صِحَاف وزمر

By CreativeAcademia

13.3K 1.4K 1K

لأن العلم تراكمي، ولأنه كان لزامًا علينا أن ننقل المعلومة بتصرف، وبرونقٍ إبداعي! صِحَاف وزمر، إنه البوابة ال... More

|•افتتاحية•|
|•فئة من الذكرى•|
|•دار الخُلاصة•|
|•بين الماضي والحاضر•|
|•دور النشر•|
|• الأدب الاجتماعي •|
|•أدب المسرح•|
|•جائزة نوبل•|
|• كُتّاب الظل•|
|•الرواية والسينما•|
|• فن المقامات•|
|•اليوم العالمي للقراءة والكتابة•|
|°نظرة نحو التابو الأدبي°|
|°ورقة وأخبار°|
|° اليوم الذي تكتب فيه الآلة°|
|°أدب الرحلة°|
|°المغزى في الرواية°|
|°شعب من الشعراء°|
|° اليوم العالمي للغة العربية°|
°|الأدب العاطفي°|
°|الكتب الصوتية°|
|•إنّها تحتضر•|

|•الأدب الإغريقي•|

229 29 2
By CreativeAcademia


«دعنا نبدأ في أغنية ربات الفنون ساكنات الهيليكون

اللائي يملكن جبل الهيليكون العظيم والمقدس،

ويرقصن بأقدامهن الناعمة حول النبع القرمزي وحول مذبح زيوس القدير.

فبعد أن اغتسلن في مياه بئر ميسوس أو نبع هيبوس، أو أوليمبوس المقدس

قمن برقصات ساحرة ورشيقة فوق قمة الهيليكسون،

ثم انسابت خطاهن وعلى الأقدام انتقلن من ذلك المكان ليلا

بلغهن هواء كثير وسرن الواحدة تلو الأخرى وهن يغنين بصوتهن الرخيم

ويبتهلن إلى زيوس لابس الدرع إيجيس وهيرا مليكة السماء والأرض».

علا صدى صوت كلمات هيسيودوس، تتخلل مسامعك فتتمكن من دواخلك في مشهد حماسي ترتعد له الأوصال! 

عزيزي المشاهد، أمسك بأغوار ما تبقى من عقلك، وأحضر معك حقيبة سفر وأمتعة لرحلتنا الشاقة؛ لأني أنا «داتو دي مونتِ» -مرشدتكم اليوم- سآخذكم داخل آلة زمنية، في رحلة تكشف لنا خبايا أدب اليونان القديم، وسنتجول ونمرح بين جبل أوليمبوس و آثوس، ونسمع حكايات الملاحم والأناشيد القديمة. 

آلة زمن شاهقة، تضمنا بين أعماقها…

دقيقة، دقيقتان، ثلاث دقائق! 

 صوت يتعالى إلى مسامعنا، معلنًا عن اقتراب الوصول.

وها نحن ذا، تلفحنا نسمات الهواء المعتدلة، وقد لامست أقدامنا أرض الإغريق، السماء مشرقة بزرقتها، وجبل الأولويمبوس يتعالى شامخًا أمامنا.

«بدأت رحلتنا من هنا، من أمام الأوليمب أعلى جبال اليونان، بين وديانها وأشجارها. أنصتوا وأعيروني انتباهكم؛ تخيلوا معي ربات الشعر فوق الجبال، وصوت مزمار بان الذي يعزف به في كهفه، وبقع الماء كالبحر تشبه الخمر السمراء كما وصفها هوميروس.

فُقِدت أصول الأدب اليوناني، ويرجع اليونانيون  بداية الأغنية إلى «أورفيوس ولينوس وموسایوس»، رغم ذلك لم يصلنا شيء من أعمالهم، بل وجودهم نفسه كان موضع تساؤل. 

كان أول ما وصل لنا هو ملحمتا «الإلياذة والأوديسا»، الملحمتان الشعريتان البطوليتان، واللتان تمجدان ذكرى الأعمال العظيمة وتقصان ما حدث في حرب طروادة*. تعتبر الإلياذة والأوديسا أكثر الملاحم الاغريقية أهمية، ويرجع تاريخها إلى القرن التاسع أو الثامن قبل الميلاد، الذي كتبهما «هوميروس»، وقد أُثيرت كذلك حول هوميروس علامات شك بكونه فعلًا كاتب الملحمتين! 

«حرب طروادة: كانت بين الإخائيين الإغريق الذين حاصروا مدينة طروادة وأهلها ودامت عشر سنين.»

«أنشد يا هوميروس!

واملأ الأحقاب موسيقى!

واللانهاية جمالًا وسحرًا!

فالأرواح ظامئة، والقلوب متعبة

والإنسانية واجفة والآذان مكدودة من دوي العصر، فهي أبدًا تحن إلى سكون الماضي».

-اقتباس من الإلياذة.

ويأتي بعد هوميروس «هيسيودوس»، الذي كتب ملحمة «الأعمال والأيام» التي ترجع القرن الثامن والتاسع قبل الميلاد، وكانت نقلة من شهر الملاحم لشعر الحكم والمواعظ، ويقال أنه كتبها لأخوه «برسيس» الذي كان يسيء التدبير، وبحتاج توجيهًا في الفلاحة. 

ويعد هيسيودوس أول الشعراء الطبيعيين الذين يكتبون عن الطبيعة، ويعرفونها بعين الفلاح، وكذلك هو أول من حكى عن جرة «باندورا» وعن «عصور الإنسان الخمس».

بعد هوميروس وهيسيدوس عاش بعض الشعراء المغمورين الذين بالكاد نعرف أسماءهم وعناوين بعض قصائدهم وملامحهم الركيكة، التي اندثرت. 

أعزائي، اسمحوا لى أنا داتو أن أختبر قدرتكم على البحث ومعلوماتكم النيرة وأخبروني: ما الذي تعرفونه أيضًا عن تلكَ الفترة في الأدب اليوناني وعن هوميروس وهيسيدوس؟

افتحوا عقولكم معي جيدًا، وأعيروني انتباهكم!

سنشعل بعد لحظات الحطب فقد أوشكت الشمس أن تتوه في كبد السماء وتكسوها عتمة الليل.

هنا، من موضعنا هذا أمام جبل الأوليمب قد وصلنا لجزء مهم في حكايتنا؛ فقد تغيرت أحوال اليونان بعد انتهاء عصر الملكيات البطولية أي عصر كتابات الملاحم  وتغير الأدب لينتقل نقلة جديدة. 

بقيام الأرستقراطية التي تميزت بالترف وقلة القتال، ابتعد الشعراء عن التغني بالأبطال والآلهة والقتال كما السابق، بل أصبح الشعر مركزًا ناحية العواطف والمشاعر الشخصية، والتعبير المباشر، وكذلك الحياة اليومية. 

فنجد في هذه الفترة ظهور ما يعرف «بالشعر الغنائي»، فمنذ القرن السابع تخصص الشعراء في هذا الفن ونوعوا في موضوعاته، ويقال كذلك أن سبب تطور الشعر الغنائي وانتقاله هذه النقلة إلى شاعرين هما «أولومبوس، وترباندروس» اللذين تدور حولهما الأساطير، ولا نعرف عنهما شيئًا أكيدًا. 

انقسم الشعر الغنائي إلى نوعين: النوع الأول يعبر فيه الشاعر عن انفعالاته وأفكاره وعواطفه (أغاني فردية)، والنوع الثاني يعبر فيه عن أفكار الناس ويصور عاطفتهم وأحاسيسهم (جماعية).

وتفرع كل نوع من النوعين إلى عدة فروع، فمن أهم فروع النوع الأول: الأليجوس«وهي القصائد التي تنشد بمصاحبة المزمار» والإيامبوس «شعر الهجاء والتهكم».

ومن أهم فروع النوع الثاني: 

•الديثورامبوس« أناشيد ينشدها الجوقة تمجيداً للآلهة ديونوسوس والتي نشأت على يد ستسيخورس، ويقول أرسطو أن المأساة والتراجيديا أخذت أصولها من هذه الأناشيد، ومن أشهر شعرائه أرخيلوخوس».

•أغنيات الحب والزواج «شعر يمتاز بالرقة والحيوية، ومن شعرائه سافو، وألكايوس، وأنا كاربون». 

ومن كتابات «أرخيلوخوس» شاعر  الديثورامبوس:

«إن الحب والشوق اللذان ملآ قلبي، قد نشرا على عيني طبقة من الضباب، وجرداني من إحساساتي الرقيقة».

وكذلك نجد تبادل رسائل بين سافي، وألكابوس، فأرسل لها:

 «أي سافو! أيتها المقدسة یا ذات الشعر

البنفسجي والبسمة العذبة! إنی أتلهف للحديث

إليك، بَيد أن الحياء يمنعني».

وردت سافو:

«إن كانت الرغبة في قلبك من أجل الخير

والجمال فحسب، وإذا كان لسانك عفا لم ينبس ببنت

شفة خبيئة، فإن الحياء لن يحجب عني بريق عينيك».

-آه، كم تأثرت بهذه  الكلمات، لقد ترقرقت عيناي بالدموع، ولولا قوة قلبي هذه لجثوت باكية! 

على الهامش  أريد سؤالكم عن نفس السؤال الذي قد يخطر على عقل البعض منكم بعد قراءة الكلمات، هل كان شعر سافو بنفسجيًا ؟

«الألم درس».

-ایسخولوس

«والجمال ألم».

-سوفوكليس

بعد تلكَ الفترة، انتقل الإغريق للدراما «المسرح»، وتطورت الديثورامبوس من أصلها الغنائي، لتكون نواة الشعر الدرامي.

أريد طرح سؤال ثالث لليوم، ماذا نستنتج  ونستدل بكون الديثورامبوس تحولت من شعر غنائي في المرحلة الأولى للأدب الأغريقي إلى نواة للشعر الدرامي؟ 

«الشعر الغنائي: شكل شعري أقصر من الملحمة تسمى القصائد الغنائية. كان في الأصل يُغنى بمرافقة القيثارة. وكانت معظم القصائد الغنائية تصف المشاعر الشخصية، وظهر بعد فترة هوميروس وهيسيدوس،عند ظهور الإرستقراطية».

لن أترك إجابة السؤال هذا فارغًا بل سأجيب، ولكن لا يمنعكم هذا من تنشيط خلايا عقولكم والتفكير. 

سأضع إجابة تم ذكرها في كتاب «الأدب الأغريقي تراثًا إنسانيًا وعالميًا»، وهي أن اعتبار الديثورامبوس نواة الشعر الدرامي، إلى أن الدراما ولدت ولادة طبيعية من الشعر الإغريقي نفسه والذي مر بمراحل تطور أدت لظهور شعر معقد هو الشعر الدرامي، ولذلك يمكننا القول أن الشعر الدرامي يحتضن كل أنواع الشعر ويكثف كل مراحل تقدمه. 

ومن المرحلة الأولى لولادة الدراما «المسرح » ننتقل«للتراجيديا»، وهي المأساة، والتي تكون شكل من العمل الفني الدرامي، ويعتبر آيسخولوس أبو هذا النوع من الدراما أي «أبًا للتراجيديا» ومن كتابه أيضًا، سوفوكليس، ويوربيديس، ويعتبر هؤلاء الثلاثة عظماء الدراما المأساوية. 

ومن المأساة إلى «الملهاة » والتي يقصد بها الكوميديا الدرامية أو السخرية، ويعتبر أريستوفاليس من رواد المسرح الساخر الذي تناول مواضيع كالحرب والسلم، المرأة والرجل. وكذلك مناندروس الذي قام فنه على تناول الحياة اليومية ومشاكلها الطفيفة. 

من هنا سننتقل لموضع جديد من أدب الأغريق، ألا وهو النثر. 

وسنبدأ أولًا بأدب الفلاسفة، فقديمًا كان الفيلسوف ينشر أفكاره شفاهية، ويعتبر أول من استخدم النثر للتعبير عن أفكاره فلاسفة المدرسة الأيونية وعلى رأسهم طاليس «الفيلسوف والعالم وأحد الحكماء السبع».

ومن أدب الفلاسفة إلى «أدب التاريخ». كانت هناك محاولات أولية لكتابة التاريخ في اليونان القديمًا، إلا أن كتابة التاريخ بدقة وطريقة علمية لم يبدأ قبل القرن السادس.

ومن أمثلة كاتبي التاريخ هو أبو التاريخ «هيرودوت»، ويأتي تاليًا له ثيوكيديدس الذي يعتبر مؤسس علم التاريخ، فلم يعتمد على الأساطير والحكايات، أو الشخصيات الملحمية والثائرة بل خضع للروح العلمية، وكان يؤمن أن الهدف الأسمى هو الحقيقة المجردة 

وبعدها ظهر فن الخطابة وكان فن الإقناع عند الإغريق من زمن مبكر، ويعرف القرن الرابع بأزهى عصور الخطابة، و أمثلة على خطباء الإغريق «أنتيفون». ومن أنواع الخطب، خطب المحافل وخطب المتقاضين والخطب السياسية.

أظلمت السماء، لتختم ليلتنا ورحلتنا، وقد حان وقت رحيلنا والعودة لوطننا العربي وزمننا الحاضر. 

أدب الإغريق ممتد وواسع، وألفت عنه العديد من الكتب فبعد ذلك ظهرت الرواية والقصص الشعبية خاصة في عصر الإمبراطورية الرومانية واحتلالها اليونان، وكذلك نشر الكتب وإنشاء مكتبة الإسكندرية. 

وأدب الإغريق لا شك له أهمية على الأدب الأوروبي، وسؤالي الأخير لكم، كيف انعكس أدب الإغريق على الأدب الأوروبي؟ 

لا تنسوا حقائبكم أعزائي المشاهدين، فقد انتهت رحلتنا هنا، وها هي نيران الحطب ونيران ليلتنا الملحمية قد أطفئت، ونختم بذلك موضوعنا لليوم. 

تعالت صدى كلمات «جورجياس» خاتمة رحلتنا اليوم :

«الكلمة قديرة في قوتها، ضئيلة في جسمها،

بل قد تكون غير مرئية، ولكنها بأفعالها التي تنجزها

تكسب صفة القدسية، فهي التي تؤمن من خوف وتحرر

من ألم وتجلب السرور وتنمي الشفقة».

_ _ _

كتبه العضو: داتو دي مونت.

Continue Reading

You'll Also Like

163K 11.1K 108
ماذا يحدث في خيالي جيكوك ستان عندما يظهر الجيكوك تلميحا سريا عن علاقتهما.. جميعنا نترك مخيلاتنا تطفو في عالم الراميون و الفراشات و هدا جزء من مخيلتي...
652 103 6
مشاعر اللحظة... ورسائل مبعثرة أضع هنا كل ما يجول في خاطري من أحاسيس عند لحظة ما من حياتي.. الغلاف من صنع: @Selaren
12.8K 1.2K 30
ولأنّا أردنا أن نسطع بكم ومعكم، كُنّا مياسين. مياسين، المجلة الإبداعيّة الثقافية، هٍنا حيث نُريكم آراءنا في في شتى المواضيع، من شتى المجالات.
246K 11.5K 35
مكتملة لكل ظلام ضوء ينير تلك العتمة! كان تايهيونغ غريق بأحزانه و كل مشاكله التي واجهته خصوصا مع أسوء شخص و كان من لحمه و دمه و هو 'عمه', ظهر جونغكوك...