الفصل الخامس والعشرون

47.5K 2.6K 257
                                    

الفصل الخامس والعشرون.

خرجت شمس من المرحاض تخطو خطواتها نحو المرآة وكأنها رقاصة بالية تتعلم أولى خطواتها في الرقص، مثلها تمامًا كانت تتحرك بانسيابية في طريق العشق والغرام، ابتسامة بلهاء تزين ثغرها، بشرة صافية تتورد بفعل ذكرياتها الجديدة التي اكتسحت ذهنها مؤخرًا تضرب بالماضي وتطيحه من مكانته، وقلب ينتفض بعنف حينما تتذكره وخاصةً ما فعله لها بالأمس، فاستندت على الطاولة الملاصقة للمرآة بيدها واتسعت ابتسامتها أكتر وهي تطالع نفسها بالمرآة، تنغمس في تفاصيل ما حدث بينهما.
                                ***
خرجت من إحدى المحلات الشهيرة الخاصة بالفساتين، وبيدها فستان بسيط اختارته بعد جدل طويل منه، عبست بوجهها كطفلة لم تريد تلك القطعة تحديدًا، وهو بجانبها يبتسم عبثًا لتحقيق ما أراده.

فتح لها باب السيارة وأشار إليها تحت نظراتها الحانقة منه، مجددًا فرض سيطرته وقوانينه عليها، جلست وانتظرته يجلس على كرسي القيادة حتى تنفجر به بعد ما التزمت الصمت طوال فترة وجودهم داخل المحل، وما إن أغلق الباب انفجرت بالفعل كقنبلة موقوتة.

- بردوا فستان زي اللي في البيت وكأني منزلتش ولا عملت أي حاجة.

كانت نبرتها مرتفعة لدرجة أنه نظر لها بطرف عيناه نظرات تحمل التحذير مما تقدم عليه وبنبرة صوته الخشنة:

- عايزة تدلعي براحتك، تفكري تعملي حاجات متعملتش حقك، تعيشي مشاعر مجربتيهاش زي ما بتقولي مع ان مش شايف كده وماله، لكن تتعدي حدودك معايا يا شمس فـ لا.

أشارت إليه بغيظ مكتوم حاولت تحجيمه بعد نبرته تلك:
- شوفت يا سليم بتتكلم معايا وكأني جارية عندك.

اوقف السيارة فجأة فجعلها تتمسك بالكرسي بخوف وأيقنت أن وصلته الجنونية ستنطلق الآن.

- متتكرريش كلامك تاني، علشان بجد مش همسك نفسي بعد كده، أسلوبك الجديد ده مش عجباني، في حاجات مينفعش اتخطاها زي صوتك العالي، وانتي عارفة إن مكرهش قد انك تعلي صوتك عليا.

عقدت ذراعيها أمامها وامتلئت الدموع بمقلتيها وبصوت خافت مختنق قالت :

- روحني البيت يلا.

لم يجيبها..ببساطة أشعل موقود السيارة وانطلق في جهته، بينما هي احتفظت بدموعها بقدر الإمكان وإن تمردت قطرة وتسقط في لحظة غافلة عنها، تمسحها بسرعة حتى لا يراها، فلن تظهر بمظهر الضعيفة بعد ذلك.

وبعد مرور وقت بسيط توقفت السيارة بمنطقة لا تعلمها، حركت رأسها ببطء وقالت بعبوس يخالف دموعها المسجونة بين مقلتيها:

- أنا عايزة اروح البيت.

- انزلي يلا مش أنا قولتلك هنعيد أمجاد الخطوبة.

تبرمت وهي ترد بنبرة حاولت بها كتم عصبيتها:

- انهي خطوبة دي، احنا لسه متخانقين.

ندبات الفؤاد Where stories live. Discover now