كهف جهنم (2)

318 41 12
                                    

ألهبت اشعه الشمس رمال الصحراء لتتحول الى حبات من الجمر وتتصاعد منها الابخرة المتراقصة حتى ليظنها العابر بحيرات من المياه لشدة السراب الذى تكونه بابخرتها ومن بعيد ظهر ذلك البدوى العجوز يجر جمله المحمل بأمتعته وتجارته ومن خلفه لحقه شاب بدوى صغير لم يتعدى الخامسه عشر من عمره يحتمى بظل الجمل من حرارة الشمس الحارقة فى صمت بدا وكأنه سيستمر الى الابد قبل ان يضع الشاب الصغير يده على كتف ابيه ناظرا اليه بابتسامته العفوية التى جعلت الرجل يبتسم رغما عنه هاتفا فيه:
-إحتمى بظل الجمل يا (تميم).. الطريق مازال طويلا ..
التفت (تميم) يمينا ويسارا ناظرا الى كم الرمال المحيطة بهم قبل ان يلتفت الى ابيه:
-ابى.. لماذا لا نختصر الطريق..انت تعرف كل طرق الصحراء عن ظهر قلب.. لماذا لم نعد نسير من طريق الوادى كما كنا نفعل من قبل؟؟!!
التفت له العجوز بحدة قائلا:
-(تميم).. هذا الطريق يجب ان تمحوه من ذاكرتك يا ولدى.. هذا الطريق خطر..
ثم تنهد وقد شعر انه استخدم الحدة فى معاملة ولده فهدأ قليلا قبل ان يتوقف عن السير ملتفتا له:
-صدقنى يا ولدى (وادى جهنم) هو اخطر مكان فى ارضنا .. انه لعنه وسط الصحراء وبوابة للشياطين فابتعد عنه يابنى.. ولا تسأل عنه مرة اخرى..
بدت علامات التفكير على وجه الفتى قبل ان يتسائل:
-امازال ذلك الكهف يرعب الجميع ظننتها مجرد حكايات يرويها الاجداد ويصدقها الساذجون لكن يبدو انكم جميعا مصابون بتصديق ماتنسجون من خيالات..
كشر والده هاتفا بحدة:
-قلت لك من قبل انها ليست حكايات .. كل من مر بهذا الطريق شاهد على هذا الكهف الملعون الذى لم يدخله احد الا واختفى نهائيا او عاد منه مخبولا..
قالها ابيه واستدار ساحبا لجام ناقته تاركا الفتى يسير فى حيرة من أمره..
افكار عديدة اجتاحت عقله الصغير لكن قرار واحد اتخذه فى هذه اللحظة..
هذا الكهف يجب ان يدخله يوما ما..
ولم يكن يعرف ان هذا سيكون قريبا..
جدا..
"سندور حول هذا الجبل ونتجه الى الوادى.."
قالها ابيه منتزعا اياه من افكاره التى اجتاحت كل كيانه وهو يدور مع ابيه خلف الجبل لكن..
فجأة انطلق صوت رصاصة من خلف الجبل..
وهمس والده بتوتر:
-يا الهى.. انهم الهجانه..
وهوى قلب الصبى..
بين قدميه..
****
خطى الشباب الخمسة اولى خطواتهم داخل الكهف الذى بدا صامتا صامدا كأى كهف شاهده اصغرهم من قبل حتى ان (ادم) انتزعهم من الصمت الرهيب الذى خيم عليهم منذ بدؤا تلك المغامرة غير محسوبة العواقب وهو يرفع جهاز تسجيل الى فمه قائلا :
-يبدو عاديا.. لا أشعر بشىء غريب تجاه هذا الكهف.. وربما كان مايحكى عنه مجرد اساطير كما اخبرتكم من قبل.. حكايات خرافية يميل البسطاء الى تصديقها اغلب الوقت..
ورغم ظلام الكهف كانت الكشافات المزود فى خوذة كل واحد منهم تلقى بمساحة لابأس بها من الضوء تتيح لصاحبا ان يرى جزء من الكهف وعلى ضوء كشافه رأى (هيثم) تلك الصخور الحادة البارزة فالتفت الى (فارس) الذى ثبت كاميرا صغيرة تلتقط كل مايحدث لتسجله لحظة بلحظة هاتفا:
-(فارس) قم بتصوير هذه الصخور الحادة اعتقد انه من المهم تسجيل كل ما نراه فى المكان..
ثم عاد يتحسسها فبدت له باردة جدا بل شديدة البرودة فاخذ ينزع التراب عنها حتى ظهر قلب الصخرة الفيروزى اللامع على ضوء الكشاف البسيط فالتفت لصديقه قائلا فى سعادة:
-يبدو ان الاساطير التى نسجها هؤلاء القوم حول الكهف جعلته طوال التاريخ بكرا.. لم تمتد يد لثرواته .. اتعرفون معنى هذا..
اجابه (آدم) وهو يتحسس ارضية الكهف على الضوء المنبعث من خوذته وسط الظلام:
-ليس له سوى معنى واحد.. ان كنوز هذا الكهف لم تمسها يد بشر.. حسنا لنعتبر انفسنا صرنا اغنياء لكن علينا ان نجد تلك الكنوز اولا..
ضحكوا جميعا وتوغلوا داخل الكهف..
رددت جدران الكهف ضحكاتهم حتى صمتوا قليلا وهم ينظرون الى ذلك التجويف الكهفى الذى انقسم الى ممرين قبل ان يتسائل (فارس) :
-اى الطريقين نسلك ياشباب؟؟!!
لكن (ادهم) اجابهم سريعا:
-يبدو اننا سنضطر لتقسيم الفريق الى مجموعتين..
لكن (أدم) لحقه:
-لكننا لا نملك سوى كاميرا واحدة عالية الجودة ياشباب..
خيم عليهم الصمت قبل ان يجيب(هيثم):
-لنكتشف جميعا الممر الايمن اولا.. ثم نعود لنكتشف الممر الثانى..
اعترضت(سارة):
-هذا سيضطرنا لاضاعة وقت طويل نحن فى غنى عنه.. اظن ان الحل الاول افضل لنقسم الفريق..
ثم استدارت يمينا ويسارا قبل ان تتسائل فى قلق:
-لا يوجد حل اخر..
اجابها (ادم) سريعا:
-انا ايضا ارى ذلك.. سأذهب مع (سارة) و(هيثم) لاكتشاف الجانب الايمن والفريق الثانى سيضم(ادهم) و(فارس) لاكتشاف الجانب الايسر وستكون الكاميرا معكم..
وافقه (ادهم) قائلا:
-لا بأس.. ولكن لاتنسوا القاء العلامات الفسفورية على طول خط السير لنتمكن من العودة الى هذه النقطة مرة اخرى.. وسجلوا كل ماتشاهدوه بجهاز التسجيل..
افترقا وسار كل فريق فى اتجاه ولم تمر لحظات حتى فوجئت (سارة) بيد (هيثم) يمنعها من الحركة قائلا:
-احترسى..
دققت النظر فاذا بالممر ينتهى بحفرة متسعة العمق لم تستطع كشافات خوذاتهم ان تظهر نهايتها فشهقت:
-يا إلهى كدنا نسقط..
لكن صمت (هيثم) جاوبها فنظرت له لتجد عيناه متسعتان عن اخرهما وهو يدقق النظر فى اتجاه معين عادت تنظر لترى ما الذى يشغله لهذه الدرجة لكنها لم ترى شيئا على ضوء الكشاف صوى جدران الكهف الصامت فتسائلت بتعجب:
-لماذا تدقق النظر بهذا الشكل.. هل رأيت شيئا؟؟!!
اجابها بتعجب ارتسم على ملامحه:
-ظننتنى لمحت شيئا يتحرك.. يبدو انه وهم من ظلام ذلك الكهف..
كان يعلم انه كاذب وانه على يقين من رؤية شيئا ما فى هذا المكان شيئا لم يدرك كنهه او تركيبه ولكنه يدرك انه موجود بلاشك ويجب ان يحترس قليلا لكنه لايريد اخافتها الان.. لكنه لم يكن يعلم ان قلقه انتقل لها بالفعل وظل الصمت بينهم لحظات قبل ان يأتيهم صوت (آدم) من الخلف :
-ما الامر ياشباب؟؟!!
لكن الارض انسحبت فجأة من تحت أقدامهم..
وهوت اجسادهم فى حفرة عميقة..
وارتفعت صرخاتهم..
وسقطوا..
جميعا..
***يتبع
أ. حسام أبو حطب
١٠-١-٢٠٢١

**ياترى ايه مصير الشباب الثلاثة بعد ما راحوا فى سكة مافيهاش رجوع؟؟
**تفتكروا هيثم شاف ايه؟؟
**تفتكروا الهجانه دورهم ايه وايه اللى بيربطهم بكهف ملعون بالشكل ده؟؟!!
تعليقاتكم تهمنى.. ياريت نفكر مع بعض ياشباب..



كهف جهنم (أ. حسام أبوحطب) Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt