#برج_الميزان
(قصة قصيرة)
أ. حسام أبوحطب
************
"مش قادر اصدق كلمة مما قلته الان.."
قالها حمدى فى قلق رهيب وهو ينظر الى زميله عزت الذى بدا غريبا اليوم فى كل كلامه ثم عاد يقول:
-ارجوك ممكن تفهمنى معنى كلامك..
رد عزت بهدوء:
-كلامى واضح جدا.. مبلغ الرشوة المعروض ضخم لا يمكن تخيله كل ما فى الامر امضاء صغير سيمرر قرار البناء وتحصل على مليون جنيه وحدك.. والعميل على استعداد لدفع المبلغ بالكامل ولن يمنحك شيك ولن تتعامل مع اى بنك.. بمعنى اخر انت بعيد عن قانون من اين لك هذا..
رد حمدى بعصبية:
-الامر يحتمل خطورة كبيرة.. كبيرة جدا..
حاول عزت امتصاص رد فعل حمدى شديد العصبية:
-الامر لا يحتمل اى خطورة.. الموضوع بسيط جدا.. ترخيص البناء منحه المهندس صفوت للعميل حتى الدور السادس وانت فى تقريرك ستقول ان العقار رقم خمسه فى شارع النيل المعروف باسم برج (الميزان) تتحمل اساساته خمسة ادوار اخرى..
بدا حمدى قلقا اكثر ثم رد قائلا:
-لا انا أرفض هذا.. صحيح انى احتاج لهذه الاموال بشدة لكنى ارفض هذا الامر نهائيا..
ثم تركه وانصرف.. فنظر عزت له هاتفا:
-اذا لم تقبل انت فهناك من سيقبل.. وسيتمتع بتلك الاموال الطائلة..
*********
#حكايات_الابراج
بقلم(أ. حسام أبوحطب)
www.facebook.com/elostazhosam
*********
بعد خمس سنوات
جلس حمدى يستمتع بمشاهدة مبارات فريقه المفصل على تلك الشاشة العملاقة التى تزين الحائط في حين احضرت زوجته بعض الاطعمة الخفيفة للتسلية عندما جاءه صوت شاب انيق من خلفه:
-بابا ممكن اطلب منك طلب.
التفت حمدى الى ابنه زياد قائلا:
-تعال يا زياد ما الامر.
قال زياد فى تردد:
-اتصل الاستوديو اليوم وطلب ان اذهب مع خطيبتى اليوم لالتقاط بعص الصور قبل الزفاف وانا فى حاجه الى مبلغ كبير بعض الشىء..
احتضنه الاب بقوة قائلا:
-اه لو تعرف كم احبك يا بنى وكم ضحيت لاجللك.. وكم افتخر بك بعد ان صرت مهندسا عظيما.. انت اعظم انجازاتى يابنى لاتكن خجولا فى اى طلب تحتاجه اطلب ماشئت..
ثم مد يده فى جيبه واخرج رزمة نقود منحه منها المبلغ المطلوب فاحتضنه الابن فى حب وود ثم قبل يد والدته وانصرف..
نظرت الام لزوجها فى اشفاق شديد قائلة:
-اخاف عليك من شدة حبك لابننا.. لقد صرت تحبه اكثر منى حتى اننى اخاف عليك من شدة افتقادك له لو تزوج..
قال بحب:
-انتى اجمل شىء فى الحياه. لايمكن ان احب احد مثلما احببتك.. لكنه ابننا الوحيد تعرفين كم تعبنا والى كم طبيب توجهنا فقط لتحقيق حلم الانجاب حتى منحنا الله عزوجل هذا الفتى الجميل وغدا سيكون حفل زفافه الاجمل على الاطلاق لقد حجزت له افضل قاعة افراح فى ذلك الفندق الضخم على النيل وطلبت من مصممة الافراح ان تجعله فرحا اسطوريا..
قالت مبتسمة:
-هو ابن بار.. ويستحق اكثر من ذلك لطالما احبنا ولم يخيب امالنا طوال الوقت.. فكان نعم الابن حقا حمدا لله..
اجابها بشىء من الود:
-لا اعرف لماذا اشعر بتعب شديد ناحية القلب بهذا الشكل.. سأدخل للنوم وايقظينى عند عودت زياد..
نظرت له قائلة بشىء من القلق:
-حسنا ياعزيزى.. ادخل واستريح لن تغفل عينى حتى يعود زياد..
*********
#حكاية_برج_الميزان
بقلم(أ. حسام أبو حطب)
www.wattpad.com/elostazhosam
*********
الواحدة بعد منتصف الليل..
انطللقت صرخة تدوى بين جنبات المنزل تبعها صوت بكاء رهيب دفع حمدى الى الاستيقاظ مفزوعا متسائلا عما حدث فاذا بزوجته تضرب وجهها صارخة:
-ابنك يا حمدى.. انقذ زياد ياحمدى.. انقذ زياد ارجوك
وكأن العالم توقف فجأة امام حمدى الذى وقف مصدوما متسائلا:
-ماذا حدث.. ماذا حدث..
صرخت فيه:
-العمارة التى بها استوديو التصوير سقطت على من فيها وزياد تحت الانقاض.. ارجوك يا حمدى تصرف ابننا سيموت..
صرخ فيها :
-اين يقع ذلك الاستوديو اين..
قالت من بين نحيبها:
-اسمه استوديو الحب فى برج المحاميين بشارع النيل.. انقذه يا حمدى ارجوك.. هناك شخص وجد هاتفه وكلمنى يقول انهم يبحثون عنه بين الانقاض حاليا.. ارجوك خذنى اليه ارجوك..
انطلق حمدى مسرعا على السلم غير عابىء بقلبه المريض غير مدرك لتصرفاته وهو ينطلق بسيارته مسرعا حتى انه كاد يصطدم بعدة اشخاص فى الطريق الى ان وصل فوجد الشرطة تحيط بالمكان والحفارات تعمل باقصى قوتها وعمال الاسعاف ينقذون المصابين وكل من يخرج من بين الانقاض والاف الناس قد تجمعوا فى محاولة لمساعدة المسعفين الا ان حمدى اخترق الجمع محاولا الوصول لموقع الانقاض غير عابىء برجال الامن الذين حاولوا منعه والسيطرة على الموقع حتى انه نزل على الارض ينبشها بيديه مناديا ابنه عله يجيب:
-زياااااااااااد.. ارجوك رد.. زيااااااااااااااااااد.. زيااااااااد.. لاتتركنى يا بنى...
قالها ثم انطلقت صرخته مدوية
وعينيه تغطيها الدموع..
********
#حكايات_الابراج)
بقلم (أ. حسام أبو حطب)
www.facebook.com/elostazhosam
********
بعد عام واحد
"ما قصة هذا الرجل القعيد هناك يا اسماعيل"
قالها احد عمال دار العناية بالمسنين وهو ينظر الى رجل قعيد يعتلى كرسى متحرك ويجلس امام نافذة مطلة على حديقة دار الرعاية فأجابه صديقة:
-لا اعرف حكايته بالضبط كل ما اعرفه ان اسمه حمدى كان مهندسا توفى ابنه فى حادث سقوط احد الابراج السكنية كان عريسا جديدا.. توفى قبل يوم عرسه مباشرتا بعدها اصيب بجلطة انتهت بشلل نصفى منعه من الحركة و الكلام .. يقولون ايضا ان زوجته توفيت بعد ايام قليلة من وفاة ابنها.. ومنذ ذلك اليوم نقله بعض الجيران الى هنا وله عام كامل..
قال صديقه مشفقا:
-العجيب انه يجلس يوميا فى نفس المكان وعيناه لا تنقطع منها الدموع.. لا حول ولا قوة الا بالله..
اما حمدى فقد جلس فى مكانه غير قادر على الحركة او الكلام الا قليلا وانسابت دموعه وهو يتذكر ذلك اليوم الذى طلب منه عزت قبول رشوة ضخمة.. رفضها فى ذلك اليوم وغادر المكان غاضبا وفى الطريق تذكر مصروفات ابنه الجامعية الضخمة وحاجته لسيارة جديدة ترحمه عذاب تلك السياة التى انتهت صلاحيتها منذ سنوات مم دفعه للعودة لصديقه قائلا:
-عزت انا موافق لكن بشرط واحد.. لن اقبل باقل من مليون ونصف المليون وحدى..
ووافق عزت على الفور..
ثم تذكر ابنه الذى قضى نحبه بين الانقاض وتذكر نفسه وهو يبحث بين الانقاض بيديه العاريتين فلم يجد الا لوحة كتب عليها "برج المحاميين"
"برج الميزان سابقا"
وتساقطت دموعه..
مليئة بالندم..
*****تمت بحمد الله*****
#حكايات_الابراج
أ. حسام أبو حطب
٢٠١٩/٥/١٥
*****
أ. حسام أبوحطب
www.facebook.com/elostazhosam
www.wattpad.com/elostazhosam
*او تابعنا على جروب الابداع على الرابط التالى:
https://m.facebook.com/groups/192318278830815?_rdr