" أعتقد بِأن الكتابَ الجدد قلقون لِلغايةِ لِاحتمالية كون كُل شيء قد كُتب مِن قبل.
بِالطبع كُتب, وَ لَكن ليس مِن قبلك. "
- أشا دورنفست.
الوصفة السرية لإيجاد الفكرة الإبداعية تكمن في كتابة جميع الأحداث التي تطرأ على البال أولًا، ثم التأمل والتعمق فيها، والنظر فيما إذا كانت مكررة أم لا، وهل هي بحاجة إلى معالجة وصقل وتغيير أم لا، فغالبيتنا لا يكلف نفسه عناء البحث والتمحيص ويعمد إلى الكتابة فور إيجاده لفكرة ما يمكنه الكتابة عنها.
الابتكار ليس بِالشيءِ السهلِ، الأمر يستهلكُ الوقت وَ الطاقة وَ أكواب القهوة وَ الأوراق؛ لِذا بِبساطة يقوم أغلبيتنا بِتجاهله وَ الاستعانة بِأولِ ما يخطر على البال، وَ عسى أن يكون ذلك السبب الأساسي في تكرار الأفكار بِمجتمعنا البرتقالي.
فإذا قررنا القيام بِلائحةِ تضم جميع الأفكار المُكررة وَ التي سئم منها القُراء سنجد أن هنالك عدداً مِن الأفكارِ اتفق الأغلبية على ابتذالها وَ كونها مستهلكة بِشدة، وإن جئنا نحد من عددها ستتمثل في:
1 الزواج الإجباري: تتكرر غاية المصالح بِربط طرفان يكرهان بعضهما أو لا يعرفان بعضهما بِالزواجِ.
2 الأمير وَ الخادمة: فتاة تحت خط الفقر تعملُ عند البطل وَ يقوم بِإبتزازها وَ ذلها.
3 المتنمر و المنبوذة: يقوم البطل بِالأعتداء على البطلة سواء بِالأفعال أو الأقوال.
4 المُختطف وَ ضحيته: إذ يقررُ شخص سادي اختطاف فتاة وَ تعذيبها بِأشنع الطرق.
وَانضم حديثاً لِقائمتنا:
1- مراسل مجهول: حيثُ وقت الضجرِ يراسل البطل أو البطلة رقم مجهول وَ يتعارفان ببعض بعد عدة محادثات.
وَ برأيكم كيف ينتهي مطاف جميع تلك الأفكار؟
وقوع الطرفان بِالحُب.
أتوقع تذمر الأغلبية الآن وَتأكيدهم على مدى كرههم لِتلك الروايات، وَلَكن إن ظننتم لِلحظة أني هنا حتى أحُث جميع الكتاب بِالابتعادِ عنها وَ أؤكد على مدى ابتذالها... فأنتم مُخطئون.
الآن هل أحتمالية حدوث تِلك الأفكار مُستحيلة؟ بِالطبعِ لا، في عالمنا هذا نحنُ نتوقع أي شيء، وَ تِلك قضايا اجتماعية تبناها الأدب عَن الواقع، أي لا شيء يمنع حدوثها، بل هي على الأغلب تحدث يوميا دون أن ندرك ذلك حتى!
حسنًا، ما الذي أرمي إليه الأن؟ بِبساطةِ، علينا إدراك أن لا فكرة حقاً مبتذلة، بل تقديمها هو الخاطئ وَ العناصر المقومة في الحقيقةِ تُدني منها، وذلك ما يوصلها فعلياً لِمرحلةِ الابتذال.
وَ قد تم نبذ تِلك الأفكار لِتكرارها بِذات الصورة بأكثر مِن كتابِ، رُغم كونها قضايا تستحقُ النقاش بِصورةِ تحترم عقل القارئ وَ تشيرُ إلى ما هو سلبي لِاجتنابه لاحقاً.
في الحقيقةِ لا كتاب يعتبر مثالياً إن اختفت به الأهداف السامية فأنتَ لا تقرأ لِتنافس صديقك بِعدد الكتب التي قرأتها دون أخذ متسع مِن الوقت لِفهم ما تحتويه بين سطورها، بل أنتَ تقرأ لِتستخلص العبر وَ تعيش حياة فوق حياتك تُمكنك مِن اجتنابِ ما جابهته الشخصيات مِن مشاكلِ. وَ تِلك الأفكار لا تستحق النبذ إذ بإمكانِ كاتبها جعلها مبتكرة!
وَ هل بإمكانكِ جعل تِلك الأفكار المُستهلكة أُخرى مُبتكرة؟ أمعن النظر، هل لاحظت بِأن ما نُعيد ترديده وَ ذكر مدى ابتذاله هي فقط الفكرة العامة؟ وَهل تعتقد بِأن الرواية بِأكملها تستندُ على الفكرة؟ العُنصر الوحيد المُكرر بِتلك الروايات هي الفكرة، مَع غفلة الأغلبية عَن كون تِلك الأفكار تملكُ أهدافاً، لَكننا نملك عدد مِن العناصرِ القابلة لِلتغيير وَ جعل القصة استثنائية!
فلا زالت الشخصيات بِحاجةِ لِبناءِ، وَ نظام سير الأحداث بِحاجةِ لِتخطيط، وَ الزمان وَالمكان بِحاجة لِتحديدِ، أليس ذلك كافياً لِتغيير المألوف بِتلك القصص المُستهلكة؟ ألا يكفي أن تقف بقية العناصر أمام عُنصر واحد تناديه بِالاستثناء فيكون؟
أترغبون بِمثال؟
لنقل بأن الفكرة التي أتتني تتعلق بِالزواجِ الإجباري، وَ لكني قرأت مُسبقًا لعديد من الكتب والروايات التي تتبنى ذات الموضوع وَتطرحه بِعناصر مُشابهة، فأخشى ألا تلاقي فكرتي إقبالاً لِتكرار موضوعها..
مَع ذلك، أصررت على تجربة كتابتها، وَقررت بِأني سأجعلها بِالقرنِ العاشر ميلادياً، وَستتخذ الأحداث مجراها على سواحل أوروبا بِشكلِ عام وَ خاصة الممالك بشبه الجزيرة الإسكندنافية على طول الحدود مع الممالكِ الأوروبيةِ في الجنوبِ.. وَ لكن لما؟
لأن بقبل ذلك كان الفيكينج – وَ هم شعوب جرمانية نوردية – قد تركوا ديارهم بِالقرنِ الثامن وَ أغاروا على سكان أوروبا، حَتى القرن العاشر فقد أستقروا في الأراضي التي أحتلوها مُسبقاً وَ أندمجوا مَع الأراضي التي أحتلوها.
بِالنسبةِ لِلشخصيات،فالفيكينج أكدوا على حقوق المرأة بِجعلها صاحبة الأمر وَالشأن، وَ كانت هي مَن يقرر الطلاق!
لذا، ذلك أوحى لي بِعكس الأدوار قليلاً حيثُ سيكون البطل مُجبراً على الزواج مِن البطلةِ!
أتذكر أن كلمة فيكينج تعني القرصان بِاللغة الإسكندنافية القديمة، فلما لا يكون البطل أحد قادة السفن؟ بِالتأكيد عِندما تهينه أمرأة سيضربه ذلك بِالصميمِ وَ يوافق على الزواج منها..؟
وَأتذكر أيضاً قرائتي لكون الفيكينج يخشون وحش بحر الشمال الذي تصوروا كون أودين أرسلته لِتحذير البشر مِن المعاصي، لَكنهم كانوا يضحون بِأمرأة عذراء عند صخور بحيرة باسكتلندا..حسناً، لما لا يقع الإختيار على البطلة وَ على هذا الأساس يوافق البطل من الزواج بها؟
ما أقوم به الأن، هو عصف ذهني استناداً على معلومات صحيحة لا تفسد تاريخ الفيكينج،وَأنا لم أستقر على أول احتمال طرأ لذهني بل ظللت أفكر وَ أقارن بين الفكر حتى أصل لما يرضيني تماماً. وَتلك خطى مُبسطة لِكيفية الإبتكار بِالروايات وَ ذكري لهذه الطريقة لا ينفي تواجد غيرها، بل لكل شخص طريقته في جعل المألوف تحفة فنية تأسر القارئ!
لذا لِكُل كاتب خطى خطاه الأولى بِهذا المجال، لا تتأثر بِنفورِ الغير مِن الموضوعات وَ الأفكار المُكررة إن راودتك، بَل اسعى لِجعلها مُميزة فتثب إلى منزلة عالية بِقلب القراء. وَ اسعى دوماً لِترك بصمتك الخاصة بِكُل عمل تقوم به.
-----------
والآن بعد قراءتكم لهذا النص، هل بإمكانكم تحويل الأفكار المبتذلة إلى أفكار مميزة وفريدة؟
لتجربة ذلك، قوموا بإزالة الابتذال عن الفكرة التالية، وتحويلها إلى فكرة لامعة يجب أن تأخذ حقها بين النجوم في سماء هذا العالم البرتقالي.
والفكرة المطروحة للتطوير هي:
الشاب الغني والفتاة الفقيرة.
اجعلونا نرى إبداعاتكم، لنخبر العالم بأسره أنه بإمكاننا- نحن كعرب- أن نخلق من العدم إبداعا❤
كل الحب، وبالتوفيق❤
------------
الفصل بكتابة العضوة الجميلة إروسو❤