إبتسامة مزيفة! 💔

812 74 4
                                    

25/6/2021
إسكريبت "إبتسامة مزيفة"
بقلم/ سارة بركات
تجلس فى الحافلة وتنظر إلى هاتفها بشرود وحزن تنتظر رسالة نصية أو مكالمة هاتفية منه لعله بذلك الفعل يريح قلبها الذى أهلكه بُعده وجفاه، لو كان علم فقط بما حدث لها بعد أن تركها وحيدة لكان رأف بحالها وعاد إليها مرةً أخرى .. إستفاقت من شرودها على شخص يناديها ونظرت إليه بعدم استيعاب كأنها كانت غائبة عن العالم ...
؟؟:" يا آنسة ممكن تدخلى جوا؟"
نظرت له بعدم فهم ومن ثم نظرت حولها فى الحافلة وجدتها قد امتلأت وتبقى مقعدٌ واحد فقط فارغ وهو الذى بجانبها ..
مي بتوهان:"أنا آسفة اتفضل."
جلست على المقعد الفارغ وتركت له مقعدها أما هو عكف حاجبيه بإستغراب لحالها ثم تنهد وجلس على المقعد بجانبها تاركًا مساحة بينهما ووضع حقائب سفره بجانبه على أرضية الحافلة وأمسك هاتفه وأخذ يبحث عن رقمها وما أن وجده حتى تهللت أساريره وقام بالإتصال بها وبعد عدة رنات ..
؟؟؟ بصوت عالٍ وإبتسامة واسعة كأنه فى بيته:"روح قلبى."
إنتبهت مي لنبرة صوته المليئة بالبهجة و لإبتسامته أيضًا وإبتسمت دون إرادة منها وما أن إنتبهت لنفسها حتى عاد الحزن مرة أخرى فى ملامحها ...
؟؟:" بصى بقا ياست الكل جهزى البطة والمحشى عشان خلاص أنا ميت من الجوع وعلى آخرى يعنى هفترسها لما أوصل علطول."
والدته:" يابنى كل إللى انت عاوزه، خير ربنا كتير .. قدامك قد إيه يا حبيبى؟"
نظر حوله لعله يرى من خلال النوافذ أين هو ولكنه لم يعلم جاءت عينيه على تلك الفتاة التى تجلس بجانبه وتنظر إلى هاتفها بشرود كأنها تنتظر أحد ثم انتبه عندما نادته والدته ...
والدته:"هيثم أنت معايا؟"
هيثم:" اه معاكى، بصراحة مش عارف تحسينى نسيت مصر هاهاها."
والدته:"ماتسأل سواق التاكسى يابنى."
هيثم:"ماهو إنتى معرفتيش إللى فيها، مكنش فى تاكسى فاضى كله كان مليان وأنا من جوعى ركبت من عند المطار أوتوبيس خرجنى بره منطقة المطار وهناك أخدت أوتوبيس الشعب."
والدته بتعجب:" ليه البهدلة دى يابنى؟؟؟"
هيثم:" ولا بهدلة ولا حاجة."
والدته:"طب إسأل أى حد قدامك قد إيه؟"
نظر هيثم للفتاة الجالسة بجانبه وإبتسم بهدوء ..
هيثم:" لو سمحتى يا آنسة."
انتبهت مي لذلك الشاب الذى يجلس بجانبها ونظرت إليه بإستفسار..
هيثم بإبتسامة هادئة:"قدامنا قد إيه على ما نوصل ل ***."
نظرت مي إلى الطريق ثم نظرت إليه مرة أخرى ..
مي بهدوء:" ساعتين."
عكف هيثم حاجبيه من الوقت الكبير ..
هيثم بعفوية ودهشة:"نعم!! ليه كل ده؟""
إندهشت مي لطريقة تحدثه معها ..
مي:" حضرتك الطريق زحمة وبالشكل ده هيوصل بعد ساعتين."
كان صوت والدته مسموع على الهاتف ..
والدته:"واد يا هيثم."
هيثم مجيبا عليها بحنق:" أيوه يا أمى قدامى ساعتين بحالهم."
والدته بشهقة:" ليه كده؟"
هيثم:" الطريق زحمة."
والدته:" طب يابنى لو شوفت تاكسى وإنت فى الاوتوبيس إنزل منه وروح اركبه أسهل.."
هيثم:" إن شاء الله."
والدته:"خد بالك من نفسك يا حبيبى، أنا مستنياك."
هيثم:" حاضر يا حبيبة قلبى."
أنهى مكالمته الهاتفية ونفخ بضيق ناظرًا أمامه بحنق بسبب الجوع الشديد الذى يشعر به .. فتح هاتفه مرة أخرى لعله يقوم بإلهاء نفسه ولكنه لم يجد به شئ مفيد .. أغلق هاتفه ونظر حوله محاولًا البحث عن سيارة أجرة فى ذلك الطريق الذي يعج بالسيارات والحافلات ولكنه لم يجد .. جاءت عينيه على تلك الفتاة التى تنظر لهاتفها، أمال رأسه بتفكير محاولًا تحليل ما تفعله، فهى منذ أن صعد على الحافلة وهى تنظر لهاتفها فقط .. تنتظر وتنتظر... تنهد بعمق ثم تحدث وهو ينظر أمامه ..
هيثم:"مش هيتصل."
إنتبهت مي لذلك الشاب الذى يتحدث إليها ولم تستوعب ما قاله .. فظهرت ملامح الاستفهام عليها ... نظر هيثم إليها لاحظ ملامح الاستفهام .. إبتسم متحدثا بهدوء ..
هيثم بتكرار:"مش هيتصل."
مي بعدم استيعاب:"حضرتك بتكلمنى أنا؟؟!!"
نظر حوله ثم نظر إليها ..
هيثم بإستفسار:"أومال هكون بكلم مين؟"
لم تجبه وعادت تنظر إلى هاتفها مرة أخرى بوجه حزين تنتظره..
هيثم:"عيونك هتوجعك من كتر مانتى باصة للموبايل وصدقينى مش هيتصل."
نظرت إليه مرة أخرى ولكن بملامح كلها غضب من تدخله ...
مي:" وانت مالك إنت؟؟ إنت مين أصلا عشان تتدخل فى حياتى؟؟ وبعدين إنت تعرف منين إنه مش هيتصل؟؟ هاه؟؟؟ هو *تحدثت بغصة* هو بيحبنى وقال إنه هيفضل معايا .. هو بس أكيد مشغول اه مشغول .. هو مسابنيش ولا راح خطب غيرى.. كل دى إشاعات أنا عارفة كويس، كتير أوى كانوا بيكرهونا ومش بيحبولنا الخير وعايزين يفرقونا .. بس لا إحنا حبنا أقوى من كده .. هو يمكن .... يمكن.."
لم تستطع أن تُكمل لأنها بدأت تجهش بالبكاء ..
أما هيثم كان ينظر لها بدهشة لحالها الذى وصلت إليه .. لم يكن يقصد أن يُبكيها أبدًا .. نظر هيثم حوله وجد أن من حولهم لم ينتبهوا لصوتها نظرا لأصوت السيارات و الحافلات حولهم فى الزحام ثم نظر لها مرة أخرى..
هيثم بهدوء:"عيطى."
نظرت إليه بإستفسار ...
هيثم بإبتسامة هادئة:"عيطى .. عيشى حزنك."
إنتبهت أنها كانت تبكى فى الحافلة مسحت على وجنتيها ثم إعتدلت فى جلستها بإحراج من ذلك الأمر .. تنهد ثم نظر أمامه وبعد دقائق إنتبه عندما تحدثت ..
مي بشرود:"هو أنا وحشه؟"
عكف حاجبيه ثم نظر إليها وجدها تنظر إليه بإستفسار ...
مي بتكرار وكادت أن تبكى مرة أخرى:" أنا وحشة؟"
تأملها هيثم قليلًا ... كانت فتاة جيدة المظهر، محجبة، ملامحها بريئة خالية من مساحيق التجميل .. سوداويتيها المليئتان بدموعها .. أنفها المحمر بسبب بكائها .. تحدث بهدوء..
هيثم:"مافيش بنت مش حلوة."
مي بإستفسار وعدم فهم:"طب ليه حصلى كده؟ ليه سابنى بعد ما عافرت عشانه أربع سنين؟؟، أنا كنت برفض كل العرسان إللى بيتقدمولى عشانه، حاربت أهلى عشان يوافقوا عليه وفى الآخر وافقوا بعد صعوبة بس عشان بيحبونى ... ماطلتبش شبكة قولتله إللى يقدر عليه ماحبتش أجى عليه ولا اخلى أهلى ييجوا عليه .. إستحملت إللى مافيش واحدة تستحمله .. قلة إهتمام .. عصبيته إللى مالهاش آخر .. خناقاته معايا على أتفه حاجة .. كنت بتأسف على حاجات أنا ماكنتش غلطانه فيها، كان هو إللي غلطان بس بيجيب الغلط عليا .. كان بيكذب كتير بس كنت بعدى عشان مايبقاش فى بينا مشاكل .. جه بعد ده كله قالى أنا مش مرتاح معاكى إنتى فى طريق وأنا فى طريق .. أنا فى الأول كنت فاكراه بيهزر بس ....*تحدثت بشهقات*...بس خطب بعدها بأسبوع .. بقالى سنة مستنياه يكلمنى يقولى إنه بيعاقبنى بس عشان أعرف غلطى إللى لحد الآن معرفوش .. ممكن تجاوبنى على كل الأسئلة دى .. ليه؟"
هيثم وهو ينظر داخل عينيها:" عشان هو ميستاهلكيش."
كادت أن تتحدث ولكنه قاطعها ..
هيثم بتأكيد:" ميستاهلكيش، إللى تتحدى الدنيا عشان واحد وميقدرش ده ميستاهلهاش ... إللى يخطب واحدة بعد تنازلات منها بس وزى مايكون صدق وكمل على كده ميستاهلهاش .. إللى ميهتمش بالبنت إللى معاه ميستاهلهاش .. إللى ميحتويش البنت إللى معاه ميستاهلهاش .. إللى يبقى السبب فى الدموع دى ميستاهلش .. هو مكنش يستاهل من الأول."
مي:"حضرتك شايف كده؟"
هيثم:" اه حضرتى شايف كده .. وبعدين بصراحة لو كان فى بنت فى حياتى كنت خليت الضحكة متفارقهاش لإنها تستاهل تضحك، تستاهل أدلعها وأطبطب عليها بمعنى إنى أعاملها كإنها بنتى وأختى .. ومن المعاملة إللى هتشوفها منى مش هتبقى شايفة غيرى أنا بجيث إنها لما تبقى واقعة فى مشكلة هتلجألى أنا عشان أساعدها متلجأش لحد تانى ... يعنى من الآخر هو ميستاهلش."
مي بإستيعاب:"أيوه حضرتك صح، بس أكيد أنا برده غلطانة، ممكن أكون زعلته  من غير ما أقصد و....."
قاطعها هيثم:"برده بتبررى بعد إللى قولتهولك؟؟؟ فلنفرض إنك غلطانه .. فانتى غلطانة إنك سلمتى قلبك لواحد ميستاهلش وحبتيه من غير ما تحكمى عقلك فى كل حاجة هو بيعملها .. كنتى ماشيه ورا قلبك الطيب."
صمتت مي قليلاً تحلل ما قاله هيثم ناظرة إليه تستشف الصدق من كلامه ...
هيثم بإبتسامة:"ممكن تمسحى دموعك؟"
قامت بهز رأسها وعلى الفور مسحت دموعها وصمتت قليلا ثم تحدثت بإحراج وخجل ظاهر لتفهمها أنها تتحدث فى أمورها العاطفية مع شاب غريب لاتعرفه ...
مي:" أنا آسفة بسبب إنى تعبت حضرتك معايا، أنا بس كنت هتخنق من كتر التفكير وماصدقت فضفضت."
هيثم بإبتسامة هادئة:" مافيش مشكلة.. سعيد إنى كنت الإنسان إللى إنتى فضفضتيله."
إبتسمت إبتسامة خفيفة أشرقت وجهها ...
هيثم:"أيوه كده إضحكى، مفيش حاجة تستاهل، وبعدين إنتى اسمك إيه؟ أنا لحد الآن معرفش إسمك."
مي بهدوء:" اسمى مي."
صمت هيثم قليلا ثم...
هيثم بهمس لنفسه:"مي."
تنهد هيثم تنهيدة بسيطة و نظر أمامه وتفاجأ بأن الحافلة تحركت منذ مدة و الإزدحام قد قل بشكل كبير .. تنهد بإرتياح ثم نظر نحو مي وجدها تمسك بحقيبة صغيرة بها شطيرة تسمى "باتيه" وتقدمها له ..
مي:"حضرتك جعان ما أكلتش."
هيثم بإبتسامة:" لا شكراً بس خلاص هانت هروح وآكل علطول."
مي:" حضرتك طيب اتفضل سد جوعك لحد مانوصل."
هيثم بمزاح:" أنا ملاحظ إنك بتقوليلى حضرتك أنا مش كبير للدرجادى يعنى ده أنا 34 سنة بس ماتقوليش حضرتك بس قوليلى يا عمو."
قهقه هيثم وضحكت مي ضحكة خفيفة أبرزت معالم وجهها الجميل بوضوح ...
مي:"حضرتك مش كبير للدرجادى، وبعدين أنا عندى 27 سنة فرق السن مش كبير .. وبلاش تغير فى الكلام اتفضل كل."
تنهد هيثم بإستسلام وقام بأكل "الباتيه" و لم تخلو تلك الرحلة من حديثهم وضحكاتها التى هو سببًا فيها ..
مي بإستفسار وحيرة:"يعنى حضرتك رجعت من دبي عشان تستقر فى مصر و لا جاى زيارة؟"
هيثم:"لا أنا جاى زيارة لوالدتى عشان هى وحشانى."
مي بإستفسار مع إستغراب:"طب ليه ما أخدتهاش معاك؟"
هيثم بتنهيدة:"هى رفضت، قالت إنها مبتحبش الغربة، بلدنا أحسن بكتير مهما كان الحال فيها عامل إزاى .. محبتش أزعلها .. وبعدين هى مش لوحدها خالتى معاها دايما بتزورها علطول يعنى، أنا بس إللى مش موجود."
مي:"مفكرتش طيب تستقر هنا وتفتح مشروع؟"
هيثم وهو ينظر إليها:"بفكر فى الموضوع ده، لسه بدرسه يعنى لإنها كلمتنى فى كده برده."
مي بإبتسامة هادئة:"بالتوفيق."
مر الوقت حتى جاءت وجهة هيثم .. إستقام من مقعدة وأخذ حقائبه ثم نظر إلى مي ..
هيثم بإبتسامة:" كانت فرصة سعيدة إنى إتعرفت عليكى .. مي .. عيشى حزنك وعيطى وإفرحى .. كل حاله إنتى عايشه فيها إديها وقتها .. إدى لنفسك فرصة، سلام."
هبط من الحافلة تحت أنظار مي التى تنظر إليه من خلال النافذة، عندما هبط نظر إليها وجدها تنظر إليه إبتسم وأشار لها بيده بمعنى الوداع وتحركت الحافلة حتى إفترق الإثنان .. تجلس فى الحافلة تتذكر كلامه القوى لها .. إبتسمت إبتسامة خفيفة لأحداث اليوم لم تكن تتخيل أنها ستضحك أخيرا .. أنها لن تنتظر إيساف مرة أخرى ليحادثها ...
..............................
دخل شقة والدته بهدوء تام وتحرك بخطىً خفيفة متجهًا نحو غرفة إعداد الطعام "المطبخ" .. كانت تقوم بتسخين الطعام لولدها عزيز قلبها الذى لم يعد إلى مصر لمدة ثلاثة أعوام  ووسيلة التواصل الوحيدة بينهم كانت التحدث عبر الإنترنت ولكن ما نفعها إذا كان غالى القلب بعيد عنها .. لم ترد أن تقم بالضغط عليه إحترمت رغبته فى الإبتعاد والبقاء وحده نظراً لحجته لها وهو أنه يريد فترة نقاهة  ... إنتفضت بفزع عندما وجدت من يحتضنها من الخلف ...
هيثم:"شششش ده أنا يا صبوحة."
التفتت والدته سريعًا له وبكت بسعادة كبيرة وقامت بضمه بشدة وهو أيضا بادلها بإشتياق وشوق سنوات .. ابتعدت عن مسافة قليلا وقامت بتأمله أمسكت وجهه بين يديها ...
صباح:" يا حبيبى يابنى وحشتنى قوى، مالك خاسس كده ليه؟ انت مابتاكلش؟ إنت كنت بتكذب عليا وبتقول إنك بتاكل."
هيثم بقهقهة:"يا أمى إرحمينى .. كل إللى همك أنا باكل ولا لا؟"
لم تجبه لأنها كانت تبكى ضمته مرة أخرى وهو إبتسم إبتسامة خفيفة وربت على كتفها لعلها تهدأ قليلاً...
...........................
دخلت شقة والديها بإبتسامة مشرقة وعندما رأت والدتها تخرج من غرفتها هرولت نحوها سريعًا وقامت بإحتضانها ... نظرت إليها والدتها بدهشة من إبتسامتها التى لم تراها خلال الفترة الماضية ...
مي بسعادة:"وحشانى يا ماما جدا."
والدتها:"فى إيه يا بنتى؟ مالك؟ إنتى لسه شايفانى الصبح، إنتى سخنة طيب؟"
وضعت يدها على مقدمة رأسها تتفقد درجة حرارتها لكنها وجدتها معتدلة.
مي بسعادة:"يا ماما أنا كويسة والله، أنا هغير هدومى وأرجعلك عشان أساعدك فى الأكل."
قبلت وجنتها ثم ذهبت إلى غرفتها بسعادة ... أخرجت هاتفها من حقيبتها ونظرت إليه لوهلة .. قامت بفتح جهات الإتصال عليه وحذفت رقم إيساف من هاتفها ثم تنهدت بإرتياح وقامت برمى هاتفها على سريرها وتوجهت نحو دولابها الخشبي لتبديل ثيابها...
......................
هيثم وهو يجلس على كرسى فى صالة شقة والدته:"يااااه تسلم إيدك يا صبوحه، بقالى كتير ما أكلتش أكل بيتى حلو زى ده."
صباح وهى تجلس بالكرسى الذى بجانبة:"بالهنا والشفا يابنى."
هيثم:"ألا صحيح روبا مجتش ليه؟ مش المفروض تيجى تسلم عليا؟"
صباح:"أنا قولتلها متجيش النهاردة كنت محتاجة أقعد معاك وأشبع منك يا حبيبى إنت واحشنى قوى."
قبل يدها بحب شديد ثم نظر داخل بنيتيها ..
هيثم:" وإنتى كمان كنتى وحشانى جدا يا أمى."
صباح:" أنا هقوم أعملنا كوبايتين شاى نشربهم فى البلكونة عشان عايزة أقولك على حاجة مهمة فى الهواء الجميل ده."
قامت مقعدها تتحرك بهدوء نظراً لكبر سنها أما هو توجه للشرفة ونظر أمامه بشرود يفكر فى أحداث اليوم ...
هيثم بهمس:"مي."
بعد مرور فترة قصيرة .. كانا يجلسان أمام بعضهما البعض ويتحدثان فى أمور الحياة ...
صباح:"مش ناوى يابنى تقعد معايا بقا ومتسبنيش، أنا إحترمت حزنك الفترة إللى فاتت دى كلها بس لا كفاية كده أنا مش هقدر أعيش من غيرك."
هيثم بإبتسامة ومزاح:"لا تقدرى تعيشى من غيرى ونص وبعدين أنا جاى زيارة لو لقيت إنى مش حابب أسافر وأقعد هنا أكيد مش هاخد إذنك يعنى قاعد على قلبك، سيبيها على حسب مزاجى، وبعدين غيرى الموضوع، قوليلى بقا كنتى عايزة تقوليلى إيه؟ *أكمل بخبث* أصل جو البلكونة ده أنا عارفه كويس."
صباح:"يوووه ياباى عليك يا هيثم."
هيثم:"يلا يا صبوحة قولى إللى فيها."
صباح بتنهيدة:"بص يابنى هو الموضوع ومافيه إن خالتك جايبالك عروسة، وقبل ماترفض يابنى الله يكرمك إسمعنى، أنا محتاجة أفرح بيك وأشوف أولادك يا حبيبى، ماتفضلش حابس نفسك وتبعد عن كل حاجة كده، دى الأعمار بيد الله، متوقفش حياتك على إللى فات .. إنت عشت فترة حزنك وأنا كمان عشت فترة حزنى لما خسرت حفيدتى وعشت فترة حزنى لما إنت بعدت عنى .. بس كفاية كده يابنى عايزة أفرح بيك وأشوف بناتك وأولادك، ربنا هيعوضك عنها بيهم هما .. أنا عارفة إنها كانت أول فرحتك بس يابنى أنا عايزاك تغير حياتك."
تنهد هيثم وهو ينظر لوالدته التى تنظر له فى المقابل برجاء ...
هيثم بإبتسامة:"ماشى يا أمى موافق بس هقعد مع العروسة أشوف هتناسبنى ولا لا هاه؟"
صباح بسعادة وهى تضمه:"يا حبيبى يابنى."
إبتعدت عنه وقامت من مقعدها وتوجهت للداخل ..
هيثم بإستفسار:"رايحة فين يا ماما؟"
صباح بسعادة:"هكلم خالتك."
ضحك ضحكة خفيفة على ردة فعلها ثم علق نظره بالسماء قليلا هامسًا بشرود وحنين ..
هيثم:"مي."
......................
فى المساء:
كانت والدتها تجلس وتنظر إليها بنصف عين وهى تتساير مع أختها الصغيرة فى الضحك والمزاح حتى تقابلت نظراتهما ...
مي بشك ومرح:"مالك يا فوفا، فى إيه؟"
فاطمة:"مستغربة حالتك، إنتى ماكنتيش كده الصبح وإنتى نازلة تتمشي شويه، ماكنتيش كده أصلا."
مي بمرح:"إيه يا فوفا إنتى عايزانى أرجع كئيبة تانى؟ أنا عندى استعداد على فكرة."
فاطمة:"لا يا ختى خليكى كده أنا ماصدقت، وبما إنك رايقة كده عايزة أتكلم معاكى فى موضوع."
مي بإستفسار:"فى إيه يا ماما قلقتينى؟"
فاطمة:"كل خير ياحبيبتى، عمتك سميرة كلمتنى النهاردة وقالتلى إن فى واحدة جارتهم ليها إبن أختها بتدورله على عروسة، وبصراحة هى إقترحتك ليهم."
مي بإستفسار:" أعمل إيه يعنى؟"
فاطمة:"إقعدى معاه وشوفى هل فى قبول بينكم ولا لا، مش هتخسرى حاجة."
كادت أن تتحدث وتعترض ..
فاطمة:"الله يكرمك يا بنتى، جربى إقعدى معاه ماتقعديش تتخانقى وتزعقى من قبل ماتشوفيه .. جربي مش هتخسرى حاجة، إدى لنفسك فرصة."
تذكرت ما قاله هيثم اليوم "إدى لنفسك فرصة" ..
مي بتنهيدة:"حاضر."
فاطمة:"بس فى حاجة عايزة أقولهالك .. نبذة عنه يعنى."
مي:"قولى يا ماما."
فاطمة بتنهيدة:"بصى يابنتى .. أنا عارفة إنك هتعترضى بس إنتى مبيعجبكيش العجب .. هو شخص محترم وكويس وإبن حلال الفكرة بس فى إللى حصل فى حياته، أنا ماكنتش هقبل بيه أبدًا بس عمتك هى إللى أصرت وشهدت بأخلاقه و........"
مي:"قولى يا ماما .. ماتجيبيش فى مقدمات، ماله؟"
فاطمة:"هو مطلق."
كادت أن تعترض ولكن والدتها أكملت ..
فاطمة:"من 3 سنين كان عنده بنت عندها سنتين، كانت بسم الله ماشاء الله قمر وجميلة أى حد يشوفها بس يحبها ... كان طاير بيها من الفرحة كانت كل حاجة بالنسبالة .. بس للأسف البنت دى تعبت و إكتشف إن عندها ثقب فى القلب صرف إللى وراه وإللى قدامه عليها بس ربنا أراد إنه يسترد أمانته ... بعدها العلاقة بينه وبين مراته إنعدمت بمعنى إنها إكتئبت بسبب موت بنتها وطلبت الطلاق لإن إللى كان بينهم هى البنت دى بس .. وهو ياعينى من بعدها سافر بره وساب كل حاجة شغله حياته مامته وقرايبه كل حاجة، سابهم وإنعزل .. بس الحمدلله رجع النهاردة الصبح من السفر."
تنهدت تنهيدة بسيطة ونظرت داخل أعين إبنتها التى إتضح بهما الحزن ..
فاطمة بتوجس:"قُلتى إيه؟"
مى بتنهيدة:"هصلى إستخارة وهرد عليكى بكرة يا ماما."
فاطمة بإبتسامة:"ربنا يبارك فيكى يا بنتى."
مي:"تصبحى على خير ياحبيبتى."
فاطمة:"وإنتى من أهله."
إتجهت نحو الحمام أولا لكى تتوضأ وتصلى صلاة إستخارة .. أما بالنسبة لوالدتها فكانت تجلس مع إبنتها الثانية يسرا التى تنظر لها بعدم فهم ...
يسرا:"أنا نفسى أفهم يا ماما إزاى وافقتى على الكلام ده؟"
فاطمة:"يابنتى هى مكنش عاجبها حد خالص، العرسان العزاب مكانوش عاجبينها قولت أما أقترحلها ده كمان لقيت فى قبول من ناحيتها .. وبعدين مش لازم ناخد بالمسمى .. كلنا بنى آدمين يا بنتى مخلوقين من طين."
يسرا:"وإنتى أقنعتى بابا إزاى؟"
فاطمة بتنهيدة:"هو فقد الأمل عشان كل مرة كانت بترفض أى عريس بيجيلها ولما قولتله على ده قالى *هترفضه* وسابنى ونام، إنتى عارفة إن أبوكى تعب بسبب الفترة إللى عاشتها دى ... كان بيتمنى يشوف ضحكتها وشوفتيه أهوه النهاردة لما شافها بتضحك عمل إزاى؟ كان مبسوط جدا بس لما حكيتله على العريس قال الكلام ده زى ماقولتلك."
يسرا بتنهيدة:"ربنا يستر."
فاطمة:"هيسترها .. نفسى بجد أفرح بيها قبل مايجرالى حاجة."
يسرا:"بعد الشر عليكى يا ماما متقوليش كده، هتفرحى بينا كلنا وبأولادنا."
فاطمة:"آمين."
.............................................
فى صباح اليوم التالى:
كانت نائمة بهدوء تحلم أحلامًا جميلة وردية .. هذه أول مرة منذ سنوات تحلم حلمًا جميلا بهذا الشكل .. كانت تسير بين الحشائش الخضراء والورود البيضاء مستنشقة عبير الهواء النقى .. ولكن سرعان ما إنتبهت على صوت صهيل حصان يقترب نحوها .. إلتفتت خلفها وجدت شخصًا ما يجلس على ظهر ذلك الحصان الأبيض وظل الحصان يقترب منها حتى توقف على بُعد خطوات بسيطة منها .. لم تستطع رؤية وجهه ولكنها لمحت إبتسامة جميلة منه ونظرت إلى يديه التى قام بمدها نحوها لكى تمسكها ويجعلها تجلس خلفة وكادت أن تمسكها .... إستيقظت سريعًا على إثر نغمة التنبيه الخاص بهاتفها ... تثائبت بنعاس ونظرت لهاتفها ...
مي:"أنا نسيت خالص ألغي المنبه."
قامت بإلغاءه ثم حاولت النوم مرة أخرى ولكنها لم تستطع ... تذكرت أحداث اليوم الماضى بكل مافيه .. مصادفتها مع شاب يدعى هيثم قام بنصحها وتوجيهها .. كأنت كالطفلة التائهة وهو من أعادها إلى والديها ... والدتها التى إقترحت عليها أمر ذلك العريس المطلق الذى كادت أن ترفضه ولكنها حزنت على ماسمعته عنه ..
مي:"شكله حزين .. شكله كان أكتر منى الفترة إللى فاتت دى ربنا يكون فى عونه."
كانت تشعر براحة غريبة وهى تفكر بأمر ذلك العريس .. وجاء على فكرها أن ذلك هو الرد على الحيرة التى كانت بها قبل صلاة الإستخارة .. نهضت من على سريرها وخرجت من غرفتها متوجهة نحو الحمام وقامت بغسل وجهها والوضوء لآداء فرضها وأثناء خروجها قابلت والدتها ...
مي بنعاس وإبتسامة:"صباح الخير يا ماما."
فاطمة:"صباح النور يا حبيبتى، إيه النشاط ده كله صاحية بدرى كده ليه؟ ده أنا أحسدك."
مي:"ولا بدرى ولا حاجة تقريبا ظبطت منبهى من كام يوم وكل مرة بيرن وبنسى ألغيه فلغيته دلوقتي."
فاطمة:"ماشى يا حبيبتى، روحى صلي وبعدها تعالى إفطرى معايا أنا وأبوكى وأختك."
مي:"حاضر."
كادت أن تتحرك ..
فاطمة:"مي."
مي بإستفسار وهى تنظر إليها:"نعم؟"
فاطمة:"ها؟ قُلتى إيه فى الموضوع إللى كلمتك عنه إمبارح يابنتى؟"
مي بإبتسامة خفيفة:"موافقة وحددى مع بابا الميعاد."
فوزيه بسعادة وهى تضمها:"ربنا يسعدك يابنتى، حالاً هقول لأبوكى."
مي بقهقهة:"براحة على نفسك يا فوفا."
...................................
كان جالسًا على سجادة الصلاة بعد أن أنهى صلاته يقوم بالدعاء لصغيرته التى تركته وحيدًا بعد أن كانت كل شئ له ... وبعد أن ذهبت مات روحًا وقلبًا فكانت هى أمله بالحياة .. كانت الشخص الوحيد الذى يبتشبث به بعد والدته .. والآن لم يتبقى له سوى والدته ... دعى لوالدته بالبركة فى الصحة وطول العمر ثم قام من مجلسة ووضع سجادة صلاته على سريره وخرج من الغرفة لكى يتناول طعام الإفطار مع والدته..
..........................................
فاطمة بتوجس:"قُلت إيه يا شاهين؟"
ظل الأب شاهين ينظر إليها ويفكر بأمر ذلك العريس الوحيد الذى قبلت إبنته بأن تقابله بعد أن علمت أنه منفصل وهى لم تتزوج قبلا لكى توافق أن تقابل مع شخصٍ فى مثل حالته ..
فاطمة:"يا أبو مي، ماقولتش رأيك."
شاهين بإستفسار:"هى صلت إستخارة طيب؟"
فاطمة:"أيوه صلت إمبارح والنهاردة ماشاء الله وشها كان هادى ومرتاح وكانت بتكلمنى بكل أريحية وبتقول إنها موافقة تقعد معاه."
شاهين بتنهيدة:"على بركة الله، مادام هى صلت وإرتاحت يبقى ربنا يقدم كل إللي فيه الخير، بس أنا عتبى على إنه مطلق .. يعنى هى هتكون تانى بخته مش أول بخته، ويوم أما أجوز بنتى يبقى واحد مطلق؟"
فاطمة:"ماهى رفضت كل العزاب جات على ده يا أبو مي؟ وبعدين هى لسه مقعدتش معاه ولا حتى شافته عشان توافق أو ترفض ولسه هنتعرف إحنا كمان عليه لو هو مش كويس خلاص مع السلامة، ولو كويس وإرتحناله وهى إرتاحتله يبقى كل إللى بيجيبه ربنا خير."
شاهين بتنهيدة:"ونعم بالله، ربنا يسهل .. كلمى سميرة أختى وقوليلها إننا موافقين نشوفه وحددى معاها ميعاد على حسب وقته هو."
فاطمة بسعادة:"ربنا يطولنا فى عمرك يا أبو مي، حالا هكلم أختك."
ركضت بسعادة لغرفتهم وأخذت هاتف زوجها وقامت بالإتصال على أخته ...
فاطمة بسعادة:"ألو، أيوه يا سميرة .. شاهين وافق خلاص."
سميرة:"لولولولللى .. ده أنا كنت خايفة خالص تيجى منى فيرفض .. أقنعتيه إزاى؟"
بدأت تسرد لها ماحدث ..
سميرة بسعادة:"حيث كده بقى هكلمهم ويارب ييجوا النهاردة."
فاطمة بقهقة:"مش للدرجادى."
سميرة:"ياختى، عايزين نجوزها ونفرح بيها منه لله إللى كان السبب فى إللى حصلها الفترة إللى فاتت دى."
فاطمة:"ربنا يسامحه، كله نصيب يا سميرة وده مكنش نصيبها."
*إسكريبت "إبتسامة مزيفة" .. بقلم سارة بركات.
سميرة:"أستغفر الله العظيم، أنا هقفل وهكلم جارتى أم حامد تتفق مع أختها وإبنها على ميعاد."
فاطمة:"إن شاء الله."
...............................
أنهت صلاتها وخرجت من غرفتها وجدت والدها يجلس على المنضدة ويتابعها فى كل خطوة تخطوها نحوه ... قبلت وجنته بإبتسامة صافية ..
مي:"صباح الخير يابابا."
شاهين بإبتسامة لحالها:"صباح النور يا روح بابا."
جلست على المقعد بجانبه وجائت والدتها وأختها يسرا التى كانت نائمة فى غرفتها وإستيقظت قبل قليل وجلسوا معهم وبدأوا بتناول الإفطار سويًا ... كان شاهين يتابع إبنته التى تأكل بهدوء وإبتسامة على وجهها كأنها تحاول أن تكون بخير وذلك تقدم كبير عن ما كانت تشعر به قبلا...
..........................................
صباح ممسكة هاتفها وتتحدث بسعادة:"بجد وافقوا يا رحاب؟"
رحاب:"أيوه وافقت إنها تقعد معاه وتتعرف عليه، بس هما مستنيين منكم تحددوا الميعاد."
صباح بسعادة:"إستنى هسأل هيثم."
هرولت سريعًا تجاه هيثم الجالس فى الشرفة ينظر إلى السماء بشرود ...
صباح:"هيثم."
إنتبه إلى والدته التى تقف أمامه ...
صباح:"حدد ميعاد تقعد فيه مع العروسة  .. خالتك رحاب على التليفون."
رحاب:"هاتيلى الواد ده."
صباح:"خد كلمها، عاوزاك."
أخذ هيثم الهاتف منها وتحدث مع خالته بترحاب شديد ...
هيثم بإبتسامة كبيرة:"خالتو حبيبة قلبى."
رحاب:"حمدالله على سلامتك يا حبيبى واحشنى جدا، هانت هشوفك لما تيجى للعروسة."
هيثم:"وإنتى كمان وحشانى جدا .. مستعجله كده ليه بس؟"
رحاب:"ولا إستعجال ولا حاجة ياحبيبى، أنا عايزة أفرح بيك يابنى .. ومن ناحية العروسة متقلقش هى ماشاء الله جميلة ومحترمة وبنت ناس محترمين .. إنت بس حدد الميعاد إللى يناسبك."
هيثم بتفكير:"ينفع الجمعة الجاية؟"
رحاب بتفكير:"كده الوقت هيكون بعيد شويه، ده بعد أربع أيام."
هيثم بقهقهة:"بعيد إيه بس يا روبا؟ وبعدين دى قعدة تعارف مش رايح أتجوز .. *أكمل بصوت منخفض قليلا* بعمل ده بس عشان أرضى صبوحة."
رحاب بحزن:"ليه كده يابنى؟ ماتدى لنفسك فرصة، مش معنى إنك فشلت قبل كده فى علاقة يبقى هتفشل بعد كده.. كله نصيب يابنى."
هيثم بتنهيدة وإبتسامة:"الحمدلله على كل حال .. عموما بلغيهم بيوم الجمعة بعد العصر هكون عندهم بأمر الله."
رحاب يضيق:"ماينفعش بدرى أكتر من كده."
هيثم بقهقهة لضيقها:"لا."
رحاب:"ماشى إللى يريحك يابنى، هبلغهم وإن شاء الله خير."
هيثم:"إن شاء الله."
......................................
قامت رحاب بإخبار جارتها سميرة بالميعاد المحدد وصاروا يقومون بتجهيز البيت لذلك اليوم الرائع و فاطمة أخبرت مي أن إسمه هيثم لم تتفاجأ لأنها إعتقدت أنه تشابه أسماء فيستحيل أن يجمعها القدر بالشخص الذى تصادفت معه أمس مرة أخرى وخاصة فى أن يتقدم لها وبمناسبة ذلك الشاب .. كانت تتسائل لماذا غيرها كلامه لها .. شعرت بالحياة عندما ساعدها أن تخرج من حزنها من خلال مجرد كلمات تشجيعية بسيطة قالها ... كأنها كانت تحتاج لذلك .. ولكن كل من حولها أخبرها بكل ذلك ولكنها ظلت كما هى .. إلا هو عندما قال لها ذلك الكلام شعرت أنه مختلف .. بث الحياة بداخل قلبها .. وجعل إبتسامتها تشرق مرة أخرى ... كانت تعيش فى وهم الفراق .. وتقبلت أن إيساف لم يكن نصيبها .. ولا تعلم نصيبها أين سيكون ومتى سيأتى؟ ... لعل القادم أجمل بإذن الله .... أما هيثم كان يحاول التغلب على الحزن الذى ينهش قلبه وقت أن أخبرته تلك الفتاة بإسمها .. إسمها الذى ذكّره بغاليته والتى كان يحاول نسيانها بشتى الطرق لكنه لم يستطع لأنها حبيبته الغالية وستظل داخل قلبه دائمًا ...
...........................................................
يوم الجمعة:
رحاب بسعادة وهى تصعد السلالم وخلفها هيثم الذى يمسك بيد والدته يساعدها فى الصعود:" ده إنتوا هتحبوهم أوى .. البنت طيبة جدا ومحترمة .. عايزة أقولكم هى كانت مخطوبة قبل كده ومحصلش نصيب و......."
هيثم مقاطعًا لها:"يا خالتى الله يكرمك مش عايز أعرف حاجة من القديم، وبعدين هى إسمها إيه؟ إنتى ماقولتيش إسمها؟"
رحاب بتوتر وتهرول سريعًا من الصعود:"إبقى إعرف إسمها منها هى."
عكف هيثم حاجبيه من تصرف خالته ثم تنهد وأكمل صعوده مساعدًا والدته ... إستقبلهم شاهين وفاطمة بإبتسامة كبيرة وتلك الإبتسامة ظهرت فور أن رأوا هيثم لأنهم شعروا بإرتياحٍ شديدٍ له .. جلس هو ووالدته وخالته فى الصالون مع سميرة وشاهين وفاطمة .. أما يسرا كانت تقوم بإستعجال أختها لكى تنتهى من تحضير نفسها فقد إرتدت فستانٌ من اللون الأزرق وحجاب أبيض أظهر نقاء وجهها الخالى من مساحيق التجميل ..
يسرا:"يلا يا مي، العريس جه."
مي بتنهيدة:"خلصت أهوه، إنتى شوفتى العريس ولا إيه؟"
يسرا بسعادة:"أه شوفته من ورا الستارة، ماشاء الله طول بعرض وشيك كده وشعره أسود وبشرته قمحية و عينه لونها بنى و........."
مي مقاطعة لها بملل:"بس بس .. إنتى لسه هتشرحى أنا هبقى أشوفه بنفسى."
نهضت من مقعدها وإتجهت صوب باب غرفتها وخلفها أختها .... دخلت غرفة الصالون، توجه نظرها صوب الأرض وقامت بإلقاء التحية ...
مي:"السلام عليكم."
الجميع:"وعليكم السلام."
شاهين بإبتسامة:"تعالى ياحبيبة بابا جنبى."
هيثم بصدمة وهمس:"مي."
صباح بهمس لنفسها:"بسم الله ماشاء الله، ربنا يجعلها من نصيبك يابنى."
جلست مي بجانب شاهين ومازالت تنظر أرضًا ولا تفهم ماسبب ذلك الخجل المفاجئ الذى أصابها قبل أن تدخل ..
شاهين بإبتسامة:"ودى بقا يا بشمهندس هيثم مي بنتى .. أول فرحتى متخرجة من كلية تجارة، وطبعا خالتك مدام رحاب قالتلك كل حاجة عنها، *قام بالإشارة نحو يسرا* أما دى بقا آخر العنقود يسرا فى آخر سنة فى الجامعة."
هيثم بإبتسام هادئة:"ربنا يباركلك فيهم."
تعجبت مي من نبرة الصوت التى ليست بغريبة عنها ..
شاهين:"آمين."
شاهين لوالدة هيثم:"طبعا إحنا خلاص إتعرفنا عليكم مفاضلش بس غير إن العروسة تقعد مع العريس شويه ويشوفوا القبول بينهم."
صباح:"أكيد ياحج."
قام الجميع من مقاعدهم وتوجهوا خارج الصالون المفتوح .. وبقى هيثم ومى وحدهما .. كان ينظر لها بإبتسامة غير مصدقًا تلك الصدفة الغريبة التى جمعتهم سويًا ..
هيثم:"مي."
تعجبت مرة أخرى من تلك النبرة ورفعت رأسها سريعًا حتى جاءت عينيها بداخل عينيه .. نظرت له بدهشة .. فذلك هو الشاب الذى كان يقوم بنصحها منذ عدة أيام ..
مي بعدم إستيعاب:"حضرتك العريس؟ إزاى؟"
هيثم بإبتسامة خفيفة:"الله أعلم .. أنا ذات نفسى إتفاجأت، إنتى أخبارك إيه؟ إنتى كويسة؟"
مي:"أيوه أنا بخير الحمدلله."
صمت الإثنان قليلا .. كانت مي تتأمله .. لقد تغير كثيرًا عن ذلك اليوم .. تلك الإبتسامة التى تزين وجهه مختلفة .. ليست نابعة من قلبه .. بل هى إبتسامة مزيفة .. نعم .. مثل الإبتسامة التى كانت تضطر لرسمها فى إحدى المناسبات فى الفترة الأخيرة ... ولكن مهلًا!!! ... هل ذلك الشاب فعلا فقد إبنته منذ ثلاث سنوات؟؟ لقد نسيت تمامًا ذلك الأمر بسبب مفاجأتها لوجوده فى منزلها على أنه الشخص الذي سيتقدم لها تحت مسمى آخر "العريس" ... لم تتصور مطلقًا أن يكون شابٌ مثل هيثم يكون قد فقد شيئًا غاليًا عليه .. عندما قابلته كانت إبتسامته حيوية ومشرقة أو يمكن أن يكون هذا ما أراد أن يظهره ... لكن ماذا عن تلك النصائح والكلمات التشجيعية التى قالها لها؟؟ هل كانت مزيفة أيضًا؟؟؟.. إستفاقت عندما تحدث ...
هيثم بحمحمة محاولاً فتح موضوع للتحدث به:"هو المفروض والدك سابنا لوحدنا عشان نتعرف على بعض .. فأنتى حابه تعرفى إيه عنى؟"
صمتت قليلا ثم تحدثت بعدم فهم ...
مي:"هو إنت كنت بتضحك عليا يومها؟"
هيثم بإستغراب وعدم فهم:"مش فاهم؟ تقصدى إيه؟"
مى:"إنت قولتلى عيشى حزنك وقُلتلى كلام كتير شجعنى أفوق من إللى أنا كنت عايشه فيه، إنت كل الكلام إللى قُلته كان كلام حقيقى ولا إنت كنت بتهدينى بيه وخلاص؟"
هيثم بإستفسار:"إيه علاقة ده بإذا كنت بضحك عليكى ولا لا؟"
مي:"عشان حضرتك مش شايف نفسك، حضرتك راسم إبتسامة مزيفة أو بمعنى أصح كنت راسمها يوم أما رجعت مصر .. مثلت إنك مبسوط وبتضحك عشان تعرف تبسط مامتك إللى كنت بتكلمها فى الموبايل وتعرف تضحكنى وأنا بعيط."
هيثم بإبتسامة:"طب ليه صدقتينى؟ ليه كلامى أثر فيكى وخلاكى تتغيرى طول مانتى شايفانى كذاب وبزيف إبتسامة للكل."
مي بعدم فهم:"معرفش، بس أنا لمست الصدق فى كلامك، على الرغم من إن كل إللى حواليا قالوا نفس كلامك ده بس مصدقتهمش وفضلت فى حالتى دى لحد أما قابلت حضرتك."
هيثم بتوضيح وتفهم:"عشان أنا راجل .. فأنتى كنت محتاجة الكلام ده من وجهة نظر راجل مش من واحدة ست ..  لإن البنات كلهم بيصبروا بعض بكلام هما مش عايشينه فى حين إن أنا قُلتلك لو فى حياتى واحدة كنت هعاملها زى أختى وبنتى .. فهمتى الإختلاف فين؟ إن الكلام ده طلع من شخص مختلف عن الشاب إللى كنتي مخطوبة ليه."
قامت بهز رأسها عندما أخبرها بما تريد فهمه ..
مي:"بس ضحكتك دى مزيفة .. إنت حزين ... أنا...."
تفهمت حزنه .. فهذه إبنته .. وليست مجرد شخص عابر .. من لحمه ودمه .. حقه أن يحزن ..
هيثم بإستفسار:"إنتى إيه؟"
مي:"أنا آسفة على إللى حصلك."
هيثم بإبتسامة:"الأعمار بيد الله، الله يرحمها كانت أجمل بنت شوفتها فى حياتى."
مي:"أنا آسفة إنى فتحت الموضوع ده."
هيثم بضحكة خفيفة:"لا أبدًا أنا أصلا بحب أتكلم فى الموضوع ده .. هو الكل بس مابيحبش يتكلم فيه لإنهم  بيفكرونى بزعل .. بس أنا بزعل لما مبيتكلموش .. عايزين ينسونى بنتى وأنا مقدرش أنساها."
مي:"طب ممكن تحكيلى عنها؟"
تنهد هيثم وقام من على كرسيه وتوجه نحوها .. تفاجئت مي أنه جلس بجانبها تاركًا مسافة  كبيرة بينهما و قام بإخراج محفظته من جيبه وأراها صورة لها .. كانت فى غاية الجمال والبراءة والنقاء .. كانت تشبهه كثيرًا ..
مي بحب شديد ولهفة:"ماشاء الله زى القمر، ممكن تحكيلى كانت بتعمل إيه معاك؟ أكيد كمية البراءة دى كانت هاديه."
هيثم بقهقهة خطفت قلب مي:"أبدا، دى كانت مطلعة عينى، كل أما تصحى من النوم تزحف وتجيلى عشان ألعبها .. كانت دايما بتعيط بليل وأنا إللى كنت بنيمها .. *تحدث بحنين أكثر وهو ينظر بداخل أعين مي* كانت بتجرى عليا لما برجع من شغلى وبتمسك فى رجلى عشان أشيلها .. كانت ملاك، كانت كل حاجة بالنسبالى."
دمعت أعين مي بسبب تلك النبرة المؤثرة التى تحدث بها هيثم عن إبنته ...
هيثم مستأنفاً ببهجة:"كانت حد أساسى فى يومى، كنت بعملها كل حاجة هى عايزاها .. أى حاجة بتشبط فيها بجيبهالها .. مكنش يهمنى الفلوس قصاد إنى أشوف ضحكتها ... مى كانت طفلة مافيش زيها ..*تعجبت مي من الإسم لم تكن تعلم أنها تحمل نفس الإسم* ... أو يمكن عشان هى كانت بنتى فماكنتش شايف إن فى حد زيها يعنى .. كانت ضحكتها بتخطف قلبى، بس دلوقتى *إختفت إبتسامته ونظر أمامه بشرود* ضحكتها إختفت مبقاش ليها وجود."
حزنت لأجل نبرته الحزينة ولكنها خجلت عندما نظر لها مرة أخرى بإبتسامة جميلة تنبع من قلبه ...
هيثم:"شكرا يا مي."
مي بإستغراب:"على إيه؟"
هيثم:"شكرًا إنك خلتينى أحكى عنها، أنا أول مرة أكون مرتاح بالشكل ده، حاسس إن فى حِمل تقيل إتشال من على قلبي."
مي بخجل:"العفو، *حمحمت بإحراج* .. حضرتك مش عايز تعرف عنى حاجة مع إن حضرتك تعرف يعنى؟"
هيثم:"لا مش حابب أعرف وإعتبريها وقتها كانت فضفضة عادى .. أنا مش جاى أنبش فى الماضي، أنا جاي أدور على المستقبل."
إحمر وجهها خجلًا ونظرت أرضًا .. أما هيثم إبتسم لخجلها ...
هيثم بحيرة:"تعرفى."
رفعت رأسها سريعًا ونظرت إليه بإستفسار ..
هيثم مستأنفاً:"أنا كنت جاى هنا عشان أرضى والدتى وأريحها شويه وكده كده كنت هرجع لدبي تانى ... لكن دلوقتى غيرت رأيي وبفكر أستقر هنا وأفتح مشروع."
إبتسمت بخجل وأبعدت أعينها عنه ... أما هو ظل ينظر إليها قليلا ...
هيثم بإستفسار:"ممكن أعرف رأيك؟"
مي بإحراج دون أن تنظر إليه:"بخصوص إيه؟"
هيثم:"موافقه عليا ولا لا؟"
مي بحمحمة وخجل:"إن شاء الله."
هيثم بإبتسامة:"ممكن أعرف إيه السبب؟ وليه؟ أنا مطلق وإنتى لسه الحياة قدامك تستاهلى شخص أحسن."
تنهدت تنهيدة عميقة ثم نظرت إليه ...
مي:"عشان شايفه فيك الشخص إللى يستحق يكون زوج وأب .. إللى يعامل بنته ويكون متفهم بالشكل ده معايا هو إللى يستحق يكون زوج وأب ... حضرتك قدرت تحتوينى بكلام فى الأوتوبيس وهديتنى ... لقيتك شخص مختلف .. حسيت إن الدنيا لسه بخير وإن أنا كنت ببصلها من منظور تانى ... ماينفعش أزعل على إللى فات من عمرى ولازم أبص قدام .. لقيتك شجعتنى مش أحبطتنى .. كان ممكن واحد تانى مكانك يقول إنى تافهه عشان بعيط .. لكن لا .. إنت قولتلى  كلام كتير خلانى أفوق .. إنت قولتلى إدى لنفسك فرصة وأنا فعلا بدى لنفسى فرصة ... أنا إتعلمت حاجة حلوة جدا النهاردة، إن ماينفعش نظلم الناس لمجرد اللقب إللى هما عايشين بيه سواء ست أو راجل، كلنا بشر ... كلنا مرينا بتجارب وفشلنا .. بس ده بيحصل عشان نقدر نتعلم بعد كده ونعرف نختار صح، فمش هيهمنى إنت إيه؟ قد مايهمنى الشخص نفسه .. أنا مش هبص لتجربتك السابقة وأحكم عليك منها .. بالعكس أنا ببص لشخصيتك إنت."
أنهت حديثها مبتسمة بخجل مبتعدة بعينيها عنه ..
هيثم:"ممكن أطلب طلب؟"
مي وهى تنظر إليه:"إتفضل؟"
هيثم بإبتسامة هادئة:"ممكن نسمى أول بنت "مي"؟"
مي بخجل وإحراج:"إن شاء الله."
......................................................
بعد مرور أربع سنوات:
إستيقظت من نومها وبحثت بعينيها عن والدها ولكنها لم تجده .. هبطت من سريرها الصغير وتحركت بخطوات مهرولة نحو غرفة والديها .. حاولت الوصول لمقبض الباب ولكن لقصر قامتها لم تستطع فتحه .. إتجهت صوب كرسي صغير بجانب مائدة الطعام وقامت بسحبه خلفها بصعوبة .. وقفت على الكرسي وقامت بفتح الباب .. توجهت صوب والدها النائم على سريره وقامت بإمساك يده التى فلتت من سريره ..
؟؟ بصوت طفولى:"بابا."
هزت يده مرة أخرى وشعر بالإنزعاج ولكنه فتح عينيه التى جائت فى أعين إبنته ذات الوجنتين المحمرتان المنتفختان .. إبتسم بحب ونعاس لها ..
هيثم بنعاس:"روح بابا مالك؟"
مي بصوت طفولي:"أنا عاوزة مم."
هيثم بنعاس وهمس:"حاضر ياروح بابا."
نظر إلى زوجته "مي" النائمة بجواره والإرهاق يغزو ملامحها نظراً لفترة حملها الحالية التى أرهقتها .. قبل جبهتها بهدوء ثم إستقام من على سريره حاملًا طفلته الصغيرة متجها صوب غرفة إعداد الطعام .. أجلسها على رخام المطبخ مقبلا رأسها بحب أبوي شديد وقام بإعداد الطعام لها وأثناء تسخينه الطعام كان يلاعبها قليلًا بألعابها وصوت ضحكاتها الصغيرة كانت منتشرة بالشقة ...
هيثم بهمس:"شششش، إضحى بصوت واطي ماما نايمة وتعبانة، لو صحيت هتتعب أكتر."
مي بهمس طفولى:"حاضر يابابا."
هيثم بإبتسامة وحب وهو يقبل رأسها:"يحضرلك الخير يا روح قلبى."
أكمل تحضير الطعام لها وكل ذلك حدث تحت أعين زوجته "مي" التى تراقبه بحب شديد وهى تضع يدها على بطنها المنتفخ ... تتذكر معاملته لها منذ أن خُطبت له حتى الآن لم يرفع صوته عليها و لم يُقلل منها أبدًا .. كان ونعم الزوج .. كان يحتويها ويطمئنها كثيرًا .. كان يعاملها كإبنةٍ وحبيبة وأختٍ له حتى عندما رزقوا ب "مي" لم تتغير معاملته لها أبدًا .. 
مي بهمس وهى تتابع هيثم الذي يُطعم طفلتهم ويبتسم إبتسامة كبيرة من قلبه:"الحمدلله."
إنتبهت طفلتهم الصغيرة لوالدتها التى تقف بعيدة فى زاوية قريبة من مدخل غرفة إعداد الطعام ...
مي بصوت طفولى:"ماما."
إنتبه هيثم لما قالته إبنته ثم وجه نظره نحو المكان الذى تنظر إليه وجد زوجته تقترب نحوهم ببطئ شديد بإبتسامة كبيرة ولكنها مرهقة بعض الشئ ... إقترب هيثم منها سريعًا ليقوم بإسنادها أمسك بيدها وقربها نحوه ببطئ شديد..
هيثم بإستفسار:"إيه إللى صحاكى دلوقتى؟"
مي بإرهاق:"قلقت لما ملقتكش جنبى."
هيثم وهو يجلسها على كرسى فى الغرفة:"كنت بأكل ميمو، جعانه؟"
مي بنفى:"لا، خلينى قاعدة أتفرج عليكم."
قبل هيثم رأسها ثم عاد لطفلته التى تلعب بألعابها ووجهها ملطخ ببقايا الطعام .. قام بمسح وجهها ثم إستأنف إطعامها ... وكانت مى تتابعه فى كل فعل يقوم به ...
" كانت حياتى قبلك ظلام وجئت بنورك البسيط أنرتها لى وجعلتنى أرى الحقيقة .. وأعطيتك من نورى لكى أنير ظلامك البعيد .. كنت سبب إبتسامتى وكنت سبب إبتسامتك .. كنت عوضى الذى عوضنى به الله عن كل ما رأيته .. كنت نعمة الله لى فكنت نِعم الأخ ونِعم الزوج و نِعم الأب ... كنت ونِعم العوض."
                                                                       تم بحمدالله

إسكريبتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن