الفصل الثاني

63.6K 3.1K 431
                                    

الفصل الثاني.

استيقظ " سليم " حينما صدح هاتفه بنغمته الهادئة في أرجاء الغرفة، فرق جفنيه بصعوبة بالغة، بعدما قضى ساعات الليل بالتفكير والشرود في أوجاع الماضي وتصرف أخويه، ناهيك عن اضطراب كيانه بسبب نظراتهما التي جهل تفسيرها..

حمحم بصعوبة يكافح جفاف ريقه، وبدأت عيناه تبحث عن مرهقته، انعقدت ملامحه في ضيق مستتر من تصرفاتها التي أصبحت في الآونة الأخيرة غريبة، فشعر بازدياد الحواجز بينهما، وهو في حقيقة الأمر لا يريد ذلك.

نهض بتكاسل شديد، حيث هربت منه كل ذرة نشاط كانت من المفترض أن تحتل استيقاظه المبكر، فاقدًا الأمل فيما يحدث أو سيحدث من حوله!، فبدى كعجوز وحيد أنهكه الدهر بفعل ضرباته الموجعه.

خرج من المرحاض بعد عدة دقائق استغرقها في الاستحمام، وبمجرد أن وطأت قدماه بالخارج وجدها تقف بمقابله تحمل منشفة شعره، وعلى وجهها ابتسامة عريضة مشرقة.

- الفوطه يا سليم.

مد يده يلتقطها منها، وعلى وجهه علامات الاستفهام الممزوج بالتعجب من تغيير حالها، فقال بصوت خشن بعدما حمحم عدة مرات:

- صباح الخير.

بدأ في بعثرة خصلات شعره بالمنشفة، وذهب باتجاه الخزانة، بينما هي من خلفه تنفست الصعداء، حيث توقعت معامله غير ظريفة، او رد جاف يحطم أمالها ونشاطها منذ الصباح..

عادت ابتسامتها المشرقة تحتل وجهها، وتحركت خلفه تساعده في اختيار ثيابه كعادتها دومًا..

- يومك هيكون ايه النهاردة.

سؤال عادي كانت تكسر به حاجز الصمت الذي ساد بينهما، مجرد سؤال لا يحتمل نظراته الجامدة التي شملتها من أعلاها لاسفلها..

- ولما تعرفي يومي هتستفادي ايه.

كتمت بوادر الغيظ لديها بصعوبة بالغة، والقت ابتسامة مصطنعة نحوه وهي تحرك كتفيها بلامبالاة ظاهرية:

- ولا أي حاجة.

- بتسألي ليه طيب؟

قبضت فوق القميص بعنف، تجاهد رد قاسِ يحاول الخروج علنًا، ولكن سيندلع غضبه يحاوط حياتهما طيلة الاسبوع كاملاً، وبعدها تعود نادمة لِمَ تفوهت به.

- مجرد دردشة عادية!.

قالتها في عدم اكتراث ظاهري، بينما داخلها كان يغلي من فظاظته..

هز سليم رأسه عدة مرات وهو يتوقف عن تجفيف شعره، مبتسمًا نصف ابتسامة:

- افهم من كده، انك بتعتذري عن اللي حصل امبارح!.

حقًا، سيكون الاعتذار الآن من نصيبها، ظهر بوادر السخط والتهكم على ملامحها.

- اعتذر عن أيه!، انا فاكرة كويس ان مفيش حاجة حصلت امبارح!.

ندبات الفؤاد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن