أَوَصِبَ النَّزيـه؟ ↫ بيون بي...

By Pillars-12-

3.3K 242 2.9K

حين صبَّ الفساد علَّتـه عليه أتتـه هي كمَن تطاولت وعكتـه، فزادت من ضيقه جُرعةً ونقـه شعوره بحسرتها فأنَّى يكو... More

إشهـار| أَوَصِبَ النَّزيـه؟
1|شَذَراتُ حَنق.
2|اغترابُ هُوية الهَوى.
3| أَلِلِّقاء الثاني نُكرانًا؟
4| للجِراحِ جِسر ملغوم.
5| أَشفقًا هذا؟
6| على ناصيةِ الفسق
7| أَإلى الموتِ اهتدى؟
8| اقتحامٌ فاسد.
10| أكُلّ السُّدمِ كعيني؟
11 الجزء1| للإثمِ مجابهة بينهما.
11 الجزء2| وعن الدواخلِ ما درَوا.
الفصل 12| ألا يقع؟ يا عتيقَ الكلمةِ.
مرّ زمن|سؤال.
الفصل 13| لا تحسبنَّ الظلمَ إجبارًا.

9| أربعةً نحوَ الخَلاص.

99 7 111
By Pillars-12-

 -تكسر الباب- هيلوز 😔✨

صرنا بالفصل التاسع متخيلين؟ نمنمنمنم

كتبت هالفصل على ألحان laventer و my love وhellevator وpsycho -لفلافل- وcandy نمنمنمنم -واضح إني سمعت كل أغاني الكوكب فقط لأجل هالفصل ")-

جمِّلوا الفصل ببريق نجمة!

يلا نبدأ😔♡

•••

الوقوعُ قد لا يقترن دومًا بالحضيض، فإن الوصولُ إلى العُلا غير المُجدي لَهو الإثم الأول الذي يُعرقل خُطانا اللاحقة.

كانَ أربعتهم يُحدقون في ما يشغلهم، ذاك الذي أشغلهُ تذكار أخته فرأى بعد الرسالة السابقة أن مكانَ الالتقاء سيكون في منزلِ تشونغ مو الخاص، لكنه لم يهتم للمكان الذي سيلتقي بها فيه وكل ما أراده هُو لقياها.

 وتلك التي غلفها التعجب حول وجودِه، والنزيه الذي سقطَ عنه قناع الغَباشةِ وهو يراقبهما دون أن يعرف من هيَ على أوضح شاكلة.

والأخيرة التي كانت وراءَ جي إيون في الحديقةِ قد توقفت حين رأته من عتبة الباب المرتفعة عن الأرض وهو يبعد عنها بقدرٍ ليس بضئيلٍ، ذات الملابس والجسد الهزيل الذي لمحته طوالًا حين فتحت جي إيون باب الغرفة، تُناظر تحركه البطيء الذي امتلأ بالقنوت، صامتةً كانت وشاعرةً بذات الهالة في مكانٍ آخر لم تدركه حالَ رؤيتها له، فناظرت جي إيون الواقفة والتي بدا عليها السكون عند الباب، لم تشأ أن تتقدم إليها فإن ذاك الشخص يثير فضولها مُضرمًا وعكةً حلَّت عليها ما إن تذكرت وعكةً مشابهة لوعكته وهزلانِ ياقته، فبقيت متسمرة في مكانها محاولةً ابتلاع غصتها التي باغتتها

وعلى ميثاقِ العاشرة والنصف مساءً رفعَ كي يونغ رأسهُ متناسيًا ما أتى لأجله مع أخذه لحقيبته التي وقعت هادفًا الذهاب إليها، إلا أنهُ حين التقى بأعيُنِ جي إيون المتسائلة اضمحلت عنه ابتسامة الرضا، ونثرت الصدمة مقتطفاتٍ منها لوهلاتٍ عديدة تكدست في ظل هذا الجو البارد 

جذب حاجبيه مستنكرًا تواجدها في المكان الذي على بيكهيون أن يتواجد بهِ، فنطقَ متفحصًا هُويتها

«عاملة الاستقبال لي؟»

«نعم محامي جانغ، هل لديك من القول شيئًا؟»

سألتهُ وهيَ تُراقبُ ما خلفه، تنظرُ يسارًا باحثةً عن مُرادها المتجسد بذاك الذي كان يناظرُ من بعيد، فمن المفترض بأن تسأله حول سبب مجيئه إلا أن انشغالها أوحى لها بقولٍ مغاير فكان جل اهتمامها هو أن تنقل رأسها من الجهة اليسرى إلى اليمنى لتتفحص الجهة المعاكسة، لكنَّ قدوم كي يونغ حتى وصلَ إليها منعها من تفحص الجهة اليمنى والتي كان يقفُ عندها بيكهيون ويراقبهما

فسألها كي يونغ بعدما جذب نظرها، ومع انعكاسِ الضوء المثبت على مقدمة الباب الرئيسي مطلقًا إضاءته على أجسادهم تبيَّن لبيكهيون بأنَّ كي يونغ هو الواقفُ هناك، فاستدارَ يريدُ الذهاب مكملًا هربه من أمرٍ لا يعرفه، إلا أنَّ في الاستدارة الأولى توقف وسأل نفسه مع تداعياتِ زفيره المتتالية

«ما الذي جلبه إلى هنا؟ أيبحث عني؟ كيف...»

استدارَ بشكلٍ مفاجئ عبر جسده الذي احتوى اختلالًا في التوازن، مما جعله يشعر بالدوران برأسه وأعيُنه، فحركته المفاجئة بعد أن كان نائم للايام الاربعة الفائتة كانت بمثابةِ صفعةٍ أودت به نحوَ شتاتٍ كبير، فأخذَ يُراقبُ ما الذي سيحصل، ونظرًا لأن صاحب هذا المنزل والذي هو بالطبع شريكه الذي ساعده منذ ذاك اليوم فلن يستطع أن يذهب إلى هناك مواجهًا شريكه فيخرق هو البند الذي وضعه بنفسه!

لكن ماذا عن كي يونغ؟ الآن أضحى عالمًا بهُوية الشريك، فما الذي سيفعله كي يونغ إن علمَ بأن بيكهيون يعمل على الحقيقة من خلفه؟ أسيغضب أم يهجره ليلةً من الخذلان؟ 

تساءلَ بيكهيون بذات الأسئلة والتي كانت مستبعدة للغاية نظرًا لوجهة نظر كي يونغ، إلا أن وجهة نظر بيكهيون والتي كانت خاطئة في موضع تساؤله جعلته يسرح بصديقه الذي كانت ملامح وجهه وشعره المرفوع الظاهرة من الضوء بشكلٍ سليم تؤنبه على إخفاءِ ما فعله بيكهيون حتى الآن، غيرُ مدركٍ بأنَّ كي يونغ يعلم كل شيء منذ البداية...

أما عن كي يونغ فكانَ مولِّدًا بعض الغرابةِ زيادةً على ظلمة الليل آنذاك ولم يكن مسانده سوى القمر وضوءِ الشارع الذي كان متركز فوق بيكهيون، والذي آثرَ ضوء المنزل الأمامي!

فسأل المتوتر

«هل هذا منزلك؟»

أومأت لهُ جي إيون مع احتضانها لذراعيها نظرًا للطقسِ الذي لاحَ على جلدها شبه العاري نظرًا لثيابها البيتية

«نعم»

شعرَ بالتيهان فلا يدري ما يقول، إن العنوان الذي وصلَ إليه من السائق كان منزلها! أكثرُ مَن تحمل الحنق في جعبتها وتسيرُ ناثرة إياه نحو بيكهيون ما إن تراه! وإثر شعورهِ بالتوتر أخذَ يهنئها دُون داعٍ، فقط لأنه لا يعلم ما يجدر به القول في هذه الحالة

«حقًا، يا إلهي تهانينا، لا بد أنك قد تعبت كثيرًا حتى حصلتِ عليه في عمرك الصغير هذا»

صمتَ منتهيًا من حديثه، فخَاط في جوفهِ بضعًا من القولِ غير المسموع

«يا إلهي ما هذا الذي أقوله، إنها شابة بالفعل، لكن بحق الإله كيف وصل بيكهيون إلى هنا ولمَ قد يلتقي بها حتى! ألربما هي شريكته؟ مستحيل فهي لن تجاريه البتة ما دامت أولُ المتأذيين من الحادثة، إذن كيف التقيا؟ 

 يبدو أن السائق منحني العنوان الخاطئ، نعم بالتأكيد»

قابلته هيَ مع ابتسامةٍ بسيطة بدا عليها التكلف، فلمَ قد يأتي إلى هنا؟ ولمَ قد يظهر أمام بيتها في هذه الساعةِ ليلًا ولسوء الحظ في ذاتِ الوقت الذي غادر بهِ ذاك الشخص

«لستُ بهذا الصغر، أملك من العمر أربعة وعشرين عامًا، لكن ما الذي جلبك إلى هنا؟»

شردَ بها، فارغًا فمهُ يحاول أن يبحث على مخرجٍ من هذه الوَقعةِ، فتذكر ما حصل اليوم عصرًا في الفندقِ

ومع محاذاة هذا، دون تخطيطٍ مسبق، تقدم بيكهيون بخطواتٍ متسارعة حتى قضى النصفَ من المسافةِ إليهم إلا أن صوت كي يونغ العالي وهو يشرحُ محركًا يده اليمنى بالتفافاتٍ سريعة استوقفه

«إن السيد تشونغ مو استدعاني كي يُعلمك بأنني المحامي القانوني الذي سيحميك حينَ الظهور على البث في نقاشات الحضيض، لذا لا داعي للقلق لأنني سأهتم بصحة شهادتك أمام القانون»

كان بالفعل متوترًا من مجيئها إلى البرنامج هذا، شاعرًا بضيق الحال واليأس الذي أصابه حين أخبره تشونغ مو عصرًا بهذا، فلمَ هي؟ وهل لأنها المشهورة بكرهها لبيكهيون في أرجاء هذا الفندق منذ أول يومٍ عملت به هناك؟ لكن، هل تعلم هيَ بأن كي يونغ يملك نوعًا ما من العلاقات مع بيكهيون؟ 

فأجاب نفسه

«إن كانت تعلم فهيَ لن تضطر لإكمال الحديث معي»

وكانَ قد أصاب، فهي لا تدرك أن الذي يقابلها يحوي أي علاقة مع بيكهيون!

مما جعله يتحقق ويتأكد من أن تشونغ مو لا يرسو إلى قرارٍ سوى بتخطيطٍ مليح، وها هو قد جذب الحاقدة لتخدم انتصاره بكل هذا، مما جعلها دون تفكيرٍ بشكلٍ أكثر كما فعلت في الصباح، فإن كان هذا السبيل الوحيد دون عثرات ووقتٍ طويل هي ستفعله، وراحت تقول مع رجها لقدمها اليمنى التي تشيرُ إلى توترها

«أقبل، أنا أقبل»

زمَّ على فمهِ ليُطلق الابتسامة المفروضة كرضى، إلا أنه لم يُرد البقاء أكثرًا فاعتذر منها على مجيئه دون موعدٍ كي يُغطي على سبب مجيئة الحقيقي، فناظر ناصية المنزل بتفحصٍ قلق نظرًا لأن أعينه لا تستطع التقاط ما خلفها إثر الباب، مما جعل جي إيون تستدير وتنظر حيثُ يرى لتسأله 

«أهناك شيئًا يزعجك؟»

«لا، لا عليك، ليلة هنيئة»

انحنى لها بخفة، رغم أنهُ الأكبر عمرًا، مما جعل جي إيون تنحني له بزوايةٍ أكبر مما فعل احترامًا لعمره، ومع انتهاءِ هذا راح يتذكر أمر أخته، فذهب مُسرعًا إلى سيارته التي كانت مصفوفة مقابل المنزلِ دون أن يزيد على ما قال شيئًا، مما استدعى فعله تعجب جي إيون قائلةً 

«غريب أمره»

استدار كي يونغ إلى الخلف بسيارته، مما جعل بيكهيون يعرج إلى الذي جاء غيرُ آبهٍ إن كان سيسأله عن الوجود هنا ولم وكيف، إلا أن رأسه  شعرت بالتيهان حين التقطت أعينه بأعين التي راقبتهُ من العتبة التي رفعت بجسدها فاستطاع رؤيةِ الجسد الذي هناك غير عالمٍ إن كان يحدق به أم لا نظرًا لسوداوية المنطقة التي يقع بها ذاك الجسد المجهول، فتوقف وكانَ ملثمًا ومنطقته مضاءَة على عكس تلك إلا أن باب البيت الفرعي الذي يُدخلها نحو البيت مباشرة كان مغلق الضوء! فلم يستطع معرفتها

إلا أن يي جي أخذت تدقق في أعينه الظاهرة بعيدًا عن شعره المبعثر وفمه وأنفه المغطى، شاعرةً بأنه رأته، إلا أن الاسم لم يخطر على خلدها أبدًا، لكنه ذكرها بذكرًى لم تُرد أن تستدعيها يومًا بعد أن تشاجرت مع جي إيون حين حاولت الانتحار.

فجأةً! قاطعتها جي إيون بالوقوف أمامها مانعةً إياها من رؤيته فسألتها 

«ما بك؟»

ركَّزت يي جي بملامح جي إيون مما جعلها تطلق زفيرًا وكأنها لم تستنشق الهواء لليالٍ عدة حتى! آخذةً الهواء بقدرٍ كبير مالكةً المحيط لكثرة ما استنزفت حتى أمسكت بقلبها شاعرةً بضيقه 

«جي إيون، هناك ورائك... لربما هو هناك»

«ماذا؟»

استدارت جي إيون التي لتوها تذكرت أمره، فناظرت حيثُ تقول وتشير يي جي، لكنها لم ترَ مارًا أبدًا، فأعادت نظرها حول يي جي لتسألها إن كان قد رأته لكنها وجدت يي جي قد هبطت أرضًا محاولةً استنشاقَ الهواء أكثر، مما أُشعل الخوف في ربيعِ قلب جي إيون فسقت معها على الأرض ممسكةً بكتفيها وتهزُّها

«يي جي، يي جي، يا فتاة ما بك؟»

تعالى صوت جي إيون وهي تنده بالتي تعصرُ يدها قرب قلبها ومرميةً على الأرض بوجع، فحاولت أن تدخلها للداخل كي تُحضر لها دواء داءِ قلبها وقد نجحت، وحين استفسرت عن سبب ما صارَ بها، قالت بأن الرجل الذي في الغرفةِ قد هربَ بعد أن نظرت إلى الحجرة وتأكدت، والذي جعلها ترتعشُ على حينِ غرةٍ كان شعورها بأنها تعرفه، وهالته المخيفة التي أحاطها بها في الظلامِ الدامس جعل قلبها الضعيفِ الذي أصيب بنوباتٍ عدة من قبل، أن ينهار، فتعجبت جي إيون لكنَّ الاهتمام بها قد سترَ على تعجبها.

غير أن بيكهيون قد غادرَ المكان منذُ أن انتبه إلى عودة الفتاة التي لمحَ شعرها في الخارج وتحدث كي يونغ إلى حيثُ الشخص المجهول بالنسبة له الواقف حيث العتبة، مما جعله يتعجب من تواجد أنثى في بيتِ عميله الذي ظنه يراقبه وما كان مَن يراقبه سوى يي جي!

 لكنه ظن بأن التي كانت واقفة حيثُ كي يونغ هي حبيبته لذا هَدئ قوت فكره، فإن العميلَ لم يرَ وجهه وهذا قد استنتجه من الوثيقة التي كانت موقَّعة 

إلا أنه لم يكن مرتاح البال تمامًا، فإنه يرغب بالتحقق من الأمر لاحقًا، لكن أمرَ عدم حصوله على الملفاتِ التي رآها في الفيديو الخاص بالمراقبة جعله مشوَّش الأمر، فإن حصل عليه العميل لمَ قد يخبِّئه؟ وإن سقط منه فلمَ لم يقل؟ إذ رآها بنفسه في المقطع وهي تخرج من الغرفةِ واضعةً الملف في ملابسها! سيسأله ما إن تتسنى له الفرصة

ذهب على قافلةِ الشجن ممتطيًا خيلَ الإصرار سائرًا حيثُ بيتهم في بداياتِ الريف، آملًا بأن تُسعفه قدرته على ذلك!

وفي مكانٍ آخر بعدَ ثلثٍ من الساعةِ، كانَ كي يونغ قد دقَّ بابِ المنزلِ الكبير الذي قد فُتحَ فورَ دقه وكأنَّ عاملةَ المنزل كانت تنتظره، فتناسَى نفسه وراحَ يركضُ في الممر الصغير قبل أن يصلَ إلى الصالة الكبيرة والأريكة التي تجلسُ عليها أخته بطاقةٍ منهكة، جاعلينَ إياها ترتدي فستانًا أبيضًا يُجانس ذاتَ لونها، مع شحوب وجهها الذي زاد من البياض بياضًا لكنه لم يكن بالأمر الجيد البتة

اختفت ابتسامته ما إن رأى الجروح على قدمها، والندوب بجانب عظمة الترقوة البارزة كذا شعره الذي انسدل على الأريكة كما جسدها المُنهك بالتعب وكأنه أجبر على الجلوس هناك، فنظرَ إليه الاثنين اللذين كانا ينتظران قدومه، يستهلَّان بقدومهِ ومصطنعان الفرق خصيصًا ذاك الكبير في السن 

«أَأتيت؟ عجيب! فإنك لم تستغرق نصف ساعة كاملة حتى، لك إياها لم ترَها منذُ سبعة شهور»

أدمعت عينيه، يغض بصره عن أوجهِ الظُلم، وما ودَّ سوى احتضانها بعد أن سنحوا له برؤيتها بعد كل هذه المدة، يرغبُ باسترجاعها واحتضان ما تبقى منها من فتات، فمشى إليها بكلِّ هدوءٍ مستصاغ، بخطواتٍ بطيئة تكادُ أن تتخطى بطءَ السعادةِ الكاملة في اللجوء إليه دومًا

فأين للزمانِ عينٌ عمَّا حطَّ بها من غدر؟

إلا أنَّ تشونغ مو وقفَ أمامهُ بعد أن لوَّح له أباه بيده آمرًا بأمرٍ لم يقله إلا أن تشونغ مو قد فهمه، فسخرَ منهُ بعد أن استوقفه وبصقَ من فمه شرطًا حتى يصل إلى هناك

«لكن بشرط، عليك أن تتفق مع هيونجين في ظهورِ جي إيون بطريقةٍ كالقنبلة، اجعلوا ظهورها ينافسُ انتشارَ قنابل هيروشيما في دمارها، حينَها إن نجح الأمر أنا أعدك بأنك ستستطع أن تأخذ وو يونغ بعدَ الامتناع عنها لمدة خمسة عشر عامًا!»

تبين لكي يونغ بأن تشونغ مو لا ينوي خيرًا أبدًا كما كان دومًا، فإنه كان يمثل انفجار القنبلة بكل سعادةٍ مُحاكة متحمسًا كان ومُثارًا بحبكة الأمر المعقدة، والآن هو يتعمد بأن يجعله يختار ما بين أخته وصديقه! بدا له وكأنه يجيدُ اللعب ويتسلَّى في البشر، كما علَّمه أباه قديمًا، فكان أباهُ المتحكم به وبعد أن أكملَ تعليم ابنه نهجَ حياته، تولى ابنه رعايته بأبشع الطرق!

أما عن وو يونغ، فحين اختفائها سابقًا من بيت المتاهة، كان أب تشونغ مو قد أمر رجاله في جلبها، كي يأخذ إحدى أهم الخطوات للتخلص من هذه القضية التي طالت مدتها عكس قضية منذُ زمن البعيد.

وعلى الرغم من أمرهم بالاعتناء بها طوال الأيام الأربعة السابقة إلا أنَّها ما زالت هزيلة، فألم وضرب السنوات الخمسة عشر السابقة منذُ كانت في سنِّ التاسعة ليسَ أمرًا يملك من البساطةِ طريقًا سلسًا

«ما رأيك بأن تقتلها وحسب؟ اقتلها كما فعلتَ في المئات طوال هذه السنين! ما الذي يمنعك؟ أهو أنا؟ أهو رأسي؟ أم طاعتي لك! اقتلها فأنا لا أعطِ أيَّة أهميةٍ لها»

بَصَق كي يونغ ما بحوزته، غيرُ عالمٍ بأنها تسمعُ ما يقول، مُرغمة على الصمت وبُرمجت على إغلاق الأعيُن فلا ترى أخيها ولا تسمع سوى خيانته لها! كما أخبرها أب تشونغ مو الذي قال لها بأن أخيها لم ولن يهتم بها وإن حصل على فرصةٍ للتخلص منها لفعل، فأدمعت أعيُنها راغبةً بأن ترى تعابير وجهِ أخيها الأكبر، فإن أعيُنها لا تخطئ إن أخطأت أذنيها! لكنها لم تستطع فالذين أرغموها على الطاعةِ عقد ونصف إن خالفتهم سيرجمونها بالرَّدى

وجراء قولَ كي يونغ أخذ تشونغ مو يضحك على حديثِ الذي ثارَ مع حملقةِ أعينه المبطنة والتي دومًا ما تُعطي الهالة المخيفة

«إن رغبت بقتلها فكيف يمكنك أن تعيش من بعد هجرانك لي لخدمتي؟ 
انظر، أنت بالفعل اعتدتَ على هذا الأمر، لذا لا أظن أنك قد تعيش بشكلٍ جيد دون أن أتسلى بك

أخاف عليك، لذا من الأفضل أن تظل معي، فكما تعلم حتى وإن ماتت فإنَّ الأوراق لا تموت!»

قالَ جملته الأخيرة بعدما اقتربَ من أذنه اليمنى هامسًا بها بفحيح صوتهِ الذي دومًا تَعالى عليه، مما سنحَ لكي يونغ بأن يرى أخته وهو يسمعُ ما يقول له، فابتلعَ كي يونغ ريقهُ الذي جفَّ بسرعةٍ وانطلق يهمس بالأسف

مما جعل تشونغ مو يأمره بإعادة ما قالَ ليسمعه بصوتٍ أوضح

«آسف سيدي»

«حسنًا، وأنا أثق بك، لذا اجلس الآن مع أختك لخمس دقائق ثم غادر وفي طريقك قم بمهاتفة هيونجين كَي تتفقا

أومأ كي يونغ، وابتعد عنه تشونغ مو، إلا أن حديث تشونغ مو استوقفه

لكن يبدو أن بيكهيون قد أخذ الملف الذي يُفيد بأنه بريء، يا ترى ما الذي علينا فعله؟»

 استغرب كي يونغ مما يقوله تشونغ مو، فاراد تفسيرًا لما يجري، هو عالمٌ بذهابه إلى بيت المتاهة لكن أن يحصل على الملف لم يكن يتوقع بأن بيكهيون جاد في أمره لهذه الدرجة، فحاول أن يمرر هذا السؤال بجوابٍ ما يخطر على خلده وقد فعل 

«سأرى ما الذي علينا فعله»

سار إليها حتى جلس بجانبها هامسًا بصوتها يُحاول أن يجعلها تستفيق، إلا أن النوم كان قد غلبها حدَّ أنه ظل يتأمل تفاصيلها المجروحة مانعًا غصته وضعفه من الظهور أكثر 

«على نهجِ الظلم سأجعل كلَّ ما تفعله بها مرآةً لك في النهاية، وإن كانَ الفدية أنا»

مضت الخمس دقائق، مما جعله يستقم دونَ أن يقل أي مزيدٍ عمَّا صار، لم يكلف لسانه بأن يكلمهم ببعضٍ من الطلبِ لحمايتها، فإنهم لن يؤذوها طالما ينفذُ ما يقولونه، لذا غادرَ البيت

وترك تشونغ مو يقول 

«علينا التخلص منه، نظرته وهو صامت لم تعجبني البتة، فكما تعلم أنا لا أحب الذين يتوعدون بالخفاء»

وافقهُ أباه وأمر بأخذ وو يونغ إلى العُلية حيث تقطن.

 أما عنه فحين وصلَ إلى سيارته الرمادية أغلق الباب على نفسه، ثم فتحَ هاتفهُ متصلًا بهيونجين الذي رد عليه منذُ الرنة الأولى وكأنه ينتظر اتصاله 

«ما الذي علينا فعله؟ إنه قتلَ شخصًا! لقد أوقفتُ البث طوال الأيام السابقة متحججًا بأنني أبحث بأمرٍ ما لن يجده الصحفيين الآخرين، لكنك لم تتصل بي للمعلومات أبدًا»

«اسمعني هيونجين، قم بذلك كعادتك، المهم هو أن نفعل نقيض ما يريدونه دومًا، لذا اعطِ رأيك بذاتِ الضجة التي تفتعلها دومًا، لكن... 
يبدو أنك ستضطر لأن تستضيف شاهدًا رسميًا من موقع الحادثة قبل ثلاثة سنوات فهل أنتَ جاهز؟»

قال هيونجين بهدوء متسائلًا

«من؟»

«لي جي إيون، المتضررة التي توفَّت صديقتها في الحادثة كذا أنها تعمل في ذات الفندق الذي يعمل به بيكهيون، لذا أظنّ بأنها تخطط لقول الكثير، اعتني بالأمر أرجوك»

ردَّ عليه كي يونغ، إلا أن هيونجين أجابه بأمرٍ مخالف حينَ وصلَ إلى متجرٍ قديم كان بهِ إضاءه خفيفة مع إقفال الباب الزجاجي

«لكنني سأستضيف أحدهم الآن، غير أنني قد وصلتُ إليه للتو»

سأله كي يونغ متعجبًا، فإنهُ لم يكن يتحرك أبدًا دونَ أمرٍ أو مساعدةٍ من كي يونغ، فما الذي يجعله يفكر فجأة في أمرٍ لوحده

«مَن؟»

«رجل كبير في السن، عانَى من ذات ما عانَى بيكهيون، يدعى السيد كيم جونغ تشول، علي استضافته كي يونغ
هذا سيُضرم حادثة منذُ أكثر من ثلاثين عامٍ وسيدعم القضية الحالية»

كان هيونجين قد لاقى شغفه في هاتين القضيتين، مما جعله يبحث عن العديد من الأمور التي قد تفيده في هذا طوال الأيام السابقة ولم يرسُ سوى إلى هذا الشخص

«فجأة؟ من أين حصلت على هذه المعلومات؟ وعن أي قضية تحكي؟»

«أيمكنك الانتظار حتى موعد البث؟ ثق بي»

«حسنًا إذن استضف الاثنين دامَ أنك ستسيطر على الوضع»

أغلَقا الحديث واقفلا هواتفهما، وكان هيونجين قد طرق الباب الزجاجي وهو ينظر إلى الداخلِ محاولًا أن يرى الجد في الزاوية القريبة من الباب، وما هي إلا ثوانٍ عدة حتى فتح له الجد سائلًا مَن هو

«أنا الصحفي، هوانغ هيون جين»

تعجب الجد، فكانَ كشكله وصوته ذاتهُ من البرنامج، وأراد التأكد فسأل

«في برنامج نقاشات الحضيض؟»

«ذاته»

تعكَّرت ملامح الجد وكأن الاشمئزاز قد حطَّ ذاته عليه، فناظرَه هيونجين ببلاهةٍ لا يعلم ما باله، فسأله 

«هل أدخل؟»

لكنَّ الجد كيم قابله بالنفي مما استدعى ذلك  تساؤل هيونجين الذي شعر وكأن هناك شيء خاطئ به

«لا»

«لمَ؟»

«لأنني لا أعلم ماذا تريد مني؟»

ابتسمَ هيونجين ظانًا بأنه من حقهِ الرفض إثر قدومه المفاجئ في الليل، فأخذ يهدئ الوضع بكلماته

«في العام ألف وتسع مئة وتسعون، جرت حادثة وتم إلحاقها بك، وبصراحة حين سمعت الأمر فأنا لم أستطع المكوث في العمل وأصمت، فهلَّا أتيت لبرنامجي بغية استحضار قضيتك علك تفيدني وأفيدك؟»

«وكيف تفيدني؟ بإيقاع بيكهيون البريء في شباكك؟»

ابتسمَ هيونجين مظهرًا نَقشَ أسنانهِ البيضاء المتلألئة، مع أعينه التي تجعَّد ما يحيط بها وكأن المُراد الذي أراده قد احتواه بأكمله ولم يختزل منه شيئًا

«كيف علمتَ بأنه بريء؟»

سنحَ الأكبرُ للصمت بأن يأخذ حيز لا بأس به وسطَ جلستهم، انبثق الصمتُ من زوايا المكان الذي احتوى صَدَمات بيكهيون آنفًا من الحزن، كذا انتشاله الصمت من نفسه ورميه على الأرضِ رادعًا السلبية عن استيطانه حينَ تبادل الحديث مع الجد حول كتاب الكاتب جانغ ييشينغ حول عمر الرابعة والعشرين وكيفية الوقوف بالقمة به! 

وعلى ما يبدو أن أرضية هذا المكان، أكياس الكعك والمأكولات سريعة التحضير شهدت على خلعِ الصمت عنه، فاحتوت الحزنَ والصمت بها غيرُ سامحةٍ له في أن يُبادر بالصمتِ مرة أخرى بعدما انطلق لسانه مع شخصٍ يحب القراءة كهذا الجد، لكنَّ سيرة بيكهيون التي حضرت دُون أن يحتضنها جعلت هالة الصمت تنبثقُ من ذكرياتِ لمسه ووجوده هنا، فطال الصمت وحطَّ على المكانِ هالةَ فقدان الألسنة كما فقدان الشاعريةِ بالزمن الطويل بالنسبة للكبير الذي لم ينسَ ما جرى أبدًا

لاقى هيونجين بأن الصمت قد طال، ففضل أن يبادر بفتحِ سيلٍ آخر من الحديث وفعل

«إن كنت كذلك، فلمَ قد أنبش عن حقيقةٍ ممحوة بدلًا من اختلاق واحدة؟»

سخرَ منه وأجابه

«بسيطة، كما اختلقت عشرات القصص في قصته، ستستطع فعل ذات الشيء معي»

«لكنني لم أختلق شيئًا، أنا فقط وجدتُ وعرضتُ وحللتُ»

أجابه هيونجين بنبرةٍ سلسة التبادل

«لكن هذا لا يعني بأن ما تقوله صحيح» 

«وهذا لا يعني بأنه خاطئ»

زمَّ هيونجين شفتيه مع إمالته لرأسه إلى اليسار بمقدارٍ ضئيل جدًا إلا أنه كان ملحوظًا للجد الذي شعرَ بأنَّ هناك خطب ما يجري، فإن كان هذا الصحفي يريد اتهام بيكهيون بأمورٍ عدة لمَ قد يأتي إليه باحثًا عن أمرٍ حقيقي لا يمكن نكرانه؟

«لمَ تريد فتح القضية إذًا؟»

«قلت لك، لأجلِ إظهار حقيقةٍ ممحوة»

صمتَ الجد، مقابلًا ملامح الشاب الذي كان أطولُ منه، وبعد قدرٍ لا بأس منه صمتًا، دعاه إلى الداخل 

«ادخل، الجو بارد ولربما تمطر»

دخلَ هيونجين، جالسًا على كرسيٍ وقابلَ فيه الجد الذي سأله، فلم يرتح لمجيء هذا الصحفي له مطالبًا بفتحِ سيرةٍ تم توريتها عن أعيُن العامةِ منذُ أولِ ثانيةٍ من حدوثها وتنفيذ حكم الظلم بذات الثانية

«لمَ تريد أن تنبش الماضي؟»

قابله هيونجين بكلِّ ثقة، شاعرًا بأنَّه قد يلين إن قال له حقيقةَ الأمرِ

«لإعفاءِ أحدهم من جرمٍ لم يفتعله؟»

سرَح الجد في وجهه، فسألهُ ما إن حطَّ على رأسه احتمالًا

«ذاته أليس كذلك؟»

«نعم»

استغربَ العجوز مِن قولِ هيونجين، فسأله للمرة الأخيرة شاعرًا بالحيرةِ، فإن الذي يُدينُ المظلوم ويُشهر ظلمه دونَ تهدئة لن يأتي إليه راغبًا بكشفِ حقيقةٍ ماتَ ذِكراها منذُ ثلاثين سنة، فما الذي يخطط له هيونجين إذًا؟

«إذن لمَ أنت تدينه بكلامكَ في برنامجك؟»

«إن وافقت على الظهور فأنا سأخبرك»

صمتَ الجد لي، مفكرًا في ما يقوله هذا الصحفي الذي أحبَّ برنامجه إلا أن طرقه الالتفافية لم تكن محببة إلى الجد أبدًا، مما جعلَ قراره مزعزعًا، وأردفَ

«سأفكر بالأمر»

«أرجوك إن رسى خيارك إلى إظهار الحق فلا تتردد في الاتصال بي، ها هي بطاقتي، ليلة هنيئة»

راحَ هيونجين، إلَّا أن السيد كيم أخذَ يفكرُ في الأمرِ مطوَّلًا، فما لاحَ عليه من الوجع ليس بأمرٍ يُستهان بهِ البتة، وفقدان أحبائه واحدًا تلو الآخر حتى عاشَ وحيدًا لم يكن بالأمر الميسور على صدره الذي يُعاني من ضيقِ الذكرى، أخذَ يفكرُ وهوَ ينظر لرقمهِ، مفكرًا في الموافقةِ وأن يرتاح ضميره في تبرئةِ الطفلِ الذي رآه بضعة أياهٍ في شبابه إلا أنهُ أجزم بأنهُ لا يتذكره حتى الآن 

فما الفائدة من مساعدة شخصٍ لا يتذكره؟ أم أن المساعدة لا تعرف التذكر وإنما مَن يحيَا بها فهو دائمُ الذكرى في ذكريات البشر؟

لكنه تلقى من الألم ما يكفيه، وما غضَّ بصره يومًا عن الظلم إلا وقد حمل في قلبه الكثير، وأكثرُ حوادث الظلم التي رآها من بعدِ حادئته كانت من نصيب بيكهيون...

أخذَ يحكي مع نفسه بصوتٍ هادئ، ذو وتيرةِ النهرِ الراكدِ

«بيون، هل كنتَ ستسعفُ تشتتي الآن؟ أعليَّ حماية حفيدك بدلًا منك؟ هل حان الوقت بالفعل لأكون مسؤولًا عن أحدهم دونَ فقدان؟»

•••

طرقات متأزمة بتزاحمٍ عنيف على بابٍ حديدي أودى إلى صنع صدًى في العمارةِ الشاهقة التي يطرق باب إحدى منازلها، جعلت أهلَ البيت ينتفضون من أفرشتهم إلَّا الكبرى، ركضٌ من مغربِ المنزل إلى مشرقه قد انبثق، من غرفةِ النوم والاختلاء حتى البابِ راحَ الأم والأب إلى الطارق والصغيرة التي فتحت باب غرفتها تناظر الخارج بهدوء دون الخروج لكثرةِ نعسها

شرعت تشونغ هي تضيء الضوء الخافت عندَ عتبة المنزل الداخلية والخارجية لتساعد زوجها في تفحص الطارق من العين السحرية إثر ضربه المتتالي للباب، وحينَ رأى الطارق صرخَ باسمه مع يده التي اندفعت لتفتح الباب من أجله القادم، وكان قد حمدَ الإله على أن المنازل بأكملها تحوي ألواح عازلة للصوت

فأخذ يُعين بيكهيون على السير، ممسكًا بجسده وسائرًا به مع صدمةِ تشونغ هي الراقبت جسده المليء بالكدمات التي على وشك الاختفاء وكتفه الهزيل الذي يبدو أنه مجروحًا أو كان كذلك وقد فُتح من جديد إثر عدم التئامه، فإنه كان مليئًا بالدماءِ على ملابسه الفاتحة

نَسيت تشونغ هي أي شعورٍ من الحقد والنفور وعدم التقبل الذي حطَّ بها وراحت تركضُ معينةً زوجها على الحفاظِ على حياةِ أحدهم مهما كان مخطئًا بنظرها، جلبت كاسًا من الماء مع عدَّةِ الطوارئ كي ترى ما مقدار جرحه، وكان جميعه يجري على مرأى الصغيرة التي تفركُ أعينها مُداعبةً نظرها كي يحلو له شدة الوضوع وسط دُجى الانبثاق

وضعه كي يونغ على الأريكة ليعزز من شعور المتعب بالراحة، فبدا له أنه منهار الجسد وخائر القوى، وشرعَ كي يونغ في استحذار الكلام قائلًا له

«أين كنت؟ ما الذي جرى معك؟ لمَ ذهبت إلى مكان الاجتماع؟ وبحق الإله لمَ تشاجرت معهم؟»

ابتسمَ بيكهيون وأنَّب فمه على عدم القدرة على الابتسامِ بشكلٍ واسع كما اعتاد دومًا ليخفف حدة وجعٍ أقرَّ على تعذيبه وسط ميثاق الحياة، فسطَّر في ميثاقه ببداية السطر الثاني قولًا بعد أن ابتسمَ في سطره الأول من الحاوي لحظة وأوانٍ مرير كهذا قائلًا

«أخي، ويحك فأنا لا أستطيع التقاط أنفاسي»

«حسنًا، نَم واسند جسدك بطريقة جيدة»

نامَ على الأريكةِ واضعًا تحت رأسه إحدى مسانِدها، ساندًا رأسه المليئة بالهموم والتي كما لو أنها مكتبةً حاويةً لأدبٍ قد مُزِّقت أوراقهُ ففاحت رائحةُ الخذلانِ الممزوجة بخاصة الكتبِ حتى أُضرم بها اشتعال البهتان الذي راودها، فكانت رأسه كَمَن احتوت الكثير من القوةِ والحكمةِ إلا أنها لكثرة التعب مزقت نفسها واضعةً حدًا بنفسها وإن كان صاحبها لا يبغى، فشعر ببعض الراحة ما إن ناظر السقفَ الذي لم يستطع أن يخطه لثلاثة سنواتٍ كاملة بعد أن كان يُغازل الصغيرةَ ويُداعب امرأة أخيه مُشعلًا الغيرة في زوجها بشكلٍ مازح عن طريقة ارتدائها وأنه يبغى في زوجةٍ تطبخ كمثلها...

«قل لي، كيف أتيت إلى هنا إذًا؟»

«أخذتُ سيارة أجرة بعدما تداركت بأنني لا أستطيع الذهاب إلى منزلنا بالريف مشيًا، لكن في أوائل الدخول إلى الشارع الرئيسي لاحظت أن هناك أشخاص لم أرهم من قبل البتة، مما جعلني أستدرك بأنهم علموا مكان بيتي، لذا أتيت إلى هنا»

«ألم يكونوا يعلموا منذ البداية؟»

شعرَ بيكهيون بواقعيةِ ما سأله كي يونغ، فإن كانوا يريدون الحصول عليه ليقوموا بإخراسه بطريقتهم لَما توانوا عن البحث عنه، فما الذي حصل يا تُرى وقتها؟

لكن بذات الأوان، كان تشونغ مو بالفعل قد نسيَ أمر بيته أو حتى احتمالية وجوده في مكانٍ ما إن بحث عنه، لكنَّ ما حصل في ذاك الأوان مع أبيه جعله ينسى أمرَ الحصول على بيكهيون ويركز على ما فعله أبيه بجانبِ التخلص من القضية بأسرع وقت سواء تمَّ إلحاقها ببيكهيون أم لا، فقط ذهابها مع أدراك الرياح سيكون أمرًا كافيًا ليحصل على بعض الراحة

لم يرد أن يفكر بهم أكثر، فسأل عن وصيته السابقة

« هل جلبت جدتي؟»

«لا تقلق، إنها نائمة في الداخل» 

كاد أن يقف بعدما رغبَ برؤيتها، وكاد كي يونغ أن يزل بالكلام ويسأله عن الملف الذي اختفى إلا أنه إن سأل فسيوضع الشك ببيكهيون حول كيفيةِ علمه وما إلى ذلك، فكان من الجيد أن الواقفة والتي كانت تراقبُ حديثهم من الخلف أتت بهدوء وأعادت جسده حيثُ كان، وجلست على الطاولة التي تجاور الأريكة واضعةً يدي في محتضنِ ردائها الأبيض الطويل

«نَم، هي بخير، فقط تريد الراحة، كما ينبغي أنت أن تفعل»

نظرَ إليها متذكرًا ما فعلته ولاحت بقوله يومَ التقت به في المشفى، فابتلع ما أتاهُ في حلقه من رطوبة، ممركزًا أعينه بأعينها، وهي التي كانت ترمشُ وتحاول أن تُغير جهة نظرها إلى أي مكانٍ آخر مع تمسكها بردائها الطويل والعبث به

«أحقًا لم تفعل؟»

سألها بصوته الذي لم يخِب يومًا ظنه بعائلته الوحيدة في التفهمِ، راغبًا بإنهاءِ أي سوءِ فهمٍ في هذه اللحظة

«أفعل ماذا؟»

«الحادثة تلك، واختطاف الصغيرة ثم أذيتك لحارس الأمن...»

لم تُرد أن تخبره بأنه قد قتله، فاكتفت بأنه قد أذاه، عل الأيام تخبره ولا تكون هي المتسببة بشيءٍ من شعور غير محبب به

«تشونغ هي، أَأنا القادر على اختلاقِ الوجع من أمرٍ درسته لأربع سنوات، وحين آتي لأطبقهُ في حياتي أُؤذي عددًا لا يُحصى من بشريةِ الأرض؟»

تذكرت شغفه أيامَ الدراسةِ، حضوره لمنزلهم كل يوم بعد دوامه الجامعي وهو يتوعد بأن يكون أفضل عالم أرصاد على أرضِ دولته، فشعرت بنقيض ما سمعت طوال السنين الغابرة

«لا»

«وهل أنا الصديق الذي يهدد الحليف بالشيء الذي حينَ أتى للحياة كان قد لمسه قبل أن يلمسهُ حليفه؟»

نطقَ بسؤالٍ عن ليلةِ ميلاد سو يونغ التي كانَ بها كي يونغ مشغولًا ولم يستطع الذهاب للمشفى كي يُعين زوجته فاعتنى بها بيكهيون وكان أولُ من يلمسها حينَ تباركَ العالمُ في نشأتها الأولى

«لا»

«والآن قولي لي، ما الذي قد يجعلني أؤذي حارس أمنٍ من المفترض أن يحمي البلاد؟»

كان ما زالَ لا يُدرك ما جرى مع حارس الأمن من موتٍ قد مضى عنهُ يومان! فردَّت

«لا أعلم»

«حين تعلمين لا تفكِّ رمزَ صمودك وتضحين باكية، فإني غيرُ قادرٍ على رؤية الدمع ينساب من أعيُنِ شخصٍ مغرم به هذا الأحمق هنا»

أشارَ إلى كي يونغ فراحت تضحك بكلِّ مقدرتها كذا ابتسامة الواقف المراقب إياهما بابتسامةٍ عريضة مع هدوءٍ مسترخٍ، فأومأ له بيكهيون برضًى وكأن كل شيء بخير مطمئنًا إياه مع تلك التي أكملت ضحكها إثر غيرته على تشونغ هي للحد الذي جعله ذات مرةٍ يضرب بيكهيون عبر مقلاة ساخنة على مؤخرته، لكن لحسن الحظ فإنهم أتاحوا له الدواء كي لا يتأذى مباشرةً

صاحَ صوتُ هاتف كي يونغ الذي يحملُ غناء زوجته له، مما حرك بيكهيون نظره نحو تشونغ هي وكأنه يقول 

«هل تأكدتِ الآن؟»

فكانت تشونغ هي تفكر في حديثه، محاولةً التربيت على قلبها الذي كان ملتزم بالخوف منه ناسيًا كم من اللطف كان وكم من النزاهةِ عاش...

أخذت علبة الإسعاف وبدأت في تطهير جرحه الذي كان على وشك الالتئام لكنه فُتح بقدرٍ ضئيل مما يخولها أن تتعامل معه بنفسها، فإنها حصلت على دورة إسعافٍ قبل أن تأتي بسو يونغ راغبةً في حمايتها دومًا وكان هذا أحد شروط إقدامها على الحمل من كي يونغ سابقًا، فلا تريد أذية زوجها بمشاعره وابنته في مكانٍ ما، لذا فضلت أن تحميهم بطريقتها واضعةً كل الاحتمالات لتجعل هذه العائلة آمنة

غير مدركةٍ لما يجري في الخفاء

أما عن الصغيرة بكانت مُفهمة بالنوم وحين لم تستطع استيعاب ما يجري، ولجت إلى سريرها لتُكمل حصتها من تغذية العقل، كما تقول أمها لها، فغاصت في النومِ غير آبهةٍ بشيء قط...

وعندَ كي يونغ الذي دخل إلى مكتبه الخاص للتو كي يردَّ على الاتصال الذي قَدم إليه في منتصف الليل من شخصٍ لم يتوقعه، فانطلق المتكلم

«إن يي جي تعلم بأن بيكهيون هو العامل الخاص بالتنظيف، طبقًا لمعرفة جي إيون أيضًا»

«ماذا؟»

نطق كي يونغ باستفهامٍ كبير بعدما تعكَّرت ملامح وجهه بالمعلومةِ التي قالها له مُراقب بيكهيون في الفندق جونغ سو

فردَّ عليه جونغ سو بعد صمتٍ طويل 

«أخبرتني جي إيون بأن الصمت سيكون أفضل من أن أُورط نفسي بقصته فمن الأفضل بأن نصمت ثلاثتنا، لكنني لا أظن بأن الأمر ينتهي عندها فقط بالصمت»

«حسنًا، شكرًا لك، ليلة سعيدة»

سرَح كي يونغ بأفقٍ مليء بتفكيره حول هذه الفتاة، عالمةً بأمر بيكهيون في الفندق كذا أنها شبه الوحيدة من العامة التي تملك حقدًا أصليًا لا ينقشع أبدًا مهما طالت وظهرت الحقائق

قرر الخروج ليَحكي إلى بيكهيون ما جرى، إلا أنهُ حين توقفَ ورأى تشونغ هي تُعد له بعض الطعام بعد منتصف الليل على الثانية عشر والنصف صباحًا ابتسم ونظر إلى بيكهيون الذي كان جالسًا يُناظر الاثنين بذات الابتسامة وكأنه مر على اشتياقه المزعوم قرنًا لا قلَّة بتفاصيله

لكن بيكهيون لم تدم ابتسامته طويلًا، فاختفت وقالَ بجديةٍ مُحاكة

 «كيف علمت أنني كنت في مكانٍ به اجتماع؟»

ناظرَ كي يونغ عينيه الهزيلة لكثرةِ ما نام بيكهيون في الأيام السابقة، فأطلقَ ضحكة صغيرة منه جاعلًا بعض حدةِ المكان تنكسر مع تحليته بسؤالٍ منطقي

«بالتأكيد أنت قلت هذا، فكيف لي أن أعلم؟»

صمتَ بيكهيون ثم لطَّخ على فمهِ تساؤل آخر قد خالجه دومًا كل مرةٍ رآه في الفندق، شاعرًا بلزوم السؤال دون أن يعرف ما رغبته الداخلية من هذا السؤال، لم يدرك ولم يخطط له فإنه قد انبثق من جوفه دون تخطيطٍ أو إدراك

«أخي، هل حقًا أنت فقط محامي الفندق دون أي إضافة أخرى؟»

سارت رعشة في جسد كي يونغ ما إن سأله، فلم يدرِ ما هذا السؤال الذي حلَّ عليه فجأةً، هل هو يشك به؟ أعلِمَ شيئًا ليس من المفترض أن يعلمه؟ ويا ترى ما الذي حلَّ على لسانه كي يسأل بأمرٍ كهذا؟

لم يُرد كي يونغ أن يبقى صامتًا أكثر فلربما يسنح للشك الذي انبلج أن يتفتق أكثر ولربما إن كان سؤالًا عاديًا أن يضحى شكًا حقيقًا أو حتى مبدئيًا، ولم يرضَ أن ينطق بالعكس فإنه حتمًا لن يستطع أن يكذب بلسانه 

فأومأ من قلبهِ مؤكدًا ما قال وقالبِ إيمانهِ بالمقابل به قد فاض، آملًا أن يسمعَ مراده وأنهُ مهما جرى هو أخيه الأصغر...

•••

لاحَ على معمورة الربِّ صباحٍ ليس كأيِّ صباح، لاحَ على النائم في سريرهِ وكان الشروق قد بدأ في الانبلاج إلى غرفتهِ دون انقطاع، ومع انبلاج الضوءِ انبثق صوت هاتفٍ راح يرنُّ دون انتهاء، فاستيقظ النائمُ وأخذ ما كان مرصوعًا على المنضدة الجانبة من سريره كي يجيب

«الآن تتصل؟ ماذا تريد؟»

«سيدي، لقد حصلَت الشرطة على هاتفٍ قديم لبيكهيون بعد تمشيط المكان الذي جرىت فيه الحادثة وحينَ قاموا بفتحه التقوا برقمٍ واحد في قائمة الاتصال والمراسلة، وعلى ما يبدو أنه شريكٌ له فإنه مُسمًى بهذا 

مما يُظهر لنا سبب اشتغال الإنذار من بقعتين مختلفتين يومَ مداهمتهِ للمنزل»


يتبع...

4994 كلمة

كنت ناوية أكتب أكثر -ظل حدث صغير- بس وصل للرقم الطاغي عن الحاجة :) 

مساحة لترك بعض الرأي والكلام حول الفصل التاسع♡

إلى لقاءٍ قريب♡

Continue Reading

You'll Also Like

245K 11.6K 49
هيونجين إبن عائلة هوانغ الثالث ،ألفا ورئيس اكبر مافيا بآسيا ذات اصل روسي . مينهو الابن الأول، ألفا ورئيس العائلة الحالي ملياردير ذو مكانة قوية. تشانغ...
68.4K 997 39
باللهجه العاميه
31.1K 1.9K 51
'𝐇.𝐒' Mon, 10 Nov 22 10:07 AM - يَقولون أن الحُب هو روحان ضائعتَين تُحاولِان مُداوة بعضُهما البعض. لكن؛ ليسَ في حالتنا، فلقد علمتُ أننا سَننتهي بت...
9.1K 478 5
{ Sexuel contact} جنيرالٌ مخدرمٌ أنتَ أوقعتنِي بينَ سلاسلِ عشقكَ الأبدية و أنا مجردُ أنثى عذراء سقيتُ بعسلِ علاقتناَ الآثمة و بللت إطار علاقتنا بدمو...