تيمور لنك : التتار المرعب

Start from the beginning
                                    

مجزرة سبزوار

أولى مجازر تيمور لنك كانت في عام 785، وكانت في خراسان، وتحديدًا مدينة سبزوار، حيث أخطأ أصحاب هذه المدينة خطأ فادحًا وقاموا بالدفاع عن مدينته أمام هجمات جيش تيمور لنك، فجاء عقابهم شديدًا بعد سقوط المدينة حيث تم مُهاجمتهم بعد رفع الشارة السوداء، وكانت هذه العلامة تعني أنه لا يجب أن يبقى أحد على قيد الحياة في المدينة، وبالفعل تم قتل ما يقرب من مئة ألف من أهل المدينة ما بين عشيةٍ وضحاها.

الأمر لم ينتهي أبدًا عند ذلك الحد، بل أمر تيمور لنك أيضًا بقطع رؤوس كل هؤلاء الضحايا وتشييد بُرج عالٍ بها، وبالفعل قام المُهندسون والمعماريون الموجودين في جيش تيمور لنك بعمل مُخطط هندسي لذلك الصرح البشري، بينما أُمر من بقى من أهل مدينة سبزوار بقطع رؤوس ذويهم وبناية البرج، حتى أصبح بعد بناءه يُشبه البرج الحقيقي المُشيد بالحجارة، لكن الفارق الوحيد أن هذا البرج كان يعج برؤوس أهالي سبزوار، والذين لم يتركهم تيمور لنك عند ذلك الحد وقام بدفنهم أحياء ليجعل المدينة بأكملها بلا حياة في مجزرة لم يسبق أن رأى التاريخ مثلها، ومع ذلك لم يتوقف تيمور لنك وأكمل طريقه باحثًا عن البلدة التي سيُقيم بها مجزرته الجديدة، وكانت تلك الضحية هي مدينة أصفهان ب إيران.

مجزرة أصفهان

مجزرة تيمور لنك الثانية كانت في مدينة أصفهان الإيرانية، فقد أخطأت هذه المدينة نفس خطأ سبزوار وقامت بمقاومة تيمور لنك وجيشه واستعصت عليه لأكثر من تسع شهور، بل أنها أسقطت عشرين بالمئة من جنوده، حتى جن جنون تيمور وأمر بالقتل العام مرة أخرى مثلما فعل مع أهالي مدينة سبزوار، ليتم قتل الأطفال والنساء والرجال في الشوارع والنساء، وذكر البعض في كتبهم أنه من شدة الحصار، الذي كان مفروضًا على هذه المدينة قبل الاقتحام، فتح الجنود بطون قتلاهم فلم يجدوا به سوى النباتات والعشب الأخضر، لكن تيمور لنك لم يتأثر بكل ذلك وواصل المذبحة.

الأطفال أيضًا كانوا كبش فداء أثناء تلك المجزرة، حيث توهم أحد العلماء أنه إذا تم وضع هؤلاء الأطفال في طريق هذا الطاغية فإن قلبه سوف يلين ويرفق بأهالي هذه المدينة، لكن هذا لم يحدث أبدًا، بل أمر تيمور لنك بدهس هؤلاء الأطفال في طريقه وقتلهم جميعًا، ثم أمر بعد ذلك بتسوية المدينة كلها بالأرض، ولم ينسى بالطبع قبل كل ذلك أن يُقيم منارة كبيرة برؤوس أهالي المدينة.

تيمور لنك والأسرى الهنود

في الطريق إلى الشام مرّ تيمور لنك بالهند، وهناك قام بأسر ما يزيد عن مئة ألف مقاتل، ومع الوقت ظهر العجز في الطعام والشراب، فوجد تيمور لنك الحل في التخلص من هؤلاء الجنود، حيث قام بذبحهم كالبعير، ولم يأخذ الأمر في يد تابعيه من الأوباش أكثر من عشيةٍ واحدة.

بعد ذلك أكمل تيمور رحلته إلى بغداد والموصل وحلب، وقام بإسقاط كل المدن التي واجهته وإقامة المجازر فيها كطريقة لبث الرعب والخوف في قلوب المدن التي ينوي فتحها، والغريب، والذي ربما سيُدهشكم جميعًا، أن تيمور لنك، السفاح المتوحش هذا، كان مُسلمًا، ومُتدينًا للغاية، حتى أنه كان يحمل مسجدًا مُتنقلًا معه، ويُقال أيضًا أنه كان يحفظ القرآن عن ظهر قلب، ويعرف العديد من العلوم الشرعية ويتفوق على الكثير من العُلماء، لكن لا أحد يعرف حتى الآن كيف كان يرتكب كل هذه المذابح والانتهاكات الإنسانية وهو يدين بالإسلام، ذلك الدين الذي لا يأمر بالتعدي على مجرد شجرة، لكن، مثل أي طاغية، جاءت نهاية تيمور لنك درسًا وعبرة.

نهاية تيمور لنك

الجميع كان يتمنى نهاية تيمور لنك عاجلًا أو آجلًا، وكانت هناك الكثير من المحاولات لاغتياله، لكن يشاء الله أن يُسلط عليه المرض، وليس مرض خطير مثلًا، بل مجرد البرد، والذي أخذ يُفتت في جسده ويجعله يتلوى أمام أفضل أطباء الأرض، ومع ذلك لم يتمكن أحد من علاجه، حتى أنه كان في آخر أيامه مُغيب تمامًا عن الحياة ولا يشعر بانتصارات أو انكسارات جنوده، وظل على ذلك الحال حتى انتهى صبيحة يوم مُشرق، جاء ليُعلن عن نهاية عهد من الظلم والانتهاك وبداية عهد جديد، مهما شهد من ظلم لم يصل أبدًا إلى وصل في عهد تيمور لنك.

ثقف نفسكWhere stories live. Discover now