الفصل السادس

1K 47 0
                                    

أروقة الخوف

الفصل السادس ....

(نذير شؤم)

لم تعرف كم من الوقت مضى وهي على ذلك الحال وكأنها في عالم اخر وتمنت ان يطول غيابها عن الوعي أكثر فأكثر كي تريح عقلها من تخبطه وضميرها من قسوته وقلبها من انكساره حتى انها كانت تتمنى سابقا ان تفقد الذاكرة لعل تلك الذكرى الأليمة تغادر خيالها لكن حاليا لم تتمنى فقدان الذاكرة فقط بل تتمنى الموت بعد ان التقت بركات وأنكر طفلها عليها واشعرها انها بلا مبادئ ولا تستحق سوى الحرمان .... ان ما تمر به عصيب وحلقات الهم والبلاء استحكمت ولا امل بانفراجها
طوال السنوات وهي تشعر ان حنينها الى ابنها دليل على انه في خطر ولم يحيى حياة سعيدة كما تمنت له كأن إصرارها على البحث عنه واسترداده لحضنها إشارة سماوية لإنقاذه مما يعيشه او ينتظره من ظلم واذى وذلك الشعور يعذب ضميرها باستمرار ويحثها على المضي قدما بالبحث عنه.

تحركت اجفانها بصعوبة والشعور الوحيد الذي غمرها هو البرد وعندما فتحت عينيها غلقتهما بقوة بسبب الصداع وكأن أحدهم ضربها على ام رأسها!
هنا عاد اليها وعيها وبسرعة فكرت اين هي الان؟
ترى ما زالت محبوسة في الحجرة ذاتها؟
تحركت اناملها على الشرشف واجفلت عندما شعرت انها في سرير ناعم!
اعتدلت بسرعة وأول تصرف بدر منها انها لمست جسدها الذي سرت به قشعريرة كي تستره بعد ان رأت نفسها في غرفة نوم غريبة عنها والشخص الوحيد الذي برفقتها هو بركات!

رباه انها مع ذلك الرجل الخطير بمفردهما في غرفة واحدة مغلقة!

وكأن العالم في الخارج قد اختفى ومحي من الوجود!
الصمت المريب يلف المكان بالكامل ولم تعد تسمع سوى نبضات قلبها المتسارعة
اذ وجدت نفسها بموقف لا تحسد عليه موقف حرج للغاية ومظهره ونظراته فاقمت خوفها على نفسها من سطوته ومما يضمر لها بداخله
قابل هلعها بنظرات مختلفة عما قابلها بها سابقا اذ بدى لها رجل اخر له غايات غير بريئة!
كان جالس على اريكة مقابل السرير وامامه طاولة عليها فنجان قهوة وهاتفه وطفاية سجائر وقنينة ماء وبدى لها انه قضى وقتا طويلا هنا واختلجت الشكوك برأسها ان كان فعل بها شيء!
تطلعت حولها ورمقت النافذة المفتوحة ذات الستائر المتطايرة بنظرة متفحصة وأدركت ان الوقت متأخر والليل قد أسدل استاره
شعر بتوجسها منه وتأملها وهي ترتب فستانها بأنامل منكمشة وشعرها المبعثر بارتباك وتحركت اهدابه ببطء عندما هتفت بصوت قلق: "لماذا انت هنا؟ ماذا حصل لي؟ .... اريد ان اغادر هذا المكان"
امسكت جبهتها فجأة ومالت بجسدها واسندت يدها بسرعة على طرف السرير ثم جلست ببطء وهي تشعر بالغثيان وهمست بخواء: "اريد ابني ارجوك"
هو وبنبرة صارمة وقد نهض من مكانه: "هكذا ببساطة؟ وكأن ذلك حقك؟"
رفعت بصرها عندما اقترب وهزت رأسها بضعف قائلة بوهن: "ماذا تريد مقابل رد طفلي الى حضني؟ مستعدة ان افعل أي شيء تطلبه مني"
وتلاحقت أنفاسها عندما تبدلت تعابيره لدى سماعه عرضها وقال بصوت هامس مريب: "اي شيء؟"
ابتلعت ريقها واشاحت ببصرها عندما واصل: "اعلم .... لذلك فكرت ان نتفاوض مجددا ونعقد صفقة جديدة"
ساد صمت قصير اعقبه صوتها المتردد: "صفقة؟"
بركات وبابتسامة خبيثة: "ترى ما الذي سيتبادر الى ذهن رجل عندما تقول له امرأة افعل أي شيء تطلبه؟ الاجدر ان تصيغي الكلام بأسلوب اخر"
فركت يديها بارتباك وتجنبت النظر بوجهه ليقول بنبرة هادئة: " لنتكاشف ونتكلم بدون رتوش"
هزت رأسها محتارة وابتلعت ريقها عندما رفع حاجبه بإيحاء غير بريء وواصل: "امتلك الخبرة الكافية لافهم ما الذي جلبك وما غرضك بعد البحث والتطقيس وجمع المعلومات عني .... عرفت من هو بركات وما مدى امكانيته وفكرت ان تختلقين قصة صغيرة تحت عنوان الام النادمة وافتعلت حبكة عاطفية مؤثرة للوصول الى هذه اللحظة الذي نحن بصددها الان .... اقصى غاياتك ان تصلين الي اليس كذلك؟"
هزت رأسها رافضة وضاقت عينيها الحمراوين قائلة باستنكار: "لقد أساءت فهمي يا سيد بركات ليس لي بتلك القصص"
لمع بريق بعينيه وقال بنبرة اتهام سخيفة: "هذا منطق مثيلاتك .... المتاجرة بما تملكين بغض النظر ان كان روح او شرف"

أروقة الخوف(مكتملة)Where stories live. Discover now