فاصل مع الإلهام

483 73 110
                                    

- هل تعرف كيف يبدو الأمر في البداية؟
- أخبريني كيف؟ لم أجربه من قبل.
- أشبه بالنعيم، وكأنك انطلقت بسيارتك فجرًا على جسر فارغ، الموسيقى التي تحبها تذاع، والرياح تضرب وجهك بنسيمها البارد.

صمتت مبتسمةً وكأن لمحةً من هذا الشعور دغدغ قلبها مجددًا لكنها استرسلت بنظرات يائسة: "لكن فجأة.. يتوقف كل هذا! تفتح عينيك فتجد سيارتك بين الزحام الذي لن تخرج منه قبل الثالثة عصرًا والشمس الحارقة فوق رأسك و مبرد السيارة معطل!".

انتحبت قبل أن تضع جسدها مجددًا داخل غطائها، قالت وهي على حافة البكاء: "لقد اختفى، جميع الإلهام الذي كان يملأ قلبي وعقلي و يهاجمني من كل صوب اختفى فجأة، لا أملك رغبة في فعلها، لا استطيع وضع يدي على آلة الكتابة؛ كلما كتبت شيء أحرقته لأنه لا يعجبني، لقد انتهى أمري فقط اتركني وأخبرهم أني لن أكتب بعد الآن".

تنهد ناهضًا من مكانه قبل أن يمسك الغطاء ويرميه بعيدًا، ثم قال: "هذا يكفي! بحق الله من أخبركِ أننا متعجلون؟ يمكننا انتظارك حتى نهاية الدهر، أيتها الغبية أنتِ كاتبة؛ يمكنكِ صنع أي شيء وتغيير أي شيء، تمتلكين عقلًا وقلمًا جامحًا جريئًا، تواجهين ما يخشى العالم مواجهته على أوراقك،ِ والآن تختبئين تحت الغطاء كالجبانة فقط لأن الإلهام منقطعٌ عنكِ! لقد استطعتِ صنع عالمٍ خاص بكِ في عدة أشهر، من يمكنه فعلها كما تفعلينها؟ أنتِ ساعدتِ الجميع وأعطيتهم وقتًا لا ينسى بينما يقرأون كلماتك.ِ من قال أن انقطاع الإلهام يعني نهاية العالم؟ انهضي، يمكنك استعادة ذلك الإلهام كما اختفى لكن مهما حدث لا تستسلمي".

• •

أليس هذا ما يمر به أغلبنا؟

فقدان الإلهام.

أعلم أنه شعور سيء، سيء جدًا يجعلك تشعر وكأنه لا فائدة من كل عملك ومجهودك..

ونظل نتساءل: كيف نستعيد إلهامنا؟

دعونا أولًا نستعرض معنى الإلهام:
ليست قائدة فريق التصميم إلهام كما سيفكر البعض، هناك معتقد خاطئ بيننا عن الإلهام فنحن نخلط توقف الأحداث بفقدان الإلهام..
على سبيل المثال إن كنت تكتب إحدى رواياتك ثم توقفت فجأة وقد انقطع سيل الأفكار داخل عقلك وتوقفت الأحداث عند نقطة معينة وشعرت أنك غير قادر على كتابة كلمة واحدة فحينها تقول "حسنًا لقد انقطع الإلهام".

دعني أخبرك أنك تخلط بين الأمرين فالإلهام هو شيء آخر، ولا تقلق لقد كنت أقع في الخطأ ذاته أيضًا ولكن جميعنا نخطئ لنتعلم.

إن بحثت على ويكيبيديا مثلًا ستجد أن معنى الإلهام هو "التلقين" ومن رأي ابن منظور فهو "ما يلقى في الروح"، يبدو الأمر بسيطًا لدرجة غير مفهومة صحيح؟

الإلهام هو نوع من الوحي يقذف في القلب والعقل فجأة دون أي تحضير..

فإن كنت تواجه مشكلة ما، وكانت تشغل عقلك طيلة الأسبوع محاولًا إيجاد حل ما لها، لكنك تيأس في النهاية، ثم فجأة وأنت تتناول طعام الغداء وتشاهد فلمك المفضل يومض الحل داخل عقلك بلا أي مقدمات فتصرخ بسعادة: "وجدتها".

نحو الأفقWhere stories live. Discover now