١١- إقتران

15.9K 462 15
                                    

__________________________________

قد تجبرنا الحياة أحياناً على سلك طُريقٍ ما بالإكراه، نمضي به ونصنع من دموعنا طريقاً آخر عله يخرجنا من تلك المتاهة..
ولكن مع كل تلك المحاولات لا نتمكن من إنقاذ
أنفسنا، أتعرف لماذا عزيزي القارئ؟ لأنه في بعض الأوقات
حل هذا اللغز لا يكون في أيدينا! بل يكون بيد القدر
___________________________________

***

عمر : لأني أنا اللي خططت لكل ده !
ريم بعدم فهم : مش فاهمة 
و في تلك اللحظة دلفت ورد إلى الغرفة بشرود لتقاطعة بعد أن رحلت من مكتب كريم لتركض إليها ريم سريعاً و تلقي نفسها في أحضان أختها
ريم : إنتِ كنتِ فين كل ده!! قلقتيني عليكي
ورد : كان عندي مشوار مهم حقك عليا المهم دلوقتي إنتِ عاملة إيه طمنيني
ريم : أنا كويسة يلا نرجع بيتنا
نظرت لها ورد بحزن و لم تقدر على الكلام من شدة إرهاقها فاليوم كان صعب بالنسبة لها
ورد : نامي دلوقتي و بكرة هنروح البيت
ريم : و إيه لازمتها بس ما أنا كويسة أهو يلا نروح بالله عليكي زمان بليه قلقانه علينا أوي و ..
قالت ورد بتعب شديد : ريم أرجوكي أنا مش حِمل كلام تاني، ياريت ننام دلوقتي و بكرة هعمل اللي إنتِ عايزاه
ثم نظرت إلى عمر بأمتنان و قالت
ورد : أنا بشكرك جداً علي وقفتك معانا دي و إنك مسيبتش ريم لوحدها، لو عايز تمشي اتفضل أنا شغلتك زيادة عن اللزوم
عمر بتوتر : لا مفيش حاجة أكيد أنا فضلت عشان ريم اا أقصد يعني عشان متبقاش لوحدها و هي في الحالة دي
ريم ابتسمت : شكراً يا عمر
ليبادلها عمر نفس الابتسامة ثم غادر المكان بهدوء و رجعت ريم إلى سريرها مرة أخرى و أستلقت ورد على سرير بجوارها و أغمضت عينيها سريعاً حتى لا تسألها ريم عن شيء و لكن عقلها لم يتوقف عن التفكير
قالت ورد في نفسها : يارب أنت وحدك اللي عالم بلي هيحصل الفترة اللي جايه، أنا مش عارفة القرار اللي أخدته ده صح ولا غلط ما يمكن مروة دي تطلع طيبة و كريم هو اللي مش كويس، بس ده ساعدني كتير و باين عليه إبن حلال غير أنه هيضمنلي حقي ليه هيعمل كل ده لو هو نيته وحشه مثلاً أنا تعبت من كتر التفكير،
يارب أنا توكلت عليك و عارفه أنك مش هتخذلني ولا تضرني، خليك معايا يارب و عدي بكرة علي خير ! 
في اليوم التالي..
استيقظت ورد و استوعبت أنها في المستشفي نظرت بجانبها لتطمئن على ريم و لكنها لم تجدها بجوارها لتنتفض من مكانها سريعاً نظرت حولها بخوف و تشتت و استدارت لتجد ريم أمامها عند باب الغرفة فركضت نحوها سريعا
ورد بقلق : كده يا ريم تقلقيني عليكي!
ريم : أنا كنت بجهز نفسي بس عشان نمشي
ورد أمسكتها من يدها و سحبتها خلفها
ريم : في إيه يا ورد إنتِ مش عايزة تجاوبي عليا ليه
ورد : ..
ريم : ردي عليا يا ورد ليه مش عايزانا نرجع بيتنا في أى..
ورد : عشان مبقاش موجود !
نظرت لها ريم بصدمة لتكرر ورد جملتها : مبقاش موجود يا ريم، البيت اللي كان ساترنا عن عيون الناس مبقاش موجود
ريم : إزاي يعني!
ورد : الزفت رجب
ريم : إزاي يعمل كده مش من حقه!
ورد : لا من حقه يا ريم
ريم بخوف : و هنعمل إيه دلوقتي هنرجع اسكندرية تاني ؟!
ورد : مستحيل أرجع هناك تاني و هنرجع لمين
ريم : بسملة فين ؟!
ورد : سيباها عند عم محروس لحد ما اللي هعمله يتم
ريم : اللي هتعمليه؟ ليه إنتِ هتعملي إيه
ورد ابتسمت بحزن : أنا مش وعدتكم إني هعمل كل اللي أقدر عليه عشانكم و أنا عمري ما أقبل أنكم تتبهدلوا في الشوارع
الكاتبة ميار خالد
ريم : ورد .. قوليلي هتعملي إيه !
ورد : صدقيني هقولك لأنك لازم تعرفي كل حاجه بس ..
و هنا صدع هاتفها رنينا برقم كريم لترد عليه
كريم : صباح الخير
ورد : صباح النور، أنت فين ؟
كريم : أنا قدام المستشفى بس محبتش أطلعلك بحيث تكونوا براحتكم
ورد : تمام أنا شوية و هكون قدامك
ثم أنهت معه المكالمة لتقول لها ريم بعصبية : إنتِ رايحة فين و سيباني كده!
ورد مسحت على شعرها و قالت : ساعة واحدة و هنتقابل تاني خلي بالك من نفسك
و رحلت سريعاً قبل أن تقول أي جملة أخرى و جلست ريم على سريرها بقلق و حزن حتى تذكرت شيئاً ما فنهضت من مكانها سريعاً و لكن في لحظة اختل توازنها و انعدمت الرؤية قليلاً و قبل أن تسقط التقطها هو
: خلي بالك!
نظرت ريم لذلك الشخص لتجده أيمن زميلها في العمل
ريم : أيمن ؟
ايمن : حمدالله على السلامة
ريم : أنت عرفت منين إني هنا ؟
ايمن : سألت، و اللي يسأل ميتوهش
ريم : شكراً
قالت تلك الجملة ثم ابتعدت عنه قليلاً و لكنه رفض بُعدها هذا و قال بحجة مساعدتها
ايمن : إنتِ ليه قومتي من مكانك شكلك لسه تعبانه تعالي ارتاحي
ريم : شكراً يا ايمن بس أبعد عني لو سمحت
أبتعد أيمن عنها قليلاً لتجلس هي مكانها بتوتر
ريم : مكنش ليه لزوم تعبك ده
ايمن : ياريت كل التعب يكون جميل زيك كده
ريم ابتسمت إبتسامة صغيرة و قالت بتحفز : شكراً
ايمن : شكراً على إيه بس أنتِ متعرفيش غلاوتك عندي
و هُنا تجرأ ليمسك يدها لتفزع هي في مكانها ثم سحبت يدها سريعاً
أيمن : في إيه ؟
ريم : هو إيه اللي في إيه!! أنت عارف إني مش بحب كده ياريت تلزم حدودك معايا
أيمن صمت للحظة ثم قال : هو إنتِ عايزة تقنعيني أنك كل ده مش حاسة بيا
ريم : مش حاسة بيك إزاي ؟
ايمن : مش حاسة بحبي ليكي ده بقى واضح جداً في عينيا حتى
ريم : أيمن أنا مقدرة مشاعرك دي بس أنا مش ببادلك نفس المشاعر
ايمن : حاولي صدقيني لما تعرفيني أكتر هتحبيني
ريم : بس الحب مش بالعافية!
ايمن : و مين قالك أنه بالعافية؟! أنا مش مستعجل خالص قولي إنتِ آه بس و إحنا نبدأ نتعرف على بعض بهدوء و ببطيء من غير أي استعجال
ثم أمسك يدها مرة أخرى و قال : ولا إنتِ شايفة إيه
ريم أحست بقبضة في قلبها و عدم إرتياح لتسحب يدها سريعاً ثم قالت بحدة : أنا بقول أنك تطلع بره
و في لحظة تغيرت نظرات ايمن و قال بعصبية : أنا نفسي أعرف إنتِ شايفة نفسك على إيه مش كفاية إني بصتلك أساساً! عمالة تتقلي و تهربي جيتلك دوغري مش نافع و غيره مش نافع اعملك إيه !!
الكاتبة ميار خالد
ريم بنبرة حادة : بعد الكلام اللي قولته ده أنا هحترمك بس عشان تربيتي و أخلاقي لولا كده كان زماني مسحت بكرامتك الأرض بس معلش .. أطلع بره
و بعد تلك الجملة خرج أيمن من الغرفة و أغلق الباب بقوة ليصدع صوته في الغرفة و تُفزَع ريم ، تنهدت هي بضيق و أمسكت رأسها بين يديها ثم قالت بصوت مسموع
ريم : مش وقتك خالص أنا ناقصة
و هنا أحست بباب الغرفة يفتح مرة أخرى لتقول بتعب
ريم : أنا مش قولت أطلع بره
و لكن الطارق هذه المرة كان عمر و بيده باقة من الورد
عمر : أطلع بره ؟
عند ورد ..
خرجت ورد من المستشفي لتجد كريم أمامها يقف عند سيارته بأناقته المعتادة و كان يرتدي بدلة سوداء، فأتجهت إليه
ورد : أنت صدقت أنك عريس ولا إيه ؟
كريم ضحك ثم قال : اركبي العربية
ورد : هنروح فين دلوقتي ؟
كريم : أول حاجه عند المأذون بعدين هنطلع على المحامي عشان تضمني كل حقوقك
ورد بتردد : تمام
كريم : لو عايزة تغيري رأيك أنا مش هجبرك على حاجه
قالت ورد و هي ترمُقه بحزن : ياريت كان بأيدي بس أقول إيه النصيب
كريم : و أنا عمري ما هأذيكي و يوم ما أحس أنك هتتأذي بسببي هبعدك عن حياتي تماماً، أكيد مش عشان أصلح حياتي أبوظ حياتك إنتِ
ورد : مش هتفرق معاك أوي، و أنا مين يعني عشان تشيل هم حياتها
كريم نظر لها بتمعن و قال : لو إنتِ مش عارفة قيمة نفسك فى أنا عارف قيمتك كويس أوي و مش علشان هتساعديني و بس، أنا طول حياتي عمري ما قابلت بنت زيك و أعتقد عمري ما هقابل، ده مش سبب كافي أنه يقنعك أد إيه إنتِ مميزة؟!
ورد : و أنت فاكر أنك لما تقولي الكلمتين دول كده هتثبتني ؟
ضحك كريم وقال : لا أنا بفكرك بس
ورد نظرت له و اطمأنت لكلامه نوعاً ما فقال هو
كريم : نتحرك ؟
فأجابت هي برأسها فانطلق كريم بسيارته متجها إلى المأذون ليعقد قرأنهم و بعد فترة طويلة وصلوا و لم تفق ورد من حالة الشرود التي هي عليها إلا على كلمات كريم
كريم : يلا أمضي
نظرت ورد إلى العقد أمامها بتوتر و تردد للحظات و لكن للأسف لم يكن أمامها أختيار آخر فأمسكت القلم و دَعَت ربها كثيراً ثم مضت و تم العقد ليقول المأذون: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير، قوم أحضن عروستك يا عريس
ورد بفزع : لا يحضن إيه أنت صدقت!
المأذون : و فيها إيه يا بنتي ده جوزك!!
ورد نظرت إلى كريم سريعاً ليقول : معلش هي خجولة شوية بس الله يبارك فيك يا مولانا
و بعد لحظات أنصرف المأذون فاتجه كريم إلى ورد و قال
كريم : و حالياً هنروح للمحامي عشان تضمني حقوقك زي ما فهمتك، بعدين نطلع على الفيلا
ورد : اتكلنا على الله
في المستشفى....
الكاتبة ميار خالد
عمر : أطلع بره ؟
ريم : لا مكنش قصدي عليك
عمر : أيمن مش كده
ريم : عرفت منين ؟
عمر : شوفته و هو خارج من عندك متعصب
تنهدت ريم بضيق ليدخل هو إلى الغرفة ثم جلس أمامها بتوتر
عمر بتوتر : أنا جيت النهاردة بس عشان كريم قالي أجي مش عشان حاجة تانية يعني، كُرهنا لبعض هيرجع بمجرد ما نخرج من المستشفى دي
ريم : و الورد اللي في إيدك ده برضو من ضمن الأوامر ؟
عمر : آه من ضمن الأوامر ، عندك مانع؟
ريم ابتسمت : لا خالص
ثم صمتت للحظات و قالت : أنا لحد دلوقتي مش قادرة استوعب كل اللي بيحصل حواليا و إزاي ورد تعرف قريبك ده
عمر : كريم مش قريبي بس هو يبقى جوز أختي كمان
ريم : والله ؟ فعلاً الدنيا صغيرة جداً
عمر صمت للحظات ثم قال بتردد : هو أيمن خرج من عندك متعصب ليه ؟
ريم : بني آدم متخلف 
عمر : عملك حاجه ؟
ريم : ميستاهلش بجد إني اتكلم عليه كل اللي أقدر أقوله إني بتمني إني متعاملش معاه تاني
صمت عمر و خيم الصمت علي المكان لتقطع ريم هذا الصمت
ريم : ممكن أسألك سؤال
عمر : قولي
ريم : انت ليه متخرجتش لحد دلوقتي إيه سبب تأخرك كل السنين دي ؟
قال عمر بمزاح : مش يمكن فضلت كل ده عشان اقابلك ..
ريم خجلت للحظات من رده هذا و لكنها حاولت الرد بثبات
ريم : لا بجد حاسة أن في سبب ورا كل اللي أنت فيه ده
عمر تنهد بضيق بسبب تذكره لتلك الفتاة، و التي بسببها كره جامعته و كل حياته و بسبب خيانتها له لم يعد يثق بأي شيء، حتى نفسه في حين أنها استمرت في حياتها و ارتبطت بشخص آخر غيره
عمر : كنت بحب بنت، شوفتها في أول سنه ليا في الجامعة و من يومها حبيتها فضلت كتير وراها لحد ما وافقت تكلمني و لما وافقت كنت اسعد انسان في الدنيا
ريم : و بعدين
عمر : بعد فترة ارتبطنا و كنا بنحب بعض جداً و متفاهمين جداً أو هي كانت بتوصلي كده و في السنة الأخيرة ليا و اللي عمال أعيد فيها لحد دلوقتي زادت المشاكل بينا بس كنت بتغاضي عنها عشان بحبها لحد ما عرفت أنها بتخوني و على علاقة بواحد تاني، طبعاً مصدقتش الكلام ده غير لما شوفتها بعيني و للأسف صورتها و هي في حضنه مش عايزة تروح من بالي أنا كنت بتغاضي عن حاجات كتير لكن إلا الخيانة
صمت عمر للحظات ثم أكمل : بعدها انفصلت عنها تماماً و
قطعت صفحتها من حياتي و يا دوب عدى أسبوعين و عرفت أنها اتخطبت للشخص ده
ريم : و عشان كده بقيت مهمل في حياتك بتعاقب نفسك على حاجه ملكش دعوة بيها
عمر : مش حكاية كده بس هي كانت سببي و هدفي في الدنيا كنت بعمل كل حاجه عشانها عشان أوصلها و في ثانية كسرتني، أنا بس اللي عايزة أعرفه ليه .. ليه عملت كده
ريم : المفروض تحمد ربنا أنه ظهرها ليك قبل أي حاجه
عمر : فعلاً الحمدلله
في فيلا صابر الرفاعي..
دخل كريم إلي بيته و ما أن دخل حتى اتجهت له مروة بعصبية
مروة : ممكن أفهم أنت فين من امبارح !!
لم يرد عليها كريم لتكرر سؤالها : بقولك كنت فين من امبارح و إيه لبسك ده
صاح كريم : أدخلي يا ورد !
دخلت ورد بخطوات ثابتة إلى البيت و لكن بداخلها رهبه كبيرة جداً ليتجه هو إليها و يمسك يدها ثم تقدم بها حتى وقفوا أمام مروة
مروة نظرت لها بتكبر و قالت : مين دي ؟؟
كريم : دي مراتي !!

توقعاتكم ؟؟ ارائكم ؟؟

وردتي الشائكةWhere stories live. Discover now