البارت ١٨

49 18 0
                                    

( الحلقة الثامنة عشر )

جلست شاردة تفكر كيف تتخلص من هذا المأزق تشعر بأنها نهايتها فكرت كثيرا
في كل ما سيحدث لها
رأت بعينيها نظرات ذلك القذر الراغبة يتوعدها بأنه يعلم جيدا كيف سيتصرف معها
وتتذكر ضحكته المقززة
خمنت جيدا انه سيحاول أن يستغل ان أهم ما عند الفتاة المسلمة العربية هو "
عرضها " لذلك سيكون هذا عقابها ان لم تتكلم وتعترف ،
لم تفكر كثيراً حتى فزعت من صوت دفع الباب بقوة ودخول ذلك المقزز الأسود
والذي لا يظهر منه في هذا الظلام سوى اسنانه الصفراء وبياض عينيه
جون وهو ينظر لها نظرات أرعبتها : ها والآن يا حلوتي ماذا قررتي هههههههههههههه
؟ هل تريدين أن املي عليكى كلام الزعيم مرة أخرى .. تكلم وبدأ يعيد الكلام عندما
قابلته بالصمت
بينما هى شردت مرة أخرى ولم تكن معه ولم تسمع أيا من كلماته " يا ترى بلدى
تستحق اني اضحى التضحية دي عشانها ! بس انا
ممكن اكون مثالية زيادة عن اللزوم زى ما اصحابي كانوا دايما بيقولوا " هو انتي اللي
هتصلحي الكون يا ياسمين فكك يا بنتى من المثالية
الزايدة دى " عجزت عن تذكر باقي حديثها معهم فقد طرأ على بالها فكرة أفظع وهي
والدها كيف سينظر لها ؟
هل ستجلب له العار رغم انها مظلومة ! هل سيغضب عليها عندما يعايره الناس بابنته !
اذا لم يمت في وقتها ! هل هكذا تخون ثقته فيها ! هل هكذا تضيع سنوات طِوال
عاش فيها ظهرها وسندها وحاميها ! عاش ليحميها من كل شر ويحمي عرضها وشرفها
! بدأت تشعر بحرارة الدموع المنسابة على وجنتيها
ولكن .. ولكن أنا متزوجة بالفعل ! ثم ضحكت بمرارة اكيد ياسر مجرد ما يرجع
الأمانة هيفك نفسه من القيد اللي انا حطيته فيه واضطر يتجوزني .. بس .. بس .. انا
حبيته واتعلقت بيه .. بس هو ايه اللي يجبره على كده ! وخاصة هو رجل شرقي وكمان
ملتزم وغيور جداً .. ايه اللي يضطره انه يتجوز واحدة هُتك عرضها مهما كان السبب
وراء ذلك !
لن يفكر أحد ابدا بتضحيتها ، لن يكرمها احد لتضحيتها ، فقط هي من ستعاني ومن
ستلاقي الويلات !
شعرت بهذا ال " الجون " وهو يقترب منها وأنفاسه الساخنة تلفح وجهها ورائحة فمه
الكريهة التى تنبعث منها رائحة الخمر تفوح عليها .. وأخيراً استفاقت من شرودها وهو
يمزق حجابها ويحاول الاعتداء عليها !
صرخت بقوة وقالت : خلاص خلاص بالله عليك ما تعملش فيا حاجة !! لم يفهم ما قالت واقترب منها ثانية فأشا رات بكفها أن كفي وحدثته
بالإنجليزية قائلة :
يكفي يكفي .. سأعترف .. سأدلكم على ما تريدون ولكن اتركوني في حالي وبدأت
تنتفض وتبكي بكاءا شديدا
أما جون ابتسم بانتصار وأسرع بالاتصال بسيده يطلب منه الحضور فقد أن الآون
للمناضلة أن تعترف !
.
.
حضر " الزعيم " وتكلم يُحدث ياسمين بتهكم وسخرية واضحة منها : وأخيراً يا
صغيرتي ستعترفين ، لاادري لما اتعبتي نفسك وأتعبتينا هكذا ولكن قلت لكِ ستعترفين
لا محالة وضحك بقوة ضحكات توضح ما يعتمل بداخله من الشر والحقد الشديد !
وأخيراً استطاعت ياسمين ان تسيطر على دموعها وان تتكلم بصعوبة : ول ولكن ماذا
يضمن لي أنكم لن تُصيبونني بأذى ؟ !
نظر لها نظرة لم تفهمها ولكن ستفهمها قريباً جدا وقال لها بصراخ : هيا انطقي ..
يكفي ما ضيعته علينا من الوقت ..
دلتهم ياسمين على المكان الذي خبأت به كارت الميموري وتركوها وانشغلوا عنها
باتصالاتهم ومتابعاتهم لرجالهم في مصر وحددوا لهم مكان السي دي بدقة عن طريق
القمر الصناعي ،
بينما جلست ياسمين تبكي بألم .. تبكى وهي تشعر انها كانت انانية ضحت بحياة
كثير من الشباب الذين سيموتون لا محالة من المخدرات ان لم يلطف بهم الله
ويعالجوا من الإدمان ،
في مصر .. في الثالثة صباحاً .. الكل نيام الا هذه العجوز الطيبة جلست على كرسيها تحيي الليل
بركعات وتدعو الله أن يحفظ حفيدتها ويردها اليهم سالمة
فجأة وبدون مقدمات سمعت صوت كسر باب شقتها واقتحام منزلها لم تستوعب ما
يحدث الا عندما رأت رجالا يرتدون السودا وملثمون وينظرون اليها نظرات مرعبة ،
حاولت أن تتكلم معهم وتعلم ماذا يريدون هل هم لصوص ام ماذا !
ولكن لم يعطوها الفرصة فقد دفعها احدهم فوقعت أرضا مغشياً عليها بعد ضربة على
رأسها
( تمت المهمة يا سيدي ) !
ابتسم الزعيم بانتصار ونشوى .. وأخيراً عثرنا على ذلك السي دي الذي كادت رقبتي
تطير فداه وكاد السيد الكبير ان يقتله لتفريطه في هذا السي دي الخطير
ولكنه تذكر تلك الفتاة .. ما عاشت أبداً من تلعب معي مثل هذه اللعبة وفي الاخير
تعترف ما زالت لا تعرف من هو الزعيم حقا .. ونوى الشر بداخله وانطلق ..
.
.
.
غفت ياسمين من كثرة بكائها فلم تعد تتحمل الى ان استيقظت على ضربة قوية في
كتفها فنظرت الى من امامها برعب فتحدث قائلا بتهكم : لقد وجدنا السي دي يا
عزيزتي واعتذر لكِ كثيراً ولكن لا نستطيع أن نتركك هكذا يجب أن لا تكوني على
قيد الحياة
بُهتت ياسمين وصُدمت من كلماته التى ألقاها على مسامعها بلا رحمة ..
يا ربي .. يا ربي .. هاموت لأ لأ .. انا لسه مش مستعدة انى اموت .. هقابل ربنا اقوله
ايه .. انى خنت بلدي !! اني ضيعت شباب كتير
بسببي ! انا عايزة اتوووب .. استغفر .. اصلي قبل ما اموت ... انا كنت مقصرة في
حق بابا وماما .. انا لسه مختمتش حفظ القرآن .. انا لسه عايزة اعمل حاجات كتير
في الدنيا قبل ما اموت !
شعرت ان الدنيا ضاقت في وجهها ولم يعد لديها خيار سوى الموت أو الموت .. هى
تتعامل مع مجرمين ليس لديهم أي رحمة !
انحدرت الدمعة تلو الدمعة على وجنتيها وهى تبكي أهلها .. تبكى فقدان ابيها ذلك
القلب الحنون .. تبكي فقدان امها مهجة قلبها واخواتها وجدتها .. تبكى فقدان ...
ياسر .. نعم ياااسر ذلك الرجل
الذي ملك قلبها برجولته ومروءته وشهامته .. ملك قلبها بحنانه .. بعطفه عليها ..
بطمأنينة قلبها في جواره .. ملك قلبها بحبه لربه .. بتقواه وورعه .. بصلواته في جوف
الليل .. بصوته العذب في تلاوة القرآن ..
نعم .. فهو زوجها الآن في الحلال ولها الحق ان تفكر فيها وتحبه .. فهو " حب
الحلال " ولكنها لم تنعم بذلك الحب فهى الان على مشارف الموت وحيدة خائفة وجلة ..
نظرت الى "الزعيم " وهى ترجوه بنظراتها ان يرحمها .. وجدته يُخرج مسدساً كاتماً
للصوت ويضحك بشر وهو يُعد المسدس ليضرب به
ثم قربه من جبهتها وقال :حسنا ، سأرحمك يا صغيرتي فقط رصاصة واحدة تفجر تلك
الجمجمة العنيدة ولن تشعري بشئ بعدها .. هههههههههههههههه
صرخت بأعلى صوتها : لأاااااااااا مش عاااايزة امووووووووووووت
......................
استفاقت ياسمين من غفوتها .. نعم كان هذا كابوساً مرعباً .. حمدت ربها كثيراً انه
كان مجرد كابوس
نظرت حولها فإذا هو ظلام دامس .. ومازالت مُقيدة في ذلك الكرسي على حالها !
تذكرت أحداث الكابوس .. نعم انها ضحت بكل شئ من اجل أنانيتها ونفسها .. وفي
الأخير قتلوها وهذا هو عهد المجرمين ! تذكرت الآن وبوضوح حديثها مع صديقاتها ،
أسماء : هو انتي اللي هتصلحي الكون يا ياسمين فكك يا بنتى من المثالية الزايدة دى
!
ياسمين : ايه التشاؤم اللي انتي فيه ده يا بنتى .. انا اقدر اغير الكون فعلا بس مش
بحولي وقوتى .. بحول الله وقوته انا واثقة في ربنا
وهتوكل عليه ربنا بيقول " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " يعنى اللي يتوكل على ربنا فربنا كفاااية اوى عليه
وكمان النبي بيقول " استعن بالله ولا تعجز "
وكمان ربنا بيقول " الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم
ايماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء "
طول ما انا معايا ربنا محدش هيقدر يمسنى بسوء يا بنتى انتي بتتكلمي في ايه ! ده ربنااااااا ... العظيييييييم .. القووووي ... اقوى من اقوى البشر
أفاقت من شرودها وهي تردد تلك الكلماات في ذهنها
" ده ربنااااااا ... العظيييييييم .. القووووي ... اقوى من اقوى البشر " " ده ربنااااااا ... العظيييييييم .. القووووي ... اقوى من اقوى البشر "
بدأ الأمل يدب في قلبها .. وتزاداد ثقتها في ربها أكثر .. بدأ ينزل عليها برد السكينة
والطمأنية
وبدأت تذكر الله وتستغفره وابتسامة واسعة تزين شفتيها وتدحرجت دمعتين من مقلتيها
ليس خوفاً هذه المرة وانما فرحاً بالله وبكرمه .. فالفرج اوله يقين بالمولي سبحانه وثقة
بملك الملوك سبحااانه
انتفضت على صوت الباب وهو ينفتح بغلظه وظهر من خلفه ذلك الوجه البشع الذي
كرهته وابغضته بعدما انار المكان بإنارة خافتة تلائم جو الرعب والخوف الذي ينوي
أن يُعيشيها فيه
جون : والآن يا حلوتي .. ماذا قررتي ؟
استعانت بالله واستجمعت شجاعتها وقالت له بقوة : لا .. لن أخب ركم أبداً بمكان
السي دي حتى لو كان فيها موتي .. لن أخبركم !
ضحك جون بصوت عالي مرعب : اذا أنتي من جنيتي على نفسك يا صغيرتي
هههههههههههههههههههه
شعرت ببعض الوجل ولكن سرعان ما تلاشى عندما تذكرت معية الله
فتقدم منها واقترب كثيييرا وهم بتمزيق ثيابها الا انها أمسكت بيديه بقوة ونظرت اليه
وعيناها يملؤهما التحدي وقالت له بثقة : لن تستطيع ان تصيبني بأي أذى يا هذا !
تعجب كثيرا من نظرة التحدي في عينيها ونبرة الثقة في كلماتها ولكنه ضحك بسخرية
: ومن يمنعك مني يا صغيرة !! ردت عليه بقوة ويقين وثقة : الله .. الجباااااااار .. ملك الملوك .. القوووووووي
لا ينكر أن كلماتها وقوتها اصابته برجفة في قلبه وهو الذي مات قلبه منذ زمن ولكنه
تحدث بسخرية : ومن هو الله ذاك الذي سيحميكى ويخلصك مني !
قالت له بثقة : الذي خلقني وخلقك .. الذي له ملك السموات والأرض .. من خلق
الكون من وعدني في كتابه وقال " أليس الله بكاف عبده " والله والله لن يضيعني ولن يخذلنى .. وسيحمينى منك وممن معك جميعا .. هو سيدي
ومولاي ومُغيثي سبحاااااااانه .. هو قادر ان يشل أركانك الان وانت واقف .. ولن
تستطيع لمسي
وبدأت تدعو ويتعالى صوتها بالدعااااااء والاستغاثة بالله
رباااااااه أغثني .. ربااااااااااااه أغثني .. رباااااااه اغثني
ارتجف قلبه بقوة هذه المرة وشعر بالخوف الشديد .. ! شعر بقوتها وثقتها القوية في كلامها .. " الله " .. أهذا إله العرب .. يا الهي .. ماذا
أفعل اذا أنقذها إلهها ومؤكد أن لديه قدرات خارقة .. يمكنه ان يدمرني .. يالهى ..
ثقتها وقوتها هذه لن تأتي من فراغ .. مؤكد انه سيدمرني ! وأٌسقط في يديه وشعر بالذعر عندما رتلت امامه بقوة " أليس الله بكاف عبده " ..
سماعه لهذه الآية فقط والتى لم يفهم منها شيئا كان كفيلا بأن يدب الرعب في اطرافه
ويولي مدبراً ويهرب من امامها ! وصدق قوله سبحانه " وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو
الولى الولي الحميد "
مهما ضاقت ليها رب وهتفرج :') القرآن .. كلام الله .. يصنع المعجزات .. ! كلام الله .. الذي ما ان سمعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه – - رق قلبه ودخل
في الاسلام بعد ان كان عازماً على قتل النبي عليه الصلاة والسلام ..
وأيضاً .. هى تلك الثقة " الثقة في الله " .. والله ما خااب ابداً ظن عبد وثق في ربه ! فالثقة واليقين بالله يصنعان المعجزات .. فلا مستحيل مع الله عزوجل .. مهما حدث معك في الحياة .. مهما ضاقت بك الدنيا .. مهما قست عليك الحياة
الجأ الى ربك .. توكل عليه .. فوض امرك له .. ثق به .. ايقن في نصره وفرجه !
فحتماً لن يخذلك الله أبداً .. لأنه هو " الله " .. فالبشر فقط من يخذلون .. انما الله
قادر أن يقول للشئ كن فيكون .. فقط من أجلك أنت ! فقط أيقن به ولا تسمح لسوء الظن به و الاحباط واليأس ممن رحمته ان يُسيطر على
قلبك ! فإنه " يمنع الجود سوء الظن بالمعبود "
يعنى يمنع فرج ربنا وعطاءه عنك انك تسئ الظن بيه سبحانه
إذا .. هى ثقة بالله .. ثقة في كرم عطاياه .. ثقة في فرجه العاجل بإذنه سبحانه

مشاكل مافياWhere stories live. Discover now