8والاخير

348 43 16
                                    

كنت غير مستعدة لأواجه حزن امي الذي سيتربص بها سألت بصوت مبحوح زينب الي كانت تقف بالقرب من رأسي داخل غرفة المشفى وعلامات القلق تغطى محياها فلم تحب غير بابتسامة بأن لا شيء خطير وسأكون بخير لا محالة، كنت ارى الكذب في عيون زينب الصادقة لكن رغم ذلك لم ابين انني كنت الاحظ شيء.

في يوم خروجي من المشفى جاءت أية مع والدها وطلبت من الجميع الخروج عداهما، بعدما خرجت امي ولحقها عمي باسل سألت من آية ان تجلسني وقلت لهما انا والحمد لله اؤمن بالقدر وما يأتي معه ولأنك یا عم جواد مثل والدي فأطلب منكما اخباري بالحقيقة التي اشعر بها داخلي، لا تخافا انا مستعدة ..

بدأ العم جواد يتكلم عن الامراض وكيف أنها تطهر المؤمن من ذنوبه وعن الصبر ومحاسنه بمواجهتها ثم قال لي انني كنت مصابة بسرطان الدم اللوكيميا) لم أتفاجأ كثيرا لان طيلة فترة مكوثي هنا كنت قد هيئت نفسي لسماع اجابة كهذه.

اصطنعت ابتسامة زائفة وقلت الحمد لله على كل حال.

مرت اسابيع انقطعت فيها عن العالم الخارجي ولم يكن لدي سوى مصلاتي التي اجلس عليها طول الليل احاكي الله واعتذر اليه عن ايامي السابقة وبعدي عنه كنت اشعر براحة كبيرة وانا اناجيه انسي بما الألم الملم بي وانقضاض المرض على جسدي الهزيل كل يوم أكثر فأكثر.

ذات يوم وبينما كنت أتوضأ نادت علي امي وطلبت مني الاستعداد للعودة الى امستردام المكان الذي عشت فيه قرابة العقدين لعل هناك طبيب جيد افضل من البقاء هنا حينها شعرت بالحزن والغضب مرة واحدة وقلت لها:

هل يعقل أن اترك الجنة بعد دخولها، كيف تطلبين مني العودة لذلك الجحيم بعدة أن تذوقت حلاوة حب الحسين ونعيم جنته كربلاء، كيف لي أن انقطع عن زيارته بينما أنا اشتاقه بقربه، لن أبرح باب الحسين مرة

اعتدت الذهاب إلى حرم مولاي سيد الشهداء كل يوم طيلة فترة مرضي، اقسم انني لم اطلب الشفاء بقدر ما كنت اريد ادراك الظهور المقدس والبقاء تحت ظل مولاي صاحب الزمان كنت كالمجنونة التي تعوض ايامها السابقة وكأنها تموت غدا.

كانتا أية وزينب يصطحباني كل صباح للصلاة وقراءة دعاء العهد في الحرم المطهر فکما روي أن من يقرأه اربعين صباحا يخرج لنصرة سيد الزمان عجل الله فرجه الشريف وان كان ميتا "واخرجني من قبري مؤتزا كفني شاهرا سيفي بمجردا قناتي ملبيا دعوة الداعي في الحاضر والبادي، اللهم ارني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة واكحل ناظري بنظرة مني اليه وعجل فرجه وسهل مخرجه"

كانت هذه الكلمات ملازمة لي سواء بعد الصلاة او الدعاء والتسبيح لم اكن اريد ان اعيش حياة لم انصر بها الحسين حينما صاح بواعيته "هل من ناصر ینصرنا" اول نصرة ولده الحجة بأخذ ثأره ولو بعد حين.

كربلاء 2016

رحلت زهراء في مكانها المقدس جالسة عند باب القبلة تسند رأسها على جدار الحرم المطهر وتحاكي دمعة الطهر الاخيرة قصة فتاة عاشت
حياتها فقط في سنتين، رحلت حيث حبيبها التي كانت تتلهف لرؤيته فكانت عباءتها السوداء كفنها وهتاف واحسيناه عزاؤها، رحلت وهي تحمل دفترها الصغير الذي كتبت به قصتها هذه باخر كلماتها الحمد لله على نعمة الحسين.. الحمد لله على نعمة البكاء، الحمد لله على نعمة كربلاء، سأتجه نحو الحسين فلا طاقة لي بالبقاء.
في النهاية سمعت صوتك .. فأشهد انك ترى مقامي وتسمع كلامي وترد سلامي.)

تمت

🎉 لقد انتهيت من قراءة وترّد سلامي .. 🎉
وترّد سلامي ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن