•|| حفل التخرج ||•
وصلت السيارة البنفسجية القاتمة لذلك المنزل الكبير ، نزلت من السيارة فتاة تبدو في العاشرة من عمرها ، ترتدي سترة طويلة فالجو به بعض البرودة خاصة في الليل ..
رفعت أنظارها لتلك الأضواء التي تزين ذلك المبنى الكبير ، تبسمت ثم إلتفتت لشقيقتها التي نزلت و هي ترتدي سترةً مشابهةً لها ..
وصلت إليها ثم حدثتها
" هيا بنا ، لندخل ! "
أومأت سوباري برأسها ثمزتحركت للداخل برفقة شقيقتها ، كان المدعوون متفاوتين في الأعمار لكن معظمهم ما بين الصف الرابع و السادس ..
نزعت الشقيقتان سترتيهما حالما وصلتا لتكشفا عن فساتينهن الأنيقة .. حيث ارتدت الكبرى فستاناً بنفسجياً قاتماً عاري الصدر ، طويل يصل لأسفل قدمها ..
بينما ارتدت الصغرى فستاناً ذا لون وردي مميز ، قصير و متسع .. فستان جميل يليق بعمرها ، و حالما وصلتا للقاعة نادها صوت
" سوباري .. وصلتِ اخيراً ! "
نظرت لتجدهما صديقتيها اللتان اقتربتا بسرعة ، كانت الفتيات الثلاثة قد ارتدين فستانًا موحدًا و باللون الوردي ذاته ، قامتا بسحبها و توغلوا للداخل ..
اخذت تسرع خطاها لتجاري خطوات صديقتيها ، تركت شعرها البني الذي يصل لآخر كتفها حرًا عكس عادتها ، فقد كانت تقوم بربطه ربطة ذيل الحصان في الأيام الدراسية ..
و بينما كنّ يتحركن لمحت أنري ميكادو فتوقفت و أشارت إليه
" سوباري .. علينا إلقاء التحية و تقديم التهاني لـ السيد ميكادو صاحب الحفل ! "
شددت على اسمه حيث نطقت (سيد) كسخرية ، نظرت سوباري لحيث أشارت صديقتها لتراه ، كان يرتدي زياً رسمياً ..
لاحظت كيف ازداد طوله و تبدلت تسريحة شعره لأخرى أكثر اناقة ، رغم أنها تراه على الدوام و لكنها لم تلحظ كم تغير سوى خلال هذه اللحظة !
كبر صديق طفولتها المبكرة و ها هو ذا يتخرج ليسبقهم و يبدأ طريقه في مرحلة دراسية جديدة ..
لم يعودا مقربين كالسابق ، فخلال السنين الثلاثة المنصرمة كانت بالكاد تحادثه و ربما الموقف الوحيد الذي جمعهما هو إنقاذه لها حينما حصل الإلتماس الكهربائي في المدرسة ..
هزتها أنري مجددًا لتعود لعالم الواقع بعدما انغمست في عالم الأفكار .. نظرت لـ أنري و أجابتها
" حسنًا .. هيا بنا .. "
تحركت الفتاتان معًا حتى وصلتا لـ ميكادو الذي كان يتلقى التهاني و الهدايا ، و بعدما ابتعد الأشخاص من حوله تقدمت أنري
" مرحباً ميكادو .. "
قدمت له علبة مستطيلة الشكل
" مبارك تخرجك ، هذه هديتي المتواضعة لك .. "
إلتقطها بابتسامة ثم حرك نظره لسوباري و لاحظ أمرًا
" ما بالكن ، لماذا ترتدين زيًا ورديًا موحدًا و كأنكنّ ممرضات في مشفى ! "
تحولت نظرات أنري للغضب
" كدتُ أصدق أنك كبرت و أصبحت أكثر رشدًا ! و لكنك تظل أحمقًا مزعجًا ! "
وضعت يديها على خصرها
" لعلمك .. لون الفستان بالإضافة لتصميمه هو صيحة هذا الموسم ، و ارتدائنا له معًا دليل على صداقتنا القوية ! "
أخذ يضحك على كلماتها و يبدو أنه يكذبها ، تمالكت اعصابها ثم استدارت و تابعت بغرور
" في النهاية ، رأي شخص أحمق مثلك لا يغير من الحقيقة شيء .. "
تحركت مبتعدة و سوباري تحدق بها ، بينما نطق و هو ينظر إليها
" ما بالها ، عكس شقيقها اعصابها مثارة على الدوام ! "
هنا نظرت سوباري إليه ، ربما يظل مزعجاً لكنه شخص رائع و قوي ، مزاحه ثقيل لكنه لطيف و حنون ، يدعي ألامبالاة رغم أنه عاطفي و يهتم بالآخرين !
هي نفسها تعجبت من مدى معرفتها بصفاته ، تلك الصفات التي قد لا يعرفها سوى المقربون منه !
ابعدت تلك الأفكار عنها و قدمت له كيس هدايا و هي تقول
" مبارك تخرجك .."
ثم اردفت بصوت أكثر خجلًا
فكرت كثيرًا و لم اعرف ما هي الهدية التي تناسبك ، هذه هديتي التي ارجو أن تنال إعجابك ..
تبسم ميكادو بغرور و هو يكتف يداه
" و أنا ايضاً ارجو ذلك .. "
سرعان ما ضحك بمرح ثم اردف
" الهدية تسعد من يحصل عليها ، حتى و إن كانت بسيطة جدًا .. "
اتسعت ابتسامتها و قد لمعت عيناها بسعادة ، ظل ميكادو ينظر لهديته ثم نظر إليها فلاحظ طول شعرها الذي اختلف كثيرًا عن السابق
و كونها تربطه على الدوام فهو لم ينتبه لطوله من قبل .. أشار لشعرها
" طال كثيرًا ! "
تبسمت و لمست خصلةً من خصال شعرها البني
" أريد أن يطول و يطول .. مثل الأميرة ذات الشعر الطويل ! "
تعجب ميكادو من تلك الأمنية و قبل أن يعلق سألته
" أين هو ريوتا ؟ "
أشار لجهة بعيدة بعض الشيء
" يقف هناك برفقة مجموعة من الرفاق .. "
حركت نظرها لحيث يقف ريوتا ، كان محاطًا بالكثير من الشباب و من الصعب محادثته ، نظرت مجددًا لحيث ميكادو و رفعت كيس هدايا صغير
" ميكادو .. رجاءً قدم هذه الهدية لريوتا متى سنحت لك الفرصة .. "
امسك ميكادو بالهدية بينما ركضت سوباري مبتعدة ، حرك نظره للكيس و للهدية بداخله ، كانت تختلف في تغليفها و البطاقة التي تحويها عن تلك التي تخصه ..
ظل يتفحصها بعينيه و يديرها بهدوء و سرعان ما اقترب و وضعها بين يدي ريوتا
" تفضل .. "
تعجب الصبية و ريوتا الذي قال بتساؤل
" ممن هذه الهدية ؟ "
" من معجبة سرية .. "
توجهت جميع الانظار ناحية ميكادو و قد كانت تحمل جميع أنواع الدهشة مما أجبر ميكادو على الضحك بشدة و بصوت مرتفع ..
انزعج أصدقاءه و نطق احدهم
" ما الذي يضحكك الآن ، أخبرنا من المقصودة بالمعجبة السرية ! "
هدأ ميكادو و تحدث بصوت ضاحك
" كل ما في الأمر .. أنني كنت امازحكم و الغريب أن الجميع صدّق هذه الخدعة بلا استثناء ! "
اعاد ريوتا الهدية لـ ميكادو
" هذا يعني أنها لك .. "
حرك يده نفياً ثم تحدث
" إنها لك .. أحد المدعوين يعرف أنك صديقي المقرب و رأى أن عليه إحضار هدية تخرج لك .. "
بدأت أصوات التذمر بالارتفاع و كل منهم يتمنى لو كان محظوظاً كـ ريوتا .. ليحصل على هدية أيضًا ..
وجد ريوتا بطاقة فأخرجها و قرأ اسم الشخص الذي أهداه إياها ، تبسم بلطف ثم نظر لميكادو الذي بادله الابتسام ..
كانت الحفلة جميلة ، بها فقرات تسلية و قد احبها الجميع ، و عند انتهاء الحفل بدأ الجميع بالمغادرة شيئاً فشيئاً .. بقيت الفتيات الثلاثة معاً تتحدثن و تمرحن ..
فوصلهن صوت انثوي
" سوباري .. تأخر الوقت علينا العودة ! "
أومأت سوباري برأسها بينما تابعت اختها
" سأذهب للسيارة أولًا .. ودعي صديقاتك و ألحقي بي .. "
" حسناً .. "
تحدثن و ودعتهن ثم تحركت قاصدةً باب الخروج فأستوقفها صوت ميكادو
" انتظري .. أيتها البكاءة .. "
توقفت و إلتفتت إليه بانزعاج
" لست بكاءة ! "
قدم لها كيس هدايا صغير
" عن طريق الخطأ اشتريت هديتان متطابقتان بمناسبة نجاح اختي ، قدمت لها واحدة لذا فهذه من نصيبك فلست أعرف فتاة لتأخذها .. "
اعترضت
" لكن .. "
انزعج و نطق
" خذيها و حسب ، الهدية لا ترد ! "
أومأت برأسها ثم التقطتها و خرجت من المنزل ، ركبت السيارة فنظرت شقيقتها للكيس
" ما هذه ؟ "
" هدية .. "
توقعت هيكاري أن الهدية من إحدى صديقتا سوباري بينما قامت سوباري بإخراج العلبة المغلفة من داخل الكيس و عندما فتحتها وجدت بها قلادة في غاية الجمال ..
تبسمت و هي تخرج تلك القلادة الفضية اللامعة
" جميلة ! "
ألقت شقيقتها نظرةً سريعةً عليها
" بالفعل ، إنها رائعة و تبدو غالية الثمن .. "
نظرت سوباري للقلادة و هي تحادث نفسها
" اشتراها لشقيقته ، لذا لا بد من كونها غالية الثمن .. "
و رغم أن الهدية وصلتها عن طريق الصدفة إلا أنها سعدت بها كثيرًا ..
🔸🔸🔸
في أحد الأيام ، كانت سوباري تجهز نفسها للذهاب للمدرسة ، أصبحت الآن في الصف الخامس و صداقتها بكل من ميكا و أنري تزداد قوة و ذلك يزيدها سعادة و فخرًا بهذه الصداقة ..
و بعدما انتهت لمحت تلك القلادة التي أهداها ميكادو لها ، معلقةً على رقبة الأرنب الوردي أوسا-شان و الذي يزين غرفتها
لم تلبسها منذ حصلت عليها ، شعرت بالأسى على تلك القلادة و قررت ارتدائها لأول مرة .. نزعتها من رقبة ذلك الأرنب و علقتها على عنقها ثم خرجت قاصدةً المدرسة ..
وصلت اولاً و جلست على مقعدها و ما هي إلا ثوانٍ حتى وصلت أنري التي لاحظت تلك القلادة
" صباح الخير .. ما هذه القلادة الجميلة ؟ "
امسكت سوباري بها و تحدثت بابتسامة
" وصلتني كهدية بمناسبة النجاح ! "
ثم تذكرت أن ميكا تملك قلادة مشابهة ، كيف ستكون ردة فعلها برؤية هذه القلادة تحوط رقبتها ؟؟
هنا تذكرت سبب عدم رغبتها لارتداء القلادة أمام ميكا ، لكنها قررت تجاهل الأمر ، بعد عدة دقائق كانت ميكا قد وصلت و جلست على مقعدها ثم تحدثت
" بالكاد استيقظت ، نمت متأخرًا بالأمس .. "
تعجبت أنري
" و لماذا ؟ "
" بقي شقيقي و اصدقاؤه يلعبون الألعاب الالكترونية و قد اثاروا ضجة منعتني من النوم .. "
ضحكت أنري و في تلك اللحظة اشارت ميكا للقلادة
" هذه القلادة جميلة للغاية .. من أين اشتريتها ؟ "
تعجبت سوباري بينما تحدثت أنري
" لم تشترها ، قُدمت لها كهدية .. "
ظهرت علامات الاعجاب على وجه ميكا
" جميلة جداً ، حافظي عليها ! "
ظلت سوباري مندهشة مما حصل ، فقد كانت تعتقد أن ميكا تملك القلادة ذاتها ، و كلام صديقتها يعني أمرًا واحدًا و هو أن ميكادو اهداها شيئًا مختلفًا ..
شعور غريب انتابها ، لماذا قام بإهدائها هذه الهدية ؟ أم أنها بالفعل هدية اشتراها لـ ميكا لكنه لم يقم بإعطائها إياها ؟
و طوال الفترة التي كانت ترتدي بها القلادة كانت تشعر بشعور غريب ، ربما لكونها مميزة و لا تشبه هدية شخص آخر ..
🔸🔸🔸
هدية سوباري لـ ميكادو كانت عبارة عن عطر رجالي ساعدها في اختياره سوجي حبيب شقيقتها الكبرى ، بالإضافة لـ علاقة مفاتيح ذات شكل مميز كتب عليها اسمه ، كان يضع الهدايا فوق دولاب المرآة ..
و عند زيارة ريوتا له لمح ذلك العطر فحمله
" يبدو جديداً ، لم ارك تستخدمه بكثرة .. "
" أجل ، لا أريد أن ينتهي بسرعة فهو هدية سوباري .. "
عندها تذكر أنها قامت بإهداء ريوتا هديةً أيضاً ، فتحدث بجدية
" ماذا عنك ؟ ما الهدية التي قدمتها لك ؟ "
" عطر رجالي ، لكن يختلف عن هذا .. "
تفهم ميكادو
" هكذا إذن ، اعتقدت أنها ستقدم لنا الهدية ذاتها .. "
تبسم ريوتا
" لم تفعل لأن كلانا شخص غالٍ على قلبها ، و لا بد من أن تكون هديته مميزة و اختيرت لأجله ..
سكت ميكادو لوهلة ثم نطق
" في الواقع ، قدمت لها هدية كذلك ، فهي مثل الأخت لي ، تماماً كـ ميكا فالفترة التي امضيناها معًا لم تكن بالقليلة .. "
تبسم بهدوء
" هدية بمناسبة كونها اصبحت أكبر و يمكنها الاعتماد على نفسها بعد مغادرتي للمدرسة ، لن نصبح كالسابق و ربما لا أراها البتة سوى عند زيارتها لأختي .. "
نظر ريوتا إليه بحزن ثم انزل نظراته
" لم افكر مثلك ، و لم اقدم لها هدية .. "
ضحك ميكادو
" هي لا تعرف سبب الهدية ، اخبرتها أنني اشتريت بالخطأ هديتين لـ ميكا لذا قدمت احداهما لها .. "
زفر ريوتا
" مسكينة سوباري .. كن صادقًا معها قليلًا .. "
أخذ ميكادو يضحك بينما نظر ريوتا إليه ، يدرك تمامًا شعور ميكادو تجاه سوباري ، هو لم يملك أختًا قط لكنه عرف كيف يكون شعور الأخت الصغرى بسبب وجود سوباري ..
ربما لا يعلم الكثيرون حتى المقربون كـ ميكا و أنري بحقيقة كونهم مقربين .. لكن الواقع هو أنهم ذات يوم كانوا معًا و كانوا أقرب مما يعتقد الجميع ..
اتسعت ابتسامته و نطق
" لن أنسى اعطائها هدية عند تخرجها .."
🔸🔸🔸
في المنزل ، كانت سوباري قد صعدت لغرفتها بعد وجبة العشاء ، و حالما دخلت حملت دمية الأرنب ثم احتضنتها و ألقت بنفسها على السرير و هي تقول
" اشتقت لكِ كثيرًا .. "
استلقت على ظهرها و رفعت الأرنب للأعلى : اوسا-شان اخبريني .. لماذا قام ميكادو بإهدائي قلادة مختلفة ؟؟
و بالطبع لن تجيبها الدمية فتحدثت مجدداً
" اوسا-شان .. هل تخفين السبب رغم معرفتك به ؟ "
بقي الصمت سيد الموقف فضحكت ثم احتضنتها
" اعرف أنك وفية لمن اشتراكِ ! "
تذكرت ميكادو و هو يحمل الأرنب ، اتسعت ابتسامتها
" كانت تلك أول هدية أتلقاها من شخص غير أفراد أسرتي .. "
امسكت بالقلادة و هي تفكر
" لست أعلم ما الذي دفعه لإهدائي هذه القلادة ، لكنني سعيدة بها جدًا و سأحافظ عليها ما حييت ! "
احتضنت اوسا-شان و نامت دون أن تشعر بنفسها ..
انتهى الفصل ..
• كيف كان الفصل ؟
• ما توقعاتكم لما سيحصل في الفصول التالية ؟؟
• هل لديكم أي تعليق أو ملاحظة ؟
• لا تنسوا التصويت ⭐️ و إن أمكن ادعموني بتعليق 💬 ..
و شكرا لكم 💜💜