الفصل السادس عشر

Start from the beginning
                                    

- أنتي ايه خرجكك من بيتك اصلاً.

- كانوا نازلين من عند ليال بيزغرطوا...صح ياليال.

أومأت ليال بقوة تؤكد على حديثها:

- صح.

فاستطردت فاطمة حديثها ببكاء:

- ونازلين بيحكوا أنهم خطبوها وعروسة زي القمر، صح ياليال.

- صح فعلاً.

أومأت ليال مجددًا تؤكد دون أن تعي لحديث فاطمة الذي أشعل نيران الغيرة داخل صدره وأضرمت بثباته، فأصبح على المحك للانفجار بوجهها الابلة وهو تؤكد بقوة بلا حياء، بلا ادنى شعور بمشاعره المشتعلة.

وقبل أن تتفوه فاطمة بكلمة أخرى، كان هو يسكتها بنظراته القاتمة والتي تنم عن وصوله لذروة غضبه وفقدان هدوئه، وفي لحظة كان يجذب ليال خلفه بقوة كالشاة حينما يختارها مالكها للذبح.

تعرقلت ليال وهي تحاول الثبات خلفه من شدة اندفاعه للخارج، متجهًا بها الصالون وكانت غرفة منفصلة عن الصالة، أدخلها بدفعة قوية ثم أغلق باب الغرفة خلفه، وصوت أنفاسه الهادرة جعلتها في حالة من الذهول لتحوله بهذا الشكل المخيف.

- في إيه!.

- ايه اللي فاطمة بتقوله ده.

خرج صوته كهسيس خافت يسألها بنبرة مخيفة، ازدادت عيناه قاتمة، فكادت تقسم بأن صورتها داخل عيناه الرمادية تسبح بين غيوم من الغضب.

- هي قالت إيه!.

مازالت لم تفهم ما يرمي إليه، فضغط فوق أسنانه بعنف، محذرًا إياها للمرة الثانية قبل أن يفقد أخر ذرة هدوء لديه:

- ايه اللي بتقوله فاطمة ده، انتي وافقتي على طليقها.

لم تستطيع تفسير غضبه البادي في نبرة صوته المحترقة، هل السبب في ذلك خوفه على مشاعر اخته، أم أن هناك أحاسيس أخرى تدفعه للقيام بذلك، وفكرت بحماقة لِمَ لا؟!، ستلاعبه كي تستكشف دهاليز عيناه الغامضة،  وتفسر ماهية مشاعره اتجاهها، حتى لا تصبح فريسة لحب من طرف واحد.

استمر صمتها كثيرًا فكانت الشرارة التي  جعلته يثور كالوحش الضاري، يختصر المسافات بينهما، وبنبرة ساخرة تخفي جرحًا حينما آل إليه عقله وصور له موافقتها على الزواج برجل آخر.

- ما تتكلمي، ساكته ليه؟!

ابتلعت لعابها تخفي خوفًا طارد قلبها من ردة فعله مما ستقدم عليه.

- اتكلم في إيه، أنت يدايقك في ايه اتخطب ولا متخطبش!.

وفي ثانية كان يقبض فوق مرفقها بجنون لامس عقله، وبنبرة مستنكرة خرجت من قمم غضبه:

- انتي هتستعبطي، مانتي عارفة كويس هدايق ليه!.

رمشت بأهدابها تسأله بحيرة وبؤبؤ عيناها  يحاول الغوص داخل بحر عيناه المظلم والغامض.

ندبات الفؤاد Where stories live. Discover now