- ماذا ماذا ؟ ألا يحق للأب أن يشاهد مبارة ابنه ؟!
سأل هيميكاوا بابتسامة عريضة يملئها الشر والخبث، فقال ايزومي :
- هل تظن أنني سأتركك ؟
- هل أنت تملك الخيار أصلا ؟ أنظر حولك، جنودي منتشرة في كل مكان، فقط بإشارة مني، سوف يبدأون في المجموعة على كل شيء يتحرك، و في بعض الثواني ستصبح الجزيرة بحر من الدماء، و لكن ألا ترى كم أني شخص جيد ؟ إن نية صادقة، أنا فقط أريد المشاهدة.
لكن ايزومي اندفع نحوه، و مسكه من عنقه ثم رفعه في الفضاء، و لكن هيميكاوا لم يقاوم أو يقل شيء، هو فقط اكتفى بالابتسام، و رفع يده في الهواء، و حرك اصبعين نحو الأمام، فرفع كل الجنود أسلحتهم تحت تلك الإشارة، و استعدوا للهجوم منتظرين الإشارة الثانية، و الابتسامة لا تفارق وجه هيميكاوا.
تحت ظل تلك الظروف، لا أحد من قادة الفروع استطاع أن يفعل أي شيء، بدى وجودهم ثانويا، و لم يستطيعوا فعل أي شيء على الإطلاق، ماعدى النظر، و انتظار قرار ايزومي.
- اذا... مالذي ستفعله... ايزومي-شان.
قال هيميكاوا بضحكة خفيفة، رغم أنه يختنق، فنظر ايزومي حوله، و أدرك الموقف، لقد فات الآوان الآن على تجنب النتائج التي سببتها ثقته العمياء بشينترو، و لكنه لم يستطع أن يجازف بمستقبل منظمته، و أن يرمي جيل الفرسان القادم الى التهلكة، لذلك لم يملك خيارا سوى أن ينصاع الى شرط هيميكاوا، فأطلق سراحه، و ابتعد عنه.
- أهاهاها... عرفت أنك لا تستطيع التضحية بالآخرين، لطالما كنت كذلك، أحمق.
ضحك هيميكاوا، ثم صفق مرتان، فظهرت بوابة أخرى، و خرج منها عدة أشخاص يلبسون زي طائفة هايدس، و أقنعة سوداء تحجب كل رؤوسهم، كان بعضهم يحمل طاولة فخمة، و البعض الآخر يملك عدة قوارير من النبيذ الأحمر، و واحد قد حمل كرسيا ضخما مرصعا بالذهب و الألماس، ثم وضعوه على الأرض، و وضعوا بجانبه الطاولة.
فجلس هيميكاوا، و قال :
- نبيذ !
- حاضر سيدي.
اقترب شخص، و ملئ كأسه، ثم أخذ خطوتان الى وراء، فأضاف هيميكاوا :
- أنا أنصحك أن تبلغ تلاميذك بالوضع الحالي، قبل أن تحدث بعض الاشتباكات الغير مرغوب فيها.
- اللعنة.
- إنه يلقي الأوامر كما لو أنه مالك المكان.
- كل هذا بسبب ذلك اللعين الخائن.
تحاور قادة آلتيميا فيما بعضهم، و لكن فجأة تنهد ايزومي و قال :
- لقد فات الآوان على الندم الآن، يوي، فلتبلغي كل التلاميذ بالوضع الحالي.
- ولكن !
تذمرت يوي، و لكن ايزومي قاطعها و أرسل لها رسالة مباشرة نحو عقلها عبر التخاطر :
" لا تقلقي، حاليا نحن لا نملك خيارا سوى أن نترك السفينة تقودنا إلى أين تأخذنا الرياح، و لكن حين الوقت، نحن سوف نقلب الوضع."
" هل أنت تعني أنك قررت فتح ذلك المكان؟"
" نحن لا نملك حلا آخر، فلتذهبي إلى أسفل مبنى المدرسة و كوني متأهبة لكي تفتحيه عند اشارتي."
في تلك اللحظة فهمت يوي ما عناه ايزومي، فلم تضف أي كلمة أخرى و حركت رأسها مشيرة إلى أنها قد وافقت على فعل ما طلب منها، و لكن قبل أن تذهب، رفعت شارتها، و تكلمت بصوت واضح :
" على كل التلاميذ المتواجدين على الجزيرة أن يتجه مباشرة نحو الحلبة، و عدم الاحتكاك بتلك الوجوه القبيحة التي ظهرت، من يخالف الأوامر سوف يتم معاقبته بشدة، أكرر... كل التلاميذ نحو الحلبة مباشرة."
فجأة تقدم شينترو و على وجهه ابتسامة الفوز :
- تظن نفسك الأفضل ؟ ها ؟ تظن نفسك القائد؟ تظن أنك لا تقهر و لا أحد يستطيع إيقافك ؟ أحمق ! تظن أنك أفضل مني ؟! أنظر لنفسك ! عاجز عن فعل أي شيء ! و ذلك بسببي ! أحمق ! لعين ! سخيف ! ضعيف ! دنيء ! قذر ! نذل !
ارتفاع صرخات شينترو بينما كان يهين ايزومي بصوت عال، و لكن قبل أن يقوم ايزومي بفعل أي شيء، كسر هيميكاوا الكأس، و سقطت قطعه على الأرض، ثم قال :
- شينترو، هل أحظرت الخريطة ؟
- نعم سيدي.
تغيرت نبرة صوت شينترو، و سحب الخريطة من كيسه، ثم اقترب منه ببطئ و ركع، و قدم الخريطة له، الخريطة التي أقام إيزومي من أجلها هذا المهرجان.
فجأة تنهد بيلزاك و قال :
- لقد تكسر الكأس...
فاستغربت يوي، و لم تفهم ما عناه بيلزاك، و لكنها لم تكلف نفسها عناء الفهم، و لكن بالنسبة لأفراد هايدس، تكسر الكأس يعني شيء واحد، إن هيميكاوا غاضب للغاية.
- إنه لايزال عضو جديد و لا يفهم قواعد الطائفة.
قال ناغويا.
بعدها، أخذ هيميكاوا الخريطة، و وقف أمام شينترو و قال :
- فلتقف، لا حاجة للركوع.
- شكرا سيدي.
- شينترو، أنت الشخص الذي فتح حواجز هذه الجزيرة لنا، و قاد فتح البوابات لنا، ذلك شرف كبير لنا.
- الشرف لي، سيدي.
و لكن ملامح هيميكاوا تغيرت ثم قال :
- و لكن يبدو أنك لازلت لا تفهم أي شيء، بك أو بدونك، أنا كنت أستطيع أن أفعل ذلك. و لكن أنا كسول لدرجة أني كلفة شخصا بضعفك و حمقك بفعله، لذلك أنا لن أقتلك.
ثم مسك رأسه و أدخله الأرض، لم يستطع شينترو أن يرد الفعل بتاتا، و لم يستطع المقاومة أبدا، فهو كان تحت ضغط عملاق و غاشم، لدرجة أنه أحس بوزن الجبال تضغظ على كتفاه، و تكبل حراكته، فلم يسعه سوى أن يستفسر :
- سيدي... مالذي... مالذي فعلته كي أغضبك ؟!
فزاد غصب هيميكاوا، و لكن الابتسامة لم تفارق وجهه، و حافظ على مظهره الهادئ، ثم أخذ رأس شينترو، و أدخله الأرض مرة ثانية، و ثالثة، فخرج الدم من مناطق عدة من وجهه، فقال :
- سيدي... أنا آسف ! أنا لم أقصد إغضابك ! أرجوك سامحني !
- تعتذر بدون حتى أن تعرف السبب ؟ أحمق !
قال هيميكاوا، ثم رفعه عن الأرض بيد واحدة، و ألقى به على الطاولة المصنوعة من أصلب المعادن، فتكسرت، ثم سحبه، و أدخل رأسه داخل الأرض مجددا، و لكن هذه المرة، تشققت الأرض من قوة ضربته، ثم قال :
- أنت سوف تبقى هناك إلى أن أسمح لك أن تخرج.
- لكن سيدي...
- صمتا !
- آسف.
- ايزومي هو أحد الأشخاص القلائل الذين يستحقون احترامي، فهو عدو منذ عدة سنوات، و الى الآن يزال أحد أقوى أعدائي. ثم تأتي أنت، شخص تافه، لا يصلح حتى أن يكون بيدق على الرقعة، و يهين ملك أعدائي؟! لولا ملكة الأرض لقمت بسلخك الآن.
قال هيميكاوا، ثم هدأ تماما، و صفق بيديه مرة أخرى، فنظف جنوده الفوضى التي أحدثها، و أتو بطاولة جديدة و كأس شديد، و سكب الساقي النبيذ مجددا.
أما شينترو فهو قد صدم عندما سمع سبب غضب هيميكاوا، و ليس هو فقط، بل حتى قادة آلتيميا.
و لكن هيميكاوا، طلب من جنوده احظار كرسي آخر، فلم ينتظروا ثانية حتى انطلقوا و أحظروه، و بعدها نظر إلى ايزومي، و أشار إلى الكرسي، و قال :
- تعال ايزومي-شان ! إن المباراة ستبدأ قريبا!
لو لم يعرف ايزومي طبيعة هيميكاوا الحقيقة، لا صدق أنه شخص نبيل ذو قيم حميدة، و لكنه كان يعلم جيدا من هو هيميكاوا، و رغم ذلك، هو فقط ذهب و جلس بجانبه، فأفضل مكان لمراقبة أفعاله هو بجانبه.
- نبيذ ؟
- لا أحتسي السموم.
- ماذا عن الشاي الأخضر و بعض البطاطا المقلية ؟
- هل تظن أنك ستغرين بأشياء تافهة كهذه ؟!
- لماذا أنت جاد كثير ؟
- هيميكاوا، إن أضفت كلمة أخرى أنا سوف...
- وااا... مخيف !
سخر هيميكاوا، و لكن هالة ايزومي بدأت تنتشر في كل مكان، فدمرت الطاولة و شققت الأرض.
فأضاف هيميكاوا :
- حسنا لقد فهمت، توقف عن تكسير طاولاتي.
فكبح ايزومي هالته، و لكن هيميكاوا وضع ساقه على الأخرى و أضاف :
- هل أعدت النهار لنا ؟ أنا أملك حساسية من الظلام.
فنظر ايزومي له بنظرة غاضبة للغاية، و لكنه لم يقل شيء، فقط طقطق بأصابعه، فاختفى التنين الأسود ذو العينين الحمروتان، و اختفى معه الليل، و عاد النهار، ثم قال :
- لا تظن نفسك قادرا على فعل ما تريد على جزيرتي ؟! لا تنسى أنني أستطيع إغراقها بكل جنودك.
- بالطبع أعرف، فأنا لم أشك بقدراتك يوما، و لكن هل أنت حقا قادراً على التضحية بتلاميذك، و بجزيرتك ؟
ابتسم هيميكاوا ابتسامة افتزازية، فغضب إيزومي، و لكنه لم يستطع الإجابة، فهو بالتأكيد لا يستطيع فعل ذلك، فضحك هيميكاوا عندما رأى ردة فعله، و صرخ :
- المزيد من النبيذ !
- حاضر سيدي !
قال الساقي و ملئ كأسه، بينما اقترب القادة الثلاثة لطائفة هايدس من كرسي هيميكاوا، و وقفوا بجانبه، أما أوشي و واتشي، فقد وقفوا وراء كرسي إيزومي، و ترقب وصول الفرقتين.
في تلك اللحظة، على المدارج، بعد أن رأى كل الأشخاص هذا الوضع الحرج، خافوا و ملئ الفزع قلوبهم، فكل تلاميذ فرع الثعلب قد نزعوا زيهم، و أظهروا ملابسهم الحقيقية، ملابس طائفة هايدس، و ليس ذلك فقط، بل فتحت العديد من البوابة، و خرج المزيد من الجنود، و في لمح البصر ملئوا كل الأماكن.
في البداية، كان هناك من تجمد من شدة الرعب، و البعض قد فزع و بدأ في الهروب، أما البعض الآخر فلم ينتظر لحظة و قفز نحوهم لينقضب على هؤلاء الدخلاء.
و لكن كل ذلك توقف عندما رأوا بأنفسهم، إيزومي، زعيم المنظمة، يحظر معه الليل، لقد كان ذلك أمرا لا يحصل عادة، بل هو أسطورة لم يتخيل البعض أن يروها، أن يصل مستوى شخص ما الى أعلى القمم لدرجة أن يسبب ظاهرة تتلاعب بقوانين الطبيعة.
و بعد أن أعلنت يوي عن الوضع الحالي، هدأ البعض، و لكن ملامح القلق لم تفارق وجوههم، فهم محاطون بالأعداء من كل جهة، و لكن لم يستطع أحد التصرف بدون حذر، فأقل اختلاف قد يسبب حربا عظيمة.
لذلك قد قرر ايزومي فصل تلاميذ آلتيميا، عن جنود طائفة هايدس، فقد قسم المدرجات الى نصفين، و ذلك فقط لتجنب أي نوع الاشتباكات.
و فقط بعد مرور بعض الدقائق، وصل أفراد فرقة الثعالب الى الحلبة، فبدأت الصرخات تعلوا من جهة التي ملئتها جنود طائفة هايدس، إلى أن رفع تيتشيرو يده و صرخ بصوت واضح :
- ايه ؟ أنا لا أرى فرقة التنانين الفخورة بأنفسها ! هل من الممكن أن الفئران آخيرا قد قررت العودة إلى مجاريها !
فبدأت ضحكات السخرية تعلو من جهة طائفة هايدس، إلى أن فجأة دخل ثلاثة أشخاص من البوابة المقابلة، أولئك الأشخاص لم يكون أحد سوى يامتو، شيزومي وايكيبس.
فتعالت صرخات تلاميذ آلتيميا و تشجيعتهم، فهذه المعركة لم تعد مجرد إحتفال، بل أصبحت معركة لتحديد مصير المنظمتان.
و لكن فجأة صرخ تيتشيرو :
- انتظر لحظة، أنا لا أرى ذلك الشخص ! كما توقعت اذا ! إنه ليس سوى جرذ لا يعرف سوى الهروب !
- أيها اللعين ! أنا سوف--
صرخت شيزومي في غضب، و لكن قبل أن تستطيع اكمال جملتها، وضع يامتو يده حول فمها و أغلقه، ثم ابتسم و قال :
- إن كنتي سوف تدافعين عن كورو بتلك الطريقة فأنتي فقط سوف تزدين الطين بلة، فهو سيتأكدون أكثر من أن كورو حقا جبان، في هذه الحالة، من الأفضل أن تقول شيء كهذا.
ثم صرخ نحو تيتشيرو :
- أنا لا أظن أنكم تستحقون حتى أن تقاتلوا كورو، فلو أظهر بعض من قدرته لبللتم سراويلكم من الخوف.
فبدأت الضحكات تتعالى من جهة آلتيميا، فاشتد غضب تيتشيرو للغاية، و صرخ :
- هل تظن أن جرذ بقوته التافهة و الضعيفة قدر على أن يصمد أمامي أكثر من دقيقة ؟!
- أوه... لماذا أنت غاضب للغاية ؟! هل من الممكن أنك تريد التستر على خوفك ؟! أهاهاها، أمير طائفة هايدس حقا خائف ! أهاهاها.
صرخ يامتو في السماء، و قد كان صوته عاليا و واضحا، و سمعه كل من وجد في الحلبة، فزادت ضحكات التلاميذ، و بالطبع اشتد غضب شيرو أكثر، فهو شعر أنه قد خسر ماء وجهه بسبب كلامات يامتو الحادة، و لكن ذلك لم يكن نهاية الأمر، بل هو قفز نحو الساحة المخصصة للمعركة، و رفع يده نحوهم و بدأ يحركها بطريقة افتزازية، طالبا منهم القدوم نحوه، قائلا :
- لا يهم إن كنتم تريدون مواجهة واحدا ضد واحد، أو خمستكم دفعة واحدة، فأنا سأقضي عليكم جميعاً.
- أيها اللعين من تظن نفسك حتى !--
و لكن قبل أن يكمل شيرو صرخاته، قفز نحو الحلبة واحد منهم، لقد كان صاحب البنية الضخمة، و لكنه لم يقل أي شيء، فقط نظر إلى يامتو، منتظرا إشارة الحكم.
في تلك اللحظة، ابتسم هيميكاوا و قال :
- هؤلاء هم أعضاء الفرقة المضادة للملوك، و هم قد دربوا لكي يدمروا الملوك تماما، أنا أظن أن هذه المعركة سوف تكون جميلة للغاية.
- أنا أعرف أنك لم تأتي فقط لتشاهد، بل أنت تخطط لشيء أكبر، لا تظن أنك--
كان ايزومي لايزال يحمل ملامح الجدية و الغضب، و لكنه قبل أن يستطيع اكمال جملته، فقد قاطعه هيميكاوا قائلا :
- ايهه، فلتهدأ قليلا، إن المباراة على وشك البدأ.
- اللعنة.
كره ايزومي حقا الوضع الذي وقع فيه، فهو لم يستطع أن يتصرف بطيش و يهجم على هيميكاوا، رغم غضبه الشديد.
و لكنه في نفس الوقت كان قلقا، فكورو لم يظهر بعد، لذلك قرر ارسال رساله عبر التخاطر الى يوي، و كلفها بهمة البحث عن كورو داخل المدرسة قبل أن يحصل أي شيء غير مرغوب فيه، فايزومي يعرف جيدا طبيعة كورو سريعة الغضب، و لكن لم يستطع أن يذهب بنفسه، فهو لا يمكنه أن يترك هيميكاوا لوحده بدون مراقبة في هذا المكان.
و لسبب ما، ايزومي كان يشعر بأن كارثة على وشك الحدوث على هذه الجزيرة، و بدون شك، كورو سوف يكون طرفا في هذه الكارثة...
( حسنا جميعاً، أنا آسف حقا، فأنا سآخذ راحة بثلاثة أيام لكي أستطيع التركيز على الامتحانات القادمة. آسف مجدداً.)