"سوف أصنع كوباً من الشاي أولا، ثم سأذهب لأباشر العمل"
" أظن أن لدي الكثير من المشاغل اليوم لما لا نؤجلها للغد؟"
" مشاهدة فلم لمدة ساعة لن تضر شيئًا، صحيح؟"
" مازال النهار أمامي طويلا، لا بأس بنزهة قصيرة"
وهكذا دواليك، يستمر التسويف يوما بعد يوم، ويمر اليوم، والأسبوع، والشهر، وحتى السنة، وأنت لم تكمل روايتك التي ينتظر قرّاؤك أن تكملها وتقوم بنشرها حتى يعيشوا أحداثها ويتفاعلوا مع شخصياتها، ولكن ما الذي فعلته أنت ككاتب؟ لا شيء غير الكسل والتسويف، لا شيء سواهما.
هل تلك الأفواه المُحطِمة هي من جعلتك غير مهتم بأعمالك وكانت سببا في تراخيك؟ أم عدد القراءات غير المرضي؟ ما الذي مكن الكسل منك؟
في الحقيقة، ولا حقيقة غيرها، أنت من جعلت الكسل يتلبسك، أنت من سمحت له بالاستحواذ على وقتك الثمين وتثبيط أحلامك، أنت من جعلت عقلك يفضل النوم على العمل، ورضيت بذلك.
يقولون: إن أردت التغلب على خصمك فعليك معرفة نقاط ضعفه وقوته. ونحن لنستطيع التغلب على الكسل علينا معرفته جيدًا، وما هي الأساليب والطرق المتبعة للقضاء عليه؟
الكسل عبارة عن فتورٍ عن العمل، خمول، بلادة، وقد ورد في المعجم الوسيط:
كَسِلَ :
كَسِلَ عن الشيء كَسِلَ كَسَلاً: تثاقل وفتر عمَّا لا ينبغي أَن يُتثاقَلُ عنه فهو كَسِلَ وكَسْلانُ. والجمع : كُسَالَى، وكَسْلَى وهي كَسِلةٌ، وكَسْلَى، وكَسْلانةٌ.
والكسل صفة مذمومة، وقد كان النبي محمد صل الله عليه وسلم يستعيذ منه. والكسل في الديانة المسيحية يُعد خطأً من الأخطاء السبع المميتة عند الكاثوليك، ويرونه سببًا مباشرًا للفقر*.
ولهذا، لنتخلص جميعًا من هذه الصفة المقيتة والتي أجمع الجميع على تأثيرها السلبي على الفرد والمجتمع- كان من واجبنا تقديم بعض الحلول العملية والتي ستساهم - بإذن الله- بشكل أو بآخر في التخلص من الكسل.
1- الإرادة:
الإرادة هي مفتاح التغيير، والطريق لحياة أفضل، فعبارة أنا " أنا أريد التحسن" " أنا أريد التغيير" " أنا أريد أن أصبح كاتب ناجح" " أنا أريد...... " إن لم يتبعها عمل وتصميم فلن تجني شيئًا، ولن تتغير، لتصل لمرادك يجب عليك أن تفكر بالشيء الذي تريده على الدوام، وأن تسخر كل طاقتك له، " أنا أريد" قد تكون حقا بداية لتغيرك، ولكنها ليست الطريقة الصحيحة والجذرية له.
والأمر نفسه ينطبق للكسل، إن كنت تريد حقا التخلص منه، ورميه بعيدا في سلة السلبيات، فستنجح بإذن الله إن اتبعت الخطوات التي سنذكرها بعد قليل. أما في حالة أنك لم تكن جديا في إرادتك للتغير، وأن إرادتك لتركك للكسل لم تكن سوى إرادة عبثية عابرة، فلن تستفيد شيئًا وستضيع وقتك في القراءة ليس إلّا، لهذا، خذ وقتًا وفكر مع نفسك إن كنت تريد ترك الكسل فعلا أم لا.
2- حدد هدفك:
حياتك لن تسير بدون هدف، عليك أن تضع هدفًا ما أمام عينيك لتراه كل يوم، هناك أهداف يومية، أسبوعية، شهرية وسنوية، وهناك أكثر، أكتب أهدافك وضعها في مكان حيث تكون أمام ناظريك في أغلب الأوقات.
3- لا تعقد الأمور، ولا تضخم العمل:
هناك مثل شعبي مشهور يقول " لا تجعل من الحبة قبة" ويقال عند تضخيم الأمور والمبالغة فيها وجعلها تبدو عويصة جدًا، وهذا ما نفعله نحن في معظم الأحيان من دون أن ندري، وسأضرب لك مثالًا.
لنفترض أن الفصل الذي ستكتبه من 2800 كلمة، البعض يرى هذا العدد كبيرا جدًا، ولن يكون بإمكانه كتابته في أقل من أسبوع أو أسبوعين، وقد يكون هذا صحيحا، خصوصا إن كنت في بداية مسيرتك الكتابية، ربما تظن أن كتابة كل هذه الكلمات في يومين او ثلاث سيكون صعبا جدًا، بل ربما مستحيل، لذلك دعونا نبسط الأمر " ونجعل من القبة حبة"
سنقوم بتقسيم عدد الكلمات على عدد أيام الأسبوع، وبذلك سيكون علينا كتابة 400 كلمة يوميًا، وإن كان هذا العدد كبير عليك أيضا فيمكنك تقسيمه أيضا بالطريقة التي تعجبك، بأن تكتب عند الاستيقاظ من النوم 200 كلمة وقبل النوم 200 كلمة، أو تقوم بتقسيمها على خمس( عدد الصلوات المفروضة) وبهذا سنحصل على 80 كلمة عند كل صلاة، وثمانون كلمة تكون بمعدل فقرة واحدة تقريبا.
الأمر أصبح أسهل، صحيح؟
وكما يقولون" قليلٌ خيرٌ من كثيرٍ منقطع"
يقول ديفيد آلن" لا يمكنك الانتهاء من مشروع كامل خلال يوم واحد، لكن يمكنك الانتهاء من خطوات صغيرة مستمرة كل يوم تقودك لإنجاز المشروع"
4- لا تنتظر:
لا تنتظر ( المزاج)، لا تنتظر الإلهام، لا تنتظر أن تسقط الكلمات والأحداث عليك من السماء، فهذا ليس وحيًا يا عزيزي لتبقى جالسًا بلا أي عمل تضع يدك على خدّك تنتظر قدومه!
يقول بيرل إس. باك " لا أنتظر المزاج... لن أصنع إن انتطرته، يجب أن يعلم العقل أن عليه أن يعمل"*
نحن كقرّاء، نتذرع كثيرا بفقدان ما يسمى الإلهام، وأنه العامل الأساسي للكتابة، ولكن هذا خطأ، كله خطأ، وسنخصص فصلا كاملا للحديث عن الإلهام بإذن الله، ولكن كل ما يجب أن تعلمه الآن أنك من تحرك نفسك، أنت من يقرر إذا كانت ستعمل أم ستجلس أمام التلفاز تنتظر الفرج!
يقول ستيفن كينج" المبتدئون ينتظرون الإلهام، أما نحن فنستيقظ كل يوم لنعمل"
ولتعديل مزاجك وتحسينه بإماكانك البحث في محركات البحث، وتطبيق بعض الطرق والاقتراحات المقترحة، وإن كان الطريق لجوجل بعيدا مثلًا، فيمكنك الذهاب لكتاب " ورقة وقلم" وتحديدا الفصل الثاني بعد المقدمة، والتي استعرضت فيه الكاتبة سلمى بعض الحلول العملية لتحسين المزاج. Writer_Salma
ومن الحلول العملية إلى الحلول النفسية، والكلمات المحفزة التي - ربما- تكون سببا في تحسين (المزاج) كذلك.
إلى متى سوف تظل حبيسا لهم؟ تحرر، حاول البحث عن عثراتك و ابدأ بالقراءة فهي كالشعلة التي تنير لك الطريق نحو الإبداع، نحو المعرفة و نحو الخيال، تلك الأبواب التي توصلك للابتكار، تدخلك لعالم أنت قائده حيث بسحر كلماتك تنمو بذرة الخيال في أرض مُلئت برونق أفكارك المبدعة فما خط على الورق لن يمحوه الزمن.
حتى تبدع، حتى تصل للحلم، عليك أن تردع كسلك، لا تجعله من يعطي الأوامر للبدء بالكتابة، كن أنت المسيطر .
الطريق طويل والبدايات دائما شاقة، تحتاج العزيمة، وأنا أعلم أنها داخلك و لكنها فقد تريد منك تحريرها، اجعل حماسك و شجاعتك المحرك لك, لا تجعل أول العثرات توقعك في مستنقع من الـتأجيل والكسل .
كلما أحسست بالخمول والكسل وأن ما كتبت لن يلقى ذلك الرواج الذي تتمناه فألقي نظرة على قصة ليز موراي تلك الفتاة التي نشأت بلا والدان في أرض قاحلة حيث البحث عن قوتها كل ليلة، ولكنها لم تستسلم، لم تُحبط أو تشعر بالكسل لإظهار إبداعها، لقد جعلت من الصعاب سلماً للإبداع و أصبح كتابها بعنوان "breaking night" الأكثر مبيعاً ومصدر إلهام للكثيرين من حول العالم.
لم ولن تكون تلك القصة الوحيدة، اقرأ كتاب (25 قصة نجاح) للكاتب : رؤوف شبايك، سوف يلهمك كل حدث وقد تذرف الدموع أحياناً عن قسوة ما عانوه و لكن ما الذي أصبحوا عليه الآن؟ ناجحين، ملهمين، قادة، لماذا؟ لأنهم لم يستسلموا، لم تكن لأفواه الجارحة أو الخوف من المستقبل تلقي بهم نحوا الخمول بل وطأت أقدامهم عليها، وكانت التحدي لهم للوصول الى الحلم.
فلو شعر كل منهم بالكسل و اتكأ على أريكته بمنتصف اليل ينظر للتلفاز بدون تحريك قلمه أو حتى بدون إنجاز ما أنجزوه، فهل كنت تظن أن العالم سوف يتغير؟ كنا لنبقى في جهل و ظلمات لن نجد من ينتشلنا منها، لماذا؟ بسبب الخمول و الكسل الذي يعترينا كلما هممنا بفعل أي شيء.
كن مقاتلًا، نعم قاتل نفسك حتى تصل للنجوم، ليس النجوم فقط بل حاول البحث خلفها نحو الأبعد فالأبعد، فلا حدود للإبداع ولا حدود لنا.
-------------
لدينا اليوم مشاركة لطيفة من أحد فريق فرسان اللغة البواسل❤:
الصفحة البيضاء، حبسة الكاتب، كلها كلمات تعبر عن الكابوس الأسود أو المصيبة الأكبر التي تحل على رأس الكاتب.
لا ننكر هذا، ففي بعض الظروف قد تصاب بهذه الحبسة الفظيعة، تخال أنك منها غير ناج.
يعود ذلك لأسباب قد تكون صدمة نفسية أو ضغطا نفسيا بسبب ظروف الدراسة، العمل، الحياة اليومية... ستفقد فيها إلهامك ودافعك للكتابة لكن ذلك لا يعني أن تصبح خانعا تحت رحمتها، تتنظر الخلاص من السماء.
لن يحررك منها شيء غير نفسك أنت، نعم أنت لا غيرك، لن تجد عصا سحرية أو بساط الريح ليحررك منها، بل ستجد عزيمتك و إلهامك الخاص والأهم حبك وشغفك للكاتبة.
كن قويا، شغوفا للكتابة، محبا لما تكتب. اكتب لنفسك أولا وفكر في قرائك ثانيا.
كلما زاد شغفك للكتابة كلما كنت قادرا على تفادي الكسل والحبسة.
تشعر بالكسل والخمول، غير قادر على كتابة حرف واحد، ضاع إلهامك....
هلا كففت عن لعب دور الضحية الآن؟ انهض تحرك، إنه وقت العمل. نعم إنه وقتك لتتألق، لتحمل قلمك وتخط إبداعك.
تريد رجوع الإلهام؟ هو لن يرجع أو ينزل من السماء أو يأتي من اللامكان. هو موجود داخلك. اصنع الهامك بنفسك.
تعال معي، أمسك قلمك وهات دفترك أو أحضر حاسوبك واجلس بمكانك المفضل.
جلست الآن؟
إبدأ بالكتابة، اكتب أي شيء، ليس مهما أن يكون بداية أو تتمة قصتك. المهم هو أن تكتب حتى لو مجرد خربشات من أحداث يومك أو مما تقرأه من أخبار في الجرائد.
انظر حولك لا تذهب بعيدا، انظر بين يديك، انظر في داخلك، تحدث مع نفسك حاورها عن مشاعرها ونظرتها للعالم.
اصنع من نفسك مادة دسمة للكتابة، ستجد في نفسك وتجاربك وخبراتك ومشاعرك وحتى التفاصيل الصغيرة من أحداث يومك البسيطة، ستخلق لك إلهامك، نعم ستحصل عليه وتصطاده هو لن يهرب منك بل ستشحذه داخلك.
دائما تذكر شغفك وحبك للكتاية وكيف كان شعورك بالفرح أول مرة تكتب و أول مرة تنشر كتابتك لغيرك.
تذكر دائما أن الإلهام بين يديك، فقط لا تتكاسل، وقم للعمل عندما تبدأ بالعمل والكتابة ستجد في نفسك الدافع لها وستخلق إلهامك الخاص.
------------
* ويكبيديا.
* جميع الإقتباسات من كتاب " ثورة الفن"
------
نعتذر عن التأخير.
| قام بكتابة الفصل العضوتين غسق وأوركيد|