( قارئة الفنجان بقلمي/ احكي...

By MonaLotfy

1M 22K 724

قلرئة الفنجان بقلمي / منى لطفي الملخص بحياتك يا ولدي امرأة عيناها سبحان المعبود فمها مرسوم كالعنقود ضحكتها... More

قارئة الفنجان المقدمة والفصل الاول بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 2 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 3 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 4 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 5 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 6 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 7 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 8 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 9 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 10 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 11 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 12 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 13 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 14 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 15 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 16 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 17 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 18 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 19 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 20 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 21 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 22 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 23 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 24 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 25 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 27 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 28 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 29 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 30 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 31 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 32 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 33 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 34 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 35 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 36 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 37 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 38 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 39 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 40 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 41 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 42 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 43 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 44 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 45 بقلمي/ منى لطفي
قارئة الفنجان الحلقة 46 والخاتمة بقلمي/ منى لطفي

قارئة الفنجان الحلقة 26 بقلمي/ منى لطفي

21.3K 423 16
By MonaLotfy


قارئة الفنجان

الفصل (26)

بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)

رفرفة بسيطة في أهدابها ثم فتحت عينيها وهي تتمطى ببطء فاردة ذراعيها حولها، لتركز بعدها نظراتها حولها لترى ثوبها وهو ملقى أسفل الفراش مع منامة رجالية، لتتذكر أن الأمس كان حفل زفافها واليوم "صباحيّتها"!!!..

- صباحية مباركة يا عروسة!!!..

التفتت بعينيها الى مصدر الصوت بجانبها لتراه وهو يرتكز على مرفقه الأيسر يطالعها بشغف فيما ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهه الرجولي الذي أكسبته لحيته النامية وسامة أشد، همس بصوت رخيم:

- مافيش صباح الخير يا حبيبي؟...

أسدلت عينيها بخفر وهمست وحمرة الخجل تلون وجنتيها بينما تتلاعب بطرف الغطاء بأناملها البيضاء فيما افترش شعرها النحاسي الوسادة حولها:

- صباح الخير...

مال عليها هامسا فوق وجهها بابتسامة رجولية شديدة الجاذبية:

- يا إيه؟...

ابتسمت لتشرق الشمس في عينيه وهمست بصوت بالكاد يسمع:

- حبيبي!!!!!..

رفع رأسه ناظرا الى الأعلى يهتف بنصر:

- آآآآآآآآآآه... أيوة كدا.. صلاة النبي أحسن..

ضحكة ناعمة انطلقت تغرد في أذنيه رغما عنها ليعيد نظره إليها يلتهم تقاسيم وجهها بحمرته الفاتنة وهمس بتوق وأنفاسه تختلط بأنفاسها:

- تسلم الضحكة وصاحبة الضحكة، وخاتم سليمان اللي ضحك الضحكة!!!!!!

لتغمر وجهها دماء الخجل وتهمس باعتراض وخجل:

- أنور....

أنور ورغبته في التهام قطعة الحلوى المجسدة أمامه:

- تؤ تؤ تؤ.. أسمي مش أنور.. – طالعته بتساؤل وابتسامة تزين ثغرها الوردي فيما تابع وعيناه مسلطتان على شفتيها اللتين أفقدتاه صوابه – إسمي.. حبيبي، إسمي إيه؟..

أجابت باستسلام وخنوع جعلاها شهية للغاية في عينيه بينما ابتسامة ناعمة ارتسمت على شفتيها النديتين:

- حبيبي...

رفعت عينيها إليه وأردفت بحب يلمع بين مقلتيها وكلماتها تنضح صدقا خالصا:

- حبيبي.. وجوزي، وصاحبي، وأهلي كلهم....

ليفقد أنور آخر ذرة صبر لديه ويهتف فجأة وهو يحيط رأسها بيديه اللتان تستندان على الوسادة حولها:

- أنتي أحلى وأجمل حاجة حصلت لي في حياتي كلها.. بحبك يا رنا بحبـ....

وأكمل كلمته بين حنايا شفتيها بينما اعتصرتها يداه لترفع ذراعيها تحيط بهما عنقه القوي وتستسلم لطوفان حبه مرحبة بالغرق في بحر عشقه العميق أكثر وأكثر، غير راغبة في النجاة أبدا!!!!!..

بعد وقت طويل كان قد نام بعمق كمن لم يذق للنوم طعما منذ أمد بعيد، بينما رفعت رأسها هي من فوق صدره العريض الذي توسدته تتابع بسبابتها البيضاء تقاسيم وجهه والتي ارتخت ليبدو أصغر من عمره ببضع سنوات، فيما ارتسمت ابتسامة ناعمة على كرز شفتيها وهي تتذكر همساته بعشقه لها وكيف أنها قد سلبت لبّه منذ سنوات وسنوات، منذ أن كانت طفلة لا تتعدى العشر سنوات وهو وقتها في السادسة عشر من عمره، وقتها ظن أن انجذابه لها انجذابا لطفلة فاتنة بخصلاتها القمحية وعينيها الكهرمانيتين، كانت كثيرا ما تأتي لزيارة ندى وهو كان شبه مقيم هو وشقيقه معتز لدى خالته كريمة، كان يتقصد اغضابها ليرى نظراتها الطفولية النارية وهي ترميه بشراراتها، وتمر الأيام وتكبر طفلته لتغدو صبية قد بدأت معالمها الأنثوية في الظهور، ومرة أخرى كان يتعمد استفزازها، بل كان يتشاجر معها إذا ما رآها وهي تقف تتضاحك مع أيّ كان حتى لو زميل لها أو أي من أقربائها، لتبتعد هي عنه بالتدريج متحاشية وجوده، مما أصابه بالجنون، فأصبح يتعمد السخرية منها والبرود ما أن يراها فيما هو في الواقع يرغب بعناقها حتى تزهق أنفاسها!!!.

توسعت ابتسامتها وهي تتذكر الباقي من اعترافاته وكيف أنه كاد يجن كي يملك قلبها، بينما سرّها الصغير الذي لم تعترف به له بعد أنها لا تتذكر منذ متى لم تكن.. متدلهة في حبه!!!!... فابتعادها عنه وبرودها المتعمد معه لم يكن سوى ستار تحمي به نفسها ومشاعرها وهي تخشى أن تمر بنفس تجربة أمها والتي تزوجت بحب عمرها ولكن لتنفصل عنه في الأخير وتتجرع مرارة فراقه ونيران الغيرة وهي تراه وقد تزوج بأخرى أنجبت له أطفالا وكأنه تثبت نفسها في حياته، ولتحرم هي رنا من حنان أبيها والذي لا تراه سوى سويعات معدودة.....

ولكن أنور استطاع احتواء خوفها هذا وقد غلب بحبه جميع مخاوفها وشكوكها، همست له بحب:

- وعد عليّا يا أنور أني هفضل أحبك لغاية آخر نفس فيّا...

ثم وكنسيم رقيق مر على وجهه كانت قبلتها الناعمة التي لثمت وجنته بحب لتردف بعدها بعشق صاف:

- بحبك!!!!..

شهقت بغتة وقد فوجئت به وهو يرقدها على الفراش ليعلو فوقها ويقول بابتسامة ولهى:

- وأنا بموت فيكي، وهطالبك بوعدك دا كل دقيقة في عمرنا!!

رفعت يدها تمر بأصابعها بنعومة فوق وجنته الخشنة وهي تقول بصوت ذو بحة نثيرة:

- وأنا عند وعدي...

لتلمع عيناه برغبة متعطشة للارتواء من شهد حبها، فهو قد اكتشف أنه لا يرتوي منها أبدا، فالاقتراب منها يتركه في توق للمزيد، وكلما نهل من هذا المزيد أراد المزيد والمزيد و.....

"ترررررن"... صوت رنين هاتف الغرفة قاطع خلوتهما، ليتجاهله أنور، ولكن الرنين استمر لتبعد رنا شفتيها عن أسر فمه قسرا وتهتف بلهاث:

- أنور.. رد.. أكيد حاجة مهمة!!

شتيمة أفلتت منه وهو يقول بنزق:

- أنا مش فاهم، أنا مانع التليفونات خالص.. قلت لهم باللفظ ما يحولوش أي مكالمة، انما هقول إيه.. أغبيا!!.. والاسم فندق سبع نجوم!!!!!..

رنا بترضية:

- معلهش حبيبي.. أكيد حاجة مهمة.. رد شوف فيه إيه!!!

طالعها بشغف وهو يكاد يلتهمها بعينيه:

- حبيبي!!!!... وعاوزاني أسيبك؟.. ما فيش أهم منك حبيبتي، أنا مش..

كان رنين الهاتف قد صمت ليبتسم ولكن لم تكد ابتسامته في الظهور حتى سرعان ما ذبلت وهو يسمع الرنين وقد عاود ثانية، ليسارع برفع سماعة الهاتف يرد بحدة ظاهرة:

- نعم؟!!.. أنا مش قلت مش عاوز مكالمات؟!!!!..

وعلى الطرف الآخر كان موظف الاستقبال ينتفض قلقا من نبرة صوت أنور الغاضبة فيما يسترق النظر لذلك الآخر الواقف أمامه متربصا كالصقر يستمع للمكالمة، تنحنح الموظف ليجلي حنجرته وقال بابتسامة متوترة وكأن أنور يراه:

- حصل يا فندم، لكن فيه أستاذ هنا صمم أني أكمل حضرتك، بيقول أنه المسألة مهمة جدا.. حياة أو موت!!!!..

قطب أنور وألقى بنظرة قلقة الى رنا التي بادلته إياها بأخرى متسائلة فيما قال:

- أستاذ؟!!!.. مين الأستاذ دا؟..

ولم يسعف الوقت الموظف للاجابة إذ امتدت يدا سمراء قوية تقبض على سماعة الهاتف وكأن صاحبها قد سمع استفسار أنور ليجيب ببساطة:

- أنا يا أنور!!!!!!!!!..

أبعد أنور سماعة الهاتف عن أذنه ليطالعها بريبة قليلا وكأنه ينظر الى شيء غريب قبل أن يعيدها إلى أذنه ثانية متسائلا بتقطيبة ريبة:

- مين؟!!!
زفرة ساخنة وصلته تبعها صوت يعلمه جيدا يقول صاحبه بحنق:

- جرى إيه يا أنور؟.. أنت اتجوزت مش فقدت الذاكرة!!!!!!!!!

ليهمس أنور وهو يقبض على أصابعه مغمضا عينيه بأسى كمن لا حول له ولا قوة:

- جو!!!!!!!!!..

ما ان سمعت رنا اسم يوسف حتى قطبت مطالعة أنور بتساؤل، ليبتسم الأخير بغية طمأنتها قبل أن يولي اهتمامه لذلك الصديق الذي هو على شفير قطع صداقته معه نهائيا.. مرة وإلى الأبد!!!...

زفر أنور وأجاب:

- الموبايل قافله يا جو... خير؟..

أنصت قليلا قبل أن تتوسع عيناه هاتفا بغير تصديق:

- قول تاني كدا!!.. – سكت قليلا ثم أردف - انت بتتكلم بجد؟.. خميس إيه يا جو؟.. ندى وافقت؟..

حاوت رنا الاستفهام منه ليشير لها بيده يأمرها بالصمت قبل أن يولي ذاك المجنون الذي ابتلي به سمعه بالكامل، ليهتف بغير تصديق:

- أفندم!!!!... يا بني أحنا مسافرين بالليل.. – أنصت قليلا ثم تابع هاتفا بحنق وصدمة – أأجل إيه؟.. طيب ماشي يا سيدي مبروك، لكن بردو ما فهمتش شهر عسل إيه اللي أأجله؟.. انت ما تتصورش أنا عملت إيه عشان أحجز؟..

توسعت عيناه وهو يهتف حانقا:

- هو أنا رايح جمصة يومين؟.. يا بني أنا مسافر يعني طيارة وتذاكر...

سكت قليلا ليقطب بعدها وهو يعتقد يقينا أنه لا بد وأن سمعه قد خانه ليعيد على يوسف كلماته بغير تصديق:

- أفندم؟... أسافر أنا ورنا تبقى تحصّلني بعد كتب كتابكم؟.. جو... انت اتهبلت؟.. هروح أنا جزر المالديف لوحدي في شهر العسل أهبب إيه؟..

فيما على الناحية الأخرى من الهاتف كان يوسف يكاد يطحن أسنانه غضبا من ذاك المعتوه والذي يبدو كمحدثين النعمة، زواج وقد تزوج فما باله يبدو وكأن الزواج سينتهي؟.. فالعمر أمامهما طويل؟.. أين الصداقة؟.. ألا يجب عليه مساندته والوقوف بجواره حتى يتزوج بمن اختارها قلبه هو الآخر؟.. ثم الذنب ليس بذنبه بل ذنبها هي تلك العنيدة الحمقاء والتي أصرت أنها لن توافق على عقد القرآن إلا بحضور رنا، وبما أنها تعلم ظبامر سفر رنا وأنور في شهر عسل كامل ثلاثين يوما رفض أنور وبمنتهى التعسف انقاص يوما واحدا منه بل أنه صرّح وبكل وقاحة أنه شهر قد يزيد ولكنه أبدا لن ينقص ولو نصف ساعة حتى!!!!... مما اضطره أن يحاول مع أنور لتأجيل سفرهما الى ما بعد عقد قرانه هو وتلك المجنونة ولكن المجنون الآخر يبدو وكأنه يقول له أنه سيمنع رنا عنه!!.. رباه لقد اكتفى من المعتوهين والمجانين، فزفر بضيق واضح وصاح غير مبال بمن يسمع أو لا يسمع:

- اخرس يا زفت واسمعني، ندى مصرة مش هنكتب الا لو رنا حضرت وحضرتك مش هترجع الا بعد شهر دا لو ما اتجننتش في دماغك وخليت الشهر شهرين..

قاطعه صوت أنور بغرور وعظمة:

- أخليه سنة.. براحتي!!!!

يوسف بغضب ناري:

- سنتك سودة وهباب يا أغبى خلق الله!!.. افهم ما تستغباش... أكتب كتابي على بنت خالتك المجنونة وبعد كدا لو عاوز تهاجر حتى براحتك، تعبك أوي شهر العسل سافر ورنا تحصل لك، انما هي كلمة واحدة.. رنا هتحضر كتب كتابي أنا وندى... مفهوم؟!!!!!!!

سكت أنور لثوان غير مستوعب ما يقوله يوسف لييجب بعدها وهو لم يفق من ذهوله بعد:

- هو مين فينا اللي كان فرحه امبارح؟.. مين العريس؟.. اللاه... – صرخ بحدة – انت بتستعبط يا جو؟.. هي رنا دي مش مراتي أنا؟.. اوعى تكون فاكرني سوسن ولا حاجة؟..

يوسف بسخرية:

- لا.. أخو سوسن!!!!!

قطب أنور وهو يقول بريبة:

- أنت بتتريق صح؟..

جو بابتسامة وببساطة:

- أكبر صح!!!... اسمع بقه... أنا مستنيك أنت ورنا تحت اجهزوا وانزلوا.. هنتكلم شوية وبعدين هنروح لبنت خالتك المجنونة عشان تتأكد أن رنا هتكون موجودة ونحدد مع عمي عز المعاد بقه أنا زهقت!!!
أنور باقتضاب:

- طيب استنانا في اللوبي عندك، شوية ونازلين، بس الأول اديني الموظف عندك...

لحظات وسمع صوت موظف الاستقبال يسأل بمهنية ودبلوماسية "أي خدمة أستطيع تقديمها لك؟".. ليجيب أنور ببرودة تامة:

- شوفت الاستاذ اللي قودامك دا؟..

تطلع الموظف ليوسف بنظرات حائرة قبل أن يجيب بالايجاب فأردف أنور بحزم:

- لو جه تاني لأي سبب وقالك عاوز يكلمني أنا هشتكي للمدير شخصيا أنه الموظفين بتوعه مش كفؤ، وما تقوليش أنه قال لك حياة أو موت... حتى لو قال لك موت أو موت المرة الجاية أوعى تسمع كلامه.. مفهوم؟!!!

موافقة قلقة أتته باضطراب واضح لينهي المكالمة وهو ينظر الى رنا والتي تلألأ لون بشرتها الذهبي فوق الغطاء الأبيض فيما انساب شلال شعرها الحريري من حولها، ليعض شفته تحسّرا وهو يقول بأسى:

- ندى ويوسف كتب كتابهم يوم الخميس وندى مصرة أنك تحضري..

لم يكن قد أنهى جملته بعد إلا وهي تقفز ألى الأعلى هاتفة بفرح طفولي وعينيها تبرقان بسعادة جمة وهي تقول بفرح:

- يا حبيبتي يا ندى... طبعا لازم أحضر..

وقبل أن يتثنى له الكلام كانت قد أسرعت بالانسدال من الفراش وارتداء مئزرها وهي تقول بينما تتجه لاحضار بعض ثياب لها:

- أنا هدخل أخد شاور، وأنت كمان عشان ما نتأخرش على يوسف أنا سمعتك وفهمت أنه مستنينا تحت، ياللا يا أنور عاوزة أروح لندى!!!!..

واختفت خلف باب الحمام وهو يتابعها بفم مفتوح ببلاهة ليضرب وجنته بيده بعدها ويهمس بنبرة متحسرة:

- شكلي كدا أخدتك على ضرّة... والمصيبة أنه الضرة دي تبقى.. ندى، بنت خالتي!!.. والكارثة الأكبر أنها هتتجوز جو... دا حظ إيه دا بس ياربي؟.. أنا قلت.. أنا مبصوص لي في الجوازة دي من الأول وربنا!!!!!!!!!!!!...

***********************

وقفت تطالعه بريبة وعيناها تقدحان بشرر جعل حدقتيها أشبه بحجري من الفيروز النادر، تحدثت ببرود ينافي لهيب الغضب المتصاعد بداخلها وهي لا تكاد تصدق أن يأمرها أبيها والذي كانت مدللته بالزواج من "دكتور البائم" هذا!!!!... قالت مكتفة ساعديها أمامها:

- المفروض أنه دادي سابنا عشان نتفاهم في التفاصيل، أو بالأصح زي ما أنت اقترحت أننا نتفاهم مع بعض الأول... مبدئيا.. – سكتت لثوان تضمن انصاته لها قبل أن تتابع مشددة على كل حرف – ما فيش أي حاجة عشان نتفاهم فيها!!!!!!!..

صوت طقطقة بلسانه معترضا بسخرية على قولها جعلها تقطب غاضبة، تبّاً له هذا المغرور المتبجح من يظن نفسه ليقف أمامه يبتسم ابتسامته تلك المقيتة فيما عيناه تتفحصانها بسخرية ممتزجة بتعبير غريب جعلها تشعر بأحساس أغرب!!.. لتنبه نفسها من اتجاه أفكارها هذا وهي تزمجر كقطة شرسة، ماذا يظن نفسه؟.. فهو أولا وأخيرا.. "دكتور بهايم"!!!..

بينما طالعها هو بنظرات ساخرة تخفي اعجابا وانجذابا قويّا بهذه القطة الشرسة والتي تشبه قطعة من حلوى "أصابع زينب"" المحلاة بكثير من القطر.. فلكم يعشق تلك الحلوى التي تبرع والدته في صنعها!!!... أخفى ابتسامة ساخرة وهو يتفكر ترى ماذا سيكون رد فعلها أن علمت بتشبيهه لها؟.. على الأغلب فهي لن تفهم سوى أنه يشبهها بسواها.. "زينب"!!!..

صوت تأففها أعاد اليه انتباهه وهي تقول بينما تطرق الأرض بمقدمة حذائها المرتفع الكعبين:

- أنت يا دوك.. مش بكلمك أنا؟..

حازم ببرود:

- أولا أنا ليا اسم تناديني بيه، ثانيا أنا هبقى جوزك ولازم تتكلمي معايا باحترام.. واضح؟...

رشا بعصبية واضحة:

- أولا أنا مش ممكن أكون مراتك ودي الحاجة الوحيدة اللي لازم نتفاهم فيها، تاني حاجة بقه.. أنا اتكلم براحتي وأقول اللي يعجبني!!..

سكت يطالعها بتعبير غامض لثوان قبل أن يقول وهو يبدأ التحرك باتجاهها فيما قطبت هي تطالع اقترابه منها بتوجس وريبة:

- امممم... مش هتبقي مراتي!!!

شهقة ذعر أفلتت منها وهي تراه وقد اقترب منها بلمح البصر بل وقبض على خصرها بذراعه العضلي فحاولت دفعه بعيدا واضعة راحتيها الصغيرتين فوق صدره لتشعر بصلابة عضلاته، بينما أردف هو مبتسما بثقة جعلت غضبها منه يتزايد:

- أولا دا غلط.. لأنك على آخر الأسبوع دا وتحديدا يوم الخميس أن شاء الله كتب كتابنا، أما بقه عن أنك تتكلمي براحتك وتقولي اللي يعجبك.. فحقك!!!..

قطبت فيما تابع وهو يغمزها بخبث:

- حقك تتكلمي وتقولي وتعملي كمان كل اللي نفسك فيه، بس بعد يوم الخميس.. لما تبقي مراتي شرعي، قبل كدا.. عيب ما يصحش، ما أقدرش أخون ثقة فاضل بيه فيّ!!!!!!!

فتحت فمها تطالعه بذهول للحظات قبل أن تضربه بقبضتها الصغيرة على صدره لتشعر هي بالألم في أصابعها بينما هتفت فيه تنهره بنزق:

- انت قليل الأدب!!... حاجات إيه اللي هقولها وأعملها بس بعد ما أكون مراتك!!!.....

ARE YOU CRAZY??..

صوت اعتراض أصدره من بين شفتيه قال بعدها وقبضته تشتد على خصرها حتى أنها أطلقت أنّة ألم:

- ما قلنا تتكلمي بأدب مع جوزك!!.. وبعدين أنت عقلك راح لفين؟.. أنا أقصد أنك تتكلمي معايا براحتك، وقتها مش هتقولي أسمي، لانه الواحدة مش بتنادي جوزها حبيبها باسمه أبدا، انما بتدلعه، يعني هتقوليلي حبيبي.. مكن تدلعيني زي أصحابي زومة!! كدا يعني!!...

قطبت تطالعه باستهجان ثم أجابته بحنق وهي تحاول التخلص من قبضته:

- زومة!!!!!!!!... إيه زومة دي؟.. دي غير الزلومة بتاعت الفيل كدا؟!!!!!!..

نفخ بضيق قائلا من بين أسنانه المطبقة وهو يشد جسدها إليه:

- اللهم طوّلك يا روح، ما قلت تتكلمي بأدب مع جوزك!!!...

هتفت فيه وهي تضربه بقبضتيها الصغيرتين:

- وأنا قلت لك مالكش دعوة بيا، وبعدين أنت ازاي تسمح لنفسك انك تمسكني بالشكل دا، سيبني يا بقولك، أنما هقول إيه ما أنت دكتور بهايم، كتر معاشرتك ليهم بئيت بترفس زيّهم!!!!!

نظر اليها لثوان بصمت ثم قال بهدوء خطر:

- واضح كدا أنه الكلام مش جايب نتيجة معاكي، شكلك من اللي الكلام لوحده معهم ما ينفعش، ولازم الفعل!!!!!

في اللحظة التي قطبت فيها مرتابة من معنى عبارته كان هو يحملها بين ذراعيه ويجلس فوق المقعد خلفه ويضعها فوق ركبتيه ثم... يرفع يده صافعا مؤخرتها بقوة بينما تكيل هي له السباب والشتائم باللغتين العربية والانجليزية، وكلما تمادت في شتائمها الوقحة كلما زاد هو في صفعها حتى فقدت الشعور بها لتتحول كلماتها النابية الى نحيب ألم، فكفّ يده عنها ورفعها ليدفعها بعيدا عنه وينهض واقفا وهو يقول فيما كانت هي تمسح دموعها بظهر يدها كالأطفال:

- المرة دي إنذار، جربي تاني تقللي من احترامي أو تتكلمي معايا بالوقاحة دي وأنتي هتلاقي عقاب من نوع تاني خااااالص!!!!..

هتفت فيه من وسط شهقات بكائها:

- أنا لا يمكن أتجوزك، أنا هقول لبابا على اللي عملته، إذا كنا لسّه في الأول وبتمد إيدك عليا أومال بعدين هتعمل فيا إيه؟..

دنا منها حتى وقف أمامها تماما وقبض على رسغيها يبعد يديها عن وجهها ليميل عليها فتضربها أنفاسه الحارة ويهمس لها بنذير خطر:

- طيب جربي تنطقي بس وتقولي لوالدك كدا، ببساطة شديدة جدا ممكن أأكد كلام الأخت تيمو.. تخيلي هيكون إيه موقفك وقتها؟.. خصوصا بقه لو شرحت لباباكي شكل القميص اللي كنتي لابساه يومها، لا.. وأودتك بتفاصيلها، عشان يتأكد من كلامي، ما هو هتبقى كلمتي قصاد كلمتك!!!!!!!

نظرت اليه في ذهول فاقدة النطق لعدة لحظات قبل أن تهتف فيه غاضبة وهي تحاول جذب معصميها من قبضة يديه القوية بلا طائل:

- انت بتعمل كدا ليه؟.. من أول لحظة شوفتني فيها وأنا عارفة أني مش عجباك، يبقى ليه؟.. أوعى تفتكر أني ممكن أصدق أنه أنت اللي اتقدمت لبابا تخطبني؟.. لا طبعا.. أنا متأكدة أنه بابا لدفعك كدا بطريقته، وأنا بقولها لك أهو.. أنا مش هتجوزك ولو كنت آخر راجل في الدنيا... مافيش بيننا أي تفاهم أو تكافؤ أو اعجاب حتى.. يبقى نتجوز إزاي؟!!!!!!!

مال بوجهها على وجهها مسلطا عيناه على فيروز عينيها آسرا نظراتها وأجاب بحزم:

- التفاهم هييجي بالعشرة، والتكافؤ أنا هتغاضى عنه.. طبعا دكتور مهما كان يتجوز من واحدة معها إدارة أعمال وعاطلة مش بتشتغل وكل معرفتها بالحياة أي مول تروحه ولا تخرج فين؟.. أنما مش مشكلة هعلمك، لكن بالنسبة للاعجاب...

وسكت يقترب منها حتى تلامس أرنبتي أنفيهما فيما خفت قبضته ليديها وبدأ ابهامه بتحسس ظاهر يدها اليمنى بينما رفع يده اليسرى يتتبع خطوط وجهها بأطراف أصابعه فتحاول الابتعاد بوجهها الذي تفجرت فيه دماء الخجل فيما أردف هو كالمسحور:

- ما أعتقدش أنى سبأ وقلت أني مش معجب بيكي، بالعكس بقه.. أعجاب يدا هو اللي خلاني تقدم لك، ولو مش مصدقة أسألي والدك، أنا اتقدمت لك من زمان... وبالتحديد من تاني يوم رجعوا من مصر بعد خطوبة لؤي، من غير أي ضغط أو إجبار من أي حد!!..

همست بذهول:

- إيه؟!!!!!!..

لتضرب همستها الناعمة برائحة أنفاسها العبقة أنفه فيغمض عينيه متلذذا برائحتها التي تشبه رائحة الأطفال في انتعاشها، ليفتحهما ويطالعها بعد ذلك فهالها ما رأت بين فحم عينيه المشتعل!!!..

هي لم يسبق لها وأن وقفت على مقربة من أي شخص كما هي الآن، وكثيرا ما رأت نظرات الاعجاب الصامت والسافر في عيون الرجال، ولكن نظراته هو إليها كانت من نوع آخر!!.. وكأنه ينظر الى شيء يخصه هو!!!.. معجب بما تراه عيناه ولكنه سيحافظ عليها حتى من نفسه!!.. لا تعرف لم سازرها هذا الشعور ولكنها لثوان تذكرت موقفه معها يوم أن فاجئها حاتم هنا، وكيف كان ينتفض من الخوف والقلق والغضب عليها!!.. ثم بعدها بعد أن تبادلا الاتهامات كيف اعتذر منها ومن يومها وهو يحاول الحديث معها ولكنها هي من أصمّت أذنيها وتهربت من أي مكان قد يجمعها به!!!..

لاحظت تغير سرعة أنفاسه وعينيه المسلطتان على ثغرها المكتنز لتهمس باسمه باعتراض وقد أخبرتها فطرتها الأنثوية أنه ينوي تقبيلها، لتهمس باسمه كي يتوقف عن تحديقه فيها، ولكنها أخطأت فمع ما يعتمل في نفسه من إعجاب ممزوج بشعور ملكية لها، بأنها له... وما هي إلا أيام وتصبح امرأته شرعا وقانونا، حتى تصاعدت رغبته بوضع صك ملكيته عليها حتى تتوقف عن التفوه بمثل هذا الهراء ثانية من أنهما لا يصلحا لبعضهما البعض، فالأصح أنهما لم يخلقا إلا لبعضهما البعض فيكمل كل منهما الآخر، هي برقتها لتخفف من غلاظته، وهو بقوته ليحتوي دلالها ويقوّمه!!!...

ما أن شعر بهمستها تضرب وجهه حتى فقد آخر ذرة لديه للمقاومة ومال عليها يطف ثغرها في.... "قبلة!!!!".. رباه!!.. هل ما حدث يسمى "قبلة؟!!!!".. تلك الصاعقة الكهربائية التي ضربته في سائر جسده نتيجة مجرد "قبلة!!!!!!!"... يكاد يقسم أن لو مسًّا كهربائيا أصابه لن يشعر كما شعر ما أن تلامست شفاههما!!!!...

وما بدأ بقلة رقيقة تحول الى أخرى عميقة، تاه فيها، ليترك يديها ويقبض على خصرها، محتويا جسدها بقوة بين أحضانه، يعمق قبلته، ويسحق بعناقه مقاومتها، حتى غدت كعصفور يرفرف بين مخالب نسر جامح!!!!...

طعم دم في فمه جعله ينتبه من غيبوبته المسكرة، ليبتعد وهو يشعر بالنبض في شفته، ليضع ليلمسها ثم يرفع أصابعه وقد شعر بلزوجة فوقها، ليرى دمه يلوّن أطراف أصابعه فرفع عيناه إليها هاتفا بدهشة:

- إيه دا؟..

بينما كانت تطالعه هي بحقد وصدرها يعلو ويهبط بسرعة لتهتف فيه بحنق متجاهلة سرعة ضربات قلبها وكيانها الذي انقلب رأسا على عقب:

- دا جزائك وأقل من جزائك كمان!!... ويكون تتجرأ عليا وتعمل اللي عملته دا تاني، وقتها الدم مش هيبقى من شفايفك.. لأ... من قلبك كمان!!!!!!

كان تعني أنها لن تتوانى عن قتله وقتها، ولكن لشدة استغرابها فقد غامت عيناه بتعبير غريب جعل دقات قلبها تتقافز بسرعة أعلى وهمس وهو يدنو بوجهه عليها بصوت أجش بينما تتسلط نظراته على عينيها حينا وعلى شفتيها.. أحيانا:

- قولي شفايفك مرة تانية وما تلوميش إلا نفسك وقتها!!!!!!!!....

شهقة ناعمة تغافل عنها وتابع بأنفاس ساخنة تضرب وجنتيها القشدية:

- كتب كتابنا يوم الخميس مع أخوكي، والفرح هيكون في أقرب وقت... لأنك بصرف النظر عن أي حاجة تانية قدرت تعملي اللي ما فيش واحدة قدرت عليه قبل كدا!!!!..

نظرت إليه باستفسار صامت ليميل على أذنها هامسا بعبث:

- لأول مرة أحس أني محتاج وليف ليّا...

رشا مكررة بحنق وقد أيقظتها كلمته من حالة التيه التي تلبستها:

- وليف!!!!!!... إيه شغل الديابة دا (الذئاب)؟!!!!!!!

ضحك لأول مرة باستمتاع معها وهمس لها غامزا بشقاوة بينما تاهت هي في وجهه والذي لأول مرة تنتبه لوسامته الرجولية، والتي بانت بوضوح ما أن ضحك لتظهر غمازته الطولية بوجنته اليمنى بينما تلمع عيناه بلمعة كادت تغشي بصرها، بينما سمعته وهو يهمس:

- دكتور بهايم بقه... تقولي إيه؟!!!!!!!!!..

أخفت افتتانها بالجانب الذي تراه منه لأول مرة خلف تأفف مصطنع ليبتعد عنها يمنحها ويمنح نفسها متنفسا قبل أن يقول بابتسامة:

- الشبكة والمهر وكل حاجة أنا اتفقت عليها مع والدك، هو قال لي انه الشبكة دي هديتي للعروسة، عشان كدا أنا اخترتها فعلا وهتكون جاهزة قبل يوم الخميس ان شاء الله..

اغتاظت من تأكده من موافقتها على الزواج به فقالت:

- أد كدا كنت واثق أني هوافق؟..

حازم بهدوء:

- لا... بس أنا واثق ومتأكد من عمي أنه هيقدر يقنعك، ومن اللي عرفته أنك بتحبيه جدا وبتخافي على زعله، يعني تقدري تقولي حسبة بسيطة.. مش أكتر!!!

تهدلت كتفيها وهي تغمض عينيها زافرة بتعب، فهذه المواجهة قد استنفزتها، قال وهو يشعر بالاشفاق عليها تلك المدللة، فما بين ضربه على مؤخرتها وعناقه الذي كاد يخرجه عن طوره وقبلها مواجهتها مع والدها كل هذه الاحداث كانت قوية بالنسبة لها، وهي.. مدللته.. لم تعتاد على تلك الوتيرة من الحياة المليئة بالمفاجئات، ليقول مبتسما بعمق:

- اطلعي أودتك ارتاحي دلوقتي يا رشا... وهحدد معاد مع عمي فاضل عشان أجيب عيلتي، والدي ووالدتي وأختي فرح..

أومأت بصمت فلم تعد لديها القدرة على المجادلة، وانصرفت فيما وقف هو يتابع اختفاء طيفها من أمامه ليطلق زفرة حارة احتبست بداخله وهو يهتف بتعب بداخله:

- هستنى إزاي أنا لغاية ما تبقي في بيتي؟.. لو تعرفي اللي حصل لي من يوم ما شوفت السما في عينيكي هتعرفي أن كلامك عن الاعجاب المفقود بيننا نكتة بايخة، لأنه أحساسي... تعدى الاعجاب بمراحل!!!!!!!!!..

وفي الخارج كان فاضل يخبر ابنه وزوجته بأمر تقدم حازم للارتباط بابنته لتهتف زوجته معترضة فقال فاضل بهدوء:

- يا دولت أنتي عارفة حازم يبقى مين؟...

دولت مقطبة:

- مين يعني؟... أنا مش فاهمه يا فاضل، مش كفاية ابنك وقلنا معلهش هو الراجل اللي هي هيطلعها في مستواه، لكن بنتك هي اللي هتنزل لمستوى جوزها، كفاية انه بيشتغل عندنا!!

هتف فاضل بحدة:

- بيشتغل إيه أن شاء الله؟.. بواب ولا جنايني؟!!!.. دا دكتور يا هانم، أنتي مش هتبطلي طريقتك دي؟.. أومال لو كنا ولاد باشوات كنتي عملتي إيه؟.. انتي نسيتي أحنا كنا إيه يا دولت؟!!!

في حين رمقها لؤي بعتاب وهي ترمي بالحديث على سعادته، ولكنه سكت احتراما لوالده والذي يعلم تماما أنه أقدر الناس باسكاته أمه بل وجعلها تتراجع عن موقفها، أجابت دولت بتعب:

- يا فاضل أنا ما نسيتش، لكن فيه حاجة اسمها تكافؤ، ورشا بنتم بالذات انت اكتر واحد عارف هي متدلعة (مدللة) أد إيه، تفتكر هتقدر تعيش مع واحد بامكانيات حازم وهي اللي طول عمرها أي حاجة بتشاور عليها بس بتلاقيها عندها، أنا خايفة عليها، مهما كان دي بنتي، لؤي لو كنت عارضت بس في الاول والآخر دا راجل، حتى لو لا قدر الله طلع اختياره غلط مش هيحصل حاجة، لكن بنتي.. المجتمع مش بيرحم البنت، عرفت أنا معترضة ليه يا فاضل؟..

فاضل بتنهدية عميقة:

- دولت.. حازم مش من طينة تانية، حازم انسان متعلم ومثقف ومن عيلة كويسة وأخلاقه ما تفرقش عن أخلاق لؤي ابننا، أبوه يبقى فهمي ثابت، فاكراه يا دولت؟..

قطبت دولت لثوان ثم هتفت وقد تذكرت صديق طفولة زوجها:

- آه.. طبعا، فهمي، دا كان صاحبك الروح بالروح..

فاضل بابتسامة صغيرة:

- ما صدقتش نفسي لما قابلت حازم قبل ما أعينه عندي في المزرعة، أد كدا الدنيا صغيرة، وطبعا عينته فورا، وعرفته أنه والدي يبقى صاحب عمري، وأخدت نمرته وكلمته، وجالي هنا مرة أو مرتين يزورني، وللأسف ما حصلش مناسبة أني أحكيلك، ولما رجعنا من مصر بعد خطوبة لؤي أنا كنت قررت أنه حياة رشا لازم تتغير، وكنت هخليها تنزل تشتغل في الشركة مع لؤي أو أعمل مشروع ليها، زي مثلا تدريب خيول للسابق وأنتي عارفة هي أد إيه بتعشق الخيل، ما صدقتش نفسي وحازم بيطلبها مني، حاسيت أنه دا الوحيد اللي يقدر يصلح اللي احنا غلطنا فيه في حقها، أنا وأنتي ولؤي كمان، اتساهلنا معها كتير أوي، أنا ولؤي بالشغل اللي كل ما يكبر عاوزين نكبره أكتر، وأنتي بدلعك الزايد ليها، عشان كدا حازم هو الوحيد اللي هيقدر يلحق بنتنا، واحد بشخصيته القوية واللي بنتك من أول ما شافته كمانت في منتهى قلة الذوق معاه وهي فاكره أنه محدش واخد باله منها، ويقدر أنه يوقفها عند حدها، وبالعكس كمان... أنا متأكد أنه له يد في التغيير اللي كلنا حاسينا بيه فيها...

دولت بقلق أمومي:

- أنتي مالي إيدك أوي كدا منه؟..

فاضل بحزم:

- أيوة يا دولت، أنت ما تتصوريش قلقي عليها كان مش بيخليني أعرف طعم النوم والراحة، خايف يجرالي حاجة ويه لوحدها، مهما كان لؤي أخوها لكن له بيته وعيلته وأكيد مش هيبقى زي جوزها، حازم هو الراجل اللي أنا أتمناه لبنتي، كفاية أني أعرف أهله كويس وأضمن أخلاقه...

لؤي بهدوء:

- حضرتك معاك حق يا بابا، احنا كلنا قصّرنا في حق رشا، وحازم أنا مش بقول عليه حاجة، لكن مهما كان لازم القبول، رشا لو رفضت بعد ىإذن حضرتك أنا مش هقدر أجبرها، وهي في الاول والآخر أختي مسئولة مني، ما تخافش عليها، وأن شاء الله ربنا يطول في عمرك أنت وماما وتفرحوا بيها وبولادنا كمان..

دولت برجاء:

- يارب يا فاضل يطلع ظنّك في محله، لأني فعلا ابتديت أحس أني أذيت بنتي بحناني وحبي الزايد ليها!!..

بينما وقفت خارج الغرفة تستمع لكلماتهم وجموعها تسيل مغرقة خديها وقد تأكدت من كلمات حازم التي رماها في وجهها ذاك اليوم وهو يخبرها أنها تشكّل عبئا على كاهل أهلها، باستهتارها وخوفهم عليها، ليجدوا في حازم المخرج لهم لرفع حملها عن أكتافهم!!!.. فلمعت عيناها وقد قررت أنها ستقبل بذلك الزواج علّها تفلح بفعل شيء صائب في الأخير لأهلها!!!!!!!.

*************************

قالت رنا لندى بغير فهم:

- مش فاهمه يا ندى، أنتى عاوزة يوسف ولا لأ؟..

زفرت ندى بضيق وقالت:

- معرفش!!!.. الأول قررت أني أسمع نصيحة أنّا نازلي وأديلو فرصة تانية، لكن لما بفكر في الماضي بتاعه بحس..

قاطعتها رنا بحزم:

- أنتي قولتيها بنفسك يا ندى.. ماضي!!!... يعني حاجة مش من حقك أنك تحاسبيه عليها، اللي حصل كان في وقت أنتي ما كنتيش فيه خالص، وكفاية أنه بيحاول بدل المرة ألف أنه يثبت لك أنه اتغير..

أشاحت ندى برأسها فاقتربت منها رنا في جلستهما بالحديقة المحيطة بالمنزل حيث ذهبت لها برفقة أنور ويوسف وجلستا في الحديقة فيما زوجها وصديقه يتحدثان مع والد ندى بشأن تحديد عقد القرآن والتزامات الزواج..

قالت رنا بهدوء:

- ندى... يوسف ما ضحكش على اللي اتجوزهم باسم الحب، ولا سقاهم حاجة أصفرا، يوسف كان صريح وواضح معهم، بالعكس بقه كل واحدة فيهم كانت عارفة مصير علاقتهم هيبقى إيه ورضيت، بصراحة دول ما يستاهلوشي إلا كل احتقار، لأنهم وافقوا على علاقة مشبوهة من النوع دا حتى لو كان المسمى ليها زواج، مهما كان نوعه، عرفي بقه ولا مسيار!!.. ندى.. ما تضيعيش فرصة حب حقيقي من إيدك..

ندى بتعب:

- كل ما أفكر فيه وأقارنه بمعتز الله يرحمه بحس أنه مافيش أي وجه مقارنة خالص!!.. دا واحد عرف بنات أد شعر راسه، ومعتز أنا كنت أول واحدة وآخر واحدة في حياته، معتز كان واضح وصريح، لكن يوسف.. غامض ومريب، بيلف ويدور عشان يوصل للي هو عاوزه بصرف النظر عن اللي أنا عاوزاه!!

رنا وقد قررت الهجوم لتخرج ندى من حالة التيه التي تلبستها:

- وأنتي مش عاوزاه يا ندى؟..

بهتت ندى لسؤالها وقالت بتلعثم طفيف:

- عاوز.. عاوزاه؟!!!..

رنا بتأكيد:

- أيوة يا ندى، أنتي عاوزاه، عاوزة الحب اللي بيحسسك بيه في كل وقت، لكن بتكابري وتعاندي، وبعدين.. أنتي ليه تقارني من الاساس بينه وبين معتز الله يرحمه؟.. وكون أنه مافيش وجه مقارنه دي حاجة في مصلحتك، لأنك مش هتتجوزي صورة من معتز، ساعتها هتبقي بتضحكي عليه وعلى نفسك، لأنك هتكوني سلمت حياتك لمسخ مش انسان حقيقي!!!

قاطعهما صوت يوسف وهو يلقي التحية، فنهضت رنا من فورها، فيما تمتمت ندى الرد ببرود فاستأذنت رنا متعذرة بالذهاب لأنور وتركتها بمفرده معه، ليتقرب منها ويدنو مستندا بذراعه على المائدة الخيزرانية أمامها ومال عليها وهو يقول بابتسامة خفيفة:

- هننزل نجيب الشبكة أمتى؟..

رفعت عينيها إليه لتأسرها عيناه في نظرة عميقة، فما كان منها إلا أن أشاحت بوجهها بعيدا بصعوبة ونهضت وهي تحاول الابتعاد بجسدها عنه فابتعد بدوره معتدلا في وقفته، لتخطو بضعة خطوات مبتعدة عنه وتقول بهدوء:

- احنا مش اشترينا الشبكة وخلاص؟.. شبكة إيه تاني بقه؟..

حافظ يوسف على المسافة التي بينهما وقال وهو يخرج علبة سجائره من جيبه ليخرج واحدة منها:

- لا.. اللي فاتت مش شبكة، دي هدية الخطوبة، الشبكة هتلبسيها في كتب الكتاب، ومش هتبقى أي شبكة... لازم حاجة تليق بيك فعلا..

ووضع طرف سيجارته في فمه ثم أخرج ولاعته الفضية وأشعلها ليقترب بشعلتها من طرف سيجارته حين باغتته ندى بسحب السيجارة من فمه فكاد لهيب الولاعة أن يحرقه، ليسارع باطفائها وهتف بذهول وحنق:

- أنتي إيه اللي عملتيه دا؟..

ندى بعناد:

- أنا قلت لك تبطل السجاير وأنت وافقت، ومعنى أنك تدخن يعني أنت خالفت شرط من شروطي ودا...

مال باتجاهها مقاطعا:

- وأظن أنه كان لي شرط في المقابل؟.. أنه قودام كل سيجارة.. – وسكت نازرا لشفتيها النديتين متابعا بحرارة – بوسة!!!!...

شهقت ندى برفض وهتفت فيه تزجره:

- وأظن أني قلت لك أنه كتب الكتاب زي الخطوبة بالظبط، واللي ماينفعش في الخطوبة ما ينفعش في كتب الكتاب!!.

باغتها بقوله:

- أفهم من كدا أنه كتب كتابك الأولاني كان زي الخطوبة بالظبط؟.. ولا... دا امتياز خاص بيا أنا؟!!!!!!!..

لا يعلم أي شيطان دهاه لأن يفاتحها بأمر ارتباطها السابق، ولكنها غيرته الشديدة التي يتلظى بنارها كلما تذكر أنها كانت لغيره سابقا، ليجد نفسه وقد نطق بالسؤال الذي قض مضاجعه ليال طوال منذ أن صرّح لنفسه بحبه لها!!!..

وقف منتظرا اجابتها بينما شعرت هي بعدم قدرتها على الاجابة للحظات، فإن هو علم أن فترة ارتباطها بمعتز لم تتعدى مسك الأيدي سيرتاح باله من ناحيتها وتنكوي هي وحدها بنيران غيرتها وهي تتخيل كيف كان مع نسائه كهارون الرشيد، بينما وهو في حالة الجهل تلك تكاد تقسم أنه لا يذوق طعما للراحة وهاجس ارتباطها بمعتز يلازمه، إذن فلتدعه يتقلب عى الجانبين كما يقولون، هي ستصارحه بحقيقة هذا الأمر، ولكن ليس الآن.. حينما تتأكد من أنه قد وعى الدرس جيدا وقد كفّر عمّا قام به في تاريخه الأسود كله!!..

بينما هو فقد فسّر صمتها على أنه خجل من الأجابة، الأمر الذي جعله يظن أن الأجابة.. سلبية!!.. بمعنى أن هذا الحظر.. امتيازا خاصا به هو!!!.. لتشتعل نيران غيرته مهددة بحرق الأخضر واليابس، وقال وهو يحاول منع نفسه من سحقها على جسده ووشمها باسمه كي يزيل من عقلها وقلبها أي اسم غيره:

- أوكي، مش عاوزة تجاوبي... وأنا مش عاوز أعرف – ليهمس به صوت داخلي ساخرا منه بأنه "كاذب" فتجاهله متابعا – لكن حقي أنك ما تفكريش في غيري، أنا هبقى جوزك... وحبيبك، وأنا بس اللي تفكري فيه مش أي حد تاني..

سكت قليلا تاركا لها الفرصة لتعي كلماته جيدا قبل أن يقول بتأن:

- وأنا مش هقبل بأقل من كدا يا ندى، مش هرضى بأقل من قلبك، وحبك!!!

وقفت أمامه ترفع رأسها بكل شموخ وهي ترفض لهجة التهديد التي لمستها بين طيّات حديثه، بينما دنا منها هو بخطوات بطيئة وعلى مهل حتى وقف على بعد بوصات قليلة منها ونظر في عينيها جيدا وهو يقول بهدوء مغلف بوعد ووعيد جديّيْن:

- حبك ليا أنا مش لصورة لواحد تاني ولا لمسخ!!!.. – بهتت وهي تطالعه بذهول وقد علمت أنه قد استمع لحديثها مع رنا أو لأغلبه على أقل تقدير فيما تابع هو ضاغطا على كلماته - لأني مش ممكن هبقى بديل عنه، ولا امتداد له، أنا... يوسف... – مشددا على أحرف اسمه - وتأكدي أني مش هعمل من نفسي صورة لواحد تاني في سبيل أني أكسب حبك، لأنه لو دا حصل وقتها هبقى خسرتك مش كسبتك، وأنتي هتحبيني أنا... يوسف طاهر... بكل حاجة فيا... واللي هي عكس كل حاجة فيه، لأنه زي ما قلتي... - وابتسم متهكما وأكمل - مافيش أي وجه مقارنة بيني وبينه!!!!..

طالعته بعينيها العنبريتين وقالت ببرود وابتسامة ساخرة خفيفة رفعت طرف شفتها الوردية:

- متأكد أني هحبك؟!!!!..

ليميل عليها يغوص بنظراته الداكنة في حدقتيها المشعتين ويجيب بحزم:

- متأكد أني أنا... بحبك!!!!... وأنك هتعترفي باللي قلبك بيصرخ بيه وأنتي مصممة وبكل عناد أنك تنكريه، وقريب... قريب أووي يا ندى..

واعتدل واقفا مردفا بعينين تتلألآن بعزيمة قوية:

- ودا وعد مني بكدا!!!..

********************************

يجلس في الشرفة يطالع المنظر من حوله حيث الخضرة المنتشرة بأشكال تبهج النفس، وكانت هذه هي ميزة ذلك المجمع السكني في تلك المنطقة السكنية الجديدة، نفخ بضيق فسمع صوتها وهي تميل تضع صينية عليها قدحي من الشاي بأعواد القرنفل وصحني كعك منزلي والذي تبرع باعداده، جلسن على المقعد بجواره ومالت تمسك بقدح الشاي تناوله له فأمسكه وهو يتمتم شاكرا، قطبت قائلة برقة:

- مالك يا عبد العزيز؟.. شكلك مهموم أوي!!
زفر عبد العزيز وقال وهو يضع القدح أمامه:

- هتجنن يا فريدة، الولاد وحشوني أوي، وني مش راضية تخليني أشوفهم، وأنا مش عاوز أرفع قضية رؤيا خايف على نفسية الولاد، أنا كلفت المحامي أنه يخلص كل حاجة وحقوقها هتاخدها كاملة، لكن هي بتعاند وبتضغط عليّا بعلاء وسمر، فاكره أنها لما تحرمني منهم بتعاقبني أنا، لكن دي بتعاقب ولادها بحرمانهم مني أنا أبوهم!!.. لو تسمعي صوت علاء وسمر في التليفون لما كلموني من وراها قلبك يتقطع.. الولاد فاكرين أنهم زعلوني في حاجة عشان كدا سيبتهم ومشيت!!.. تتصوري أنها منعاهم يجيبوا سيرتي خالص؟!!!.. أنا مش فاهم أمومة إيه اللي عندها دي؟..

تنهدت فريدة بعمق وقالت:

- معلهش يا حبيبي، حاول تاني، أنا شايفة أنك – وسكتت لثوان ثم ضغطت على نفسها لتكمل وقد أزاحت مشاعرها جانبا محاولة توخي الصدق والعدل قدر استطاعتها – انك تكلمها بنفسك، طول الفترة اللي فاتت وبعد الطلاق ما اتوثق وأنت ما واجهتهاش، كله عن طريق المحامي..

رفض عبد العزيز بقوة قائلا:

- ومش هكلمها!!.. أنتي متعرفيهاش يا فريدة، دي انسانة مريضة، عندها نزعة نرجسية غريبة، هتتصور أنها قدرت تغلبني وتبدأ تبتزني بولادي، لكن لا... لو مافيش غير طريق المحاكم أنا همشي فيه، لكن لا يمكن أخضع لها أبدا...

كادت فريدة تهتف به لماذا إذن تزوج بها طالما أنها بهذه الشخصية السيئة؟.. ولكنها أحجمت عن ذلك متراجعة وقد وجدت أن الحديث فيما حدث لن ينتج عنه سوى مزيد من الألم لها وله، لهذا حاولت رسم ابتسامة بسيطة وهي تقول:

- طيب ممكن تنسى دلوقتي أي حاجة مضايقاك، أنت ناسي أن رنا وأنور جايين يتعشوا معنا انهرده بعد ما أجلوا سفرهم عشان كتب كتاب يوسف؟..

ابتسم عبد العزيز وهز برأسه بينما قلبه يتآكل قلقا ورغبة في احتضان ولديه..

لاحقا بعد تناولهم لطعام العشاء تركت رنا أنور ووالدها يلعبان الطاولة كدأبهما، ولحقت بوالدتها تساعدها في غسل الصحون حينما صرّحت لها والدتها بما حدث عصر هذا اليوم، فهتفت رنا بحدة:

- هي الست دي ما فيش حاجة هتهدها أبدا؟.. إزاي تمنع ولادها من أبوهم؟!!

زفرت فريدة باعياء وقالت وهي تجفف الأكواب بعد غسلها:

- والله يا بنتي ما أعرف، عندها قسوة فظيعة، تتصوري أنهم بيكلموه من وراها وهما مرعوبين أنها تعرف!!.. أنا قلت له يتكلم هو معها لكن رفض، وشكله كدا مش هينفع غير أنه يرفع قضية رؤية ولو أني الولاد صعبانين عليا أوي..

رنا بعزم:

- لا يا ماما، حاولي تخلي بابا يأجل الموضوع شوية، أنا هعمل محاولة وربنا يسهل..

فريدة بتخوّف:

- ما بلاش أنتي يا رنا، دي ست مستفزة وممكن تقول لك أي حاجة تنرفزك..

رنا بتحد:

- طيب خليها تعملها وأنا أخلص منها اللي راح واللي جاي!!!..

****************

ضغطت على جرس الباب فقد حضرت في الموعد الذي اتفقت عليه مع زوجة والدها السابقة، ولكن لم يجبها أحد، ثم لاحظت فتحت صغيرة في الباب فدفعته بخفة ليفتح، قطبت ودلفت بتردد وهي تنظر حولها هنا وهناك، لقد هاتفت تلك الـ عفاف بالامس واتفقتا على أن تحضر اليها للتحدث بشأن أخويها، وقد تغاضت عن رفض أنور بأن تخطو بقدمها هذا المنزل طالما أن كريم يعيش فيه، ولكنها حاولت بشتى السبل اقناعه، مؤكدة أنها لن تذهب إلا في وقت هي أكيدة أنه لن يكون بالمنزل، كما أنها لا تستطيع أن ترى والدها بهذه الحالة السيئة وتصمت فهي تكاد تموت رعبا من أن تسوء حالته الصحية والمرتبطة بقوة بحالته النفسية، لتنتهر فرصة خروجه اليوم باكرا لملاقاة يوسف فخرجت بدورها وقد تركت خبرا لدى حماتها بأنها قد ذهبت لقضاء أمر ضروري لوالدها، وهي لم تكذب، فأي أمر أكثر ضرورة من رؤية والدها لأخويها!!..

دلفت بخطى مترددة تنادي على عفاف، لتقترب من غرفة الجلوس وتدفعه وتدخل فشهقت وهي ترى جسدا رجوليا راقدا على الأريكة يوليها ظهره، لتتراجع بضعة خطوات الى الخلف، ولكنها لا تعلم أي دافع جعلها تتقدم حيث يرقد ذلك الجسد والذي خمنت هويته من لون شعره الأشقر، كان يرتدي سروال منامته فقط بينما جذعه العلوي عار، ترددت قبل أن تقترب وهي تنادي بوجل:

- كريم!!!!!..

ولكن لم يجبها سوى الصمت، فتشجعت ومدت يدا ترتعش تدفعه بطرف اصبعها في كتفه وهي تكرر ندائها له وأيضا كان السكوت هو الجواب الوحيد لنداءاتها، فابتلعت ريقها وشدت من نفسها وأمسكت بكتفه تهزه بقوة بينما ساورتها شتى الظنون بشأن نومه بهذا الشكل، حتى إذا ما لمست يدها كتفه إذ بها تقطب بعمق ثم تديره دفعة واحدة إليها لتتوسع حدقتاها رعبا وتتراجع وهي تكتم فمها بيديها، فأمامها يقبع جسدا بلا حراك... وقد غدا وجهه شاحبا شحوب الموتى فيما ازرقت شفتاه بقوة، بمعنى آخر هي الآن تقف أمام... جثة هاااااااااااااامدة!!!..

- يتبع -

Continue Reading

You'll Also Like

8M 509K 53
رجلٌ شرسٌ شُجاع مُتقلبُ المزاج غريبُ الطورِ عديَمُ المُشاعر حيَادي لا ينحاز سَديدُ الرأي رابطُِ الجأَشِ وثابِتُ القلب حتىٰ.. وقعت تلك الجميلةُ بين...
358K 12.3K 43
_ خلعت الدبلة وخاتم الزواج كي تنظف الأطباق , أنهم لا يعنوا أي شيء لها ولكنها تخشي أن تغضبه ولا تريد إعطاءه فرصة كي يؤلمها مرة أخري, لكنها نسيتهم بالم...
623K 18.5K 50
فى مساء امسيه ممطره هبت على سماء الاسكندريه كان الطبيب الجراح الشاب عائدا من المشفى بعد يوم عمل شاق طويل فى تخصصه المهنى الدقيق جراحه المخ والاعصاب ...
33.2M 1.9M 47
اثناء دوراني حول نفسي بالغرفة بحيرة انفتحت عليه الباب، اللتفتت اشوف منو واذا اللگه زلم ثنين طوال لابسين اسود من فوك ليجوه وينظرولي بأبتسامة ماكرة خبي...