2- حياتي

11 0 0
                                    


إياد... إياد... انهض يا بني سنتأخر كلنا عن موعد الزيارة هيا با إياد قم حالا... ألا تسمعني يا إياد.. إياد.. فتحت عيني على صوت أمي وهي تنادي علي ثم بقيت بضع ثواني مستلقيا لأفكر ما بال هذا الكابوس المزعج الذي دائما يظهر لي كلما أخلد للنوم فعلا قد سئمت منه كأنه فيلم درامي ممل يجب علي إجبارا مشاهدته رغما عن أنفي ولا

حق لي على الاعتراض عليه... أوووف يا إلهي ليته يخرج من رأسي ويدعني وشأني لأنال نوما طيبا على الأقل فهذا أقصى ما أتمنى بحق، ثم سمعت صوت أمي مرة أخرى تقول هيا يا بني ستتأخر استيقظ...

***

أنا إياد سعد... أبلغ من العمر تسعة وعشرون سنة... خريج جامعة بسكرة بالجزائر منذ ثمانية أعوام... أعزب عاطل عن العمل حاليا وربما سيتغير هذا الوضع اليوم إن سارت الأمور على أحسن وجه كما آمل... |

* * *

توجهت لغرفة أمي لأجدها مستلقية على فراشها تنتظر مني حملها ووضعها على كرسيها المتحرك، نعم فهي لا تقوى على تحريك أسفل جسمها لأنها مقعدة بل تحتاج لمساعدة من شخص آخر وغير هذا فلا يمكنها عمل شيء بمفردها وما يزيد عجزها أنها تبلغ من العمر واحدا وستين عاما... ستقولون أنني أتأسف لحالها لن أخفي عليكم إن كان ذالك الكابوس المزعج يختلي بي كل ليلة فالتفكير بأمي لا يفارق بصيلات عقلي مطلقا حين أستيقظ لغاية آخر ثانية أغمض فيها عيني ومع هذا العبء الذي يخلع الكتف من مكانه فإنني أنسى ذاك الثقل حين أدخل لغرفتها كل صباح كما الآن نعم قد ارتحت قليلا... إن أمي تبتسم دائما ولطالما كانت كذلك، فبالرغم من أنها لا تقوى على الحراك كغيرها فإنها تتفوق على أي إنسان بنقاوة قلبها مع فيض من الحنين غير منته وتمسكها بحبل الله الذي لا ينقطع بتاتا فمن معتقداتها الإيمان بأن الغد سيكون أجمل من الأمس بإذن الله... أتمنى من ربي أن لا يأتي ذلك اليوم الذي لا أرى تلك الضحكة على وجنتيك الجميلتين أدامك الله علي يا سبب سعادتي في مستقر الحياة..

تقدمت نحوها وجلست على الفراش ثم عانقتها بحرارة كبيرة كأنما عدت من حرب طويلة الأمد ثم قبلت جبينها الطاهر ورأيت في عينيها بريقا خفيفا.. قلت لها ضاحكا:

- أعلم سبب سعادتك الزائدة اليوم سترين زوجك أليس كذلك؟

احمرت خجلا منزلة رأسها للأسفل دون التلفظ بأي كلمة.. أعدت سؤالها عدة مرات، بقيت على حالها لكن مع ابتسامة طفيفة ترسم تدريجيا كلما قلت كلمة زوجك... تعجبني أمي حين أرى على محياها تلك الابتسامة الخجولة فهذه متعتي الأسبوعية لأكون صريحا... كنت أظن الحب يفقد عقبه وشبابه حين يتخطى الشخصان عمر الخمسين بفعل التعود على بعض أو الروتين المتكرر كل تلك السنين، أما ما استنتجته فهو العكس تماما فعنفوان الحب النقي الطاهر لا يزول بمضي ألف سنة إن لازم الأمر فما يحتاجه أناس يقدرون قداسته ويسقونه ودا بداخلهم في قلوبهم مثلا فيزداد ذاك الحب الصغير شبابا وتوهجا فلا يكبر أبدا من بعدها، هذا كان سر ضحكة أمي فالزمان كفيل بتغير أجساد البشر أما الحب الحقيقي فيحافظ على القلب من تقدم الزمن... ثم ناولتني بإحدى يديها محاولة ضريبي وهي تقول يكفي لا تتكلم أكثر... أرخيت رأسي في حضنها ثم أمسكت إحدى يديها الضعيفة ووضعتها على

رواية : أنا أختنق ❤️ ( لا حياة بلا قناع )Where stories live. Discover now