3- ذكرى من الماضي

11 0 0
                                    

مضى أسبوع كامل كان كل شيء مستقراء أمي بحالة ممتازة أراقبها باستمرار، أما في عملي حظيت بالقبول من جميع من في المؤسسة برهنت عن قدراتي هناك واقتنع بي مديري بعد إخضاعي لتجربة نجحت بها بالعلامة الكاملة، أما آدم فتأجلت رحلته الأسبوع القادم ليغادرنا مرة أخرى خارج البلد لكن ما لم يتغير إلا صيحات المعتوه مروان على والديه في البناية، لكن يبدو أنه لم يجلس مطلقا أمام مخرج الحي، نعم توبيخات العم وائل قد نجحت وكذلك حال أبي لم يتغير مطلقا فمازال كما هو ينظر في الفراغ.. عدت من العمل مرهقا فوجدت أمي حضرت مائدة بسيطة فيها بعض الطعام قلت لها لماذا أجهدت نفسك عبثا لقد أحضرت معي بعض الأكل الجاهز... قالت ممازحة لي:

_ ليس لك وحدك فلدينا ضيف مهم اليوم...

قلت مبتسما:

- ربما عرفت من یکون...

فتحت الباب لأجد أخي ذوي العينين العشبيتين تكلمت بصوت مرتفع قليلا إذن فأنت ضيفتنا اليوم ... تفضل مرحبا بك. أدخلته بعدها تناولنا الطعام وجمعت الأطباق ثم غسلتها وتركت أمي مع آدم يتحدثان في موضوع ما، ثم عدت لأجلس معهم فتبادلنا الحديث مطولا حتى وصلنا لنقطة معينة أشار بها آدم الأمي... قال سائلا:

أمي يقين لطالما أردت طرح هذا السؤال عليك لكن ظننت أنه مبالغ به وهنا أظنها فرصة مناسبة لأمليه عليك، كيف اجتمعتما أنت والعم باهر؟ قلت مؤيدا له:

صحيح لم تخبريني أبدا هيا أخبرينا يا أمي... لقد حرکت الأجواء هنا یا آدم سترى احمرارا لا تراه كل يوم.. فعلا تغير لون وجه أمي خجلا، ترددت في الوهلة الأولى من الحديث عن حکایتهما لكن نظرات آدم لها أرغمتها على تخطي خجلها فهذا أول سؤال أو يعتبر طلبه الأول لها فكان عصيا عليها رده وعدم إخباره، لربما إن ألقيته أنا عليها القابلتني بالرفض لأن نقطة ضعفها هي أبي وهي تخجل للغاية حين يفتح أي موضوع يخصه خاصة أنها لا تحب التكلم عنه أمامي لأنني أستغل الأمر بشكل سيء... شکرا یا آدم سأعرف قصتهم بفضلك... قالت بخجل:

_سأخبرك يا بني فقط لا تسمح له بالتكلم هل اتفقنا..؟

قال آدم:

حسنا يا أمي يقين دعي أمره لي فجلس بجانبي ومرر يديه فوق عنقي ووضعهما على فمي حتى لا أتكلم مطلقا... يا له من فعل خبيث قمت به یا آدم.. تكلمت أمي: قصتنا بدأت قبل واحد وأربعين سنة من يومنا هذا حين كنت أبلغ عشرين سنة وأبوك اثنين وعشرين سنة كنت ذلك الوقت يمكنني أن أمشي لكن ليس كباقي الناس كانت تلزمني عصا طبية لأتكئ عليها فقد عانيت منذ الصغر من ضعف في قدمي ورثته عن جدي... واصلت العيش لكن الكآبة بدأت تتوغل داخل قلبي رويدا رويدا لأنني كرهت نفسي فقد صرت عبئا كبيرا على عائلتي لعدم قدرة أبي على توفير مصاريف علاجي لأن احتمال شفائي من ما أنا فيه الآن كان واردا للغاية لكني لم أمتلك الصبر اللازم لذلك أردت الشفاء سريعا فكلما رأيت شخصا عاديا يمشي على قدميه كان يؤلمني قلبي للغاية... تفطن أبي أنني في حالة تتدهور تدريجيا فنصحه أحد أصدقائه بعدما حكى له ما يجري لي... قال له لماذا لا تغير المكان لعدة أيام لعلها تبتهج وتخرج مما هي فيه فأخذ أبي بالنصيحة بعدها بيومين توجهنا لأحد الولايات الساحلية في شمال الجزائر النقيم هناك... وصلنا لأحد الغابات شديدة الاخضرار منظرها أكثر من رائع، هواؤها كوجبة طازجة لكل من استنشقه وزقزقة العصافير تعم المكان فتزيده بهجة وصفاء... كل الأشياء في بداية الأمر كانت مثل الخيال، ظننت أني في حلم، لكن حين مسست تلك الطبيعة بعيني علمت أن هذا المكان حقيقي، نصب أبي الخيمة مع أخي الصغير لتخيم هناك فلم تكن هناك فنادق بذلك الوقت وجهزت أمي بعض الأكل لنأكله حتى حل الليل، ثمنا جميعا إلا أنا لم يغمض لي جفن، شعرت بالملل الشديد فسحبت عصا بقربي لأنهض بمساعدتها ثم غصت داخل الغابة لم أعلم أين إلى أتجه فقط أمشي وأمشي حتى ابتعدت عن مكان مخيم عائلتي، توقفت قدامي عن حملي فوضعت ظهري على شجرة كانت كبيرة للغاية وحجمها مختلف عن باقي الأشجار... مرعبة الشكل... لونها داكن للغاية... تعالت أصوات الحيوانات بعد هدوء دام لبضع دقائق... أتذكر أنني وضعت يدي على فمي وانهمرت عيني بالدموع قائلة ما الذي حركني من موضعي بئسا لي..

رواية : أنا أختنق ❤️ ( لا حياة بلا قناع )Where stories live. Discover now