الفصل الاول

131K 3.8K 364
                                    

الفصل الاول.

توقفت سيارة سوداء اللون في أحدى المناطق الراقية، تحرك " سليم " خلف المقود يتابع هدوء الطريق في ملل اكتسح ملامح وجهه الجامدة، أرخى يده عن المقود، وكالعادة التزم جلوسه في السيارة مغلقًا عيناه لدقائق بسيطة قبل دخوله للمنزل.

وحقيقةً هو لم يدرك سبب تمسكه بتلك العادة، سوى أنها تشعره بالراحة التي يحتاجها، ولا شك أن يتغلغل ثناياها شرود قصير في ماضِ يلعب فوق أوتار تماسكه.

قرر ينهى لحظات الانتظار، مستسلمًا لجولة اعتياديه فُرضت عليه بسبب ذكريات تركت ندوبً في شخصيته.

وآه من شخصيته التي لم يستطيع تخطي حواجزها مع عائلته وزوجته، وهنا توقف العقل عند ذكرها، وبدأ القلب يتلوى كالضائع في عشقها، جميلته التي يتوق فؤاده لرؤيتها، ويشبع روحه من نظراتها البريئة المفعمة بالحياة والحب، وبالمقابل يعاملها بجفاء، ورغم محاولاته المستميتة في تكسير تلك الحواجز إلا أنه يفشل عند أول محاولة، مكتفيًا بحنانها الذي تغرقه به منذ دخوله للمنزل، فهي عطاء بلا مقابل، حتى أن المقابل من ناحيته أصبح شبه معدومًا.

هبط من سيارته في خطوات رزينة هادئة، تناسب شخصيته القوية والصامدة والتي مرت بنوائب كانت كفيلة بتدميره، متمسكًا بشموخه وثقته في نفسه واستطاع بكل صبر اجتيازها.

قبل أن يصعد لشقته في الطابق الثاني، دخل لشقة والديه كي يطمئن عليهم، فتح الباب بمفاتيحه الخاصة ودلف في هدوء ينافي اشتعال صدره والذي التهب فجأة بسبب صوت ضحكاتها المرتفع.

هل جنت كي تضحك بهذا الشكل في شقة والديه، هل تخلت عن رداء الحياة دون علمه، انتفخ صدره بعواصف الغضب، جاذبًا أنفاسًا عميقة كي يحاول تهدئة انفعاله والذي ظهر جليًا على ملامحه.

تقدم من الصوت أكثر فوجد زوجته تجلس في أرضية الشرفة بجانب والدته ووالده، وبالمقابل أخويه " زيدان ".." ويزن".

تابع بنظراته النارية اقتراب "زيدان" منها، معطيًا إياها هاتفه، متابعًا معها إحدى الفيدوهات، كور يده بغضب شديد، وود أن يفتك بأخيه عما يفعله بكل وقاحة متناسيًا أنها زوجة أخيه الاكبر.

وفي لحظة خرج صوته يهز أرجاء المكان في عصبية مفرطة تعجبت على اثرها عائلته بالكامل :

- شــــمــس.

وقفت شمس في فزع وهي تتابع تغير انفعالاته للأسوأ، متسائلة بداخلها تُرى ما سبب غضبه غير المبرر!.

- نـ...نعم.

خرج صوتها مهزوزًا وهي تجيبه بقلق وخوف وخاصةً حينما لاحظت انتقال نظراته القاتمة نحو زيدان، فأدركت على الفور أنها تخطت إحدى الخطوط الحمراء والتي وضعت لها منذ بداية زواجهما.

انتبه سليم على صوت والده وهو يدعوه للجلوس معهم، تفهم نظرات والده التي كانت تحاول جذب انتباهه لجفائه والذي أصبح عادة طبيعية في معاملتهم، انتقل ببصره نحوهم فلاحظ تجهم ووجوههما، حتى أنه أحس للحظات بعدم رغبتهما في الجلوس معه في مكان واحد، انغرس نصل حاد في قلبه، حينما ظهرت اعتراضاتهما للعلن مكتفين بانسحابهما من المكان في هدوء.

ندبات الفؤاد Where stories live. Discover now