الجزء 11

228 6 0
                                    


"على الرُّكاب المُسافرين على متن الرحلة رقم * على متن الخطوط * المتوجّهة إلى مطار الخرطوم الدُولي التوجّه للبوابة رقم ** ."

جالسة على أحد كراسي الإنتظار، سارِحة في ماضيها المُغيَّب وحاضرِها المجهُول، جفّ الدمعُ على خدِّها مُنذ ليلة البارِحة ، تتذكَّر ما حدَث ، ما هزَّ ثِقتها وفتَق فيها جروحاً قديمة..

•••

البارِحة - أمام قصر عُمر الرّشيد :

تتأمَّل وسَن روْنق المكان، يارا الواقِفة في مُنتصف الدرَج، بِفُستانها الأسوَد ، رقيق يصِل إلى أسفل رُكبتها وينتهي حدّهُ، شعرها الأسوَد الطويل يستريح على كتفٍ واحِد، بشرتها البيضاء الصافيَة، قامتها الطويلة وتفاصيل جسدها المُحدّدة مِثل لوحة، تنظُر إلى طاوِلة الطعام الفاخِرة، الشموع تملأ المدخَل، والورد منثُور هُنا وهُناك، وهذهِ الطفلة اليتيمَة ، تتعلَّق بِكفّ عُمَر وتُنادي "بابا" تلتفِت إلى عُمر بعينين غارقتين في الحيرة، ترجُو منهُ كلمة تبريرٍ واحِدة!

واقفٌ هو بجانبها، يُحملِق في هذهِ الكارثة، تجمَّدت كلماته فوق شفاهه، هرَب قلبه من صدرِه، وخارَت قُواه..

تلتِفت بيان إلى وسَن الغارقة في دهشتها، تُمسِك بكفّها، فتتنبّه وسن إليها، تنظُر إليها ثم إلى عُمر : عُمر ، دي بنتَك؟

عُمر مُبرّراً : إستني يا وسن، أنا حفهٍّمك بس ما..

تصيح : جاوبني دي بنتَك !!

يُطأطئ برأسه : أيوة

تُفلِت كفّها، وتُهرول هارِبة

يلحق بها ، يُثبّتها

تصرُخ : كفاية ! كفاية كذب وتمثيل ياخ وخاف ربَّك! إنت عندك بنتك وبيتك والحلوة المنتظراك جوه دي، عايز مني أنا شنو !!

عُمر : والله يا وسن إنتي فاهمة غلط، إستني بس خليني أشرح ليك !

وسن : قصدك تألِّف لي؟ لأ معليش، ماحدّيك فُرصة

المره دي، وكفاية يا عُمر

عُمر مُتوسٍّلاً : الله يرضى عليك ياوسن ما تمشي بالحالة دي ! أنا ما صدّقتَ رضيتي بوجودي فحياتك، عشان خاطري ما تخرّبي كل حاجة بسبب مشهد إنتي مافاهمة في وراهو شنو!

وسن : إنت غبي؟؟ ولا أهبل؟ ولا الإتنين؟ عشان أنا مابقيت فاهماك!! بقولّيك أرجع لمرتك وبتَّك وسيبني! أنا ماحلعب الدور الإنت راسمو لي في خيالَك دا أبداً يا عُمر، ولو كان في بيننا أي شي حقيقي زمان ف بنصحَك تنساه، لأنو ماحيتعاد، واِختَشي.. أخجَل شوية

تركُض وصولاً إلى الشارع، تُوقِف سيّارة الأُجرة ودمعها ينهمر دافئًا على خدّيها، وذلك الشعور الصغير الذي بدأ ينمو بِقلبها تجاهه، إجتثّهُ هذا المشهَد من جذُوره ..

اطلي بلونك روحيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن