الثَامِن.

305 45 4
                                    

<إتصالٌ وارِد من 'تشوي غبي'>
قطَع الإتصال ميل عن عمَلها ،
إنهُ منتصفُ الليل بالفعل ، لذا المقهى خالٍ نوعًا ما
'نونا ، أنا آتٍ'
تحدث بومقيو فورًا عندما فتحت ميل الإتصال
"انا سأغلقُ المقهى ، تعالَ بالبابِ الخلفي"
أجابته ميل لتسمَع 'حسنًا' صغيرة من بومقيو
أغلقت المقهى بعد ترتيبه وخلعت مئزرها وتوجهت نحو الباحة الخلفية من المقهى .
"أتيتَ بالفعل"
قالتها ميل وهي تتوجه للجلوس بجانب بومقيو على الأرض ، إذ أنه لا توجد مقاعد وإنما الإرض متدرجة على شكل مقاعد بالجوانب ، أخبرتكم أنه يبدو كالملعب الداخلي .
"إذًا ماذا فعلت؟"
سألته ميل كاسرة الصمت ولكن بومقيو يأبى أن يُريها وجهه
"بومقيو إنظُر إلي "
أخبرته ميل بهدوء ولكنه هَز رأسه نافيًا
"لمَ؟" عاودت سؤاله مرًة أخرى بطلفٍ شديد
"لا أريدُ فقط"
أجابها بومقيو بصوتٍ باكي
، تمردت يدُ ميل لتصل إلى حنَكِ بومقيو رافعة وجهَهُ موجهةً إياهُ نحوها ،
كانَ وجهُهُ يُحطمُ القلبَ إلى أشلاء ،
أعينهُ الدامعة وأنفه ووجنتاهُ التي أحمرّت إثر البكاء ،
نَظرةُ أعينه الحزينة التي لطالما كرِهتهَا ميل وحاولت تغييرها ،
هي لا تعلمُ ما خطبها ولكنها فقط لا تريدُ رؤيتَه حزيناً أبدًا هذا يؤلمها جدًا
"هذا مؤلم"
أخبرتهُ ميل فورَ رؤية وجهه وما زالت يدها تمسِكُ بحنكه
"ماذا؟"
سألها بومقيو بصوته الباكي وأعينه الدامعة
"رؤيتك بهذا الشكل ، هذا مؤلم"
أجابته ميل وهي تنظر لداخل أعينه ، في فقط من دون شعورٍ منها حرّكت يدها من حنكِه وراحَت تمسَحُ بها دُموعه ببطء ،
هَل من الطبيعي أن تتسَارع نبضاتُ قلبي بهذا الشكل؟
فكَّر بومقيو في داخله وهو يشاهد وجهها القريب ويداها التي تتجول في وجهه ماسحة دموعه التي تأبى عن التوقف .
"أَخبرني الآن هَل فعلت ما أخبرتُكَ به؟"
سألته ميل بعد أن أبعدت يداها عن وجهه  وإبتعدت هي قليلًا
تنفس بومقيو الصعداءَ وقام بمسح ما تبقى من دموعه وعدّل من جلسته ليقابلها
"لم أفعل شيئًا"
أجابها بعد أن هدأت نبضاتُ قلبه وأنفاسه
"لمَ؟"
سألته ميل مجددًا
"لا أستطيع ، أعتقدُ فقط أنني ولدتُ وليسَ لدي الحق بالكلام" أخرج كلماته وقد إمتلأت عيناهُ مجددًا بالدموع
"حسنًا ما رأيك فقط بالسؤال والجواب؟"
نظرَ لها بومقيو بنظراتٍ مستغربة لتردف هي
"سأسلك أسئلة عشوائية ، وأنت تأكد من أنك تجيبُ بصدق ، ولا تترد فأنا صديقتك، حسنًا؟"
أجابها بومقيو بحسنًا لذا عدّلت هي من جلستها
"إذًا ، ماذا في رأيك سيجعلك أَكثر سعادة ، الذهابُ الى البحر أم ركوب المنطاد؟"
فكّر بومقيو مليّاً عاقدًا حاجبيه
"الذهابُ إلى البحر"
أجابها بعد خمسِ دقائق من التفكير
"إذًا هيا"
ركضت ميل أمامه ليقوم باللحاق بيها لا يستطيع فهم ما تحاول فعله ،
خرجا من المقهى وتوّجها نحو طرِيق منازلهما
"سنمرُ بمنزلي ، سأغير ملابس العمل"
أخبرته مفسرة عن سبب سلكم لهذا الطريق أومأ هو بخفة ،
سارًا سويًا خطوة بخطوة في سكونِ الليل ، يحمِلُ كلّاً منهما قدرًا من الكلمات ، ينتظرون الوقت المناسب للبوحِ بها ،
وبعد طريق ليس بطويل وصلا أخيرًا إلى منزل ميل ، والذي كان عبارة عن بيت صغير أشبه بالشقق يترفعُ عن سطح الأرض بمترين ويصله بها سلمٌ صغير، لديها حديقة أمامية صغيرة ، ليسَ بها أي نوع من للأشجار
ركبا الأدراجَ معًا وأخرجت ميل مفتاحها من جيبها ،
فتحت المنزل وهمّ كِلاهُما بالدخول ،
وكما توقع بومقيو كانَ المنزل نظيفًا ومرتبًا جدًا ،
إذا رأيته للمرة الأولى ستأكد أن لا أحد يعيشُ هنا .
"يبدو أنكِ لا تترددين ألى منزلك كثيرًا"
قال بومقيو بعد أن جَلس على الأريكة التي في منتصف غرفة الإستقبال ومعها كرسيان آخران
"نعم لا أفعل"
أخبرته بإبتسامة مادًة إليه كوبًا من الماء ، تحركت مبتعدة لتقول قبل أن تختفي في زقاق صغير
"لن أتأخر"
وفي هذه الأثناء شَرب بومقيو الماء وراحَ يجول بنظرِه في الأرجاء ،
الجدارُ خالٍ من الصور والزينة ،
هو لم يجد أي شيء ليحدق به عدًا ألبومِ صور صغير كانَ على الطاولة التي أمامه ،
أرادَ فتحه ورؤية ما فيه إلا أن صوت ميل إستوقفه
"هيا"
كانَت ميل مُختلفة تمامًا عن التي يعرفها ،
هي لا ترتدي الاسود والأبيض وإنما الأرجواني مع بنطالٍ أزرق مشرق للغاية ،
شَغرُها الذي لم يسبق لهُ أن يراه ، ينسدل على ظهرها وكتفيها ،
شعرها كثيفٌ للغاية وطولهُ مبالغٌ فيه ،
لونه بُني متمَوّج مما أضاف له سحرًا جعل من بومقيو يحدقُ لها فاتحًا فمه،
هي لا تضعُ مساحيق التجميلِ على وجهها إلا القليل من مرطب الشفاه .
لقد كانت جميلة أنست بومقيو إسمه ،
وكأنها في ظلامِ حياتِه الدامس شمسًا تنيرُ لهُ ،
وكأنها في أرضِ قلبه الجافة بذرةٌ من الأمل ،
هي شيء يجعلُه أسعد ، من الداخل قبل الخارج
"هيا!"
قالت ميل مجددًا مخرجة بومقيو من تأمله لها ، أومأ هو بإحراج،
خرجَ كِلاهُما من منزلها ، وسارا مجددًا خطوة بخطوة ،
بطريق طويل ولكن لن يشعر بومقيو بذلك ، لأنه طوالَ الطريق كان يسترقُ النظر إليها ، لآنها آسرة ولا يستطيعُ إزاحة عينيه عنها
"نُونا"
تكلّم بومقيو قاطعًا الصمت ، همهمت هي كإجابة
"تبدين جميلة"
أخبرها بنبرة خجولة ، قليلًا
، كانت هي تنظرُ للطريق ولكنها تفاجأت بالإطراء المفاجيء لذا بدون أن تشعر رفعت بناظرها إليه لتلتقي أعينهما ،
وفور رؤيتها لهُ تلّنت وجنتاها بالأحمر لذا قطعت تواصل الأعين وتحدثت بصوت يكادُ يسمع
"أشكرك"
إبتسم كِلاهُما وواصلا السير ،
وصلا أخيرًا إلى شاطئ صغير خالٍ من الناس ،
كانَ الجو معتدلاً والنسيم اللطيف يداعب شعر كليهما ،
لا يسمع صوتٌ غير إرتطام أمواج البحر الهادئ
جلسَ كليهما في مقعد صغير أمامَ البحر .
تحدث بومقيو أولاً
"تعيشين وحدكِ صحيح؟"
أجابته ميل بإيمائة خفيفة
"والداكِ في أميركا؟"
سألها بفضول ولكنها أخذت وقتًا للإجابة
"والدي توفيَّ و.."
أخذت نفسًا عميقًا أرادت الإكمال ألا أن صوتَ بومقيو قاطعها
"آسف..لم أَكُن أعلمُ بهذا أنا حقًا آسف"
نظرت إليه ميل بإبتسامة حزينة
"لا بأس ، نحنُ أصدقاء وأعتقد بأن فضولك تجاهي شيء لطيف"
أخبرته وأزالت إبتسامتها لتكمل
"أُمي في المشفى، منذُ ثلاثِ سنوات ، في غيبوبة"
لم يعلم بومقيو ما عليه فعله الآن لذا فقط وضَعَ يدهُ فوق يدها وربّت عليها بلطف
"أتمنى لها الشفاء العاجل"
أخبرها لتشكره هي ، وقامَ بإزاحة يده بعدها
"حسنًا .. بما أننا هُنا وفي هذه الساعة من الليل ، هذا الوقت المناسب للحديث ،أخبرني عن نفسك ، أنا فضولية بشأنكَ أيضًا"
ضحك بومقيو بخفة قائلًا "سأحاول ، إنها مرتي الأولى بالتعريف عن نفسي لذا لا تسحري مني"
أخبرها مهددًا أيتها ، ضحكت هي على تصرفه وأخبرته بأنها لن تفعل
تنفس هو الصعداء وبدأ بالحديث :
"حسنًا كما تعلمين إسمي بومقيو ، تشوي بومقيو
لقد تربيتُ بلا أب ، لستُ حزينًا أمي تكفيني ولستُ أشتاق إلى أبي لأنني لم يسبق لي رؤيته "
رفع كتفيه وحاجبيه معًا ، ضحكت ميل على تصرفه وأخبرته أن يكمل
"لدي أخي الأكبر الذي رأيته سابقًا ، هو أخي الوحيد ، هو لطيف وخجول وأيضًا... لا أعلم إنه بغيض حقًا يجعلني أرغبُ بقتله !"
إنفعل بومقيو بنهاية حديثه لتسأله ميل وهي تجاريه  في الحديث "لمٍ؟ ما الذي فعَله؟"
"إنهُ حقًا شيطان ، أشعرُ أحيانًا أنه يدعي البراءة ،
أتذكرُ مرًة أنني كنتُ قد سهرتُ الى وقتٍ متأخر ، وكانت أمي تمنعنا عن ذلك حينها ، هو رآني ووعدني أنه لن يُخبرها ، ولكن في الصباح وجدتُ نفسي معاقبا ولا يمكنني الخروج لرؤية أصدقائي!"
كانَ بومقيو يتحدثُ بجدية وغضبٍ رأته ميل لطيفًا جدًا لذا قالت محاولة إغاظته أكثر
"أُراهن بأنك شيطانٌ أكثر منه ، هو لطيف حتى بالنظر إليه فقط"
"ماذا؟؟، أخبرتكِ أنه شيطان لمَ لا تصدقيني،
إنه دائمًا ما يجعل أمي تُعاقبني،
و.."
سكت بومقيو ونظرَ أليها مليّاً قائلاً"في صفّ من أنتِ؟"
أجابت ميل ببساطة "هو"
إنتفض بومقيو من مكانه غاضبًا
"أنتِ صديقتي أنا وليس هو!"
قالت ميل بهدوء أكبر ، إذ أنها تستمتع حقًا بجعله غاضبًا هكذا ، هي فقط تراهُ لطيف للغاية
"لا بأس، سأصادقهُ هو "
"ماذا؟؟"
سألها بغضب ، "كما سمعت ، لا أحبُ الغاضبين مثلك"
أجابته بهدوء شديد
"سأقتلك اليوم"
قال بومقيو حاملاً صخرة بيده ،
إستقامت ميل من مكانها وهي تبتعد عنه ببطء
"انا ميل نونا صديقتك هل ستقتلني"
"أنت صديقة أخي لا أعرفك"
قال لها وبدأ بالعكس خلفها حاملًا الصخرة،
كانت هي تجري وتضحك بصوتٍ رنان وشعُرها يتمايل معها مما أعطاها منظرًا ساحرًا أضاف البهجة إلى روح بومقيو
"حسنًا لنتوقف سآموت إذا ركضتُ أكثر "
قالت بين أنفاسها المتسارعة وهي ما تزالُ تركض
"أخبريني بأنكِ صديقتي أنا "
قال لها بومقيو وهو يستمتعُ بهذا
"أنا صديقتك أنت!"
صرخت هي ليضحك هو ويخبرها "فقط"
إمتثلت أوامره
"أنا صديقتك أنتَ فقط!!"
وبعد سماعه لها توقف أخيرًا عن الركض خلفها وقام برمي الصخرة
لتتوقف هي بدورها جاثيةً على رُكبتها تلتقطُ أنفاسها
تقدّم نحوها بومقيو بعد أن إلتقط أنفاسه
"هل أنتِ بخير؟"
أقترب منها قليلًا لتقوم هي بإنتهازِ الفرصة وتمسك بأذنه قارصةً إياها
"لستً كذلك، هل تعلم أنني لم أركض هكذا منذ سنوات؟!"
صرخت عليه ليقوم هو بالضحك بين تأوهاته المتألمة ،
قرصة الأذن مؤلمة بحق
"لنجلس هنا"
أخبرته ميل مشيرة إلى الأرض التي هم عليها الآن .
جلساً سويًا بعد أن إلتقطت ميل أنفاسها
"حسنًا أَكمِل"
قالت ميل مشيرة له أن يكمل حديثه عن نفسه
"حسنًا ، أخبرتك أنني تربيتُ مع أمي وأخي ،
ولم تكن حياتي صعبة ابدًا من ناحية المال أو الأصدقاء ،
ولكن لطالما شعرتُ بأنني آفة على نفسي "
تنهد ثم أكمل
"كانَ أصدقائي ، يخرجون سويًا دومًا عندما كنا في الثانوية ، ولكنني لم أكن مثلهم ، ولم أستطع
لم أكن أُحب الخروج مع الأصدقاء ولا أجد شيئًا جيدًا في ذلك ، لم أكن أذهب ألى الرحلاتِ المدرسية لأني لا أجدُ متعة في ذلك ، لم أكن أُحب الحلويات ،
لا أحبُ المناسبات ولا الإحتفالات ، أكرهُ الأغاني الصاخبة عكس أصدقائي ، لا أُحب الثرثرة ،
لا أُحب سماعها ولا فعلها ،
أنا لا أجيدُها حتى ، كنتُ فقط أتظاهر طوال حياتي ، أحاول التظاهر بأنني مثلهم وأهتم لما يهتمون به ،
ولكنني لا أفعل ،
أنا فقط أتظاهر وأغطي على نفسي بالضحك ،
أكرهُ كوني غريبًا ليسَ مثلهم "
أدمعت أعينُ بومقيو
"لستُ مختلفًا في هذا الجانب فقط ، وإنما حتى في بنائي الشخصي وتفكيري وطريقة رؤيتي للأمور ،
أنا أفكر بكثرة واحيانًا لا أنام ،
أحللِ كل شيء وأصنعُ من كل كلمة حوارًا وأرهق نفسي بتخيل أشياء لا تحدثً حتى ، قلقٌ دائمًا لا سبب ،
متوتر ولا أحد يُطمئنُني ،
ألمُ رأسي كادَ يفتكُ بي ، وعيناي تكادُ لا ترى من فرط الدموع ،
أقف على الهاوية في نهاية كل يوم وأعود للإبتسام في الصباحُ التالي،أحيانًا أتمنى الموت فقط"
أكمَل بومقيو كلماته وقد تمردت دموعه بالفعل ،
حاول مسحها والإبتسام مجددًا ولكنه فشل في ذلك ،
عندما شعرَ بيد ميل تسحبه نحوها تُحاوط كتفاهُ والأخرى تمسحُ على شعره ،
هو شعرَ بدفيء وحنانٍ لم يشعر بهما في حياته ،
دفَن رأسه في عنقها وبدأ بالبكاء بصمت ، لا صوت يخرج منه ولكن دموعه بللت عُنق ميل بالفعل ،
أدمعت عيناها هي بدورها لذا قامت فورًا بمعانقته لتخبره بانه ليسَ وحيدًا وأنها هُنا من أجله ،
حاوط بومقيو خصرها بيده محكمًا على العناق ،
كان يبكي بصمت وإهتزازُ ظهره دليلٌ على شهقاته المكتومة ،
أصابِعُ ميل الرقيقة التي تتخلل خُصلات شعره ، ويَدُها التي تمسحُ على ظهرهِ بلطف ،
شعرها الذي يُشعره بالدفء ورائحتها التي كان يستنشقها ، كُلها عوامل كانت تُخدر بومقيو ببطء ،
لذا غفا وهو مبتلّ بدموعه محاوطًا جسد ميل التي تحاوط خاصتُه بالفعل
أريدُ البقاء هكذا للابد
قال مُحادثًا نفسه قبل أن يغط في نومٍ عميق.

جلساً سويًا بعد أن إلتقطت ميل أنفاسها "حسنًا أَكمِل"قالت ميل مشيرة له أن يكمل حديثه عن نفسه "حسنًا ، أخبرتك أنني تربيتُ مع أمي وأخي ،ولم تكن حياتي صعبة ابدًا من ناحية المال أو الأصدقاء ،ولكن لطالما شعرتُ بأنني آفة على نفسي "تنهد ثم أكمل "كانَ أصدق...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

.
.
هل واضح إني راقية وم عندي شي أسويه ،
بارتين بيوم واحد ، والله إنجاز
لا تنسى النجمة💫.

لَــيـسَ بَــعْــدَ الــيَــومِ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن