الفصل الواحد والعشرون

Start from the beginning
                                    

قالتها بنبرة جامدة تخفي بها التوتر الذي أصابها، فرد ساخرًا وهو يعود بجسده نحو الكرسي يجلس فوقه.

- أنا شايف انك لغيتي حرف النون من كلامك، قصدك حياتنا!.

هزت رأسها وهي تعود بوضيعتها تستقيم وتجلس مغلقة الروب بإحكام قائلة بصوت حازم:

- لا أنا عارفة بقول إيه من الاول، مبقاش فيه أنا وأنت...فيه أنا وبس!.

هز رأسه بيأس زائف وهو يطالعها بصمت لدقيقة أقلقتها ثم خرج صوته يخبرها ببؤس:

- خلاص هطلع اقول لأنس إن ماما مبقتش تفكر فيك وبتفكر في نفسها وبس!.

- أنس!.
همست بها بصوت خافت، ثم كررت اسمه بنبرة مرتفعة وهي تندفع نحوه تسأله بخوف مما يرمي إليه سليم:

- أنس هنا فوق!، انا كنت هروح اخده بكره!.

- ولسه فاكرة، بعد ما الولد مبقاش عايز يشوفك.
قالها بنبرته الخشنة التي الهبت نيران الغضب لديها فانقضت عليه بشراسة تقبض فوق مقدمة سترته القطنية تجذبه نحوها وهي تقول:
- أنت اللي كرهته فيا صح، أنا عارفك يا مستبد تعمل كده وأكتر!.

قبض فوق أصابعها بعدما تركها تخرج شحنتها الغاضبة، وبنبرته الهادئة أخبرها بتهكم طفيف:

- هو أنا اللي سبت ابني علشان شوية كلام فارغ عايز احققه!.

ابتعدت عنه وهي تشير نحوه بعيون امتلئت بدموع القهر وخيبة الأمل التي تتذوقها على يده للمرة التي لا تعلم عددها:

- احلامي بقت كلام فارغ، ومشاعري بقت كمان بالنسبالك كلام فارغ..أنت هتحس ازاي بيا وأنت قلبك حجر!.

فرك أنفه محاولاً كبح جماح غضبه هو الآخر بعد تراشق الاتهامات الجديدة به، فالأمر يشبه بشخص يسير في طريق لا حول له ولا قوة وفجأة اندفع الأناس حوله يسددون له اللكمات ناعتين إياه باللص الوقح!.

- كفاية كلام مالوش لزمة وفي الآخر انتي مش شايفة غير نفسك، انتي غلطتي في حقي الاول يا شمس وده كان مجرد رد فعل بسيط مني على اللي عملتيه...علشان أنا لو حد غيري مكاني كان ضربك بس أنا راجل أهبل أصلاً اللي جاي وراكي علشان اراضيكي.

انفعل وخرج عن طور تعقله من كلامها الجارح، واندفع خارج الشقة وصوت أنفاسه يعبر عن كم الغضب المسيطر عليه.

خرج تحت نظراتها المتعجبة من ردة فعله، حيث انقلبت الأدوار فجأة بينهما..ولكن لن يهم، فالأمر بينهما شبه مقطوع حتى وإن أعادها إلى عصمته مجددًا..الأهم هو أنس صغيرها الذي إن ظهر منه رد فعل يحزنها حقًا ستنهار بعد محاولات عديدة بالتمسك برداء القوة.
جلست بانهيار مجددًا تبكي قهرًا تفكر بطريقة ما كي تخرج من مأزق وضعها به سليم مع طفلهما، فلن يصح أن تثور وتصعد بثورتها الغاضبة تأخذ طفلها، فقد يسبب له جراحًا جديدة هي اضعف من مواجهتها.
                                  ***
صعد سليم درجات السلم بسرعة متجهًا صوب شقته المستأجرة، ثم دفع الباب بقدمه، حتى أفزع يزن و زيدان الجالسان في منتصف الصالة بإنهاك بعد الانتهاء من حريقة صغيرة بالمطبخ نتيجة لخطأ أخيهم سليم والذي اختفى فجأة من عمق الأحداث، وها هو يظهر بمظهره المخيف متقدمًا نحو غرفة بآخر الردهة ثم أغلق الباب خلفه بقوة.

ندبات الفؤاد Where stories live. Discover now