الفصل الرابع عشر... 5

163 24 3
                                    

هل أحضر لكما شيئاً تشربانه؟   اقترح مراد الذى كان يقطع الممر ذهاباً وإياباً على الفتاتين الجالستين أمامه...؛ هزت نيريمان رأسها رافضةً بينما لم تعطِ مريم جواباً؛ فقط كانت ساكنةً فى مكانها تحدق فى وشاحها الملطخ بدمائه.....، نهضت نيريمان من مكانها بجوار مريم وتحركت مبتعدةً عنهم قليلاً، اخرجت هاتفها وعبثت به قليلاً لتجرى مكالمةً؛ وضعت الهاتف على أذنها فى انتظار جوابٍ...
-نيريمان، كيف حالكِ؟
-بخيرٍ،لم أستطع أن أسأل عنكَ صباحاً، هل أنتَ أفضل حالاً اليوم؟...
-لا أدرى..، ولكننى أرتاح قليلاً عندما أتحدث معكِ...، صوتكِ يبدو غريباً، هل انتِ متعبةٌ؟
-لا،أنا بخيرٍ، فقط الامور ليست على ما يرام هنا، لم أعد اعلم على من ينبغى أن أقلق...
-ماذا حدث؟ أخبرينى...
-لا تشغل بالكَ.... انتبه على نفسكَ وتناول شيئاً أرجوكَ..   بينما كانت تحادثه انتبهت على الطبيب الذى خرج من الغرفة؛ لتقول فوراً بصوتٍ مرتفعٍ قليلاً متناسيةً انها تتحدث على الهاتف... الطبيب، ماذا حدث؟
-نيريمان ما الأمر؟ أى طبيبٍ؟ هل ستشرحين لى بوضوحٍ؟
-انتظرنى قليلاً سأعيد الاتصال بكَ، إلى اللقاء...  أغلقت الهاتف ثم ركضت باتجاه الطبيب الذى بدأ يتحدث مع مريم ومراد....
-...حضرة الطبيب، لم تتضرر أعصابه أليس كذلك؟...   سألته مريم بقلقٍ وهى تجفف دموعها...

-لا شكَ أنكِ صديقته الطبيبة الشابة التى تحدث عنها المسعفون، قمتِ بعملٍ جيدٍ، لا تقلقى لم يحدث له أى شىءٍ، مجرد ارتجاجٍ بسيطٍ وهذا هو سبب الإغماء... ولحسن الحظ جراحه ليست خطيرةً بدرجةٍ كبيرةٍ، اطمئنوا يعنى لا داعى للقلق...، سيتيقظ خلال وقتٍ قصيرٍ...
-الحمد لله..، شكراً لكَ حضرة الطبيب...  تنهد مراد براحةٍ وكذلك فعلت نيريمان، ابتعد الطبيب من جانبهم، أما مريم فما كان منها إلا أن تابعت البكاء.....
-مريم ماذا هناكَ؟ الم تسمعى الطبيب قال أنه لا داعى للقلق، أنتِ طبيبةٌ أيضاً ولا شكَ أنكِ تفهمين الأمر لماذا تبكين الآن؟  
-...أنا... منذ أن سقط وأنا خائفةٌ أن أكون قد قمتُ بحركةٍ خاطئةٍ قد تؤذى عموده الفقرى...، لو تضررت أعصابه... ما كنتُ لأحتمل هذا...؛ تمام عيد ميلادى يكون سيئاً كل عامٍ ولكن ليس هكذا....
-تمام اهدئى لا تفعلى هذا ليس ذنبكِ..   اقتربت نيريمان منها معانقةً إياها بشدةٍ، فما كان من الأخرى إلا أن بادلتها العناق وهى تتابع البكاء وتقول:  ليس ليوسف فهو أجمل شىءٍ فى حياتى...
-يا فتيات لا تفعلا هذا أرجوكما سأبكى أنا أيضاً، المهم أنه بخيرٍ، لا تفكرى فى الاحتمالات السيئة التى لم تحدث يا مريم...، كما أنكِ لستِ المسئولة عن أى شىءٍ، هذا حادثٌ فقط....، هيا اجلسا أرجوكما وأنا سأحضر القهوة...   قال مراد برفقٍ ثم بدأ يتحرك مبتعداً ليوقفه صوت نيريمان: ماذا سنفعل مع الخالة أمينة؟ لن نخبرها أليس كذلك؟
-لا أصدق أنكِ تسألين مثل هذا السؤال، بالطبع لن نخبرها، هل تريدين أن تقتلى المرأة يا ابنتى؟...
-إذن ماذا سنفعل؟ كيف سنبرر غيابه؟...
-لماذا تتحدثين كأنها المرة الأولى التى لا يبقى بها فى المنزل؟ ببساطةٍ سنقول أنه سيبقى معى الليلة، ولا شكَ أنه سيخرج غداً على أقصى تقديرٍ وبالتالى لن تحدث مشكلةً...
-يبدو أنكما معتادان على الأمر... قالت نيريمان بسخريةٍ ثم تابعت: من يدرى كم عدد المرات التى خدعتمانى فيها على أساس أن السيد المحترم عندكَ، والواقع أنه يتسكع على راحته...
-وما شأنى أنا؟ لماذا ترمين الكلام علىَ الآن؟ انتظرى حتى يستيقظ وحاسبيه هو...
-لا يهم...، الحمد لله تخلصتُ من هذه المشكلات السخيفة، ألم تكن ستحضر القهوة لنا؟ هيا اذهب
أشارت له بيدها بلا اهتمامٍ، زفر بضيقٍ ثم تحرك مبتعداً عنهما...، أرخت نيريمان ظهرها للخلف ببعض الراحة ثم قالت نظرت إلى مريم التى كانت جالسةً بسكونٍ تحدق فى الجدار أمامها...
-قلتِ أن اليوم عيد ميلادكِ..، كل عامٍ وأنتِ بخيرٍ...
-لا يبدو أننى سأكون بخيرٍ، ولكننى أشكركِ على كل حالٍ...
-وأنا أيضاً لا أحب يوم عيد مولدى كثيراً، بالرغم من أن أبى كان يصر على الاحتفال به؛ يعنى...تعلمين أنا ليس لدى أحدٌ، فقط أبى ويوسف وبيلين ومراد...
-والدتكِ؟...
-توفيت بعد ولادتى بفترةٍ قصيرةٍ، ربما هذا هو السبب الذى يجعلنى لا أحب عيد مولدى....
-مثلى يعنى...
-هل أنتِ أيضاً فقدتِ أحداً من عائلتكِ؟
-أنا ليس لدى عائلةٌ أصلاً يا عزيزتى...  أجابتها مريم بابتسامةٍ شاردةٍ
-أعتذر.. لم أقصد أن أتحدث عن الماضى...
-بل أنا من أعتذر...  على كلٍ لا تهتمى، أصلاً أحدهم قال لى.... أنتِ كتبتِ حكايةً خاصةً بكِ، صحيحٌ أنه كان أمراً صعباً ولكنه مضى...
...راقبت نيريمان تغير ملامحها ثم ما لبثت أن ابتسمت وقالت: سيكون بخيرٍ، لا تقلقى...
****************************************
....جلس بهدوءٍ على الكرسى يحتسى فنجان القهوة الخاص به، وهو يضع يده الأخرى على رأسه...
-هل أنتَ بخيرٍ يا مراد؟
-...لا تقلقى إنما هو صداعٌ فقط...، ألم تعد مريم حتى الآن؟...
-لا، مازالت جالسةً بجانبه كالجليد تحدق به دون حركةٍ...
-من يدرى كم خافت الفتاة عندما رأته بهذه الحال...
-كم رقم فنجان القهوة هذا؟....
-لا تتصرفى مثل فريدة، تشاجر معى على مثل هذه الأشياء دائماً...  فى ذات اللحظة سمع صوت رنين هاتفه، أخرجه من جيبه ثم ابتسم وهو يقول: من أين علمت هذه أننى أتكلم عنها... ثم ضغط على زر الرد
-الإنسان الجيد يأتى عند ذكره دائماً كيف حالكِ...؟
-اصمت ولا تدعنى أبدأ بإفراغ غضبى بكَ الآن....، كيف لا تخبرنى بما يحدث؟
-لم أفهم، ثم لماذا تصرخين علىَّ الآن ماذا فعلتُ أنا؟...
-من حسن حظكَ أننى لا أريد الشجار معكَ الآن، على كلٍ أعطنى تلكَ الغبية التى لا ترد على هاتفها، هى بجانبكَ أليس كذلكَ؟
-إن كنتِ تقصدين مريم فهى ليست بجانبى...
-كيف؟ ام أنكم غادرتم المشفى؟...
-من أين علمتِ أصلاً؟
-...أنا أخبرتُ فاتح منذ بعض الوقت، لا شكَ أنه هو من أخبرها...  قالت نيريمان له بهمسٍ ليومئ هو لها  ثم تابع حديثه مع فريدة قائلاً: لم أرد أن أثير قلقكِ، كما أننى ظننت أن مريم ستخبركِ بنفسها...
-المغفلة لا ترد على منذ الصباح أصلاً...، أوف لماذا تشتتنى فى الحديث هيا أعطها الهاتف بسرعةٍ...
-إنها بجانب يوسف حالياً وهو نائمٌ ولا اريد إيقاظه، سأخبرها أنكِ اتصلتِ لتعاود هى الاتصال بكِ فيما بعد...
-ماذا يعنى سأخبرها لتعاود الاتصال بكِ؟ هل أنا زبونةٌ لديها؟ مراد توقف عن إثارة أعصابى وأعطها هذا الهاتف الآن...
-أنا المخطئ أساساً لأننى أجبت، تعلمين سأعطيكِ إياها لسببٍ واحدٍ فقط، لكى أتخلص من إزعاجكِ هذا...  قال مراد بانزعاجٍ وهو ينهض من مكانه، طرق باب الغرفة بهدوءٍ ثم دخل ليجد مريم ما زالت جالسةً بنفس الوضعية بجوار فراش يوسف...
-هل هناكَ شىءٌ؟
-صديقتكِ المزعجة تريد التحدث معكِ...  أجابها مراد بنبرةٍ هادئةٍ، صحيح أن صوته لم يكن مرتفعاً كثيراً إلا أنه على الأغلب وصل إلى مسامع يوسف؛ فقد بدأ يحرك أصابع يده قليلاً...، بضع ثوانٍ قليلةٍ مرت ليبدأ بعدها بفتح عينيه ببطءٍ..
-مريم، لقد استيقظ...  يوسف صديقى..  قال مراد بسعادةٍ وهو يقترب من فراش صديق

مريم♥️... " قيد الكتابة والتعديل اللغوي"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن