تحت الغطاء الأبيض - Under The...

By Minar_bg

669K 49.3K 21.2K

⚠️(الكتاب الثاني و الأخير من رواية تحت الغطاء الأسود)⚠️ فالكين أمير جنيات جذاب و ذكي يعيش في مملكة أسليرا الس... More

- مقدمة -
الفصل الأول - Chapter 1
الفصل الثاني - Chapter 2
الفصل الثالث - Chapter 3
الفصل الرابع - Chapter 4
الفصل الخامس - Chapter 5
الفصل السادس - Chapter 6
الفصل السابع - Chapter 7
الفصل الثامن - Chapter 8
الفصل التاسع - Chapter 9
الفصل العاشر - Chapter 10
الفصل الحادي عشر - Chapter 11
الفصل الثاني عشر - Chapter 12
الفصل الثالث عشر - Chapter 13
الفصل الرابع عشر - Chapter 14
الفصل السادس عشر - Chapter 16
الفصل السابع عشر - Chapter 17
الفصل الثامن عشر - Chapter 18
الفصل التاسع عشر - Chapter 19
الفصل العشرون - Chapter 20
الفصل الواحد و العشرون - Chapter 21
الفصل الثاني و العشرون - Chapter 22
الفصل الثالث و العشرون - Chapter 23
الفصل الرابع و العشرون - Chapter 24
الفصل الخامس و العشرون - Chapter 25
الفصل السادس و العشرون - Chapter 26
الفصل السابع و العشرون - Chapter 27
الفصل الثامن و العشرون - Chapter 28
الفصل التاسع و العشرون - Chapter 29
الفصل الثلاثون - Chapter 30
الفصل الواحد و الثلاثون - Chapter 31
الفصل الثاني و الثلاثون - Chapter 32
الفصل الثالث و الثلاثون - Chapter 33
الفصل الرابع و الثلاثون - Chapter 34
الفصل الخامس و الثلاثون - Chapter 35
الفصل السادس و الثلاثون - Chapter 36
الفصل السابع و الثلاثون - Chapter 37
الفصل الثامن و الثلاثون - Chapter 38
الفصل التاسع و الثلاثون - Chapter 39
الفصل الأربعون - Chapter 40
الفصل الواحد و الأربعون - Chapter 41
الفصل الثاني و الأربعون - Chapter 42
الفصل الثالث و الأربعون - Chapter 43
الفصل الرابع و الأربعون - Chapter 44
الفصل الخامس و الأربعون - Chapter 45
الفصل السادس و الأربعون - Chapter 46
الفصل السابع و الأربعون - Chapter 47
الفصل الثامن و الأربعون - Chapter 48
الفصل التاسع و الأربعون - Chapter 49
الفصل الخمسون - Chapter 50
الفصل الواحد و الخمسون - Chapter 51
الفصل الثاني و الخمسون - Chapter 52
الفصل الثالث و الخمسون - Chapter 53
الفصل الرابع و الخمسون - Chapter 54
الفصل الخامس و الخمسون - Chapter 55
النهاية - The end
رسالة الكاتبة مينار

الفصل الخامس عشر - Chapter 15

11K 764 205
By Minar_bg

فور وصولنا الى مملكة فالينيا دخلتُ غرفتي لكي أبَدِل ملابسي، لقد قضيتُ أسبوعاً كاملاً بِنفس الفستان لهذا لم يكُن هنالك شيئاً اريد التخلص منه أكثر منه.

بعدها أرسلتُ أحد الخادمات لكي تطلب من مايكا القدوم فَليس بأمكاني مغادرة القصر من دون أعلامه كي لا يقلق عليّ. انتظرتُ لِما يقارب الدقائق الطويلة و إذ بِالباب يُطرَق لأنهض من على السرير و أذهب حتى أفتحه.

" مايكا. " قلتُ كَترحيب به أفتح الباب أكثر كي يدخُل.

" لقد طلبتني......هل من مشكلة؟ " سألني بعد أن أغلقته خلفنا. ألصقتُ ظهري بالباب ألُف ذراعاي حول نفسي.

" نعم في الحقيقة لدي ما أخبرك به. "

أستدار إليّ بِحواجب بدت لي مُعقدة يبدو حائِراً
" هل عاد الألم مجدداً؟ "

أومأتُ له أعَض على شفتي السُفلية أضع يداً لا إرادياً على كتفي مكان تواجد الوشم المَخفي تحت وشاح الفستان الحريري.

مايكا يعلم بِأمر الوشم و الألم الذي يرافقه كل حين، لقد أخبرته بعد الحادث لأنه لم يكن باستطاعتي أخفائه ابداً و خاصةً منه فَلا شيء يجري مِن أمام عينيه من دون أن يعرف بِشأنه و غير ذلك هو خاطبي.......سيرى جسدي حتى لو حاولتُ أخفاء الوشم بِطُرق مختلفة.

لا سَر بيني و بينه.

إلا واحد.

تقدم مايكا نحوي بِخطوات مستقيمة و ثابتة يديه خلف ظهره و رأسه منحني قليلاً كي ينظُر لي.

حرك يده ليضعها أسفل ذقني يرفع رأسي إليه لكي أنظُر بِتلك العينين الخضراء كَلون الزُمرد لكن ليس فيها بريق بل مُظلمة
" أخبريني ماذا يمكنني فعله من أجلك؟ "

أمسكتُ بيده أبعِدها عن ذقني لأتنهد بِقوى
" لا شيء سوى تركي أذهب الى كريسيدا. "

حدق بي لِلحظة مطولاً كالذي لم يسمعني ليَسحب يده من يدي و تعود ملامحه المُتحجرة الى مطرحها على وجهه.

" الَم نتفق اننا لن نتحدث عنها أو نفكرها بالاستعانة بها؟ "

" لكن هي الوحيدة التي تقدر على مساعدتي مايكا، أرجوك دعني أذهب. "

" هنالك الكثير من السَحرة الذين سيُساعدونك و انتِ أخترتِها لها. "

أخَذ خطواتها نحوى الباب يُغلق عن الموضوع بِرفض لأركض خلفه أمسك بِذراعه أشُدها كي أوقفه
" مايكا انا أترجاك! دعني أراها و لو لمرة واحدة لقد مرت فترة منذُ أن رأيتها. "

التفت إليّ الظلام في عيونه يُصبح أكبر كما لو أنَ الأنوار في الغرفة لا تؤثر عليها و لا تلمسها.

" ما الذي سوف تفعله لكِ؟ غير تذكيرك بِالدَيّن؟ "

" هي لا يهُمها ذلك صدقني و إنما تستطيع تخفيف الألم. "

" و ما المُقابل سيَكون هذه المرة؟ "

ختمتُ على فمي لا أعرف كيف أجيبه هذه المرة لأنني حقاً لا أعرف و لو كانَ لدي فكرة لما أخبرته على أية حال و فضّلتُ الكذب عليه لأنه بِكل تأكيد سيَحرمني من الذهاب للأبد.

" أرجوك مايكا.......أرجوك. " كان كل الذي غادر شفتاي لأسمعه يتنهد بِعمق يُمسك بِكتفاي.

" حسناً.........أفعلي ما تشائين و لكن إن حدث مالا يعجبك فَلا تلومي إلا نفسك لأني مُتعب مِن تحذيرك. "

ابتسمتُ له شاكِرة على موافقته لأتقدم و أعانقه بِقوى أغمر وجهي في رقبته. عانقني هو بالمُقابل ثم قبّلني على شعري قبل أن يبتعد و يُغادر الغرفة.

" أعذريني سيدتي، لكني شبه أوافقه. " فجأة قالت إكسانا من خلفي لأستدير إليها أجدها جالسة على حافة منزلها الصغير المَصنوع على غُصن عريض لِشجرة صغيرة.

انه منزل مصنوع من الخشب السُكري سقفه أحمر على شكل مُثلث مائل و لديه باب من نفس اللون بِنوافذ و كل ما يلمزه المنزل.

لقد صنعته من أجلها قبل سنوات.

" انها الوحيدة إكسانا، ليس لدي غيرها. " تمتمتُ لها أخذ المروحة اليدوية من فوق سريري.

" أعلم سيدتي. "

و بذلك غادرتُ انا و إكسانا الغُرفة و القصر ثم أخذتُ عربة مع حارسي راث و أتجهنا بها الى غابات فالينيا مكان عيش الشخص الذي ساعدني دوماً.

~ ~

توقفت العربة في قلب الغابة بين مجموعة شجر طويل و نور الشمس يُنير الغابة من بين أوراق الشجر الكبير. ترجلتُ من العربة أنظر من حولي.

انها جميلة بِحق، عشب أخضر قصير يُدغدغ جوانب قدماي في حذائي، زهور بألوانها الزاهية عند الشجر و بين الشجيرات، فراشات ساحرة تطير بأجنحتها الملونة و عصافير زقزق في هذا اليوم الجميل.

أخذتُ نفساً عميقاً أملئ فيه صدري بالهواء النقي و إكسانا طارت أمامي تتمعن بالغابة مثلي.

هذا المكان الذي تنتمي إليه لكنها تعيش معي في قصر بعيداً عن عشيرتها.

" هل نذهب سيدتي؟ " قطع راث حبل أفكاري لأحرك رأسي له أراه بِدرعه الذهبي و خوذته التي يحملها بين ذراعه و أبطه كالعادة في نفس الوضعية.

شعر ذهبي يصل لِلكتفين تقريباً و عيون بنية باردة يقف دوماً متأهِب كأنه سيتهجم علينا أحداً ما أو شيء ما.

لكنه رجل نبيل لا أعرف الكثير عنه إلا انه دائماً ما يُعاملني بِأحترام و يعامل الغير بالمِثل و لديه عائلة يُحبها و يهتم لها.

" نعم، لنذهب. " قلتُ له ليومئ هو مُشيراً أمامه لي كي أسبقه.

أخبر السائق بالانتظار بعدها مشينا الى وجهة التي نعتقد انها ستأخذنا الى مكان تواجد الساحرات.........للأن على الأقل.

انهم يُعرَفون على تنقلهم المُستمر كل فترة لستُ أدري لماذا بالضبط لكن سمعتُ انهم يعيشون بِحرية و ليسوا مُتحدين مع أية مملكة في هذا العالم، يخدمون أنفسهم و يحمون أنفسهم و يملكون ساحرة واحدة مسؤولة عنهم.

لا تُعتبر كالملكة و إنما قائِدة من نوع ما.

و هي السبب لِمجيئي في المقام الأول الى الغابة لِلبحث عنها.

تُدعى كريسيدا، ساحرة مشهورة بين السَحرة و قوية جداً، من السَحرة الأخيار و لكن لديها معرفة كبيرة بجميع أنواع السحر الأبيض و الأسود و ما بينهما.

حتى انها قاتلت بِجانب الملك ريس في الحرب بين أسليرا و شادونايت و لقد ساعدت تاليا كثيراً لهذا يُمكن القول انني أثق بها كما تثق بها تاليا.

تاليا......صديقتي العزيزة التي لم أراها منذُ أكثر من سبعة عشر سنة.

" مِن هنا سيدتي. " أخبرني راث يُشير على اليمين لِنأخذ الطريق بين المزيد من الأشجار أرى بِطرف عيني غزال صغير يتناول العشب و خلفه غزال أكبر منه على ما يبدو انها أمه.

مشينا لِمدة طويلة في الغابة الى أن رأيتُ فتاة ما تقف عند شجرة ترتدي فستاناً أخضر زيتي طويل حول خصرها يوجد حبل عليه على ما أعتقد، ثوم و أعشاب جافة.

كلاهُما سحري و ليس فقط منظراً.

انها ذات شعر برتقالي طويل جداً بشرتها بيضاء و لديها عيون كبيرة مِن مطرحي أستطيع رؤية لونها الجميل، العسلي الفاتح كأنه ذهبي.

رأتنا الفتاة، ابتعدت عن جذع الشجرة ثم وقفت تنتظِر حتى نصلها إليها.

" أسيتيا. " انا قلت لتبتسم لي تَفرُد ذراعيها لأعناقها.

" كيف حالكِ؟ " هي سألت.


" سأكون جيدة عندما أراها. "

ابتعدنا عن العناق لتأخُذ نظرة على إكسانا و راث قبل أن تقول
" و هي بالانتظار. "

عُدنا نمشي مجدداً في الغابة لأننا لا نعرف بالطريق الذي سيأخذنا الى مكان عيشهم عدا أسيتيا، في العادة هي مَن تأتي لكي تصطحِبني إليها لأنَ مكانهم سري و صعب إيجاده بما انهم يتنقلون باستمرار في العالم و هذه المرة وَصلني خبر انها في فالينيا لهذا وجدته بِسرعة.

حسناً، كيف توقعت أسيتيا قدومنا؟

بِكل بساطة لأنهم يُحِسون بالدُخلاء الذين يصبحوا في نفس المنطقة لهذا أسيتيا كما في كل مرة تجدني أولاً.

" هل من جديد؟ " انا سألتها أفتح حديثاً بنفس الوقت رأيتُ ما كنتُ أبحث عنه.

أمامي تماماً. مجموعة أكواخ كأنها قرية صغيرة أو كالكرنفال (مدينة ملاهي متنقلة أو مهرجان).

توجد بيوت و أكواخ، عربات خشبية تبدو قديمة جداً، عليها زينة من كل الأشكال و نباتات و جذور مُلتفة عليها و من حلوها كأنها جزء منها الأكواخ.

عربات كبيرة ايضاً تبدو كَمنازل مُصغرة بألوان و أشكال مختلفة. توجد القليل من الخيمات البيضاء بعضها مُمزق و بعضها على ما يُرام يَخرج منها نِساء يرتدون فساتين طويلة منها الجميل و الثمين و منها المهترئ و القديم حتى المُمزق بِكل مكان.

هنالك نيران مُشتعلة بين كل خيمة و أخرى، دخانها الأسود يحلق أعلاهم ليختفي في الهواء.

" لا....كما تعلمين من بعد الحرب و نحنُ مُستقلين كما كنا حتى الملل تمكن منا و أصبحنا فقط ننام، نستيقظ و نستقبل مَن يحتاجوننا، بِأعطائهم أمنية، الانتقام لهم، أعطائهم فرص و تحقيق أمانيهم و بعضهم فقط يأتي لكي يتذمر يبكي و يُغادر. " أجابتني أسيتيا تضحك ساخِرة.

اقتربنا من المكان أكثر و صرنا في البداية و عندما أخذتُ خطوة فيه شعرتُ بِشعري يتحرك لِلخلف كأنَ يداً ما أمسكته و رمته وراء ظهري و وَبر جسدي وقف من الهواء الذي لامس جلدي المكشوف.

ما حدث كانَ بِسبب التعويذة الغير مَرئية التي تُحيطهم لكي تحميهم من أية شيء في الغابة أو مِن المتطفلين و نحنُ عبرناها لتونا و دخلنا كرنفال الساحرات.

من الداخل فَهو نفس الخارج تماماً. العربات و الأكواخ على كِلا الجهتين، اليسار و اليمين و نحنُ بينها. لا يَفشل المكان ابداً بأرسال الخوف و القشعريرة كلما أتيت.

و شكلهم لا يَخذل بتاتاً. ساحرات شابات و كبيرات بالسن منهم حول النيران المشتعلة تُحرك مقلعة خشبية في قدر (طنجرة) عملاقة مَعدنية كالتي نراها بالكتُب الخيالية للأطفال، أظن أنَ فيها إما الطعام أو مَخلوط سحري.

و منهم يتناولون الطعام فَحسب ليرفعوا رؤوسهم من عملهم و ينظرون نحونا، أو نحوي انا و إكسانا بالذات أشعر كأننا خِرفان بين ذِئاب.

أشحتُ عيوني بِسرعة عنهم كي لا أدخل في مشكلة الخروج منها قد يؤَدي بي الى الهاوية. مع انني كنتُ أتي الى هنا كثيراً و كل مرة ينظرون إليّ بِنفس النظرات كأنني غريبة مع انهُم يعرفون تماماً مَن أكون.

الساحرات لا تحب الغرباء أو مَن هُم ليسوا مثلهم و يُفَضّلون صُحبت الحيوانات على أية شخص من الجنيات أو البشر و أنواع أخرى من الأجناس في هذا العالم.

" لا تهتمي لهم، فَتلك النظرات ليست إلا عادة يتعلمونها. " أخبرتني أسيتيا تقرأ أفكاري لأذكر أن أرفع جدار عقلي حتى لا يدخُله مزعج و يقرأ ما فيه.

انها مهارة تعلمتها جيداً كما يجب على كل بشري تعلمها في هذا العالم. و مَن ساعدني بِذلك هو الملك فالين و الشُكر له أصبحتُ جيدة جداً بِرفع الجدار و أبقاء قارئين الأفكار بَعيدين عني و عن خصوصيتي.

طبعاً أسيتيا لا تقصد التدخُل و إنما صوت عقلي كانَ مرتفعاً لهذا سمعته على ما أعتقد.

" أتفهم ذلك و مِن حُسن حظي أنَ قائدتكم تسمح لي بالقدوم و إلا كنتُ الأن في تلكَ الأقدار. " أشرتُ بِذقني عليها لتُخرج أسيتيا ضحكة من حلقها تَهُز رأسها.

" بالمناسبة أين مافيل؟ لم أراها معكِ. "

" انها في الجبال تبحث عن شيء ما طلبته منها كريسيدا و رفضت عندما سألته عنه. "

هَمهمتُ أنظُر في الأرجاء. مافيل كالأخُت الكُبرى لِأسيتيا و مُساعدة كريسيدا كاليد اليمنى لها، لا يُمكن القول انني قريبة منها مثل أسيتيا أو قائدتهم لكن نتحدث إن تقابلنا صِدفة.

لستُ أدري ما مشكلتها معي لكني عرفت انها ايضاً كانت تتصرف مع تاليا بِنفس الطريقة و مع كُل بشري و مع ذلك لم تؤذيني أو تؤذي القريب مني يوماً و تحاول الابتعاد عنا بِقدر المُستطاع.

غريبة بِحق.

" انه المنزل. " همست إكسانا في أذُني لأنظُر على يساري قليلاً.

هنالك منزل صغير لِلغاية مِن حوله لا توجد أكواخ قريبة منه ولكن شجرتين فوقه كأنها تحميه و مجموعة حَطب مُقطع في كومة بِجانبه.

يتصل به جسر صغير خشبي مثله بِنوافذ زجاجية، ضوء وردي مائل للأحمر يُنيرها من الداخل و بابه حديدي شكله كالعروق المُلتوية باتجاهات مختلفة. يبدو كأي منزل قد رأيته في قُرى لكن هالته شيء أخر.

سحرية و بِشدة، أشعر بها في قلبي و عِظامي.

" و ها نحنُ هنا. " قالت أسيتيا تُشير عليه لنقف أمامه أو أمام الجسر الذي يوصلنا إليه مباشرة.

" هي في الداخل؟ " مع انني أعلم الإجابة إلا انني أحسستُ بِتوتر طفيف على فكرة رؤيتي لها بعد زمن.

" بالطبع، مع انها مشغولة اليوم لكن سوف تستقبلك. "

بلعتُ ريقي أنظُر لها ثم على المنزل ثم على راث الذي لا يبدو عليه الخوف أو اياً مِن ما أشعر به أو لا يمتلك مشاعر كالتمثال المتحرك.

" راث انتَ أبقى قريباً الى أن أعود. " أخبرته أنقُر بأصبعي السبابة على كتفي لكي تَحُط إكسانا فوقه لا اريدها بعيدة عني.

" كما تشائين سيدتي. " قال راث لا يتحرك ساكناً لأرسل له بسمة رقيقة قبل أن أوَدع أسيتيا للأن و أتجه نحوى الباب.

طرقتُ ثلاث مرات عليه و بعد ثواني طويلة سمعتُ صوت كريسيدا من الجانب الأخَر يقول
" أدخُل! "

و دخلت.

لم يبدو المنزل من الداخل مختلفاً أبداً في كل مرة أزورها به.

مع انه صغير من الخارج إلا انه لا بأس به. مليء بالأغراض الغريبة و الجَرّات التي فيها نباتات، مساحيق (بودرة) بألوان كثيرة و حتى رأيتُ عيون في جرات، أصابع، أظافر و كل ما تحتاجه الساحرات المُخيفة في منزلها.

و توجد قُبعات و ملابس في زاوية مع عصا مكانس بما أنَ المكان غرفة واحدة و يوجد على جهة اليمين حوض أو مغسلة صَدئة و مرآة فوقها.

هنالك العديد من الرفوف فوقها كُتب كبيرة و مجوهرات و صناديق بِجميع الأحجام. لو لم أكُن شخص قد رأى أشياء كَهذه كثيراً في حياتها لكنتُ هربتُ من هُنا على الفور و من دون تردُد.

" و تجرئين على القدوم بعد أن غبتِ لأشهر؟ " فجأة قالت كريسيدا مِن على يميني لألتَفِت إليها بينما إكسانا أخرجت صرخة صغيرة.

وجدتُها جالسة خلف مكتبها تُنظِف جرات فيها جِرذان و غيرها نوع حشرات بِأرجل لا تُعَد.

" أممممم انا أسفة؟ " قلتُ بِأحراج لِترفع عينيها الخضراء مُضَيّقة عليّ قبل أن تُشير فيهم على الكرسي المُقابل لها لتعود تُكمل عملها.

صفيتُ حلقي أخُذ خطواتي و القي نظرة خاطفة على مرافقي الخائفة التي تختبئ بين شعري ثم جلستُ على الكرسي بِصمت عدا انه أخرج صريراً أسفلي لكونه قديم.

عَم صمت في المكان لا أحَد منا يتفوه بِحرف. اتساءل، هل يجب عليّ البدأ بالحديث و أخبارها عن سبب قدومي أم انتظرها الى أن تُنهي عملها؟

أخذتُ فرصة لأحدق بها أذكُر شكلها. لديها بشرة فاتحة و شعر أسود طويل بِخُصلات قليلة فيها خرزات مُلونة، أنف صغير مستقيم و عليه نمش خفيف، شِفتها العُلية نحيلة و السُفلية مُمتلئة و حواجبها كثيفة تحتاج لِلقليل من التنظيف و الترتيب.

" كيف حالك كانيلا؟ " سألتني أولاً من دون النظر لي تمسح الأن الجَرّى الأخرى بِسائل أخضر.

" عاد الألم مجدداً كريسيدا.........و أصبحت الوردة الثانية مُكتملة. "

تجمدت يدها التي تحمل قطعة قماش مُتسخة عن مسح الجرّى ثم رفعت عينيها الكبيرة التي تحَوَل لونها الى الحمراء عليّ تحدق بي لِلحظة أبدية.

عيون كريسيدا تتبدل على حسب مزاج الشخص الذي يتحدث معها. هل هنالك أعجب مِن هذا و حتى شكلها قد يتغير. أحياناً قد تتحول الى فتاة صغيرة، عجوز أو شخص مختلف تماماً على حسب مزاج الذي يتكلم معها ايضاً.

و يبدو مِن لون عينيها و التجاعيد حولهم أنَ مزاجي متألم و هذا أكيد.

" أريني الوَشم. " أمرتني هي بِنبرة عميقة لأومئ أبعِد الوشاح عن كتفي أريها إياه.

تمعنت به عن قُرب لِبعض الوقت قبل أن تعود تُرَكِ ظهرها على الكرسي تدع ما بيديها فوق الطاولة.

" هل تهتمين بِصحتك جيداً كانيلا؟ "

" نعم أفعل. "

" و بِجسدك؟ "

" و هذا ايضاً. "

ضَيّقت عينيها مجدداً تُشابك ذراعيها أمام صدرها.

" إذاً ما مشكلتك؟ "

" لستُ واثقة فَلم يحدث شيئاً لي مؤخراً. "

" ماذا عن خطيبك؟ هل أذاكِ؟ "

توَسعت عيناي على كلامها لأهُز رأسي أنفي ذلك لأنَ مايكا من المستحيل أن يؤذيني.

ابتسمت كريسيدا لتُصَحِح ما تقصده
" انا لا أعني جسدياً ايتها الطفلة......و إنما نفسياً، بِكلامه تصرفاته و ما يُشابه. "

عدتُ بالماضي قليلاً و خاصةً بالذكريات التي شاركتها مع مايكا لأذكُر موقفاً واحداً فيه تشاجرنا لكني لم اتأذى نفسياً كما قالت و هذا أمراً طبيعي، في العلاقات الجميع يتشاجر لا؟

" انه بشيء لا يستحق ذكره. " انا تَمتَمت لِتُحرك هي عينيها على إكسانا تُبقى بسمتها على شفتيها لِثواني حتى اختفت.

تقدمت بِجسدها على الطاولة لاحظتُ أنَ لون عيونها عاد لِسابقه و التجاعيد اختفت تجعل وجهها ناعماً و خالي من الشوائب.

كأنها شابة في العشرينات من عمرها مع انها أكبر من ذلك بِمئات السنين.

" بما أنَ حالتكِ الصحية و الجسدية بِخير فَلا أعرف سبب اكتمال الوشم. "

" ماذا؟ حسناً و ما الذي يجدر بالمشكلة أن تكون؟ "

لم تُجبني على الفور بل أخذت تُفكِر لا تُبعِد عينيها القاسية و الرقيقة بأنٍ واحد عني. في كل غمضة عين تكون شيئاً.

" هنالك أحتمال لكنه ضعيف و لستُ واثقة منه، " أجابتني تتوقف لِلحظة تنظُر على الوشم المكشوف قبل أن تكمل
" انتِ........جسدك البشري يتغير مع الوقت. "

" تعنين انها تُصبح مثل الجنيات؟ " سألتها إكسانا تَخرُج من بين شعري لتقف فوق كتفي.

نظرت لها كريسيدا لبعض الوقت ثم هَزت رأسها تتنهد
" البشر لا يُصبحون جنيات بِتعويذات إلا إذا أصبح معها كما أصبح مع تاليا ولكن حالتكِ كانيلا، مُختلفة جداً. "

" ما الذي تعنينه بالضبط؟ "

عدم التوتر و القلق شيئان لا يُمكن التحكم بهما في وضع مثل هذا. جسدي يتعرق و يداي ترتجف.

" أخشى انه يَضعُف. " ردت كريسيدا و حواجبها الداكِنة و الكثيفة مُعقدة.

أحسستُ فجأة بِجدران المنزل تقترب مني بِبطء و الهواء ثقيل جداً يُصعِب تنفسه و نبضات قلبي مُتسارعة. عَضتُ على شفتاي لكي أوقظ نفسي و منعها من العودة الى الماضي و جعل تلكَ الذكريات المؤلمة و المظلمة تصبح حية أمام عيناي.

ظلام.....أرى ظلاماً دامِساً فيه صمت و هدوء قاتل.

صرخات ليست لي و بكاء ليس لي يملئ أذُناي.

ألم بِجسدي فظيع بدأ ينتشر به كله، مِن قدماي حتى رأسي......يُهَددني بالنهاية.....نهاية مؤلـ--

" كانيلا توقفي حالاً! " قوة نبرة كريسيدا الأمِرَ و الصارمة أعادت الضوء لي و سَمعي و نفسي الى مكانها.

الى الواقع و الحقيقة، الى الأمان و الحياة المُزيفة التي لا أنتمي لها. انا أنانية.....أنسانة حقيرة و سافِلة لا تستحق شيئاً جميلاً في حياتها كلها.

" كانيلا قلتُ لكِ توقفي عن التفكير! " أعادت كريسيدا أمرها لأنظُر لها متجمدة كأنني صُعِقت بِصاعقة.

" سيدتي؟ " سمعتُ إكسانا تقول لكني لم أنظُر لها.

" انا قلت انه احتمال و لستُ متأكدة منه و انتِ ذهبتِ بعيداً. لهذا لا أحبذ مجيئك الى هنا على الأطلاق. " تمتمت كريسيدا تفتح دُرجاً في مكتبها تبحث عن غرض ما.

" ا-انا......انا مُتعبة جداً. " خبأتُ وَجهي في يداي أحاول التفكير بِكل شيء و لا شيء معاً.

" انتِ غبية و أنسانة جاحِدة (غير شاكِرة) لكل ما جرى من أجلك. "

أعلم انها تحترق غضباً مني و تكره هذا الجزء مني لكن كيف لي أن أتوقف؟ فأنا لا أتحكم بالذي يأتيني و بعض الأحيان لا أتحكم بالذي يجري معي مِن أفكاري داكِنة كَعيونها الأن و وشعرها الرمادي.

هنالك أشياء كثيرة لا يستطيع المرء التحكم بها أو فقط نسيانها لأنَ الشخص يريد ذلك، الحياة لا تعمل بِتلكَ السهولة.

أغلقَت هي الدرج بِقوى جعلتني أنتفِض فوق الكرسي ثم وضعت على الطاولة بيننا قارورة زُجاجية شفافة فيها سائل أبيض بدا ماءً لكني مُدركة انه ليس كذلك و لا شبيهه حتى.

" جسدك يتغير مع مرور الزمن كانيلا، ليس للأسوأ لكنه ليس للأفضل ايضاً لهذا كوني حذرة على نفسك و خصيصاً صحتك و تناولي هذا، " مَرَرت القارورة إليّ لتطير إكسانا و تقف بِجانب القارورة تدور مِن حولها بِفضول.

" مرة كل يوم قبل النوم، قطرة في فمك و حاولي بِقدر الأمكان عدم النسيان. " أكملت كريسيدا.

" ما هو هذا السائل؟ " تساءلت إكسانا تَفرُك ذقنها يبدو انها لم تَعُد خائفة من الساحرة مع انها بِشكل مُخيف أكثر من اية شكل أخر.

" لديكِ مُرافقة فضولية جداً و هذا سيء. " قالت الساحرة تبتسم على إكسانا لتطير الصغيرة هرباً منها الى شعري مرة أخرى تذكُر انها مثراقبة.

" ما هو هذا؟ " انا سألت أشير بِعيناي على القارورة.

" ليس لكِ شأن بما هو و إنما مَفعوله، قد يُساعدك بِتخفيف الألم إن عاد أو أبطائه لكن لن يوقفه لأنه لا شيء سيوقفه. "

أخذتُ القارورة بيدي أحدق بِما فيها أديرها أجعل السائل يتحرك صعوداً و نزولاً.

" شكراً لكِ. " تمتمتُ أضعها جنباً أرفع رأسي عليها.

" مِن الجيد انكِ أتيتِ اليوم مع اني أخمن أنَ خاطبك لا يوافقني الكلام. "

ابتسمتُ أومئ بِرأسي مرة أذكُر كلامه في القصر و انه في الحقيقة مُحق بِعض الشيء القدوم الى هنا يضرني لكن ينفعني أكثر.

" لدي طُرقي بأقناعه. "

" انا متأكدة. " أمسكت قطعة القماش المُتسخة نفسها و بيد أخرى الجرّى التي لم تُكمل تنظيفها.

" هل يجب عليّ القلق أكثر على نفسي؟ " سألتها لكي اتأكد.

" لا......إن تناولتِ هذا الدواء فَلن تقلقي. "

عَم صمت بيننا قصير فيه أعض على شفتي السُفلية أنتظر منها أخباري عن المقابل، لكنها لم تتفوه بِحرف و تذُكر الأمر بعد.

" أمممم ما هو المقابل إذاً؟ "

رفعت رأسها نحوي تحدق بي لِلحظة ثم أعادت تركيزها على عملها خُصلات من شعرها يتحول لونها الى الأشقر.

" لا مقابل هذه المرة. "

" لماذا؟ "

" لا أحتاج شيئاً منكِ أو بِشكل عام. "

عم صمت ثاني بيننا لتكسره هي هذه المرة قائلة
" هل هنالك ما تريد السؤال عنه؟ بما انكِ لن تزوريني لفترة غيرها. "

بسرعة كبيرة و لِسببٍ ما خطر على بالي شخص يُعاني ليلاً مثلي أو ليسَ مثلي و ربما اسوأ مني.

فالكين.

تلكَ الأحلام و الكوابيس التي تُرافقه في نومه و تجعله يتألم لدرجة الصراخ كأنه يعيش الكابوس بِحق يَمنعه من تَفرِقة الواقع و الأحلام.

كالعالق بين العوالم.

لن يكون هنالك ضرراً إن سألتها عنه صحيح؟ فقط لكي أعرف.

" هنالك شيئاً أوَد معرفته......" أخبرتها لِتُهمهِم منتظرة استمراري.

" ما هي قُدرة رؤية و عيش الأحلام عند الجنيات بالضبط؟ "

رفعت كريسيدا رأسها نحوي بينما أحسستُ بِإكسانا تتحرك بِتوتر تعرف مَن أقصد بِكلامي لكنها لم تتفوه بِكلمة.

" انها هِبة و نقمة لِلكثير، نادرة لديهم و خطيرة جداً، الجني الذي يمتلكها يمكنه رؤية الماضي عن طريقها. إن كانَ مُتدرباً بالتحكم بها سيَقدر على رؤية ماضي مَن يلمسه متى يشاء و كيفما يشاء أما الذي لم يتدرب يرى ماضي مَن يملسه عشوائياً. "

رمشتُ عليها بِسرعة البرق بِصدمة لتُكمل مسحها لِلجرّى بِحذر كأنها أثمن ما تملكه.

" لقد قلتِ انها قُدرة خطيرة.......كيف خطيرة؟ " سألتها بعد أن استوعبتُ ما أخبرتني به.

" هنالك مَراحل لِرؤية الماضي. مَن يمتلك القدرة لا يرى أحلام أو كوابيس بِشكل طبيعي أيّ كما نراهم نحنُ جميعنا بَل بطريقة حقيقية كأنهم كانوا يعيشوا ما كان الشخص الذي يحلمون بِماضيه يعيشه، " توقفت لِلحظة كي تأخُذ جرّى أخرى فيها سائل أسود لتبدأ بِمسحها مُتابعة شرحها

" المرحلة الغير خطيرة، هي عيش تفاصيل بسيطة في الحلم و لمدة قصيرة ليس أكثر. و المرحلة الخطيرة هي عندما يعيش تفاصيل دقيقة في الحلم لدرجة أن يشعُر بِمشاعر الشخص الذي يأخُذ مَطرحه في الماضي، يُفكر مثله كأنه هو ذات نفسه و حتى عند الألم، الحُب، الكره، السعادة و كل شيء. "

" ماذا يحدث إن وصل الحالم لِتلكَ التفاصيل؟ "

توقفت كريسيدا عن تنظيف جراتها العزيزة لِتضع يدها فوق الطاولة لا تُفلِت القماشة و تنظُر لي
" قد يعلق الحالم في الحلم و يعيش حياة الشخص الذي يحلم بِماضيه. و اسوأ من هذا بِكثير هو إذا حلم الحالم بِماضي أحدٍ مؤلم، خطير أو ميت فالحالم قد يموت بِنفس الطريقة في نومه أو قد يَقدِم على الانتحار أو قتل غيره. "

شعرتُ بِدمائي يتجمد في عروقي و بِقلبي يتوقف لِلحظة عن النبض.

آوه لا......فالكين.

" لماذا تتسائلين عن قدرة كَهذه؟ هل تعرفين أحداً يمتلكها؟ " سألتني الساحرة بِشَك لأبلع ريقي و ابتسم بسمة خفيفة مُزيفة أخفي ما بداخلي كي لا يظهر على وجهي أمامها.

" لا، لا أعرف أية أحد لكني سمعتُ عنها و شعرتُ بالفضول ليس إلا. "

ضَيّقت عينيها الخضراء عليّ تحاول معرف إن ما أقول الحقيقة أم لا ثم نهضت مِن على كرسيها مُمسكة بِالجرات تدور من حول طاولتها حتى أصبحت خلفي على يميني أعتقد لكي تُرتبهم فوق الرفوف مع باقي ألعابها المُرعبة.

" كريسيدا اريد أنـ--"

" أنتهى وقتكِ هنا، هيا غادري. " قاطعتني قبل أن أكمل جملتي لأستدير في الكرسي أنظُر على جانبها و هي تُرتب الجرات بين الأغراض.

" ماذا؟ منذُ متى و انا لدي وقت معكِ لأقضيه؟ "

" منذُ اليوم........هيا عودي الى القصر و تناولي ذلك الدواء في المساء. "

تبادلتُ النظرات مع إكسانا ثم نهضتُ على ساقاي أتجه نحوى الباب.

وضعتُ يدي على المِقبض البارد لتوقفني هي بِسؤالها
" كيف هي تاليا؟ "

التفتُ اليها أرى ظهرها و شعرها الطويل يصل لِأسفل ظهرها.

" انا......لستُ أعرف. "

" و لِما؟ ألا تتواصلين بالرسائل معها؟ "

لعقتُ شفتاي أشعر بِحلقي جاف.

" لم أعُد أتواصل معها كما كنت. "

توقفت عن عملها ثم التَفَت لي رافعة حواجبها بِتساؤل
" و ما الذي تعنينه بِكلامك؟ "

" أخِر مرة سمعتُ منها كانت قبل ستة شهور تقريباً. "

منذُ بداية حملها.

" انتِ تعاقبين نفسكِ مجدداً و تعاقبينها؟ "

هَززتُ رأسي بِلا
" انه من أجله و ليسَ أجلها. "

" لا شأن له بِكما. "

" هذا ليس ما قاله لي في الماضي كريسيدا. "

ظلت تنظُر لي ثم تنهدت تغلق على الموضوع.

" حسناً.....أتمنى انها على ما يرام. " قالت كريسيدا تذهب الى مكتبها أو لِلرفوف التي خلفه.

" و انا ايضاً. "

" بأمكانكِ المغادرة كانيلا و لا تعودي إلا بعد ألف سنة. "

كُدتُ أضحك على نبرتها الغير مُبالية لكني لم أفعل لأقول بدلاً من ذلك
" و انا سأشتاق لكِ ايضاً. "

" أرحلي قبل أن أجعل مِن ساحراتي تأكلك على العشاء و تحتفظ بِعظامك لِتنظيف أسنانهم و تزين أكواخهم. "

ظهرت بسمة عريضة على شفتاي لأومئ لها مع انها لا تقدر على رؤيتي و أفتح الباب لِلمُغادرة و قبل أن أغلقه خلفي أقسم أنني سمعتها تُتَمتِم 
"و انا سأشتاق لكِ ايتها الطفلة"

- فالكين-

لم يُخبرني فالين و لا حتى فينار عن وجود أو وصول كاغوا في القصر لأنَ بعد رحلة عودتنا مِن سنويان و دخولنا القصر وجدته يتحدث مع أحد وزراء القصر في البهو الرئيسي.

أستدار إليّ لِرؤيتي ثم ابتسم بسمته الجانبية.

" كاغوا؟ " توَجهتُ إليه قبل أن يستأذن الوزير منه و يغادر يتركنا بِمفردنا.

" سمو الأمير، أهلاً بِعودتكم. "

" ما الذي تفعله هنا؟ " سأله بلايز مُضَيّق العينين.

" و أهلاً بكَ ايضاً يا صغير. " رَحب به كاغوا يومئ بِرأسه.

شقلب بلايز مُقلتيه لأهَسهِس من بين أسناني له حتى يصمت و لا يفتح فمه مجدداً.

" أتذكُر عندما أخبرناك انا و فالين انني سوف أعيش هنا بعد الأن؟ "

آوه صحيح، الأن كل شيء أصبح منطقي.

" لقد انتقلت اليوم و أخيراً. " أجاب كاغوا بِنفسه على سؤاله.

أعدت له البسمة، حقاً سعيد بِمجيئه أضع يداي في جيوبي.

" إذاً هل سَتُرينا غرفتك أم سَنظل هنا واقفين حتى نهاية اليوم؟ "

" بالطبع بالطبع، تفضلوا معي. " أشار هو على الدرج حتى نصعده و نصبح في الردهات الكثيرة.

استغربت جداً بِما اننا لم ندخُل ردهة الغُرَف، التي فيها غرفتي و غرفة الجميع تقريباً.

" الى اين تأخُذنا؟ " انا سألته بعد أن أخذنا ردهة على اليمين و أشعة الشمس تنيرها عبر النوافذ الكبيرة التي ليس لها زجاج فقط مفتوحة دوماً و الستائر تتراقص بِبطء في الهواء.

" غرفتي في نهاية الردهة، و انا طلبتُ من فالين أن يضعني في واحدة ليسَ من حولها غُرف أخرى تُثير الضجة لأني أحتاج الهدوء. "

" آوه العجوز يحتاج الراحة. " قلتُ مازحاً، أشيح بِنظري إليه أحدق بِظهره.

أخرج هو ضحكة بسيطة من حلقه قبل أن نقف أمام باب أبيض بِمقبض ذهبي ليفتحه هو بِمفاتحه و يُشير لي بالدخول أولاً. شكرته على ذلك و دخلت مع بلايز.

أول ما لاحظته، انها غرفة كبيرة جداً و لكن عكس مُريحة لِلبصر. على يساري قليلاً السرير بأغطية سُكرية و لحاف أحمر مع الكثير من الوسادات و خلفه تماماً، نافِذة عليها نباتات خضراء. بِجانب السرير يوجد صندوق كبير ذهبي مُغلق و مُرَصّع بالألماس.

أمامي مباشرة، تسريحة و مرآتها أما على يميني شيء جعل عيناي تتبحلق بِشدة أحسستُ بها سَتخرج من مكانها و تسقط على الأرض و بالطبع، بلايز لم يفشل بِشهقته القوية.

رفوف و رفوف كثيرة مليئة بالزجاجات الصغيرة، جرات و أشياء سحرية انا بِنفسي لم أعرفها أو أعرف بِوجودها.

رفوف غيرها عليها كُتب بِأشكال و أنواع منها مفتوح على الطاولة المُلتصقة بالجدار و حتى هنالكَ مِنصة و عليها كتاب ايضاً مفتوح و مِن حوله كؤوس زجاجية كبيرة، نحيلة، صغيرة و فيها سوائل منها تبدو طبيعية أو بِفقاعات، أظُن انه من الخطير الاقتراب و لمسها.

كدتُ أن اسأل كاغوا عن سبب وجود أغراض كَهذه في غرفته إلا انني تذكرت على الفور انه ساحر قبل أن يكون صاحب متجر ملابس.

" هذا مذهل. " همس بلايز يطير الى مكان تواجد الأشياء العجيبة يُبقي يديه لِنفسه و فقط يُشاهد.

" تفضلوا. " أشار كاغوا على مكتبه في زاوية الغرفة قريب من السرير ليجلس خلفه بينما انا أخذتُ الكرسي بالقُرب منه.

" أرى مِن الأن انكَ رتبتَ أمورك و أصبحت تعيش كما لو انكَ في منزلك. " انا قلت أنظر في الأرجاء مندهش.

" نعم بأمكانك قول هذا. لقد تنقلتُ لِلكثير من الممالك و عشتُ في الكثير من المناطق في هذا العالم حتى حفظتها كلها لهذا التعايش و الاعتياد على كل شيء أمر سهل جداً لي. "

" اريد القول انكَ محظوظ لكن عمرك يفوق الألف سنة. "

ضحك كاغوا يومئ بِرأسه يوافقني ليُفرقع بِأصابعه لكي تظهر زجاجية فيها أوكسارا مع كأسين. ملأهُما بالمشروب ثم أعطاني واحِداً و الثاني لِنفسه.

" كيف كانت زيارتكم لِمملكة سنويان؟ " تساءل هو بعد أخَذ رشفة من كأسه.

" جيدة، لقد استمتعتُ بها و كيجا كانَ مُرحِبًا جدًا بنا، فعلنا ما يجب فعله هناك ثم عُدنا كما ترى. "

" و هل اكتشفتَ ما هو جديد في ذلك الوقت؟ "

لم أجبه بسرعة بل أخذتُ أفكِر بالذي سألني إياه.

ما الذي أكتشفه هناك؟ سنويان مملكة رائعة و مدينتها أروع ما فيها حتى انني حزنت لِتركنا مدينة الزُجاج بِوقت قصير و تمنيتُ لو قضينا فيها المزيد منه.

شعبها مُرحِب و لطيف و القصر الملكي جميل و مريح عدا البرد طبعاً فَهو لا يُحتمل ابداً.

أردتُ أخباره بِهذا كله لكن لِساني سبقني و تفوه بِالذي لا يَنفُك عن الدخول الى عقلي و جعلي أفكِر به كل يوم.

" لقد عرفتُ بِأنَ مايكا مَخطوب من السفيرة البشرية هنالك. "

رفع حواجبه للأعلى لا يبدو عليه التفاجئ و لكن الحيرة قليلاً
" اليسَ مُتأخراً بعض الشيء؟ "

رمشتُ عليه عِدة مرات انا المتفاجئ هنا
" لا تقُل لي انكَ تعرف؟........كيف عرفت أصلاً؟ "

" أحياناً يرى المرء ما هو مَخفي عند فضوله و يرفض رؤية ما هو واضح كي لا يؤذي نفسه. "

رفعتُ حواجبي عليه بِحيرة ليبتسم يُعيد ظهره على كرسيه قائلاً
" هذا ما أخبرني به عمي الخامس مرةً عندما رأيتُ في الغابة، غزالاً فقط مع أنَ خلفه كانَ نمراً. "

" و ما علاقة قول عمك بِحديثنا؟ "

هَمهَم هو يأخُذ رشفة من مشروبه.

" لا علاقة، لقد تذكرتُ كلامه فَحسب. "

أخرجتُ ضحكة من حلقي على فَهاوتِه أنظُر على بلايز الذي يقرأ الكتاب المَفتوح فوق المِنصة و عينيه متوسِعة.

" انها امرأة ذكية....."

نظرتُ الأن على كاغوا لا أفهم ما الذي يتحدث عنه.

" أعني تلكَ السفيرة......لقد قابلتها مَرتين إلا انها لديها هالة الأذكياء، فأحذر منها. "

" لِما تُخبرني بِهذا، إذا كانت ذكية كما تقول فَيَجب على خاطبها الحذر منها. "

ضحك كاغوا و هو ينهض من على كرسيه مُتجهاً الى بلايز.

" و يبقى الانتظار طقساً مُرهقاً من طقوس حياتنا اليومية، لِتلكَ الأحلام التي لا نبوح بها لأحَد. " قال هو يُغلق الكتاب الذي كان يقرأه بلايز لينتفض الصغير و يطير الى الوراء بعيداً عنه.

عن ماذا بتكلم هذا الرجل بِحق الجحيم؟

" ماذا الذيـ--"

" هذا ما أخبرني به عمي السابع عشر عندما كنتُ شاباً لا يحب الانتظار من أجل تحقيق رغباتي. " قاطعني هو مُستديراً إليّ.

طار بلايز نحوي ثم جلس على حافة الطاولة يُتَمتِم كلمات لم أسمعها جيداً لأنه يَهمِسها و لكن أعتقد انه إما يلعن كاغوا أو فقط يُلقي كلمات بذيئة عنه بِنبرة غير مَسموعة.

" لديكَ أعمام كثيرة و حُكماء هاه؟ " انا سألته مازحاً ليومئ كاغوا يعود الى مكتبه يقف خلف كرسيه و يتكئ عليه أكواعه.

" كانَ لديّ....."

آوه نعم لقد نسيتُ انهم انقرضوا و هو أخِر نسلهم.

" على اية حال، انا سوف أغادر و أدَعك لِأقوال أعمامك و عملك. " بما أنَ الصمت كانَ مُحرجاً بيننا نهضتُ و قررتُ تركُه ليبتسم لي مُتفهماً.

" هيا بلايز. " انا قلتُ من ورائي أضع يدي على مِقبض الباب لأفتحه.

خرجتُ من الغرفة و في حين أغلاقي لِلباب، أوقفني كلام كاغوا
" الكلمات تُشبه المفاتيح، إذا استخدمتها بِشكل صحيح تُغلق بِها فَم أو تفتح بِها قلب. "

رفعتُ حواجبي مرة أخرى على شيء قاله ليس منطقياً لِتكبر بسمته أكثر يقف باستقامة ظَهر.

" و هل هذا الكلام أخبرك به عمك الخامس و الثلاثون؟ " انا سألته ليَهُز رأسه مُجيبًا بِـ"لا"

" هذا الكلام مني، لكَ ايها الأمير. "

فتحتُ فمي لكي أتفوه بِالعجائب ليُغلق الباب بِسرعة في وَجهي.

~ ~

زيارتي لِكاغوا ألقَت بي في حفرة ليس لها نهاية، جعلني أعيد و أكَرِر كلامه الغريب في رأسي الى أن وجدتُ نفسي خارج القصر و في الساحة الكُبرى.

تنهدتُ انا أهُز رأسي مع نفسي لأنزل على الدرج لستُ أدري الى أين أوَد الذهاب أو ماذا يُمكن فعله اليوم قبل أن ينمو الملل بِداخلي الى أن أختار النوم، الذي لستُ مُتشوقاً له.

فجأة رأيتُ بوابة القصر الملكية يفتحها الحرس لِتدخل عربة ما و بِجانبها رجل يقود حصاناً من المستحيل أن لا أمَيزه عن غيره.

موالا!

انها الفرس التي ركبتها في مملكة أسليرا و خاصةً من أسطبل لوثر حارس البوابة العُظمة.

" ما الذي تفعله هذه هنا؟ " تساءل بلايز يقف فوق كتفي لأذهب الى العربة و الرجل الذي يَركَب موالا. فور اقترابي منهم بدأت هي بِتحريك رأسها صعوداً و نزولاً تُخرِج صهيلها بِقوى.

نزل الراكِب من عليها يُحاول تهدأتها يلعن بِصوت مرتفع و هو يمسك بِحبلها.

" مرحباً......" انا قلت أعلِن ظهوري لِتتوقف موالا مثل الرجل حتى ينظُر لي و الأدراك واضح في عينيه البنية.

" انتَ سمو الأمير فالكين صحيح؟ "

" نعم انا هو. "

نزل الرجل الأخَر الذي يقود العربة بنيته عضلية و عريض الكتفين يُشبه الرجل المُمسِك بِحبل موالا.

" سمو الأمير، أتينا اليوم من مملكة أسليرا و منزل اللورد لوثر أزاايّ و معنا رسالة نوصِلها لك. "

" و ماذا عن هذه؟ " أشرتُ لهم على موالا ليبتسم الرجل المُمسِك بها مُجيباً
" هذه من أجلك سموك، لقد أرسلها اللورد لوثر لك لأنها اعتادت عليك، فَكما تعلم الحصان وفياً لِشخص واحد في حياته. "

شعرتُ بِسعادة كبيرة تَغمُرني على ذلك لأقترب منها أمُد يدي حتى أقتربت من تلقاء نفسها و وضعت أنفها على كَف يدي.

" مرحباً بكِ موالا، في فالينيا. " تَمتَمتُ لها أضع قُبّلة صغيرة على أنفها لِتُخرج صهيلها مرةً تَهُز رأسها تجعلنا نضحك.

" سموك بِشأن الرسالة؟ " سألني الرجل الأول لألتَفت اليهما.

" نعم، انتم انتظروا في الداخل و أخبروا الخدم مَن تكونون و انا سألحق بكم. "

أومئ كلاهما بِتفهم ثم أعطى الرجل الثاني العربة لأحد الحراس بعدها ذهب كلاهما الى أبواب القصر لأكمل مُداعبة موالا التي تمنيتُ لو هنالك حصاناً مثلها كي أشتريه و إذ بها تفاجأني بِقدومها.

" تعال الى هنا ايها العفريت! " سمعتُ صياحاً صاحبته مألوفة تجعلني أحرِك رأسي على يميني باتجاه ظهوره.

رأيتُ طفلاً يبدو السابعة من عمره يحمل بيديه صندوقاً ما و هو يركض بأسرع ما يمكن و خلفه تماماً جونيبِر لا تبدو و كأنها تلعب معه المطاردة.

" انتِ مجنونة! دعيني و شأني. " صاح الطفل ينظُر الى خلفه ليندم على الفور لاقترابها منه حتى يُكمل ركضه إليّ.

" ما الذي يجري معهما؟ " تساءل بلايز لأدَع مولا و استدير اليهما كاملاً، أشاهِدهم.

" توقف حالاً! " صاحَت من خلفه مرة أخرى تَمُد يدها لكي تُمسكه لكن الطفل رأى أنَ ساقاي مكان مُناسب للاختباء خلفهم يُخفي نفسه منها.

حاولت جونيبِر الأمساك به لكن ذراع الطفل التَفت حول فخذي تمنعها حركته من لمسه.

" هل تحاول الاختباء لأنكَ ستفشل. " أخبرته و هي تتنفس بِشدة صدرها يرتفع و يَهبط.

" ما الذي يجري بينكما؟ " انا سألتها لِتأخُذ هي خطوة الى الخلف تضع يداً على خصر و الأخرى على جبينها تمسح عرقها عينيها الكبيرة ترمق الطفل بِنظرات قاتلة.

تذكرت انها تقف أمامي لِترفع عينيها عليّ و تبتسم لي
" آوه، مرحباً فالكين. "

رفعتُ حاجباً عليها لِتزفر الهواء من فمها و ُتشير بأصبع على الذي يختبئ خلفي.

" هذا العفريت الصغير سرق صندق الأدوات الخاصة بي مُدعياً انها لِوالده. "

" انها ليست لكِ يا قبيحة! " صاح الطفل دفاعاً لِتُهَسهِس من بين أسنانها.

" انا القبيحة؟! كيف تجرئ ايها اللعين، " تحركت الى خلفي و الطفل تمسك بِفخذي بِقوى يَعصره.

التقطتُ جونيبِر من ذراعها العُلية قبل أن تقتله لأعيدها الى أمامي.

" حسناً، هل انتِ متأكدة انها أغراضك؟ "

" نعم انا متأكدة، لقد تركتها بِجانب باب البيت الزجاجي لكي أساعد أبي في عمل مهم و عدتُ لها مفقودة. "

" انا لم أسرقها بَل أخذتها لأنها ليست لكِ، أغراضُكِ في مكانٍ ما. " أخبرها الطفل غاضباً.

تنهدتُ لا أصدق انني عالق بين هاذين الطفلين لألتَفِت على الطفل و أنحني حتى صرت بِمستواه أمسك بِكتفيه.

" ما اسمك؟ "

" كلارينس سمو الأمير. "

" لديكَ اسماً جميل. "

" شكراً لكَ سموك. " أنحنى الطفل بِظهره احتراماً يجعلني أبتسم على أخلاقه التي لم ينساها معي على الأقل.

" حسناً كلارينس، أخبرني كيفَ عرفت أنَ هذا الصندوق لِوالدك؟ "

أخَذ هو يحدق بي لِلحظة طويلة قبل أن يُجيب
" صندوق أبي مِن الخشب مثل هذا و عليه علامة حمراء كما ترى، " حرك الصندوق بِطريقة تجعلني أرى نقطة حمراء بِجانب القفل.

" انا لا أكذب و لا أسرق لكنها قبيحة حاولت أخذهم مني. "

" مَن تنادي بالقبيح ايها الصعلوك؟! " تهجمت جونيبِر عليه تحاول سحب الصندوق مِن يديه لأقف أدُلِّك رأسي مُغلقاً عيناي فَصداع بدأ بالظهور.

" أعطيني إياه يا قزم! " سحبته هي الى طرفها و كلارينس سحب الى طرفه يُصعِب المهمة بإعادة الصندوق عليها.

" ماذا سَتفعل؟ " سألني بلايز يُشاهد المنظَر.

" لستُ أدري، أفكِر بِتركهما لِمشكلتهم فَلدي أمر الرجُلان لأحله. "

أخرج هو ضحكة خفيفة من حلقه يَعلم انني أعاني من اللذان يتشاجران أمامي و يجعلان كل الخدم يحدقون بنا.

فجأة سمعنا أصوات صُراخ قادم من جهة الحديقة لِيتوقفا الطفلان و ينظرا بِنفس الاتجاه.

" و ما المشكلة الأن؟ " سأل بلايز يطير لِجانب رأسي.

" آوه لا....لم يقدروا على السيطرة عليه....." تَمتَمت جونيبِر لأعقِد حواجبي أحدق بها بِتعجُب.

" ما الذي لم يقدروا على السيطرة عليه؟ "

بادرتني النظرات من دون الإجابة أو بدت مُترددة لا تعرف إن ما يجب عليها الرد أم لا.

" أممممم انها مشكلة صغيرة نحاول حلها منذُ يومان و يبدو اننا فشلنا. "

" انه الوحش. " قال كلارينس ليركض نحوى الأصوات يجعلنا نتبعه بسرعة.

" فالكين أسمع هذا ليس أمراً مهماً، لما لا تعود الى الداخل؟ " أخبرتني جونيبِر تركض خلفي لِأتجاهلها و أكمل أرى خدم و حراس يركضون بِنفس الأتجاه مسرعين الى أن وصلنا لِجانب البيت الزجاجي.

هنالك عمال الحديقة و خدم مجتمعون بِكثرة يُخرجون شهقات كل لحظة أو صرخات على شيء ما يحدث أمامهم و عرفت على الفور ما هو عندما حركتُ مُقلتاي للأعلى.

جنب البيت الزجاجي و بعيد قليلاً، نبتة التي تُعرَف بِأكلة الحشرات خضراء اللون بِرأس أحمر فاتح، أسنان حادة، لِسان ضخم و أذرُع عديدة تهاجم مَن يقترب منها.

المشكلة الأكبر، انها ليست كأية نبتة أكلة لِلحشرات، بل عملاقة جداً طولها مِن طول القصر تقريباً أذرُعها تتحرك في الهواء تضرب كل الجنيات التي تحاول إيقافها.

يا اللهي هل هذه مَزحة و كيف أصبحت بِهذا الحجم؟!

الجنيات تطير من حول الوحش و تُهاجمه من عِدة جهات و لكثرة أذرُعه أستطاع ضرب بعضهم و أسقاطهم على الأرض مُصابين ليجتمعوا حولهم الخدم يُساعدونهم.

أخرج الوحش صوتً ضخماً و ثخيناً جعل من الأرض ترتِج أسفلنا.

" كيف لِنبة أن تكبُر و تصبح هكذا؟ " سألتُ جونيبِر التي تحول وجهها لِلشاحب فاقِد لونه.

" أممممم هذه قصة طويلة. " كان كل الذي قالته قبل أن أشهد على أحَد الحراس يُحاول إصابة الوحش بِسيفه لكن و من دون اية سابق أنذار أخرج الوحش لسانه و لفُه حول الحارس ليوقع هو سيفه و يصرخ خوفاً يُحاول ضربه على اللسان لكي يُفلته.

لكن لا جدوى لأنَ الوحش أدخل لسانه الى فمه.

" اللعنة! " صاح أحد العُمال على ذلك.

" هذا سيء لِلغاية، ما العمل؟ " سأله بلايز لأجيبه انا بِتصرفي الذي ربما قد لا أرجع بِسببه لكن لا ندم، فَهُنالك أرواح على المِحَك.

ركضتُ انا بِأسرع ما يمكن لِساقاي أخذي بأتجاه الوحش أسمع جونيبِر تصرخ عَليّ كي أعود أما بلايز ظل معي مُتشبِث بِكتفي.

" هل لديكَ خطة؟ " سألني بلايز لأهُز رأسي و أقفز في الهواء بِقوى كبيرة حتى أخرجتُ أجنحتي السوداء تُمزق سترتي المُفضلة.

" تباً! " قلتُ من بين أسناني أشعر بِنسمة الربيع الدافئة على أجنحتي و جزء من ظهري المكشوف الأن من مكان خروج الأجنحة.

حركتُ أجنحتي أطير أقرب الى الوحش انتبهتُ على الفور إحدى أذرُع الوحش قادمة نحوى حارس غير متأهِب لأطير بِسرعة كبيرة أدفع الحارس بعيداً عن ضربة الوحش لِيُخرج صوتً كالزئير لكونه أخطئ الضربة.

" سمو الأمير يا للهول ما الذي أحضرك الى هنا؟ " سأل الحارس مَصعوقاً.

" لِلمُساعدة. "

و بذلك طِرتُ أتركه الى الوحش أفكِر بِطريقة ما لإيقافه لأنني لاحظتُ انهم لا يريدون قتله بل فقط منعه من قتل الجميع.

و هُم فاشلون بِذلك فَمِنَ الصعب عدم أذية ما يؤذيك.

" فالكين أحذر! " سمعتُ صراخ جونيبِر من أسفلي أجدها تُشير على شيء ما في الأعلى و انا بِردة فعل حركتُ رأسي لأرى ذراع الوحش قادمة نحوي.

توَسعت عيناي بِتفاجئ قبل أن أتشقلب في الهواء أتفادى تلكَ الذراع الطويلة الخضراء و المليئة بالأشواك.

بِضربة واحدة منه قد تُسبِب بالكثير من الأضرار لِجسد الجني و ربما تقتله إن لم يُحالفه الحظ.

" انتبه هناك! " حذرني بلايز من الذراع الثانية القادمة من جهتي اليُسرى لأطير الى الأعلى أتفاداه مجدداً.

أخرج الوحش صوته المُرعب عليّ يبدو انني الأن هدفه الرئيسي بما انني الوحيد الذي لم يتأذى حالياً.

ألقى الوحش بِذراعين باتجاهي لألتقِط الأولى بِسرعة قبل أن تُصيبني و بِنفس اللحظة مَددتُ يدي لأخرج منها شعاع أزرق مثل الصاعِقة و هي قوتي الثانية من بعد التحكُم بالأشياء.

أصبتُ ذراع الوحش أكَوِن حفرة كبيرة فيها ليصرخ الوحش بِشدة يسحب ذراعه مني و بِطرف عيني رأيتُ مجموعة حُراس أخرين يحلقون بِسيوفهم الى الوحش حتى يصبحوا ألهائه الأن بدلاً مني.

لابد من وجود حلاً لإيقافه لكن ما هو؟

فَمُقاتلته لن تُجدي نفعاً لِوقتٍ طويل.

رأيتُ ذراع الوحش تلتَف حول خصر عامِل حاول الاقتراب منه ثم سحبه الى فمه و صراخه ظل صدى الى أن أختفى.

لا! لا مزيد مِن الأموات.

أردتُ الطيران إليه لعَلي أستطيع طلب مساعدة من الحراس لأنَ العمل معاً أفضل من كوني لوحدي أو هُم لوحدهم لأسمع من الأسفل أحداً يناديني لم أتمنى رؤيته و انا في هذه الحالة.

" فالكين لوماريل! "

أحنيتُ رأسي الى الأسفل أعثُر على فالين واقف بين الخدم و العُمال المشاهدين و معه، فينار، حراسهم و توك و بالطبع مايكا و بِجانبه لمفاجأتي كانيلا.

انها تقف هناك ذراع مايكا حول خصرها يُبقيها جنبه و هي عينيه متبحلقة عليّ يداً على فمها.

" ما الذي تظُن نفسكَ فاعلاً هناك! " أعادني غضب فالين له.

" سوف أرجع اليكم انا أعدك لكن أمهلني بعض الوقت لإيقاف هذا الوحش. "

" انا الملك! و أمرك بالعودة الى الأسفل الأن و إلا....."

هَززتُ رأسي لا أنصِت له لأشيح بِنظري من عليه و الى الوحش مجدداً.

" فالكين! " التفتُ الى الخلف أجِد جونيبِر معي.

" ما الذيـ--"

" هناك حَل وحيد قد أخبرني عنه أبي قبل قليل. "

عقدتُ حواجبي أنتظِر متابعتها لِكلامها لتأخُذ هي نفساً عميقاً وجهها أحمر تبدو متوتر.

" لا يجدُر بي أخبارك ولكن لا خيار لدينا.....في داخل فَم الوحش اللهاة و هي أكثر شيء حساس في النبتة. إذا ضربتها بِقوى كبيرة بأمكانك بِتلكَ الطريقة جعلها تقفِد وعيها و نحنُ سوف نُعطيها جرعة سَتُعيدها الى شكلها الأصلي. "

" اللهاة؟ "

أومأت هي تؤكد لي ما استوعبته.

" يجب عليّ دخول فم الوحش؟ "

بلعت ريقها بِتردد لِتومئ من جديد.

" انتِ تمزحين. " قال بلايز بِلا تصديق لأمسك انا به مِن أجنحته أجعل يلعني حتى أنظُر له قليلاً.

" أسف على ذلك. " انا أخبرته أعني ما أقوله.

" ما الذي تعنيه؟ "

لم أجبه لكني حركتُ ذراعي الى الخلف و بكل قوى لدي ألقيتُ به بعيداً عني حتى لا يلحقني أو يكون معي عندما أفعل ما أخَطِط لِفعله، سوف يختفي لِبعض الوقت.

" الملك فالين سوف يقتلني. " هَمست جونيبِر لأضع يداً على كتفها و أبتسم لها.

" لا لن يفعل لأنه خياري انا و انتِ عودي الى مكانـ--"

لم أكمل جملتي لأنَ جوينبِر سحبتي معها بعيداً بأخِر لحظة عن ذراع الوحش التي كادت أن تُصيبنا.

" اللعنة! " هَسهَستُ أنظُر على الذراع التي أصابت خادماً بدلاً منا.

" انتِ أرحلي و دعي العمل لي. " أمرتها بِصرامة قبل أن أدعها و أطير بأتجاه فَم الوحش لكني وقفتُ لِلحظة أفكِر بِخُطة كي لا أفقد حياتي اليوم فَمازال باكراً و لدي الكثير من السنوات لأعيشها.

فجأة خطرت على بالي فكرة جيداً جداً و ربما أفضل من جميع الخُطط التي يستعملونها الحرس و العُمال لإيقاف الوحش.

فمه ينفتح و يُغلق كثيراً و من المستحيل دخوله و الخروج منه حياً لهذا هنالك احتمال واحد قد يُساعد، و هو وضع شيئاً قاسياً و كبيراً بين فَكيه.

حركتُ رأسي في الأرجاء أبحث عن ما هو كبير كِفاية ليتسع فمه و لكن لم أكمل تَخطيطي و إذ بِذراع أخرى قادمة نحوي. تَشقلبتُ من فوقها في غمضة عين لأصبح عليها، ركضت و ركضت و ركضت بين أشواكها حتى وصلت الى وجهِه لألكمه بِقبضتي أجعله يعيده الى الوراء يبصُق لعاباً.

كدتُ أن أكمل لكمه لكن ذراع أخرى حاولت الأمساك بي لأطير الى الوراء أبتعد بِقدر الأمكان عنها.

" فالكين انا لن أعيد كلامي! " أستمر فالين بِأمري بالرجوع لأبتسم له ابتسامة واثِقة جانبية لكنها اختفت كما ظهرت لأنني رأيتُ وجه كانيلا يتغير لونه للأبيض كَلون فَستانها.

" فالكين! " أشارت بِتحذير لِخلفي لألتَفِت و مع الأسف لم ألحق الهرب من الذراع التي أصابتني بِقوى على وجهي.

أحسستُ بِرأسي ينكِسر و بِطنين في أذُناي و انا أوقع في الهواء بِسرعة على الأرض.

في اللحظ التي لامَس جسدي العشب الرطب سمعتُ هدوءً فظيع لم يُعجبني و غير مُسالم.

فتحتُ عيناي و أغمضتهم أرى ضباباً. حاولتُ تحريك يداي لينصتوا لي و يتحركوا و حاولت مع ساقاي و الحمدلله فعلوا. نهضتُ جالساً من على الأرض أخرِج أنيناً من فمي أضع يداً على جانب رأسي.

شعرتُ بِشيء يُبلل يدي لأنظُر لها و كما توقعت هنالك دماء عليها.

انني أنزف. هذا ما كانَ ينقصني لكن قُدرة الشفاء التي تمتلكها الجنيات سوف تُشفيني مع الوقت.

" يا اللهي سمو الأمير هل انتَ بخير؟ " رمشتُ عِدة مرات بِسرعة كي أصَفي مِن نظري لأرى زيو و معه بناته يقفون من حولي بما انهم الأقرب إليّ و من فوق كَتف زيو رأيتُ فالين مُتجمد الوجه و مَن معه في رعب.

انا حقاً في خطر أكبر من الخطر ضِد الوحش إن عشت.

" فالكين؟ " قرفصت جونيبِر بِجانبي.

" انا بخير، يجب عليّ العودة. " نهضتُ على ساقاي الهُلامية لأفقد التوازن و قبل أن أقع أمسكت بي نوار من جهة و والدها من الأخرى.

" لا يجب عليك العودة الى هناك سمو الأمير، فَهذا خطير على حياتك. " أخبرني زيو بِيأس.

" لا......هنالك حيوات كثيرة في خطر و لا يقدر أحدهم على أنقاذهم و انا لا أقدر على المُشاهدة لهذا دعوني أحاول على الأقل. "


" انتَ أمير و لا يجب عليكَ مواجهة شيء كَهذا فالكين فأنه عملنا نحن. "

حدقتُ بِجونيبِر مُطولاً بِعيون باردة أجعلها تُغلقفمها.

" أبقوا الجميع بعيداً عن الوحش و خذو المُصابين الى مكان أمن لِمداواتهم. " أخبرتهم باختصار أبتعد عنهم لأطير الى السماء مواجِهاً لِذلك اللعين الأخضر أكل اللحم.

في ثانية مِن وقوفي في السماء أجنحتي تُصدِر صوت رفرفة قوية من خلفي لاحظتُ وجود شجرة كبيرة جداً خلف الوحش. جِذعها ثخين و يبدو قاسياً كِفاية لِوضعه بين فَكيه.

لكنها بعيدة لِلغاية و من المستحيل أن أطير من خلف الوحش من دون مقابلة تلكَ الأذرُع الطويلة فَفي لحظة أغُض فيها البصر عنه سوف تُمسك بي أذرُعه و ربما سأصبح طعاماً لها كَباقي الضحايا.

أحتاج مساعدة شخص يَكرهني الأن و أخمِن انه يدرُس طُرُق لِقتلي لكن لا أحَد سواه في هذه اللحظة باستطاعته إعانتي.

طِرتُ عائداً الى الملك و وَجهه الذي يَغلي كَقدر الماء على النار.

" فالين اريد منكَ خدمة. "

" سوف أقتلك إن لم تهبط على الأرض فالكين. "

" لا وقت لِلجِدال! اريد منكَ أن تُحرِك تلكَ الشجرة من جذورها في الأرض. "


عقد حواجبه أكثر حتى أرتسمَ خَط بينهما ليسأل

" لماذا؟ "

" فقط أفعل ما أخبرك به و لا تسألني فَلا وقت. "

أخذتُ نظرة سريعة على كانيلا المُتشبِثة بِسترة مايكا و عينيها البنية المائِلة للأحمر تُحدق بي بِخوف واضح.

أردتُ أخبارها انني سأكون بخير لكني قررتُ الأبتسامة لها بِخِفة قبل أن أطير الى الأعالي نحوى الوحش مجدداً.
لاحظتُ فالين مِن الأسفل، يرفع يداً واحداً مُستقيمة يوَجِهُها على الشجرة مِن مطرحه.

سمعتُ اهتزاز الأرض قليلاً و تَحرُك الشجرة من مكانها لتبدأ جذورها بالخروج من أسفلها و حولها، جذور عملاقة سكرية اللون تُشِع باللون الأخضر من لون قوة فالين التي تَحوم حول كَف يده على شكل دُخان.

" انها لك! " صاح فالين لي بِإشارة لأمُد انا يدي أستدعي قوة التحكم حتى أرفع الشجرة عن الأرض و أحضرُها بِسرعة لي.

أمسكتُ بِها مِن فوقي، وزنها ليس بِمزحها لكنه ليست شيئاً لا يمكن لِجسدي تحمله لأنتظِر الوقت المُناسب لكي ألقي بها.

لم ينفتح فَم الوحش بعد و ظل يقاتل مَن هُم من حولي بِأذرعه كأذرع الأخطبوط الثمانية.

مَرت دقائق و الوحش لم يفتح فمه لألعن تحت أنفاسي، ضغط و وزن الشجرة فوقي بدأ يؤلم ذراعاي بِشدة و انها ترتجف فمن المُمكن أن تقع من يداي لو لم ألقي بها بأية لحظة.

" خُذ هذا ايها السافل! " فجأة ظهر بلايز لجانبي يديه مُمدَدة أمامه يبرُق باللون الأحمر الفاتح ليُخرج من يديه شُعاع أصفر بدى لي كالنيران. أصابت وجه الوحش لكن لم تحرقه بل جعلته يفتح فمه بِصُراخ من الألم الناتج من الحرارة.

لم أنتظر أكثر لألقي بِالشجرة بين فَكيه بِشكل مُستقيم حتى لم يَعُد بأمكانه أغلاق فمه.

رأيتُ بلايز يتنفس بِصعوبة ينظُر لي لأبادله النظرات المتأسِفة على ما فعلته سابقاً و هو هَزة رأسه يُخبرني بِصمت أن أذهب قبل فوات الأوان. أومأتُ له بِتفهم لألتَفِت على فَم الوحش و أطير إليه.

و انا في طريقي عثرتُ على رجل أعتقد انه عامِل عالق بين نهاية لسانه في داخل الفَم و لوزة الوحش، يصرخ طالباً لِلمساعدة فَهو على قيد الحياة.

" انا قادم! " صِحتُ له أدخل الفَم المُقرف لأقف على لسانه أركض الى الرجل.

" سمو الأمير! "

التقطتُ بِيده و حاولتُ سحبه بكامِل قوتي. الجزء السُفلي من جسده العالق بِشيء ما.

" انني عالق. " أخبرني هو بِنبرة مُنخفضة و عيونه تدمَع.

" آوه حقاً؟ ظننت انكَ تلعب لعبة أسحب لأنقذك. " سحبته مرة أخرى بِقسوة أحسستُ فيها بِعظام أكتفاي تُطَرطِق بِبعضها و إثر هذا استطعتُ سحبه ليقع على وجهه و انا على ظهري.

نهضتُ مسرعاً لا أضَيّع المزيد من الوقت لأني لاحظتُ تكسُر جذع الشجرة بين أسنان الوحش بِبطء و في أية لحظة الأن سوف تنقسم الى جزئين و نحنُ في فمه ليأكلنا أحياءً.

رفعتُ الرجل على ساقيه لِيُخرج صوتً يُعبِر عن ألمه في ساقه.

" ما الخطب؟ " انا سألت بِذُعر.

" ساقي مُصابة. "

نظرتُ على ساقه اليُمنى أجد فيها قطعة كبيرة من شوك الوحش مُخترقة ساقه مِن الأسفل.

تنهدتُ بِشدة لأومئ له و أخبره أن يتكئ عليّ. تحركنا كلانا نحوى المَخرج و انا أسمعه يَشكُرني من الأن مع اننا لم نُنقِذ أنفسنا بعد.

الحمدلله وصلنا الى طرف فَم الوحش أرى جذع الشجرة يتكسر أكثر و قِطع منه تتطاير في الهواء الى الأسفل.

تباً تباً تباً تباً و انا لم أفعل شيئاً بعد.

" هيا لنعود سمو الأمير. " قال الرجل لي لأومئ له و أدفعه أتركه يعود لوحده فَلدي عمل لم أنتهي منه بعد.

سمعتُ شهقات كبيرة مِن بعيد أعلم أنَ مِن بينها شهقة فالين.

أكملتُ انا عائداً الى الداخل لأحرك أجنحتي و أطير الى اللهاة في منتصف الفَم، مُعلقة في الأعلى على شكل قطرة ماء تبدو حساسة و رقيقة حتى قبل لمسها و هي كذلك فَجميعنا نمتلكها في أفواهنا.

أقتربتُ منها جداً الى أن أصبحَت في مساحة لمسي، أخذتُ نفساً عميقاً أندم على ذلك بعدها، لأنَ رائحة المكان مشمئزة بِحق ثم و من دون المزيد من التفكير لكمتُ اللهاة بأكبر قوة باستطاعة جسدي استدعائها.

بالثانية ذاتها أخرج الوحش صُراخاً قد رنَ في طبلات أذاني لأغلقهم بِيداي. فجأة بدأ ظلام يُغطي الفم من الداخل لأجِد أنَ الشجرة انقسمت لِقسمين و بدأ الوحش بِأغلاق فمه.

" لا! " صرختُ بأعلى صوتي أطير مُسرعاً نحوى المَخرج و رأسي ينبض ألماً أشعر بِدوار فظيع يفقدني ثباتي و قوتي.

عشرة ثواني و سأصِل لِلمخرج.

لا لا لن أموت بِهذا الشكل، ليس بعد ليس بعد أرجوك!

ستة ثواني.

الأن أفُضِّل موتي على أيادي فالين فَهو قد يكون أرحم.......صحيح؟

ثلاثة ثواني على المَخرج.

لدي الكثير لأراه في الحياة، الكثير لأفعله، انا حتى لم أقع في الحُب بعد.

في الثانية الأخيرة التي وصلتُ فيها الى المَخرج لم أعُد أرى نور خارجاً ليُغلق الفم و أصطدم به بأسنانه.

الكثير و الكثير من الأسرار فَهل خمنت بعضها؟ 

و مشهد الوحش في دماغي أكشن رهيب هل تخيلتموه بِطريقة رائعة كما في الأفلام؟ 🎞

لا تنسوا التصويت بالضغط على النجمة في أسفل الشاشة 💫💫

و أكتبوا رأيكم عن هذا البارت لكي أقرا جميعها 💌

سؤال اليوم:

لا يتعلق السؤال بالبارت لكن ما هي المسلسلات التي تشاهدوها في وقت فراغكم هذه الأيام؟ 🤔

اخيراً تابعوا صفحتي حتى تصلكم أشعارات النشر بِسرعة 💕💕

Continue Reading

You'll Also Like

209K 17.5K 67
التزمتُ بكلّ القواعد كدمية معلقة بخيوطٍ يحرّكها الجميع كما يريدون... لم أجرؤ على تخطي الحدود المرسومة لي يوماً... اعتدتُ دوماً أن أكون لطيفة... ول...
408K 16.3K 54
عندما تتعثر كريسيلدا على أرض الجليد الاسود لإنقاذ صديقتها، تصادف رفيقها ظنت أنه سوف يركض نحوها ويحملها بين ذراعيه ويقبلها بشغف . لكن لا شيء من هذه ال...
4.3K 339 40
بسبب خوف والدها عليها من العالم بعد موت زوجته اخفاها عن الجميع و لسبعه عشر عاما، لم تري او تعرف غيره فـ ماذا ان اضطرت ايزابيث للخروج من جحرها؟ و مق...
3.5K 183 29
شقّةٌ جميلة في قلب المدينة التي يُمكن لكلّ شيء أن يحدث فيها.. مادلين، شرطية سابقة، جاءت لترتاح فيه وتضمّد جراحها قبل أن تواجه أحد القرارات الأكثر أه...