .. إلا أنك أبدا لن تفهمي ولن ترغبي بأن تفهمي – فقط لأن نوبة انتقام سخيفة على العالم من حولك قد اجتاحتك على الأرجح عندما استيقظت هذا الصباح .. فاخترت جواد كي يكون الضحية ..
فغرت فاها وهي تحدق بطارق الغاضب والساخط بشكل لم تره عليه أبدا ... كان عيناه الداكنتان تبرقان بشدة وصدره يعلو ويهبط متناغما مع عنف أنفاسه ... يبدو فاقدا تماما للسيطرة وهو يرميها بكلمات ما ظنت أبدا أنها ستسمعها منه .. رمشت بعينيها وهي تقول بإصرار .. إنما برجفة اعترت صوتها :- إياك أن تتهمني بالسخف والطفولية ..
اقترب منها فجأة فتراجعت مذعورة عندما أحاطت قبضته بذراعها وسحبتها نحوه مانعة إياها من الهرب وهو يقول من بين أسنانه :- إنها الحقيقة يا أمل ... أنت طفلة متمردة وحاقدة أيضا ... إلى متى ستظلين تعاقبيننا ؟... لم يكن لأحدنا يد إطلاقا فيما حدث لك قبل سبع سنوات .. لم يخمن أحد إطلاقا أن زوج والدتك السابق سيعود يوما لأجلك .. لماذا تلوميننا إذن ؟؟
كان يعرف بأنه يقسو عليها .. وجهها كان يزداد شحوبا مع كل كلمة كان يقولها .. عيناها تتسعان صدمة وألما .. تمزق قلبه عليها إلا أنه ما عاد يحتمل .. لقد أحس فجأة بأن ضغط السنوات السبع السابقة قد هزمه أخيرا .. بأن ثقلها قد أرهقه .. لقد كان إنسانا هو الآخر مهما رفضت أمل الاعتراف بهذا .. كان إنسانا يتألم ويشعر ويحس .. ورفضها المستمر له والذي لا يتوقف مهما فعل كان مدمرا له .. أمسك بذراعيها بكلتي يديه وهزها برفق وهو يقول بصوت أبح :- ترفضين منحي ثقتك يا أمل .. ولكن ماذا عني أنا ... هل أثق بك يوما ؟؟ أخبريني ... أنت تخذلينني مرة بعد مرة بعد مرة .. تعاقبينني دون توقف على زلة لم اعنيها قبل سنوات طويلة .. لقد تعبت أمل .. تعبت .. وماعاد لدي طاقة .. أي طاقة لمزيد من القتال ..
اغرورقت عيناها بالدموع وهي ترى وجهه الوسيم يتقلص ألما .. لأول مرة منذ عادت تنظر إلى طارق حقا .. تنظر إليه كإنسان عانى حقا خلال السنوات السابقة في بحثه عنها .. ربما جزء منها ما يزال بعناد رافضا مسامحته .. إلا أنها الآن .. وهي تقف أمامه .. محاصرة بين يديه .. تشعر بقوته تدغدغ أنوثة ما تزال حديثة العهد لديها .. تستنشق رائحة الصابون وعطر ما بعد الحلاقة يفوحان من جسده .. جسده النصف عاري القريب منها جدا ... جسده الذي كان يذكرها بالكتب التي كانت غادة تسربها أحيانا إلى الشقة فتعيرها إياها لتقرأ فيها عن قصص الحب والغرام .. عن الفتاة البريئة التي تقع في حب الرجل القوي إنما وسيم .. جذاب .. كطارق بالضبط
هزها مجددا مستعيدا انتباههها وهو يقول بخشونة :- أخريني فقط ومباشرة عما علي أن أفعله أمل ... ماذاعلي أن أفعل كي أتحرر منك .. من القيود المحمية بنيران الماضي التي تأبى أن تخمد داخلك والتي تقيدينني بها .. أخبريني ..
لا ... هي لا تريده أن يتحرر .. هي تريده إلى جانبها .. مقيدا إليها .. ذليلا بها .. أذعرها إحساسها بأنها تفقده .. بأنه قد بدأ يتخطاها .. بأنها تفشل .. أحست بالعجز .. بالرعب .. وهي تحدق في عينيه المتأججتين بالعاطفة العنيفة .. بشفتيه الشبه منفرجتين تكادان تنطقان بالمزيد من المطالب .. لم تفكر ... لم تستطع أن تفكر وهي تضع يديها فوق ذراعيه المفتولتي العضلات ... وترفع نفسها فوق كعبي حذائها المتوسطي الطول ... وتصل إليه .. وتقبله ..


تبكيك اوراق الخريف الجزء الرابع من سلسلة للعشق فصول للكاتبة بلومىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن