7قبل الاخير

246 30 4
                                    


فلحقت بها من غير أن تنتبه رأيتها تدخل بناية تبدو قديمة تقع على بعد قليل من قسم علوم القرآن وهناك التقت ببعض الفتيات اللاتي كان يرتدين ايضا العباءة داخل الجامعة ومن ضمنهم زینب قررت بعدها عدم الوقوف بعيدا والذهاب اليهن.

عندما دخلت كانت عبارة عن قاعة قديمة والتي ربما تم استغلالها من قبل الطالبات وتوشيحها بالسواد ممتلئة بالكراسي مع منصة خشبية صغيرة وبقربها طاولة تحوي بعض الكتيبات والى جانب الطاولة كان هناك صندوق يحوي ايضا على نماذج من نفس الكتيب لم استطع من بعيد رؤية عنوانه لاحظت زينب تواجدي فقامت من مكانها مرحبة وقالت ما الذي جاء بك هنا؟

قلت لها وهل هو مكان يمنع تواجدي به تحسست ان احدهم لمسني من
كتفي فوجدها آية التي قالت بالتأكيد لا اهلا بك في أي وقت بعدها قمت بسؤالها عن هذا التجمع فقالت:

نحن هنا رابطة جامعيون ممهدون وهدفنا هو توعية الناس بثقافة الانتظار الصحيح وهذا الكتيب نموذج عن بعض الأخلاقيات الواجب الالتزام بما الأجل دولة كريمة يحكمها مولاي صاحب العصر والسلام.

قلت لها عظیم اتمنى الانضمام اليكم ان كنت لا تمانعن لأنني لم ارتدي العباءة مثلكن!

ابتسمت زینب وقالت ما مانع؟

ما هذا الكلام یا زهراء كيف لنا أن ننشر فكر وثقافة اهل البيت بينما نحن لا نتمتع بما فأضافت أية أصدقك القول یا زینب واهلا بك يا زهراء واما عن العباءة فكلي ايمان بأنه سيأتي اليوم الذي يشيرون اليك فيه ب "ذات العباءة".




كانت ليلة العاشر من محرم والحزن السرمدي يهيم على كل شوارع كربلاء المكتظة بأصوات الزائرين ونحيبهم وكأن تلك الزيارة العظيمة
كانت تكفير ذنب اننا قد ولدنا متأخرين جدا من غير ان ننصر الحسين قبل 1400 عام.

بعد انتظار طويل سأذهب إلى حرم الحسين روحي فداه وقد مد الشوق جذوره داخلي لأحيي هذه الليلة قربه اواسي بها زينب وندوبها.

انه الوداع الأخير، رغم طيب ليال الصيف الحارقة الا انني كنت اشعر ببرد يتخلل عظامي، تلك القشعريرة التي سرت بجسدي في تلك الخيمة حيث يجلس الحسين مع عياله، يلقي كلماته الأخيرة، دقت ساعة الرحيل وحان الوقت لتعلن السماء عن خیام محترقة، رؤوس مقطعة، اعين اصابتها السهام، شیبات مخضبة، اجساد مسلوبة، عن امهات ثکلی وزوجات مرملة، عن زينب وهي تنادي بأعلى التل واحسيناه، عن رحلة جديدة ستبتدأ من كربلاء 61 ه لتصل الينا.

بينما كنت امشي بخطوات متثاقلة في زحام الزائرين لاحت قبته الشريفة برايتها السوداء التي كانت ترفرف على قلبي كلما نظرت اليها ايها الحسين اتيتك هذه الليلة وقد ملأت صحيفتي الذنوب فامسح عليها بيدك الطاهر لعلها تعود كما ولدت ناصعة البياض لا تحمل شائبة كحبك الذي ينبض في القلوب. لبيك يا حسين .. لبيك يا شهيد .. لبيك يا مظلوم .. لبيك يا حسين كنت طوال الطريق اناجيه وكأنه الملاذ الوحيد لي والمسلك الذي وجب علي عبوره انه محور الكون وشمسه الساطعة.

بسبب زحام الزائرين اضطررت ان ابقي في التل الزينبي من غير أن ادخل إلى الحرم الشريف الذي لطالما كنت اتوق اليه، تلك الليلة حضرت مجلس العزاء المقام ولم اشعر بالعباءة التي كنت ارتديها بأنها ثقيلة علي على العكس تماما كنت اشعر بها وكأنها جزء مني يزيدني فخرا بنفسي وبأنني سأكون زينبية قولا وفعلا واتحلى بأفعال مولاتي زينب جبل الصبر التي قالت وهي ترى كل عائلتها قد قتلوا "اللهم تقبل منا هذا القربان"

عجيب هو امر تلك المرأة المجاهدة التي كان لها دور اعلامي واضح في الطف بخطبتها في مجلس الطاغية يزيد ومن كلماتها "فکد کيدك واسعی سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا يرحض عنك عارها وهل رأيك الا فند وايامك الا عدد وجمعك الا بدد يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين"

في كربلاء جميعنا حر جاء ليعلن توبته عند سيدة الجليل بعد أن تملكته الذنوب.

في عاشورائك يا حسين سأعلن توبتي عن هذه النفس الأمة التي سأنتزعها لألقي بها بعيدا في حاوية مظلمة تقمع داخلها جميع قاذورات الدنيا، اني اليوم سأولد من جديد لأرتوي من ظمأي بحبك واعلنها توبة تدك مسامع الكون "مع الحسين من جديد".



.

لقد كان يومي الأول الذي ادخل به الجامعة وانا ارتدي هذه العباءة التي تطرزها حشمة الزهراء ويسطع حياء زينب نورا بها، استقبلتني زينب وأية و نرجس وبعض من الفتيات الممهدات وهن يحملن الهدايا والزهور ويباركن في ارتداءها كنت ذلك الوقت استشعر الانتماء الحقيقي بالإيمان الذي انار روحي مذ عرفت هذه الثلة المؤمنة بنات زينب والزهراء واستاذهن الجواد تذكرت حينها كلام مرام لي بأن عودتي ربما قدر..

العباءة شيء مقدس، فيها أريج زينب وأطرافها نسجت من خطواتها، هكذا فضفاضة طويلة، تنشر عبقا ملائكيا، وتنافس خيوط الليل بعتمتها....

انتهى العام الدراسي الأول وودعت معه أية تلك الفتاة المؤمنة وصديقتي الحقيقة التي وجدت نفسي من خلالها حصلت على تقدير امتياز وقررت آن استثمر وقت فارغي في العطلة بدخول الحوزة الدينية التي كانت ترتادها زینب اما آية فلم تستطع بسبب بعض مشاغلها لاسيما أن

والدها متوفاة لذا فالأعمال المنزلية وتربية اخوها وتنشئتهم تنشئة صالحة بنور اهل البيت كان يأخذ جل وقتها.

بعدما سمعت الاستاذة المسؤولة صوتي بقراءة القرآن الكريم شجعتني للمشاركة ببعض المسابقات والمحافل بعدما اضبط احكام التجويد.

كانت تلك اجمل ايام حياتي رغم نوبات المرض التي كانت تصيبني وانا اطمئن امي بأن لا شيء يدعو للقلق ربما كانت نزلة برد عابرة، كنت اشعر بارتفاع شديد في حرارة جسدي مع صعوبة تامة في التنفس والوهن الملازم لي وفقدت شهيتي في الطعام واصبح جسدي هزيل حتى اني لاحظت ظهور بعض البقع الحمراء في مناطق مختلفة من جسمي في نهاية الأمر لم استطع اخفاء تلك الاعراض وسقطت مغشيا علي في احدی دروس الفقه في الحوزة.

عندما فتحت عيني وانا استشعر دفء يدي امي تمسكني رأيت عيونها وارمة وكأنها بكت لأيام عديدة عرفت بعدها انني كنت فاقدة لوعيي عدة ايام، لم اكن خائفة من السؤال عن المرض الذي ألم بي بقدر ما...

وترّد سلامي ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن