الفصل العاشر ❤️

3.5K 191 13
                                    

نوفيلا - اصابك عشقًا -
الفصل العاشر

حل المساء بينما عاد هو من الخارج وبدل ملابسه وجلس معهم يعبث في هاتفه بملل، دون التدخل في أي حديث، عقله شارد بها، وقلبه معها، يحمل وجهه الوجوم والضيق، بدأ رأسه يؤلمه من أحاديث العائلة فقام من مكانه للتوجه لغرفته ولكنه وجد سما تفتح باب المنزل لها لتدلف، نظر لها بصدمة لم يتوقع انها ستأتي بعد اخر حديث بل توقع مُحادثة من والدها يطلب منه الطلاق فحسب، انتبه لصوت ريم التي ركضت لاحضانه صارخة
( بابي عُمر)
ابتسم لريم ثم حملها لاحضانه قائلًا
( عيونه، ازيك ياحبيبتي؟)
اجابته بحب
( انا تمام الحمدلله، بس انا عايزة افضل معاك هنا انت وعمتو سما وتيتة وجدو)
تنحنح ثم ابعد بصره بترقب لـ سكن التي القت السلام على العائلة وتنظر له بطرف عينيها فقط، لم تجد شيئًا لتقوله بل كانت تتألم لوجودها جواره، جلست وسطهم لتتساءل والدته
( اومال فين هدومكم يابنتي؟)
نظرت لها ثم أجابت بهدوء
(لا انا ماشية تاني النهاردة، هرجع بيت اهلي انا جبت ريم تقضي معاكم وقت وانا عايزة اتكلم مع بابا في حاجة كدا)
كان ينظر لها بخيبة فـ ظن انها ستظل ولكنها حطمت ظنونه، وبأي حق سيطلُب منها تبقى، بأي حق سيُخبرها بأنه يريدها جواره.
تساءل محمود
( موضوع ايه؟)
نظر له عُمر وتذكر حديث سما له فـ علم ان سكن اتت لذلك ليقول هو بهدوء
( عشان سما وجاسر)
صوته جعلها تلتفت تنظر له لتُشبع عينيها به، صوته ليس كـ طبيعته فـ هو كان يحمل الحُزن والألم، هدوء صوته ليس الا اختناق داخله، اعادت بصرها لمحمود القائل
( مالهم؟)
نظر لـ سما المتوترة فـ تحدثت سكن
( هي عايزة تروح معاه، هي قالتلي انها صلت استخارة ومرتاحة)
بدأ الغضب يأكله قائلًا
( بس انا قولت لا يبقا لا، ليه تيجي تقولكم بقا وتعمل حوار؟ )
ثُم أبعد نظره لـ التي اخفضت بصرها خجلًا قائلة
(هو محتاجني معاه يا بابا، وكلمك في الموضوع عشان هيسافر ويتأخر في السفر!)
هز رأسه بنفي قائلًا
( يتأخر ولا زفت، ما اخوكي الله يرحمه سافر وساب سكن وهما مخطوبين ولما رجعوا اتجوزوا)
اخذت سكن نفسًا عميقًا وبررت
( بس يا بابا خالد سافر شهرين ورجع اتجوزنا، اما جاسر هيسافر سنتين!)
نظر لها بطرف عينيه وهي تتحدث عن اخاه رحمه الله، كانت عيناه تحمل كُل الحُزن لأنه غير قادر على اسعادها والآن هو سبب نفورها منه وتعاستها المرسومة على ملامحها تلك، أعاد بصره لوالده مُكملًا على حديث سكن
( بابا انا سألت تاني على جاسر كذا حد وكلهم قالوا نفس الكلام انه كويس ومحترم، وبصراحة احنا مشوفناش منه حاجة وحشة، بالعكس كل. حاجة كانت حلوة)
نظرت له سما بترجي
( بابا ارجوك، انا حابة اسافر معاه، وكمان انا اصلا موافقة عليه وعلى جوازنا)
صمت والدهم يُتابع حديثهم بتفكير عميق ثُم تساءل ( وهو انتو هتلحقوا تتجوزوا فاسبوعين؟)
هزت رأسها سريعًا
( اه هنلحق اصل احنا هنتجوز ونسافر والحاجات بتاعتي تبقا تيجي تتحط هنا لما نيجي من السفر، ولو على الفرح انا هخليه يجي بكرا وتتفقوا سوا)
نظر لها ثُم هز رأسه قائلًا
( هفكر.. وارد عليكم بكرا ان شاء الله)
تنهدوا جميعًا براحة، فـ بنسبة كبيرة هو موافق، انتهوا من الحديث ووجه نظره لها ثم وقف مكانه قائلًا لها بنبرة هادئة مُترددة
( مُمكن نتكلم شوية على انفراد؟)
نظرت له بطرف عينيها لقليل من الثوانِ ثُم قامت معه وتوجهوا لغُرفتهم ودلفت ثم هو خلفها غالقًا خلفها الباب ليسمع حديثها الساخر
( الف مبروك، سارة قالتلي انكم خلاص هتتجوزوا)
شعر وكأن دلو بارد سُكب عليه، اخبرتها سارة بينما هو يُخطط ان يخبرها والآن فاجئته و كم كانت مُفاجأه كبيرة عليهم، ظل ينظر لملامحها واقترب منها وهو يطوق وجهها بين يديها وشفتاه تتراقصان على شفتيها رقصة حذرة ثُم تحولت لأخرى شغوف تتعالى مع ضربات قلبهم العالية، شعر بطعم مالح مع قُبلتهم ولم تكن سوى دمعتها التي هبطت نتيجة لضعفها أمامه وامام قُربه منها، ابتعد بهدوء وهو يلهث وينظر لعينيها مُتأسفًا بحزن
( انا آسف، وبجد حقك يا سكن تطلبي كُل اللي انتِ عايزاه، حقك تطلبي الطلاق وتسبيني)
ثُم رفع كفها لفمه يلثمه بحُب قائلًا بضعف
( بس انا مش عايزك تسبيني، انتِ اللي فهماني وانتِ اللي مستحملاني، انتِ اللي بجد قلبي دق ليها بالحب، خليكِ جنبي حتى لو مش عايزة تقعدي معايا هنا فالبيت معنديش مشكلة)
أكمل بـ لهفة علها تستجيب
( خليكِ في بيت اهلك لحد ما اخلص اللي انا فيه وهاجي ارجعك، اوعدك بـ ده)
ظل يُتابع ملامحها المُتأثرة لثوانِ حتى صدمته قائلة بأسف
( للأسف، للأسف انا هخيب املك يا عُمر، للأسف انا مش هعمل كدا)
ثُم ابتعدت من أمامه وتركته وغادرت الغُرفة مع وقوع قلبه ارضًا ليتكسر لاشلاء، فـ لم يجد قُربها لتُساعده في مُداوة هذا الكسر الكبير، بل أعطته ظهرها وغادرت، غادرت لتُصبح هذه النهاية.
________
اخذت ابنتها وغادرت المنزل لمنزل أهلها، وبعد عشاء الليلة اخذت ابنتها للفراش ونامت جوارها وعقلها وقلبها معه، تعلم جيدًا انه تائه هذه الأيام، تائه في كُل هذه المشاكل والاختيارات، ولكن ما تعلمه ان قلبه مازال معها، بالرغم من ألم قلبها عليه، إلا أنها تستحق أن يُسعى إليها وهذا ما تفعله، فليسعى ليحصل على ما يُريد وما يُحب بطريقته هو، بينما هي قلبها يؤلمها على حالهم، تُريد ان تكون جواره فتحتضنه بعد يوم عمل شاق لهم، لينسوا تعب اليوم، ولكن الحقيقة لم تكُن سوى عتمة، وكأنها تُحب عتمتها رغم الحوادث الصغيرة به، إلا انها واثقة بأن هُناك نور صغير سيدلف لتلك العتمة ليُنيرها فيُنير حياتهم، لا تُريد التشويش لحياتها هي وابنتها، تُريد السكينة والهدوء، تريد أن يمنحهم حنان ودفئ وأمان، حين تختلط الحياة، اخذت نفسًا عميقًا ثُم تركت القلم من يديها بعد ان خطت كُل تلك الكلمات في دفتر ذكرياتها ثم همست ( يارب يارب) وضعت الدفتر جوارها ثم احتضنت ابنتها وغفت جوارها.
________________________
كانت تمشي بحذر في ذلك المكان لتراه، بعدما حادثته بأنها تُريد معرفة من يكون، فأخبرها انه سيكشف هيئته اليوم لها في مكان ما تحبه كثيرًا، ولم يكن سوى مشتل لزهور في وسط المدينة ووسط الأشخاص
-فلاش باك -
استيقظت مريم صباحًا ثم كعادتها امسكت الهاتف واول شيء ذهبت إليه هي - الصراحة - لتجد بالفعل رسالة. منه بها " لا أعرفك جيدًا ولكن اريد معرفتك جيدًا" ابتلعت غصتها بخوف ثُم اخذت تلك الرساله وقامت بنشرها على الفيس بوك مع سؤالها " حابة اعرف مين؟" ثُم تركت الهاتف وتوجهت للمرحاض لتغسل وجهها وخرجت مرة أخرى وامسكت الهاتف لتجد ردًا " اذًا دعيني اراكِ اليوم، في مكانك المفضل، المشتل " عبست وهي تقرأ الرسالة، هو يود رؤيتها الآن وبالتأكيد هي لن تفعل ذلك، ولكن فضولها يأكلها من يكون هذا، من يُرسل لها تلك الرسائل، اقسمت داخلها إن كان شخصًا ما تافهًا ستُريه العجب
-باك -
كانت تقف ممسكة بـ حقيبتها بقوة وهي تنظر حولها بتوتر وارتباك، تسمرت مكانها وهي تستمع لصوته ونبرته قائلًا
( مبسوط ان انا شوفتك)
التفتت تنظر له وهو يضع يده في جيب بنطاله ويضع نظارات شمسيه تجعله أكثر جاذبية، همست بصدمة
( يوسف؟؟)
هز رأسه بإيجاب قائلًا بإبتسامة
( بالفعل يوسف، وقبل ما تزعقي)
ابتسم بحب مُكملًا
( انا حبيت اعرفك انا مين، وبعدين هروح اممم إسمها ايه؟)
قوصت حاجبيه متسائلة
( ايه هي دي؟)
حاول الشرح
( اللي هي المفروض اتجوزك؟)
توسعت حدقتيها بصدمة اكثر قائلة بعدم فهم
( تتقدملي؟)
هز رأسه بتأكيد مبتسمًا ببلاهة
( بالظبط هي الكلمة دي)
أشارت إليه بأصبعها السبابة عليه قائلة
( انت عايز)
ثم أشارت باصبعها على نفسها مُكملة
( تتجوزني انا؟)
فعل مثلها تمامًا واشار بـ سبابته عليها قائلًا
( اه اتجوزك انتِ!)
ثُم اكمل
( maybe, انا معرفكيش كويس ،بس هعرفك كويس اوي في فترة الخطوبة، وقبل ما تتكلمي انتِ كمان هتعرفيني كويس)
عبست قائلة بتذمر
( كُل حاجة قبل ما تتكلمي انت بتمنعني اتكلم ليه؟)
تنهد قائلًا
( عشان لسانك)
ضيقت عينيها وهي تنظر له قائلة بتهديد
( لا بقولك ايه؟)
أشار لها بيده قائلًا
( لا ارجوكِ متبدأيش، تعالي اعزمك على عصير ونتكلم كويس، في كُل حاجة، و أي حاجة حابة تعرفيها عني)
ظلت مُترددة لدقائق ولكن بالنهاية ذهبت معه لكافية وجلسوا سويًا لتسأل
( ليه طلبت تتجوزني انا بالذات، مع انك متعرفنيش كويس ولا تعرف عيلتي، وكمان اكييد في احلى مني أجانب، ليه انا؟)
ابتسم إبتسامة هادئة تليق بملامح وجهه ثم قال
( i don't know)
اكمل
( فيكِ حاجة غير الكل، حاجة غير اي حد، You're different - بس انتِ مُختلفه - , انا مش من صفاتي صفات الأجانب يا مريم، بس انا فعلًا اهلي منهم اجانب ومنهم مصريين، بس انا اتربيت برا بس انا مش زي ما انتِ مفكرة بقا امم)
اجابته سريعًا
( صايع!)
قهقه بخفة قائلًا
( بالظبط، انا متربي على ايد جدي وهو مصري اصيل)
همهمت وهي تضُم شفتيها في وضع - البوز - قائلة ( والرسايل اللي كُنت بتبعتها من قلبك؟)
هز رأسه بإيجاب
( صدقيني كُلها من قلبي، كُلها كُلها!)
ابتلعت غصتها فمن الواضح ان كُل شئ الآن اصبح جديًا للغاية، فتنحنحت قائلة
( طيب، تعالىٰ لبابا واتكلم معاه، واطلبني منه رسمي!)
أبتسم سريعًا
( يعني انتِ موافقة؟) هزت رأسها بغرور
( مقولتش موافقة، لسه هصلي استخارة، بس انتَ صعبان عليا)
وصل فكه للأرض من حديثها قائلًا
( صعبان عليكِ ازاي؟)
هزت رأسها بلا مُبالاة
( يعني بعد الكلام ده كله والرومانسية دي هقولك متجيش؟ لا تعالىٰ وجرب حظك!)
ضيق عينيه مُتسائلًا
( انتِ طالعة crazy كدا لمين ؟)
جحظت حدقتيها قائلة
( ولااا اتظبط كدا!)
قام من مكانه فـ قامت هي الأخرى برهبة قائلة
( في إيه، اظبط كدا اومال!)
تقدم خطوتين وتوقف ثُم ابتسم ببرود
( اتفضلي عشان أوصل حضرتك)
تلبكت في حديثها
( اه، اها ، مـماشي)
اخذت اغراضها وغادرت أمامه وهي تنظر له بطرف عينيها كـ من ارتكب جريمة، بينما هو يبتسم بتلذذ لتلك المُشاكسة التي يرغب بها قلبه ويحبها، ليست كـ غيرها فـ هي كالطفلة البالغة، داخلها ضوء ابيض نقي، ستتحمله وستتفهمه جيدًا وتحتويه، بينما هو سيحتويها، يعلم ذلك جيدًا،اوصلها لمنزلها مع وعد لموعد قريب مع عائلته لطلبها للزواج.
_____________________________
كانت تلعب في صحنها وعينيها مشغولتين في مُراقبة والدها عله يشفع فضولها وصبرها بـ اجابته، ماذا إن رفض مُجددًا، فـ لن يكون هُناك حلًا آخر للذهاب مع جاسر، تنهدت فعندما تحدثت معه بالأمس ليلًا كان مُتعبًا ومن تعبه لم يأكل، وإن آتينا للواقع والحقيقة، فهي اُغرمت به، كان معه كامل الحق عندما اخبرها انه سيوقعها في حبه بطريقته، وهو بالفعل فعلها، رأت الحب في عينيه سرًا وافصح عنه لها علنًا، فما للقلب إلا أن يميل، يكبر في قلبها بشكل تعجز عن احتوائه، رفعت بصرها لوالدها مُتسائله بقلق
( بابا، حضرتك فكرت في موضوعي انا وجاسر؟)
نظر لها ثم عاود النظر للطعام مرة أخرى قائلًا ( اه فكرت)
تنحنحت بخوف من قراره مُتسائلة
( طب وايه قرارك؟)
صمت يعم المكان، الجميع ينتظر إجابة منه، وهو صمت قليلًا وكأنه يسترجع قراره ويفكر به جديًا حتي قال
( كلمي جاسر وقوليله يجيلي عايز اتكلم معاه وانا هرد عليه بـ موافق او لا)
ابتلعت غصتها وتسائلت
( يعني حضرتك موافق طيب؟) اكتفى بهز رأسه بإيجاب ولم ينطق حرفًا آخر، وكأنه يلعب بأوتار توترها وخوفها من رفضه.
________________________
صعدت لغُرفتها وامسكت الهاتف في يديها تنظر له بشرود وتنتظر إجابة منه، رنين الهاتف يعم ارجاء المكان مع صوت أنفاسها الهادئ، اتاها صوته
( السلام عليكم، ازيك يا سما!)
الغت وضع المُكبر ووضعت الهاتف على اذنها  ( وعليكم السلام، كويسة وانت عامل إيه؟)
انتظرت إجابته ثُم قالت
( بابا رد عليا النهاردة، وقالي انه مستنيك تيجي تتكلم معاه)
اكملت بعدما انتهى من حديثه
( معرفش مقاليش حاجة، قالي خليه يجي وانا هديله أجابتي!)
طرح عليها سؤالًا فاجابته
( زعلانة؟ لا انا مش زعلانة وصوتي طبيعي!)
تنهدت وأكملت حديثها
( لما تيجي يا جاسر نتكلم يلا مش عايزة اشغلك عن شغلك)
ثُم ودعته واغلقت معه تنتظره حتى يأتي لترى ماذا سيحدث بينه وبين والدها!!
__________________________
كان يقود سيارته في اتجاه مُعين ومقصد مُعين واثناء قيادته الهادئة لمحها تسير على قدميها فأطلق زمور لها لتنتبه، التفتت تنظر للسيارة حتى وقفت جوارها فنظرت له
( انت رايح فين؟)
أشار لباب السيارة قائلًا
( اركبي بس)
صعدت للسيارة مُجبرة فقاد مرة أخرى قائلًا
( رايح المقابر واعتقد انتِ كمان!)
نظرت له ثُم ابعدت نظرها للأمام قائلة
( ايوه فعلًا)
لم يتحدث ولم تتحدث وظلوا على هذا الحال حتى وصلوا إلى المقابر وكان اتجاههم واحد وهو مقبرة - خالد - بدأوا بتلاوة بعض الآيات القرآنية بينما هي ظلت واقفة تنظر للمقبرة فأستمعت له يتحدث بحزن قائلًا
( انا اتكسرت اوي من بعده، كان ليا الاخ والصديق وبجد كنت زي ظله، راح بدري اوي)
تنهد ثم ردد
( اللهم لا اعتراض على حكمك)
كانت تنظر له ثُم اعادت بصرها للمقبرة
( ربنا يرحمه، ربنا يرحمه)
هبطت دمعة ساخنة على خدها ثم وجهت نظرها له عندما تحدث
( انا مش عايز اجرح حد فيكم ياسكن، بس انا ليا راحة وراحتي معاكِ)
وجه نظره لها في نهاية حديثه وفي عينيه كل الحُب والتمسك بها، بينما هي ابعدت بصرها عندما نظر لها تلك النظرة التي ستُضعفها بالتأكيد، مر وقت على وقوفهم هكذا ثُم اوصلها منزلها وغادر بقلب مكسور وهي الأخرى، ليس إلا الحُزن يطغي حياتهم الآن، لا تُريد ان تُفرق بينه وبين سارة لذلك اختارت ان تبتعد فيختار هو حتى لا يكون تحت ضغط
_______________________
كانت تجلس في غُرفتها شاردة، بعدما اتصلت به أكثر من عشر مرات ولا يوجد إجابة، لا يوجد رد، لا تُريد ان تترك حُب عُمرها يذهب منها هكذا، لن تتركه مهما حدث فهي احبته من قلبها وكان يتضح عليه هكذا هو الآخر، ولكن الآن من الواضح أنه ليس حُبًا وانما كُره لتخرج من حياته وحدها، تعرفه جيدًا وتعلم كيف يُفكر، فهي ليست طرفًا شريرًا هي تود الحصول على حبها والعيش في سعادة، استيقظت من شرودها ممسكة الهاتف مرة اخري ثُم بدأت بالكتابة " ازيك يا عُمر، انا اتصلت بيك كتير ومردتش اتمنى تكون كويس، انا حددت معاد مع عمي وان شاء الله كتب الكتاب هيبقا بكرا زي ما اتفقنا" ارسلت الرسالة وتركت الهاتف مكانه وجلست تُكمل رحلة الشرود.
____________________________
في المساء
أتى جاسر متوترًا لذلك الموضوع الذي يُريده حماه به، جلسوا سويًا في مكان بعيد عن الجميع فأردف ( احم، خير يا عمي؟)
ابتسم محمود قائلًا
( خير يابني، موضوع السفر وانك عايز تتجوز سما وتاخدها معاك..)
كان يستمع له بأهتمام بالغ فأكمل محمود
( انا فكرت كتير وكنت قلقان من الموضوع ده بس دلوقتي انا موافق)
ابتسم جاسر سريعًا قائلًا بلهفة
( بجد ياعمي؟)
هز محمود رأسه مُكملًا
( بشرط.. ان لو انتو لسه مسافرين وجه معاد امتحاناتها تيجي تمتحن)
هز جاسر رأسه موافقًا
( اكيد طبعًا ياعمي، بجد مش عارف اقول لحضرتك ايه بس انا مبسوط جدًا، عمومًا نتفق على معاد كتب الكتاب عشان نحضر للفرح ان شاء الله)
هز محمود رأسه ثم تنهد حزينًا على فُراق صغيرته بتلك السرعة، فإن اتينا للحق هو لم يكن يُريد تزويجها من الأساس...ابتسم مرة أخرى لجاسر وتوجه نظرهم عليها وهي معها اكواب الشاي ووضعتها امامهم بخجل ظاهر، وجنتيها حمراوتين من الخجل ويديها ترجف، بينما هو كانت عينيه عليها بعشق ظاهر، عينيه تلمعان من العشق، جلست معهم فتركهم والدها سويًا وجلس على اريكة بعيدة عنهم قليلًا ولكن مازال نظره عليهم
ابتسم جاسر بحب قائلًا
( مبروك يا عروستي)
كان الخجل يُسيطر عليها بشدة، لا تعلم كيف تُجيبه او بماذا فأكتفت بالصمت وردت وجنتيها عليه بخجلها على موافقتها، قهقه بخفة قائلًا
( يخربيت الكسوف يا شيخة)
صمت ثُم قال بغمزه
( بس إيه القمر ده، انتِ بتحلوي كدا ليه؟)
نظرت له بحدة تحمل الخجل قائلة بصوت يكاد يُسمع
( الله؟؟!)
قهقه مرة أخرى قائلًا
( خلاص ياستي متقفشيش اوي كدا، متبقيش قفوشة!)
ضيقت عينيها مُتسائلة بتهديد
( انا قفوشة؟)
هز رأسه بنفي وملامحه مُستغربة قائلًا
( لا طبعًا مين اللي قال كدا؟)
كانت تنظر له وهي تضيق عينيها وكأنها تُحذره (همممممممممم) ضحك بتوتر
( امم اه هه)....
________________________________
مر اليوم وحل صباح اليوم التالي، في كُل صباح تتجدد الحكايات وتنقلب موازين بعضهم من سعادة إلى حُزن او من حُزن إلى سعادة، كان يرتدي حلته السوداء ينتظر موعد كتب كتابه اليوم على الثانية " سارة "، ليس لديه طريقة لانهاء هذه المهذلة ولكن يدعو ربه ان تنتهي وحدها، فتح هاتفه على صورتها في داخله يتمنى ان يعيشا بسعادة دون ان يحدث اي شيء سئ لهم، ان يُنجب منها أطفال ويتجمعوا سويًا في حب عائلي دافئ، لانه يُحبها يشتهي أن يطوي اصابعها الخمس، ويخبرها بأنه لا يتحمل الغياب، الإهمال، البرود، الإشتيـاق.
استيقظ من شروده على صوت دقات باب الغُرفة، توجه لفتح الباب فوجد سارة امامه ترتدي فستان من اللون الأبيض و حجــاب، ابتلع غصته فأبتسمت هي بـ لُطف قائلة
( الف مبروك )
كان ينظر داخل عينيها فلما المُباركة وهو ليس سعيد، بينما هي تكاد تطير فرحًا وارتدت اجمل ما لديها وحجابها؛ لأنها وعدته قبل زواجهم سترتديه وبالفعل وفت بوعدها، كانت تنظر داخل عينيه وعلى ملامح وجهه فلم تجد السعادة فأختفت ابتسامتها مُتسائلة
( انت كويس؟)
هز رأسه واجابها بكذب
( احم، اه.. اه كويس!)
مدت يدها تُمسك يده وقالت بأنكار لحديثه
( لا انت مش كويس ياعُمر)
صمت وابعد وجهه عنها مُكتفيًا بالصمت وهي تنظر له ثُم تساءلت
( انت مش عايز تتجوزني وبتحب سكن صح؟)
لم ينظر لها ايضًا ولكنها استشعرت حقيقة كلامها من ابتلاعه لريقه لتُكمل بسخرية
( وسنين الحب اللي عشناها، لما انت مش قدها عيشتهالي ليه؟)
اردف بندم
( انا عارف اني غلطت، غلطت اوي يا سارة بس انا مش عايز اتجوزك ونندم!)
تلألأت عينيها لتقول باستغراب
( نندم؟ نندم ليه واحنا بنحب بعض المفروض؟ ولا انت اصلا محبتنيش، انت حبيتها هي، انت خدعتني يا عُمر وعيشتني وهم!)
هبطت دموعها على خدها بقهر لتُكمل
( وانا مش هكمل معاك، انا مش هجبرك تعيش معايا غصب عنك اصلًا، عارف انا ألف حد يتمناني، انا خسارة فيك)
قلبها تحطم لاشلاء بينما هو يعجز عن الرد عليها وانما ينظر لها وفي عينيه الندم والحُزن البالغ ليقول
( عشان خاطري، انا مستاهلش دموعك دي يا سارة ولا استاهل اي حاجة عملتيها عشاني، بس انا...)
رفعت يديها في وجهه قائلة
( انتَ ولا حاجة اصلًا، انا مش زعلانة ابدًا)
ثم رفعت يديها لوجهها تمسح دموعها بقوة وتمسح عينيها حتى لا تتساقط دموعها مُكملة
( انا اقوى من اني ازعل على حاجة مش ليا ولا هتكون ليا)
اخذت نفسًا عميقًا مُكملة
( مضيعهاش بقا هي كمان، ربنا يسعدك يا عُمر!)
تحدث بندم قائلًا
( ويسعدك، انا اسف اوي يا سارة، آسف على كُل حاجة كنت سبب وجع ليكِ فيها، اتمنى إنك تسامحيني! )
استمعت إليه ثُم غادرت للأسفل واخذت والدتها وغادروا دون ان تتحدث مع أحد بينما الجميع يتساءل ماذا حدث ولماذا ذهبت العروس، وبعد وقت قليل اتضحت الرؤية عندما اتصلت والدتها باعمامها ووصل الخبر لوالد عُمر.
صعد والده بعاصفة قوية تحمل الغضب الشديد تجاه غُرفة عُمر، اقتحم الغُرفة بصراخ قائلًا
( انت اتجننت، مش دي سارة اللي كنت فالق دماغنا بيها)
نظر له عُمر بملامح يشوبها الحُزن لأجل سارة وايضًا لحقيقة ما قاله والده، ليُكمل والده
( انت بتصغرنا قدام الناس ولا إيه انطق ساكت ليه؟)
وقف أمام والده ونطق بصوت مُتألم
( نصيب، انا وسارة مكنش لينا حياة مع بعض وحياتي مع سكن!)
نطق والده بسخرية
( هما بنات الناس لعبة يا ابني انت اهبل، بنات الناس مش لعبة عشان تعمل فيهم كدا، مش مرة سكن ومرة سارة!)
ارتفعت نبرة صوته
( ولما هما بنات الناس مش لعبة، كان ليه من الاول اتجوز سكن وانا مكنتش عايز وخليتوا علاقتي بسارة تتشوش هي كمان دي مش لعب ببنات الناس ولا ده عشان انتو عايزين كدا)
صوت كف صدى ارجاء المكان ووجه عمر كان للناحية الأخرى مغمض عينيه ويكور يديه بينما شهقة خرجت من عند الباب من والدته واخته سما، هدده والده قائلًا بضيق
( انت باين عليك اتجننت في دماغك)
لم ينظر له عُمر ولم يتفوه بكلمة أخرى بعد الذي قاله والده الآن فأبتعد والده من أمامه وخرج من الغرفة بينما تسارعت خطوات عُمر لباب الغرفة واغلقه بالمفتاح غير قابل لحديث أي أحد في حالته هذه!
____________________
كانت تجوب الغُرفة ذهابًا وايابًا مُمسكة بالهاتف والدموع تتجمع في مقلتيها، مُعتقدة بأنه تم عقد قران عُمر وسارة اليوم غير داريه بما حدث، كانت تُفكر في الإتصال بسما والاستفسار عن ما يحدث ولكنها تمنع نفسها مُقنعة نفسها بأنها لا تهتم، ولكن هيهات فالقلب يهوى، كان ابتعاده عنها مؤلم بحق، كان يشبه انتزاع شاش من على جرح طري، هبطت دمعة ساخنة على خديها وهي تُفكر فيما حدث في حياتها، لا تستحق كل ذلك ولا تستحق اي شيء من هذا، كُل ما تمنته حياة هادئة بسيطة مع ابنتها وزوجها ولكن شاء الله ان يُغير الأقدار لتكون زوجة لاخ زوجها المتوفى، وها هي تجمع ما حدث مُنذ البداية بسبب موافقتها من البداية على زيجتها من عُمر، حصدت نبضات قلبها له حُبًا وكان المقابل زواجه من أخرى لتعود وحيدة كما كانت فيأتي عليها الليل لتتسائل متى سنتأمل اشيائنا بحب بدلًا من الخوف من فُقدانها، تعتقد احيانًا أنها ليس لديها سوى العُزلة والبكاء الكثير وان تتنازل قليلًا عن قناع القوة الذي ترتديه، في عينيها يسكن الأرق وفي فمها كلام قد احترق لم ولن تستطيع ابدًا اخراجه ، تؤكد على نفسها يوميًا بأنها لن ترضى بالنصف وهي تستحق الكمال ولا تقبل بأن تكون اختيارًا ثانٍ أو ان تشارك شخصًا آخر معها من تُحب، تود ان تكون المحور وإلا ستكون العدم، توجهت لفراشها لتخلد الليلة للنوم، وغدًا إن أتى فستُكمل كما كانت، وإن لم يأتي فسترتاح للأبد.
_________________________________
في صباح يوم جديد، مع خيوط الشمس الذهبية التي تلمع على كُل شيء فتعطيه لونًا رائعًا وشكلًا يخطف الأنظار، صباح يُجدد الامل ويُنسي حُزن الأمس.
طرقات خفيفة على باب الغُرفة المُغلق ولكن للأسف لا يوجد رد، قوصت حاجبيها بإستغراب ومدت يديها لتعلم إن كان مُغلق او لا، ولكن الباب فُتح معها فتقدمت للغُرفة ولكنها لم تجده بها، دارت بعينيها في المكان فوجدت الفراش مُرتب والغُرفة مُرتبة وهو ليس موجود، اقتربت من شُرفته ومكانه المُفضل فوجدت صورًا له ولسكن على الكُرسي، ثُم رفعت بصرها لحديقة المنزل فلم تجد سيارته أيضًا، عادت ببصرها للصور وامسكتها بين يديها وهي تتخيل اخاها في الليلة الماضية، كم عانى وكم تألم، تُرى كيف مرت تلك الليلة على قلبه وكيف كان صباحًا عندما غادر قبل ان يستيقظ الجميع.
تركت كُل شيء مكانه وخرجت من غُرفته لوالدتها في المطبخ وتنهدت قائلة بأسى
( عُمر شكله مشي الصبح بدري، لا هو في اوضته ولا عربيته برا)
نظرت لها والدتها بفزع عليه قائلة
( مشي؟ طب ما ترني عليه كدا تطمني عليه، انا مش مرتاحة)
نظرت لها سما بحُزن فالمرة الأولى غادر - خالد - لعمله واتى خبر وفاته بعدها بـ ساعة ولم تكُن والدته مُرتاحة ايضًا والآن خرج - عُمر - وحاله يختلف عن حال - خالد - بأن عُمر ليس بخير.
رفعت هاتفها تتصل به ولكن ما اتاها هو ان هاتفه مُغلق فقالت لوالدتها
( تليفونه مقفول يا ماما)
اعترى القلق قلب والدتها أكثر وجلست على اول كُرسي جوارها حتى لا تقع مغشية عليها؛ بسبب خوفها على ابنها، تقدمت سما بجوارها واحتضنتها
( اهدي يا ماما متخافيش، عُمر اكيد محتاج وقت لنفسه وهيرجع تاني، ولا تلاقيه في الشغل وقافل فونه)
هبطت دموع الوالدة على خديها بأسى قائلة
( ياحبيبي يابني، ياحبيبي ياعُمر حقك عليا انا)
دمعت عيني سما قائلة بنبرة مُتألمة تحاول اخفاء الألم قدر الإمكان
( خلاص عشان خاطري يا ماما، متعيطيش)
ظلت تحاول تهدئتها بينما يقف - محمود - عند باب المطبخ ينظر لهم بحُزن وهو يتذكر ما حدث بينه وبين - عُمر - بالأمس.
_________________________
كانت تجلس مع عائلتها على وجبة الإفطار شاردة تارة وتارة تُطعم ابنتها غير واعية لما حولها وبماذا يتحدثون حتى فاقت على هزة اختها لها صارخة ( ســـكن)
( ها!)
نطقت بكلمتها ونظرت لها بتوهان فقالت مريم بتساؤل
( ها إيه، بنادي عليكِ بقالي ساعة مالك!)
نظرت للجميع فكانت الأنظار كُلها عليها فتنحنحت بإحراج مُبررة
( مـافيش.. سرحت شوية بس)
تساءلت والدتها بحنو
( انتِ كويسة يابنتي؟)
اكتفت بهز رأسها فقط وقامت من مكانها قائلة
( انا شبعت، الف هنا ليكم)
ثُم توجهت لغُزفتها فلحقتها مريم سريعًا وجلست جوارها
( مالك يا سكن؟)
اجابتها بنبرة هادئة ( مافيش، انا كويسة) امسكت مريم يديها وقالت بإصرار
( لا فيكِ حاجة يا سكن، احكيلي يا حبيبتي مالك؟) تنهدت سكن واسندت رأسها على كتف مريم بتنهيدة عميقة مُتعبة
( تعبت يا مريم تعبت من اللي احنا فيه ده، تعبت من كُل حاجة بتحصل وقرفت، عايزة اخلص بقا من التشويش اللي انا فيه ده ومن التعب النفسي وكتر التفكير وكل حاجة بتحصل)
دمعت عينيها بأسى قائلة
( نفسي اعيش انا وبنتي مرتاحين بقا)
عبست مريم لحُزن اختها واحتضنتها قائلة
( يومين ياحبيبتي وهيعدوا، متتعبيش نفسك كدا سيبيها ماشية على الله واللي يحصل يحصل، كفاية قهر وتعب نفسي ليكِ انتِ اصلا فيكِ اللي مكفيكِ)
ظلت صامتة تاركة راحتها على كتف أختها حتى بدأت تهدأ خارجيًا، أما داخليًا فداخلها حرب لن يخمدها سواه بقراره النهائي، او قرارها إن كان تزوج بالفعل.
اعتدلت بعد قليل من الوقت ومسحت وجهها بكفيها ونظرت لمريم بإبتسامة شاكرة فقابلتها الأخرى بإبتسامة قائلة
( احم، عايزة اقولك على حاجة بقا مُهمة!)
قوصت سكن حاجبيها بفضول
( حاجة إيه؟)
تنحنحت مريم بتلبك ثم بدأت بسرد ما حدث مُنذ اللقاء الأول بينها وبين يوسف حتى آخر لقاء قائلة
( بصراحة انا حاسة اني مشدودة له، بس مش عارفة بقا ده هيكون في نصيب فعلًا لجواز ولا إيه؟)
ضمت سكن فمها في وضع - البوز - وهي تُفكر قائلة
( بصراحة، يوسف في الشركة شخص كويس وكريم جدًا مع الكل، بس انا مش عارفة نظامه إيه يعني، عمومًا خليه يجي هو واهله ويقابلوا بابا وحازم اخوكِ)
هزت مريم رأسها سريعًا مُجيبة
( ما أنا قولتله كدا أصلًا وهو قالي هيجي بس مستني مني رد يجي امتى)
ابتسمت سكن بلُطف قائلة
( خلاص انا هقول لبابا ان في حد جاي يتقدملك وهحكيله هو مين واشوف رده إيه واقولك تُردي عليه بإيه)
ابتسمت مريم شاكرة
( خلصانة، اشطا اوي
) ابتسمت سكن بعبث وتحدثت بنبرة خبيثة
( ياتي بطة هتجوزي)
قهقهوا سويًا على مناغشتهم تلك وبالفعل في مساء اليوم قصت سكن الحكاية بأكملها على والدها فكان القلق يعتريه كون يوسف " أجنبي" كما قيل واستقبل الموضوع بهدوء واتفق ان يأتي يوسف ويتحدثوا اولًا قبل القرار!
________________________
رنين هاتفها يصدح المكان بصوته فسارعت في خطواتها للغُرفة وأمسكته لتجد المُتصل - سما - تنهدت قليلًا بحرارة ثُم أجابت
( السلام عليكم، ازيك يا سما عاملة إيه وماما وبابا عاملين إيه.... احنا كمان كويسين تسلميلي)
صمتت تستمع لما تقصه سما من بداية ما حدث في كتب الكتاب حتى إختفاء عُمر وتعب والدته خوفًا وقهرًا عليه، بينما الأخرى توسعت حدقتيها بخوف هي الأخرى عليه وارتعش قلبها هرعًا أنه قد يُصيبه شيئًا ما بأختفائه هذا، ابتلعت غصتها بثُقل و أجابت على سؤال سما بهمس قلق وثأثأه في كلامها
( لا،انا معرفش هو فين يا سما، انا... انا اصلا اول مرة اسمع الكلام ده منك... انا... مكنتش اعرف ان كتب الكتاب متمش اصلًا.. بصي اقفلي وانا هجرب اتصل بيه وهخلي حازم يجيبني عندكو عشان ماما)
ثم اودعتها سريعًا واغلقت الإتصال وسارعت بالإتصال عليه ليأتيها " مُغلق " ولكن لفت انتباهها كُثرة الرسائل التي اتتها ولم تَقرأها لتجد واحدة منه مُحتواها
"" انا أسف.. أسف على كُل وجع قلب كُنت انا سبب فيه.. أسف على كُل دمعة نزلتيها بسببي.. صدقيني لو في ايدي كُنت خليتك اسعد إنسانة في الدُنيا دي كِلها.. زي ما هما مبقوش حابين وجودي انا متوقع إنك كمان كرهاني.. بس كُل حاجة كانت غصب عني.. انا مكنتش عايز اوجع حد فيكم او أذي حد فيكم... عارف ان احنا التلاتة دلوقتي متأذيين... بس مافيش حل غير كدا.. ""
كانت دموعها تهبط بغذارة مع كُل كلمة تقرأها منه بقهر.. يجب ان تعثر عليه وتخبره ان كُل ما يقوله ليس صحيحًا وأنها تُحبه كثيرًا وتود اقترابه... لعنت نفسها عندما اخبرته ذلك اليوم انه إن عاد ليُعيدها لمنزله فهي لن تعود ولكن يجب ان يعود وتعود هي الأخرى.
خرجت سريعًا من غُرفتها مُرتدية ملابسها وتحدثت بنبرة سريعة وحزينة لأخاها
( حازم بالله عليك قوم وصلني بسرعة بيت الجماعة) قوص والدها حاجبيه بتساؤل
( في إيه يابنتي؟)
تطالعت إليهم قائلة بعجلة
( هقولكم بس لازم امشي دلوقتي)
ثُم نظرت لريم ابنتها قائلة بحنو
( حبيبتي هتفضلي مع تيتة وخالتو مريم لحد ما ارجع اوك؟)
هزت الصغيرة رأسها بطاعة ثُم خرجت أمام أخاه إلى السيارة وتبعها هو الآخر وقاد سيارته ثم تساءل برهبة
( في إيه يا سكن؟)
اجابته بخوف شديد
( في مشكلة حصلت امبارح وعمر مكتبش كتابه على سارة وحصلت مشكلة بينه وبين حمايا، وعمر سايب البيت من امبارح ومحدش يعرف مكانه!)
همهم حازم بتفهم
( ممكن يكون محتاج يكون لوحده اهدوا عليه واكيد هيكلكم ياحبيبتي!)
هزت رأسها بإيجاب متمنية ذلك وبالفعل ماهي إلا دقيقتين ووصلت إلى منزلهم ليقول حازم
( لو في اي حاجة اتصلي عليا تمام؟)
ابتسمت له شاكرة ثم ترجلت من السيارة إلى المنزل سريعًا ووضعت يدها على زر الجرس حتي فتحت لها سما بـ لهفة مُعتقدة انه عُمر ولكن حل على ملامحها الأسى عندما وجدتها سكن فقالت مُرحبة ( سكن.. ادخلي ادخلي)
دلفت للمنزل مُتسائلة عن حماتها فأخذتها سما للغرفة وجلست جوارها تهدء روعتها وان آتينا للحق فهي من تحتاج للتهدئة اكثر...
_________________________
حل صباح يوم جديد والقلق يعتري الجميع والجميع يتصل به فيأتيهم ' مُغلق ' ظلت سكن جالسة بشُرفة غُرفته، مكانه المفضل وايضًا في اخر فترة كان مكانها المُفضل، تنتظر صدور صوت سيارته حتى يطمئن قلبها ولكن لا حياة ولا اطمئنان، ظل يدور في رأسها اماكن قد يكون متواجد بها حتى خطر على بالها " المزرعة " لم تنتظر فُرصة للتفكير بل اخذت هاتفها واتصلت على اخاها تخبره ان يأتي ليأخذها للمزرعة، وبالفعل خلال دقائق كان امام المنزل وخرجت بعد ان ودعت الجميع بأنها ستذهب لساعات وتعود، ادلته على الطريق حتى وصلوا إلى المزرعة.. هبطت من السيارة تنظر لسيارة عُمر حتى شعرت بخفقان سريع في قلبها كـ من فقد ابنه وعثر عليه وها هو سيُقابله بوفرة كبيرة من الحنان البالغ والاشتياق المُفرط، وجهت نظرها لحازم قائلة باستئذان منه
( حبيبي شكرا انك وصلتني ووقفت معايا، عُمر كدا موجود هنا، روح انت وانا هبقا اكلمك اطمنك)
تنهد بإيجاب ثُم اقترب منها يُعانقها بحنان قائلًا
( ماشي، خدي بالك من نفسك)
بادلته العناق في حُب ثم ابتعد وغادر بينما هي دلفت للمنزل لتجده يجلس عند الباب الخلفي شارد في البُحيرة الصغيرة مع الأزهار الكثيرة، غير واعٍ لوجودها او الشعور بها حتى، فأيقنت انه في ذروته من الشرود، اقتربت منه ووقفت امامه فأخفت النور من أمامه ليُقابله وجهها الحزين المُعاتب، انتصب في وقفته يُطالعها مُتسائلًا
( انتِ عرفتي مكاني منين؟)
اجابته بسؤال مُماثل
( ده اللي همك؟ عرفت مكانك منين وسايب الكل قلقان والدنيا مقلوبة عليك؟)
قلب عينيه وابتعد من أمامها للداخل قائلًا
( محدش قلقان ولا حاجة يومين وهتلاقيهم رجعوا لحياتهم الطبيعية انا ولا حاجة بالنسبالهم اصلًا)
سارعت في خطواتها حتى وقفت أمامه مرة أخرى قائلة بصريخ
( فوق انت في إيه ياعُمر في دماغك، ماما تعبانة وهتموت من القلق عليك فالبيت وبابا وسما، ياخي لما تحب تختفي قولنا على مكانك حتى، كل اللي حصل مش مبرر يخليك تمشي كدا يا عُمر)
تسارعت في حديثها بحزن بالغ والدموع بدأت تتجمع في مقلتيها قائلة
( أنا كمان قلقت عليك.. خوفت اوي وكنت هتجنن وقلبي وجعني..)
كان ينظر داخل عينيها بجمود ولكنه لم يمنع لمعة عينيه الحزينة والمُتأثرة بحديثها من الخروج وتحدث بحزن واضح
( حتى لو رجعت، انا معنتش هعيش معاهم في نفس البيت، هتأجر شقة اقعد فيها واشتغل)
امسكت كفيه بين كفيها في حنان مُتسائلة ( وانا؟ وريم؟) ابتلع غصته بضعف أمام تساؤلها الذي اكملته ( عايز تسيبنا؟)
ظل لثوانٍ ينظر داخل عينيها ثُم أبعد نظره
( انتِ معنتيش عايزة تعيشي معايا وانا....)
لم يُكمل كلامه بسبب الصدمة التي القتها في وجهه في تصريح
( انا حامل منك... هتسيب ابنك؟)
توسعت حدقتيه وهو ينظر لعينيها بفم فاره وملامح مصدومة، أقالت حامل؟ أكملت بهدوء عكس العاصفة التي داخلها وتود اخراجها به الآن ولكن ليس وقتهِ
( عرفت من يومين ومكنتش قادرة اقولك إلا لما أشوف هتعمل إيه مع سارة)
تركت يده وقالت بهدوء
( اعمل اللي انت عايزو بقا، انا همشي)
امسك يدها وجذبها نحوه قائلًا
( ماشية فين، مافيش مشيان بس اهدي...)
ثُم صمت يستجمع ما يقول ثُم سألها وهو يضيق عينيه يستجوبها
( بجد... بجد انتِ حامل وكدا؟ )
زفرت قائلة بتأكيد
( اومال هضحك عليك مثلًا)
أكد على كلامها قائلًا
( لا لا مش بتضحكي عليا)
ثم ابتسم فتلى الإبتسامة قهقه بسيطة ثُم ضحكة عالية سعيدة قائلًا
( انا مش مصدق.. حاسس اني بحلم)
ثُم أكمل
( هبقى اب، وهيبقى عندي ابن ومن اللي بحبها)
بعد تصريحه بحبه لها أبتسمت بخجل وهي تنظر داخل عينيه تستكشف كمية السعادة الظاهرة بالفعل في عينيه بـ لمعة متوهجة وابتسام ملامحه السعيدة، بادرت قائلة
( ارجع البيت عشان خاطري يا عُمر ويلا نبدأ من الأول، انا وانت وريم وابننا، نبدأ كمان مع الكل بصفحات جديدة مع سما وبابا وماما والكل، خلينا نعيش بقا حياة مُستقرة عشان انا تعبت اوي من اللي حصل الفترة اللي فاتت)
أبتسم واقترب منها يُعانقها بقوة قائلًا
(هنعيش اوعدك.. وهنبقى اسعد عيلة)
أبتسمت بسعادة وهي تُبادله العناق لدقائق تقريبًا ثُم ابتعد وطوق وجهها بين يديه في حنان مُقتربًا من وجهها هامسًا أمام شفتيها
( انا بعشقك، بعشقك أوي)
ثم التهم شفتيها في قُبلة شغوفة تُعيد المشاعر داخلهم وتسترجع مراسم الحب من جديد في قلب كليهما للبدء من جديد كما قال ووعدها.
_______________
هرولت إلى غُرفة والدتها سريعًا وهي تقول بأسارير مُفرحة
( سكن كلمتني وقالتلي انها عرفت مكان عُمر وهو معاها دلوقتي وخلال ساعة هيكونوا فالبيت!)
شقت الإبتسامة بأمل على محياها وهي تقول
( الف حمد وشكر لله، الحمدلله يابنتي)
ثم كففت دموعها التي لم تتوقف خوفًا على ابنها.. سمع والدها الأخبار وتنهد بهدوء مُتجهزًا للمقابلة والحديث بينه وبين عُمر.
بالفعل ما هي إلا ساعة حتى دلف للمنزل وممسك بيد سكن فأستقبلته والدته بالأحضان وهي تُعاتبه ببكاء
( ليه كدا يابني تعمل في قلبي كدا وتخوفني عليك، حمدلله على سلامتك ياحبيبي)
بادلها العناق وابتعد يُقبل رأسها ويديها قائلًا
( متخافيش يا امي انا كويس، كفاية عياط عشان خاطري)
مسحت دموعها سريعًا مُستجيبة
( حاضر يابني، بس متعملش كدا تاني بالله عليك)
اجابها بخنوع ثُم وجه نظره لوالده الذي بادر بالحديث قائلًا
( حمدلله على سلامتك ياعمر)
اقترب منه عمر وامسك يديه يقبلها مجيبًا بهدوء ( الله يسلمك يابابا)
جذبه والده يحتضنه قائلًا بنبرة حزينة
( سامحني يابني والله ما كان قصدي اعمل فيك كدا.. مكنتش متخيل انك شايل مني كدا سامحني)
احتضنه عمر واردف ببساطة
( متقولش كدا يابابا، اللي تؤمر بيه.. انت كبرتني وخليتني راجل.. متقولش كدا)
ثم قبل رأسه مبتسمًا ليقول محمود باعتزاز
( فعلًا انا ربيت راجل، ربنا يحفظك ويخليك لينا يارب)
اتت سما سريعًا واحتضنته ببكاء قائلة
( خوفتني عليك يا عمر..)
بادلها العناق بمشاكسة قائلًا
( بجد.. انتِ مبتخافيش غير على جاسر بس يابتاعت جاسر)
دفعته بغيظ وهي تنظر له ثم مسحت دموعها وكأنها لم تكن تبكي
( تصدق انك كنت ومازلت وهتفضل كلب وندل)
قهقه بعبث وجذبها يحتضنها مرة أخرى قائلًا
( انت قلبي انت يا عسل)
ابتسمت بحب بينما هو وجه نظره لسكن فوجدها بين احضان والدته تنال نصيبها فأبتسم برضا على ذلك المشهد الدافئ الذي حل سريعًا على عائلته فأدفئ قلوب الجميع بطمأنينة وامل وحنان.. وحب كبير...
__________________
مر يومان على تحسن العلاقات بين العائلة وعودة سكن وابنتها للمنزل بعدما ذهب عُمر واخذهم بنفسه كما وعدها، في مساء هذا اليوم سيأتي يوسف مع عائلته لطلب يد مريم.. كانت مريم مُتوترة ومعها في الغُرفة سما وسكن.. كانت تنظر لهم بتوتر فزفرت سما بحنق
( بت انتِ فين لسانك اللي طوله عشرين متر، ما تهدي كدا ده جاي يتقدملك مش ليلة دُخلتك هي عشان تبقي متوترة كدا)
اغاظتها سما بحديثها فألقت في وجهها وسادة صغيرة قائلة بغيظ
( قومي امشي يابت من هنا.. اوف انا متوترة)
قهقهت سكن قائلة
( خلاص بقا ياحبيبتي متتوتريش.. اهدي كدا وان شاء الله خير وانتِ أصلًا قمر كدا)
أبتسمت لها مريم بشكر فكانت ترتدي فستان من اللون الازرق الغامق بحجاب من اللون الرصاصي يُعطي لوجهها جمالًا اخاذ، ظلوا على هذا الحال حتى سمعوا صوت جرس المنزل وصوت يوسف وعائلته والترحيب المُقام بالخارج من قِبل والدها وحازم وعُمر معهم.. كان الموجود يوسف وجده ووالدته.. وبعد انتهاء الترحيبات بدأ الجد في الحديث بلهجة مصرية أصيلة قائلًا
( يشرفنا أننا نُطلب ايد الآنسة مريم بنت حضرتك لحفيدي يوسف على سُنة الله ورسوله)
ابتسم والدها بترحيب بكلامه قائلًا
( يشرفنا احنا طبعًا يا حج)
ابتسم يوسف وجده بينما الثلاث فتيات يقفن عند باب الغرفة ويستمعون للكلام بفضول والقلق يعتري مريم فقط..
اكمل الجد الحديث قائلًا
( يوسف حفيدي، ابن بنتي ، اتولد وعاش برا مصر وانا اللي ربيته على ايدي هناك تربية مصرية.. انا بقولك كدا عشان جاي عارف ومتأكد ان قلقان من حتة انه واد اجنبي مثلًا...)
تنحنح - اشرف - قائلًا
( إن جينا للحق، فأنا فعلًا كنت قلقان)
تنحنح يوسف بإبتسامة مُهذبة
( متقلقش ياعمي، انا مافيش فيا اجنبي.. غير لهجتي المتكسرة بس)
ثم قهقه وقهقه الجميع معه ليقول حازم بمزاح
( لا ماهو واضح عاللهجة اللي انت مكسرها خالص)
ابتسم اشرف مسترسلًا في الموضوع المهم
( والله الرأي رأي مريم في الأول والآخر وبعد كدا كل حاجة والاتفاقات دي شكليات بالنسبالنا، اهم حاجة عندي مريم متتهانش او تزعلها في يوم، صدقني هتلاقي مني وش تاني)
أبتسم عُمر مُضيفًا
( حمايا عنده بناته خط احمر فخد بالك بقا يايوسف ها!)
ابتسم يوسف قائلًا بلُطف
( مريم في عيوني وانا مش هعمل حاجة غير اني ارضيها واسعدها)
حاول تجميع الكلام حتى يفهموه فأومى اشرف لزوجته قائلًا
( هاتي مريم يا حجة)
اومأت له ثم توجهت للغرفة وخرجت ومريم معها تُخفض بصرها بخجل وتمسك في يديها صينية تحمل عليها فناجين القهوة.. اقتربت من الجد لتقول بأدب
( اتفضل)
ابتسم الجد بأندهاش لذوق يوسف في تنقية هذا الجمال قائلًا
( ماشاءالله ربنا يحفظك يابنتي)
ابتسمت بخجل أكثر واعترت الحمرة وجهها ثُم توجهت لوالدته التي تغزلت بها ورحبت بها ثُم اليه وأشارت على فنجان قهوة مُعين فأخده مُبتسمًا بعشق ثم التفتت إلى البقية تُعطيهم العصير وجلست جوار اخاها واباها، وهي تنظر لهم تارة والي الأرض بخجل تارة فسألها والدها قائلًا
( إيه رأيك يابنتي؟ موافقة ولا إيه؟)
صمتت قليلًا تنظر لهم جميعًا ثم لـ يوسف قائلة بخجل
( اللي تشوفه يا بابا!)
قهقه الجد بفرح قائلًا
( يبقى على بركة الله نقرأ الفاتحة)
ابتسم هو بسعادة وابتسمت له بخجل ورفعوا جميعًا أيديهم يقرأوا الفاتحة وانتهوا وبدأ كُل منهم يشرب مشروبه بينما هو رفع فنجان القهوة لفمه واخذ رشفة وابتلعها على مضض ثُم بدأ يسعل فظهرت على محياها ابتسامة خبيثة بعبث مشيرة بعينيها ان يُكمل الفنجان بينما هو يُضيق بعينيه يتوعد لها، تلك المشاكسة التي طالما ابهرته بكل الطُرق في استفزازه... كاد ان يضع الفنجان ولكن قالت والدتها سريعًا
( اخص عليك يا يوسف هتسيب قهوتك كدا، اشربها ياحبيبي.. دي حتى مريم اللي عملاها بايديها)
تنحنح بأرتباك
( بجد مريم.. وانا اقول القهوة Delicious ليه ؟)
ابتسمت والدتها
( بالهنا والشفا.. اشربها يلا)
اخذها بأحراج وبدأ يشرب رشفة رشفة ويسعل بين الرشفة والأخرى فأنتبه الجميع لذلك ليسأل والدها بتساؤل
( مالك يابني هي القهوة فيها حاجة ولا انت مبتحبهاش اصلا؟)
وضع القهوة سريعًا منتهزًا الفُرصة
( بصراحة مريم حطالي فيها ملح.. هتجبلي مغص معوي)
توجهت الأنظار جميعها لمريم التي شهقت بصدمة بعدما اعترف بالحقيقة أمام الجميع وفضحها هكذا فقالت بتيه
( ها.. انا.. انا كنت بهزر معاه)
ثم نظرت له فوجدته يبتسم بعبث مثلها فضيقت عينيها مثله ليقول
( قبلت هزارك بس متعمليهاش تاني عشان انا مش قد بهدلة)
نظرت له بضيق وهي تتحدث بدون صوت قائلة ' نينينيني' فأبتسم بمشاكسة فهي بدأت وهو قلب الطاولة عليها .. بعد قليل من الوقت والاتفاقات التي انتهت بسلاسة لتفاهم الطرفين خرجوا سويًا لحديقة المنزل امام انظار الجميع لتقول بحنق
( فضحتني!)
فقال هو الآخر
( وانتِ كنتِ هتموتيني بالقهوة دي، حد يعمل كدا في حد)
هزت رأسها بإيجاب
( الاتراك والعرسان بيشربوا القهوة دليل على الحُب)
ثُم مثلت الحُزن وقوصت شفتيها قائلة
( ودليل انهم عايزين يكملوا.. وانت مكملتش ولا بتحبني ولا عايز تكمل صح.. قول قول؟)
ضرب كف بالآخر قائلًا بحسرة
( ربنا يصبرني، اتهدي شوية بقا.. بعدين انا شربتها كلها وهيجيلي مغص دلوقتي يا هموت يا هتسمم وهموت برضو)
تحدثت بثقة وانفها مرفوع
( فدايا!)
ابتسم بخبث قاصدًا اخجالها
( ماشي يا مريم.. نكتب الكتاب بس وانا هرد عالكلام ده بأفعال عشان مبحبش ارد بكلام)
اخجلها الوقح بحديثه فأحمرت وجنتيها سريعًا وكادت أن تتحدث لكنها فضلت الصمت بخجل واضح وابعدت وجهها عنه للجهة الأخرى مُكتفية بإبتسامة عريضة.. ليبتسم هو ثُم بدأ في تغيير مجرى الحديث....
____________________
في الداخل كانت تجلس في غُرفة مريم تتحدث معه في الهاتف لتُراضيه بسبب فقدان ذاكرتها الكثير دون مبرر.. فهي نست تمامًا ان تخبره انها في منزل سكن لخطبة اختها مريم بسبب ازدحام اليوم ... كانت تستمع لحديثه الغاضب قائلًا
( سما دي مش اول مرة تعمليها اصلًا، ذاكرة سمك دي ولا ايه؟)
تنهدت مجيبة
( والله بجد نسيت واتشغلت وكل ما اقول هتصل عليه اقوله اروح اعمل حاجة وانسى!)
اجابها بأختناق قائلًا
( تمام يا سما.. انا هقفل عشان راجع من الشغل قرفان وعايز انام..)
برزت شفتيها السفلية وظلت صامتة لا تعلم ماذا تقول ولا تريد انهاء المُكالمة.. سمعت تنهيدته فهو حفظ عادتها وحركاتها ليتسائل بنفاذ صبر
( اعمل إيه دلوقتي؟)
فأجابته سريعًا ببساطة
( متزعلش الله يخليك حقك عليا ياحبيبي)
عند كلمة ' حبيبي' التي اوقفته وانسته الشجار الذي كان ينوي عليه والنكد الكثير.. لكنه تنحنح قائلًا
( فاكرة يعني اني هتراضى بكلمة حبيبي دي؟)
ابتسمت بعبث قائلة
( اه طبعًا حبيبي وحياتي كمان.. ومش عايزاك تزعل عشان انا بجد نسيت يا جاسر..)
صمتت ثُم اكملت بعد ثوانٍ
( ها ياحبيبي اتراضيت؟ !)
توتر وتنحنح لكمية الكلام المعسول لكنه استجمع نفسه
( انا بعشقك.. ومش زعلان منك.. بس انا هعاقبك عالنسيان ده بطريقتي لما نتجمع انا وانت في بيت واحد كدا ياجميل!)
قلب الطاولة فوقها واخجلها وهي من ربع كلمة تخجل لحدٍ كبير.. فقالت بتلبك
( اه.. ان شاء الله بقا.. روح نام عشان انت تعبان...وانا.. اه انا هطلع اشوف سكن كدا ومريم وبعدين اروح انام.. ماشي!)
قهقه على سُرعتها في الحديث بسبب الخجل فأجابها
( خلاص ماشي.. كلها يومين ونكتب الكتاب وتبقي بتاعتي ومراتي!)
ابتسمت بخجل أكثر قائلة
( ان شاء الله ياحبيبي.. تصبح على خير)
ثُم ودعته واغلقت الهاتف ووضعت يديها فوق قلبها بخجل مُفرط لحديثه ولسعادتها في انتظار ذلك اليوم بشدة...
_________________
كانت في غرفتها تُجهز بعض الأغراض بأنشغال فأحست بمن يحتضنها ويحتويها من الخلف، تعلم المصدر جيدًا من رائحته وقربه فأبتسمت بحب والتفتت له تنظر بحب قائلة
( إيه ياحبيبي؟)
كانت يديه تحاوط خصرها وابتسم لها قائلًا ( وحشتيني)
قهقهت سكن بدلال ثم اقتربت منه وقبلته على خده قائلة
( وانت كمان وحشتني ياعمر)
عبس وبدأ يُصحح لها قُبلتها
( البوسة مبتبقاش كدا ياروحي)
ثم اقترب بوجهه منها وقبلها في حُب ورقة وابتعد قليلًا قائلًا
( كدا البوسة هفضل اعلمك لحد امتى؟)
ابتسمت بخجل وقامت بضربه على صدره برفق
( انت قليل الادب.. انا لا)
( تؤ تؤ وانتِ كمان لازم تتعلمي قلة الادب مينفعش مؤدب مع قليل أدب)
ثم سار بها للخلف حتى اصطدمت بالحائط بالخلف وهو التصق بها من الأمام لتشهق قائلة
( بتعمل إيه.. ممكن حد يدخل علينا دلوقتي!)
هز كتفه بلا مبالاة قائلًا
( ما اللي يدخل يدخل.. واحد وزانق مراته في الحيطة إيه فيها إيه دي؟)
كادت ان تتحدث ولكنه اقترب وقبلها مُجددًا قبلة سريعة تلاها اخرى سريعة وازدادوا لخمس قُبلات.. بينما هي ثابتة لا تتحرك تُغمض عينيها وتستمتع بمطر القُبلات هذا عليها.. تنفسها يزداد شيئًا فشيئًا وصدرها يعلو ويهبط من علو تنفسها... ابتعد قليلًا ومرر جانب وجهه إلى جانب وجهها ثُم همس في اذنها قائلًا
( انا بعشقك اوي... انتِ كل حاجة بالنسبالي وانا مقدرش اعيش من غيرك.. وزي ما بيقولو وراء كُل رجل عظيم إمرأة.. انتِ هي.. انتِ عظيمة وانا عظيم بيكِ.. ووعد مني إن مافيش يوم هخليكي نايمة زعلانة مني او في حاجة ما بينا..)
ثُم قبلها جوار اذنها فأبتسمت هي بعشق ودمعت عينيها لحديثه فعانقته سريعًا وبقوة قائلة
( انا بحبك اوي.. وانا متأكدة انك عمرك ما هتزعلني ابدًا... انت كل حاجة ليا!)
بادلها العناق وابتسم بحب.. وداخله يغمره السعادة لاكتمال هذه العائلة اخيرًا ويسعده انه يعيش الآن مع من يحبها قلبه ويهوها.
لم تكتمل الرومانسية بسبب اقتحام الغُرفة من الصغيرة ريم وسما معها.. ابتعدوا قليلًا فتنحنحت سما بأحراج
( انا كنت بدور عليكوا انا وريم.. بتعملوا إيه ؟)
رد بفظاظة
( بحضن مراتي فيها إيه دي؟)
تنحنحت سكن وهي تسكته
( عمر.. بس..)
ثُم نظرت لسما مبتسمة بخجل ثُم للصغيرة التي تحدثت بغيرة قائلة
( ومش بتحضني زي مامي ليه؟)
قهقه بخفة واقترب منها يحملها ويحتضنها بدلال قائلًا
( احضنك اهو ياقلبي)
قهقهت ريم بدلال وبادلته مع قهقة سما وسكن..

يتبع للخاتمة🤍

أصابك عشقٌWhere stories live. Discover now