مشتاق وبساتين دجلة

By yamama94

166K 4K 395

انا دجلة. لم أخذ منها سوى عمق اسمها وفيضان مائها انا الولهان للماي ودجلة عذب ماياها More

Part1
Part 2
Part3
Part4
Part5
Part6
Part7
Part8
Part 10

Part9

10.7K 336 32
By yamama94

عاد الى البيت مساءا وكانت كتبها لا تزال على الارض,,أدرك أنها لم تخرج من غرفتها..
لملم كتبها ووضعهم على الطاولة القريبة ودخل غرفته..
نهضت من فراشها عند صلاة الفجر,,لا هو لن يكسرها ولن تتوقف حياتها بغضبه..
اخذت حماما طويلا مسحت آثار الدموع..صلّت الفرض وقرأت الاذكار..
وبعد ساعة تقريبا خرجت من غرفتها وهي ترتدي عبائتها والحجاب ,,لمحت كتبها مرتبة على الطاولة القريبة ..أخذت علبة عصير صغيرة شربتها وتوجهت للجامعة ..
اسرعت الخطى لتقابل انفال ...تحتاج لشخص تبكي على كتفيه..وهناك في القسم الخاص بأنفال,,اخبرتها الصديقات بأن انفال في المستشفى حيثُ أسقطت جنينها الذي حملت به حديثا..
أرادت البكاء فــبكت بمرارة,,,وإحتاجت لأنفال لكن أنفال في وضع تحتاج فيه لمواساتها.
اتصلت بها.
دجلة بصوت مرير:السلام عليكم انفال حبيبتي اشونج؟الله يعوضج ان شاء الله.
أنفال بصوت ضعيف:هلا جوجو حبي,,الحمد لله على كل حال,,(وبقلق الأخت)شبيه صوتج؟
دجلة ودموعها تسبقها: ما بيّة شي فلة حبيبتي ,,بس مكانج خالي واشتاقيتلج والله.
انفال :لا دجلة انتي بيج شي,,احجي الله يخليج.
دجلة مسحت دموعها وإدّعت الابتسامة:فلة صدكيني ما بية شي,,بس انقهرت لأن ما شفتج اليوم,,ما اعرف بنفسي هيج متعلقة بيج.
انفال بارتياح:حبيبتي الله لا يقهرج,,بس ارتاح هالاسبوع وارجع للدوام ان شاء الله.
دجلة:ان شاء الله بس ديري بالج على نفسج.
اقفلت الخط وتوجهت لقسمها مع زميلاتها وانشغلت بالمحاضرات ومواعيد الامتحانات النهائية.
مرّ اسبوع والحال كما هو,,عاد الجمود الى علاقتهما,,لكن هذه المرة غيّرت اسلوبها فلم تعد تحاربه بلسانها بل بصمتها..
كان مجنونا بتفقدها,,راقب المطبخ لهذا الاسبوع..
تبا لتلك المجنونة فهي لم تشعل ناراً منذ اسبوع ولم تطبخ جديدا..
تكتفي بالعصير الذي تشربه صباحا,, ومصروفها لم تعد تأخذه من مكانه..
خرجت من غرفتها صباحا وفعلت كما تفعل كل صباح..
خَطَت نحو باب الممر فإستوقفها: انتظري هنا وين رايحة؟
اغمضت عينيها وفتحتهما بسرعة ثم التفتت اليه:رايحة للكلية؟
اقترب بخطوات:راح تروحين هيج؟
دجلة تأملت نفسها..فهي ترتدي عبائتها وتضع حجابها ووجهها خالٍ من المساحيق...ما الذي يريده بالضبط؟

مشتاق بعصبية: فهّميني شنو قصتج انتي؟
ممكن اعرف صارلج كم يوم متاكلين؟شنو ناوية تنتحرين؟
دجلة :ما اشتهي آكُل.
مشتاق وقف عند باب المطبخ وبلهجة امر:متطلعين للكلية اذا متتريكَين افتهمتي؟
دجلة بتوضيح: عندي إمتحان وما اشتهي وتعرفني بيوم الامتحان ما أكَدر آكل شي.

اغمض عينيه للحظة,,نعم هو يعرف انها تقلق خصوصا في يوم الامتحان ,,وسبق وإن اخبرته أنها تعاني من ارتجاف يدها صباح كل إمتحان..
وها هيَ تخبره الآن.
أجابها وهو يشير للمطبخ:تعالي وآني اسويلج ريوكَ.
دجلة بكبرياء: ما اريد.
مشتاق: لعد إنسي الامتحان وارجعي لغرفتج.

فتحت فمها خوفا ثم توجهت للمطبخ وبيدها كتاب المادة..جلست على كرسيها فيما توجه هو لتحضير كوب من الشاي مع سندويشة لتلك المدللة.
راقبته بطرف عينها وهو يتحرك هنا وهناك,,انه يعرف انها تضع ملعقة ونصف من السكر في فنجانها..ويتذكر أنها تحب السندويشة مع نصف قطعة من الجبن..

يتسائل مع نفسه,,ها أنا احاول ارضائك ايتها الفاتنة.
فــمشتاق الذي تعوّد أن يشير بإصبعه فيقوم الجميع على خدمته,,ها هو يدخل المطبخ ويقوم بتحضير وجبة الفطور لأجلك..

وضع كوب الشاي والسندويشة أمامها على الطاولة ووقف عند شباك المطبخ مولياً ظهره اليها.
أكملت طعامها ودفعت الكرسي لتنهض,,تقدم نحوها وسحب حقيبتها ووضع فيها النقود التي لم تأخذها لإسبوع قائلاً:
هذا مصروفج وبطّلي الخبال اللي انتي بيه..اذا زعلانة وياية لتعاقبيني بهالطريقة افتهمتي.

كان الصمت جوابها,,عن أيّ عقاب يتحدث,,هل هو يتألم لأجلها؟
فليتألم كما آلمها..هي لا تريد التفكير به اصلا.
أخذت حقيبتها وخرجت دون حتى كلمة شُكر.
أقنع نفسه,,,حسَناً هو لا يحتاج للشُكر فلا شكر على واجب..وواجبه ان يهتمّ بها وبصحتها .

استمرت ايامهما كما هي ,,عادت انفال الى الدوام لكن هذه المرة قررت دجلة ان تخفي عنها ما حصل,,فأنفال تحتاج للراحة قليلا..
وصلنا الى فترة الامتحانات التي مرّت بصعوبتها وقلقها على دجلة..
جائت العطلة الصيفية,,ولم يكن هناك ما تفعله في البيت فكانت تقضي وقتها بين بيت عمها او بيت جدها او بيت أهلها حيث اختها وأمها,,
استأذنته لمرتين او ثلاث مرات لزيارة أنفال وهناك ولأول مرة كانت تخفي عن انفال ما يقلقها .
وبعد فترة ليست بالقصيرة,,وبينما هم في انتظار النتائج النهائية..
خرجت من الصالة بإتجاه غرفتها.

مشتاق ناداها من غرفته:دجلة تعالي شوية.
وقفت عند الباب:نعم.

رفع رأسه ليراها منشغلة بمراقبة اظافرها بينما تنتظر ان يتكلم بما يريد.

يا الهي لِمَ لَمْ تعد ترد عليه بعناد..هو أدمن عنادها لأنه بهذا فقط يقترب منها ويستطيع النظر في عينيها وقراءة افكارها ..أما وهي على هذه الحال من الطاعة العجيبة فلا أمل له.
أشار لها ان تأتي..فلم ترفض .
جلست دون ان يطلب وأجابت: نعم ابن عمي أكو شي؟

مشتاق:اليوم خابرني استاذ هيثم...
خفق قلبها بخوف ورفعت عينها بعينه:النتائج طالعة؟
مشتاق صمت قليلاً كيّ لا يقطع تلك اللحظة.
أخفضت عينها فأكمل كلامه: وإنتي من الاوائل واحتمال تترشحين وتصيرين معيدة.
دجلة زفرت بإرتياح: الحمد لله رب العالمين.
إرتاح بدوره لإرتياحها: وإذا تحبين آني أروح للجامعة وأجيب الشهادة مالتج.
دجلة بإعتراض: لااا..ماكو داعي,,آني أحب اروح بنفسي وأستلمها.
نهضت من مكانها: اشكرك..يلا اسمحلي.
نهض هو الآخر وقبل ان تخرج عرض َ عليها خدماته:آآ..دجلة اذا تحبين اتوسطلج حتى تتعينين معيدة بسرعة فــ....
قاطعته: اشكرك ابن عمي ..اتعين أو ما أتعين كل شي نصيب ومحّد ياخذ اكثر من نصيبه.
أذهلته بجوابها وخرجت من غرفته وإتجهت مرة ثانية للصالة وإتصلت بوالدتها تبشرها.
.
دجلة بمرح :مااما باركيلي نجحت ومن الاوائل واحتمال اتعين معيدة بالكلية وبشّري بابا مازن وبشّري دنيا.
الام وهي تبكي:بتحكي عن جد,,ولييه ماني مسدئة ..يا ربي وأخيرا كبرتي وتخرجتي.
دجلة بعيون دامعة:اي ماما كله بفضلكم بعد فضل رب العالمين..يلا انطيني بابا حتى ابشّره.
استلم مازن الهاتف وهو يمسح دموعه:مبروووك يا بنتي,,ربنا يفرحك زي ما فرّحتي قلوبنا.
دجلة بصدق:اللهم آميـــن بس ادعولي انتوو.
ثمّ أكملت كلامها مع دموع:ومثل ما وعدتك بابا بس تصير عندي وظيفة,بسرعة نروح للعمرة آني وياك وآني اللي ادفع الكرسي الخاص بيك بيدي ليش كم أب عندي آني؟.
مازن وهو يمسح دموعا ًأنزلتها الابنة التي ليست من صلبه:الله يرضى عليكي يا بنتي سدئيني هلأ أنا إرتاحيت واطمنت عليكي إنتي وإختك.
إستقبل الجميع خبر نجاح دجلة وتفوقها بالسرور وأول المُهنئين كان جدها الذي أقام غداءا خاصا بهذه المناسبة.
في الحقيقة هو لم يسبق إن احتفلَ بنجاح احدى حفيداته لأن نجاحهن كان نجاحاً عاديا واحيانا يتم بـ(الواسطة) لكن حفيدة جدها تلك لم تحتاج لإسم جدها او معارفه لكي تنجح وتتفوق فكانت تستحق الاحتفاء بها..
والدها هو الآخر كان فخوراً بما وصلت اليه الإبنة البعيدة بإرادتها القريبة من قلبه..

مرَّ شهران على بداية العطلة الصيفية ولم يتبقَ على موعد مناقشة رسالة الماجستير الخاصة بــمشتاق سوى شهر فقط..
هو انشغل بالتحضيرات وطبع الرسالة ومراجعتها مع المشرف استعدادا لمناقشتها..
هي كانت تشغل باله معظم الأوقات لكنه لم يُردْ أن يزيد توتره وانفعالاته.
وفي أحد الايام زارتها اأخوات مشتاق وانشغلت معهم منذ الصباح الباكر وحتى المساء وكان يوماً جميلاً في حياتها لأن علاقتها بأخوات مشتاق كانت علاقة صداقة وأخوّة ..وبعد توديعهم ..دجلة انشغلت بترتيب المطبخ بينما ظل مشتاق في الصالة..رنّ جواله وكان المتصل عمه طارق.
العم طارق: السلام عليكم اشونكم ابني؟
مشتاق:أهلاً عمي طارق.الحمد لله احنة بخير انتَ والأهل اشونكم؟
طارق:الحمد لله ..بس اسمعني إبني قبل ساعتين إتصلت علية دنيا اخت دجلة وتكَول ابوها مازن فجأة تعَب وأخذوه للمستشفى وهناك المسكين توفّى الله يرحمه.
مشتاق بذهول: لا حول ولا قوة الا بالله,إنّا لله وإنا اليه راجعون.
طارق: بس اريدك تكَول لدجلة إنهُ تحضّر نفسها الصبح حتى نروح كُلنا نقوم بالواجب..بس كَوللها إنهُ عمها مريض ولا تجيبلها سيرة.ما أريد يصير شي عليها بهالليل.
.مشتاق: والله ما اعرف عمي,خليني اشوف اشون ابلّغها لأن أعرف دجلة متعلقة بيه هواية.
دجلة سمعت الجزء الاخير من المكالمة فإنقبض قلبها وفاجئت مشتاق :اكو شي؟.
مشتاق:لالالا ماكو شي.
دجلة:أهلي بيهم شي؟ بابا بيه شي؟
مشتاق:لا والله هسة عمي طارق حجى وياية.
دجلة بعصبية: ماسألتك عن عمك طارق دا اسألك عن بابا مازن.
مشتاق بدون ان يقصد: إنّا لله وإنّا اليه راجعون
دجلة بفمّ مرتجف:لاااااااا مستحيل.
لا تكَلي ابوية ماات لاااا؟
مشتاق: دجلة انتي ابوج طارق لو نسيتي؟
دجلة وهي تبكي:لا ما نسيت بس آني ما فتحت عيني بس على اب واحد هو اللي رباني,هو اللي تحمّلني(وصرخت بحرقة)آآه بابا ليش ما انتظرتني ؟مو وعدتك آخذك لبيت الله مثل ما تحلم طوول عمرك.آآآآه ليش تركتني ليش!! مشتاق وهو متألم لحالها:دجلة هدّي نفسج وادعيله بالرحمة ميصير هيج تسوّين.
دجلة وسط دموعها:بلي يصير واسوّي اكثر من هيج بس عمرك ما راح تحس بية..
تألم أكثر لإعترافها هذا.
نهضت متوجهة لغرفتها لكنه استوقفها:تحبين اوصلّج لبيت اهلج هسة؟
استغربت سؤاله..فهي تعرف أن الشوارع غير آمنة خصوصا بعد صلاة العشاء.في أعماقها تمنت ان تذهب وتشارك أمها وأختها حزنهما على الأب الطيب.
وفي اعماق اعماقها خشيت ان يُصيبَه مكروه بسببها.
دجلة هزّت رأسها نفيا: لااا..أشكرك ..خلّيها للصبح احسن.
مشتاق اقترب منها:إذا تحتاجين شي آني بغرفتي.
دجلة هزت رأسها بالموافقة..
وفي الصباح كانت دجلة في بيت اهلها مع امها واختها دنيا وبقيت فترة من الوقت في بيت اهلها امتدت لإسبوعين وبعد تلك الفترة عادت الى بيتها, مرت الايام التالية حزينة كئيبة على دجلة وأحست و لأول مرة بمعنى اليتم الحقيقي بفقدان ابيها مازن..
وبعد هذه الفترة ايضا بدأ مشتاق بالترتيبات الخاصة بمناقشة رسالة الماجستير الخاصة به.. وبدأت مع الأيام تشعر أنّ انفصالهم صار وشيكاً.. فهي تدرك أنه بمجرد تحديد وقت السفر ..سيتم إعلان خطبته وشيرين..وتهيأت نفسيا لهذه الايام..
وقبل موعد المناقشة بيومين ..
طرقت باب غرفته,,رفع رأسه وتفاجئ بها.
خفق قلبه لرؤيتها..لا تزال فاتنة رغم حزنها على ابيها ورغم الألم الذي سبّبه لها..
تقدمت نحوه دون دعوة..
يا الهي وهل ينقصه التوتر لتزيده تلك اضعافا مضاعفة.
مشتاق:دجلة..اكو شي؟
اخيرا نطقت بما لم يتوقعه:آآ..أريد أروح باجر لبيت اهلي.
مشتاق ضيّق عينيه:ليش اكو شي؟
دجلة:تعبانة شوية وأريد ابقى هناك اسبوع.
مشتاق بتساؤل:وما تحضرين المناقشة؟
دجلة هزت رأسها نفياً:أحبابك وأهلك يكفّون ويوفّون.
مشتاق بأنفاس متسارعة: يعني متقصدة تروحين بهالوقت..صح؟
دجلة بتوسل: مشتاق الله يخليك.
مشتاق: وإذا كَلت..لا متروحين.
دجلة:ابقى بغرفتي وما أروح لمكان.
مشتاق:دجلة ليش تريدين تحرجيني ؟
دجلة:ليش هاي اول أحرجك؟
إذن هي لا تزال تذكر كلماته,,لكنه يُقسم أنه لم يقصد انها تحرجه بالمعنى الذي فهمته هي..
لكنها أحرجته كونه معروفا بخطبته لفتاة ومن ثم بإعلان زواجه من أخرى.

مشتاق بلع ريقه: خلاص براحتج,,إذا تحبين تروحين ما راح امنعج.

غادرت الى بيت أمها فهي لا تريد ان تكون هناك حيث الأخرى..
وفعلا وفي يوم المناقشة كان الجميع حاضرين وسعداء بحصول مشتاق على تقدير جيد جدا.
لكنه افتقدها جداً,,ولام نفسه على ما فعله بحقها..فهو الذي أخبرها منذ البداية أنه وبمجرد مناقشة الرسالة وتحديد موعد السفر سيتركها تقيم لدى أمها ويسافر..
هو من بدأ ظلمه لها,, لكنه كان يتوقع بعد أن تحسنت علاقتهما أنها نسيت كل كلامه كما نسي هو.
اضطرته للكذب حين أخبر اهله بأن امها مريضة وتحتاج لأن تكون دجلة الى جانبها.
مرَّ يومان وفي مناسبة كهذه ظلَّ مشتاق يتلقى الهدايا والتبريكات من الاهل والاصدقاء..أما هي فلم تتذكره حتى بإتصال او على الأقل رسالة قصيرة بكلمة واحدة"مبرووك" يُقسم أنها كانت ستُفرحه أكثر من أيّ هدية.

قرر ان يقضي باقي الاسبوع برفقة أهله..
توجه الى غرفته...حيث وجد على مكتبه هدية مُغلّفة بترتيب مع بطاقة صغيرة مُجهّزة بعبارة"مبروك النجاح".
حمل الهدية وخرج من غرفته ونادى أخته رغد.
مشتاق وهو يحمل الهدية:رغد منو دخل لغرفتي؟وهاي شنو؟
رغد ابتسمت:غرفتك آني اليوم رتبتها لأن ماما كَالتلي راح تبقى يمنة كم يوم..
(وأشارت الى الهدية)وهذي يا عيني هدية بمناسبة نجاحك.
مشتاق بقلة صبر: أدري بيها هدية بس منين يعني؟
رغد:من دجلة...تتذكر قبل اسبوع رحنا للسوق آني وياها..اشترتلك هذي الهدية.
خفق قلبه..فلا تهمه التفاصيل..المهم أنها تذكرته.
أكملت رغد بثرثرة:وخطية باليوم اللي راحت بيه لبيت اهلها مرّت علية ووصتني انطيك الهدية بس آني نسيت.
مشتاق:الله يسامحج اشون تنسين هيج شي مهم؟
رغد بإعتذار : اسفة حبيبي بس والله من فرحتنا بيك نسيت كل شي.
ابتسم بتسامح :ولا يهمج صار خير.
رغد اقتربت منه:تريد اكَولك شنو الهدية لو تفتحها؟
مشتاق ابتسم وهو يدخل غرفته ويفتح الهدية بيديه بينما رغد تتبعه:ها يعني تعرفين شنو الهدية؟
رغد بتوضيح:اي طبعا.بس راح اخليها مفاجأة.
ووقفت بإنتظاره وهو يفتح الهدية وكانت عبارة عن كاميرا ديجيتال كان قد أخبر دجلة سابقاً أنه ينوي شرائها.
حمل الهدية بين يديه:وااااو..حلوة.
رغد بمشاكسة: طبعا الحلو ما يختار الا الحلو.
مشتاق: رغـــد,,الهدية وشفتيها شتريدين بعد؟
رغد:مو بس شفتها حتى جرّبتها قبلك.
مشتاق رفع حاجبه: نــعـــم؟
رغد ابتسمت:اي طبعا لازم نتأكد من جودة الصور والفيديو.
مشتاق: اي وشنو صوّرتي بيها ست رغد؟
رغد:صوّرت دجلة بدون متعرف..صورة وفيديو.
مشتاق بأنفاس سريعة: ومسحتي الصور والفيديو؟
رغد:بصراحة لا..لأنهُ...
قاطعها مشتاق: ديري بالج تسوّيها بدجلة مرة ثانية.
رغد بإعتذار: والله مو قصدي شي..بس كَلت اجرب الكاميرا, وبعدين هي الكاميرا الك ودجلة مرتك.
مشتاق بتفهّم:اعرف قصدج رغودة بس مرة ثانية ممنوع تاخذين أي صورة لدجلة بدون متكَوليلها .اوكي حبي؟
رغد:اوكي وإذا تريد هسة امسحهن.
مشتاق بتمّلك: لااا اتركيهن هسة.
رغد بإستغراب..ما به ذلك الــ مشتاق؟
يقول شيئا ويفعل عكسه؟

عادت بعد ذلك الأسبوع الى بيتها ونشاطها اليومي..اصبحت تترقب حركاته..نظراته لها..
هي تشعر بأنه يريد أن يصارحها بشئ هي تعلم ماهو,,لكنها تتمنى لو يخبرها العكس.
اليوم إجتمعوا في بيت الحاج بركات.

انشغلت مع بنات العائلة بأكملها لكن لَفَتَ نظرها توجه مشتاق برفقة جده ووالديه حيث المضيف(وهو عبارة عن غرفة واسعة المساحة تكون بعيدة عن غرف المنزل الباقية)

اضطربت أنفاسها,,فهي تقرأ في وجوههم الجدّية..يجب ان تعرف ما يدور هناك..لها الحق في ذلك..استأذنت من البنات مدّعية الذهاب الى الحمام..ومنه مشت بإتجاه المضيف.وسمعت ما كانت تتوقعه.
مشتاق:جدي انتَ تعرف آني البنية (يقصد شيرين)متفق وياها ووية اهلها من زمان فهسة أريد كلشي يصير رسمي وكَدام العالم.يعني كافي تحملتني هالفترة كلها.
الجد:والله افتهمت مو إنتَ كَلتلي هالسالفة بدل المرة عشر مرات وآني ارجع اكَولك وين المشكلة هسة؟
يعني انتَ تكَول البنية وأهلها يعرفون بظروف زواجك.
مشتاق:جدي المشكلة مو بــشيرين وأهلها,(سكت قليلا وبلع ريقاً جافاً)بس المشكلة بــ دجلة,,هي .....
أمطرت دموعها بغزارة ونسيت ما تعلمته من أدب في ان تطرق الباب قبل الدخول على احدهم,,ففتحت الباب فجأة لتفاجئه بقولها: إذا دجلة هيج مسوّية مشكلة بحياتك, طلّقها وإخلص ابن عمي.

نهض الجميع بما فيهم جدها الذي عاتبها لعدم احترامها خصوصية المكان: ولج بت سميحة هيج علّموج اهلج..تدخلين عالناس بلا متستأذنين,,مو عيب عليج.
دجلة توجهت بدموعها ناحية جدها تتوسله: جدي فدوة اروحلك عوف سميحة بحالها والله مسامحتكم وعمرها ما جابت سيرتكم(وأشارت الى نفسها)بس خلّيك وية بنت سميحة اللي تريدون تتفقون عليها.
مشتاق بصوت غاضب: دجلة سكتي احسنلج,انتي كلشي متعرفين.
دجلة لا زالت تنظر الى جدها:جــدي واللي يرحم والديك خلّصني منه(وتشير بيدها الى مشتاق)
تتابع النظر الى جدها وهي تمسح دموعاً تأبى التوقف فيما دخل ابوها وزوجته وعمّاتها والبنات الى المضيف عند سماعهم اصوات الضجة المنبعثة منه.
دجلة استمرت بكلامها:جدي ليش ترضون علية الشي اللي ما ترضوه لبناتكم..(واشارت الى مشتاق)هو يرضاها لخواته؟إنتَ ترضاها لعمّاتي لو لوحدة من بناتهم؟
والتفتت الى والدها: وبابا يرضاها لنجلاء؟؟لعد ليش تريدون تظلموني؟
شنو عبالكم دجلة ما عدها إحساس لو ما عدها قلب؟
أردفت كلامها بتوسل:جــدي عمرك سمعت عني شي يقهرك؟عمرك سمعت عني شي غلط؟
إي يمكن آني تربيت بعيدة عنك,,بس طول عمري شايفة نفسي والكل يعرفني آني بنت بركات اللي مترضى بالغلط.
وهاي انت شفتني رفعت راسك بشهادتي ونجاحي..شتريدون أكثر؟

أطرق الجد رأسه,,فعلا فهو لم يسمع عنها الا ما يسرّه ويرفع رأسه,,لكن حفيده ملتزم بــ"كلمة" مع عائلة الأخرى.
توسلته مرة أخرى:جـدي إنتَ تريدني اجي اعيش وياكم ,,آني موافقة.
جـدي إنتَ عرضت عليه يتزوجني بكلمة منك,,بكلمة منك خلّيه يطلّقني والله بعد ما اتحمل.كرهته ونفسي عافته خلاص.

وقف الجد حائرا بين حفيده وحفيدته..ووجّهَ نظرات تساؤل لــمشتاق.
مشتاق اقترب من جده:مستحيل اطلّقها.
دجلة:جدي آني ما عمري طلبت منك شي,,هسة طالبة منك تطلّقني منه .
مشتاق بغضب: سكتي انتي,,ولو تموتين ما تحصّلين الطلاق.
لم تلتفتت لكلامه..بل استمرت بالكلام مع الجد:جــدي,,إحجي الله يخلّيك.
الجد بنبرة آمرة:مشتاق...
مشتاق بصوت عالي: أذبحها وأدفنها بمكانها بس ما أطلّقها.

هــنــا تعالى صوت الأب الغاضب: ما عاش اللي يمس شعرة من بنتي وآني عايش.
التفتت لترى والدها وهو يقترب من مشتاق ويمسك من ياقة قميصه:
شنو عبالك جايبلها من الشارع لو صدّكَت ابوها ماات؟
لااا ولَك اسمعني زين ...بنتي تطلقها وغصبا عنك افتهمت.
مشتاق الذي تفاجأ بردة فعل عمه..صمت احتراماً.
ثم أردف بصوت هادئ:عــمي مع احترامي الك,, بس أنت متعرف شي عن حياتنا.
طارق: اي بس هسة عرفت شي واحد,,بنتي متريدك.
مشتاق التفت اليها: مو بكيفها.
طارق:بلي بكيفها,,كافي عاد اللي تسووه بيها؟لو شفتوني ساكت عبالكم ناسيها لبنتي ومو مهتم لمصيرها.
ثم التفت الى ابنته وأحاط كتفها بذراعه: آني السبب بكل اللي صارلج..(وسحب يدها)إمشي وياية وميطلع الصبح الا وآني مطلّقج منه.

طارق التفت الى والده معتذراً:اعذرني يابة بس اللي يصير ابنتي حرام.وبعد اذنك بنتي راح تبقى عندي.بيت ابوها مفتوح الهة ,,وهي اللي تبقى بيه واحنة الطالعين.
سكت الحاج بركات ووافقه كلامه وسمح له بالانصراف.

تشبثت بيد والدها اكثر وهي تخرج معه..
تمنت أن يقول شيئا يصحح به اخطائه..لكنه وبدلاً من ذلك فاجأ الجميع.
مشتاق:عمي طارق اسمحلي.
ومشى خطوات بإتجاه عمه وإبنة عمه ووقف مقابلاً لهما:
خلاص عمي بنتك مو مضطرة تنتظر للصبح,,(خفق قلبها فها هو حفيد جده يرد اعتباره أمام الجميع)
أكمل كلامه:وإذا كارهة العيشة وياية,,آني بعد مو باقي عليها.
والتفت اليها بنظرات باردة :بت عمي اعتبري نفسج طالق.

خرج غاضبا يتبعه والداه وأخواته,,فيما عادت دجلة الى بيت والدها وقوبلت بالترحيب من اخوانها...دخلت غرفة اختها لتستريح,,طُرِقَ الباب وتفاجأت بزوجة ابيها وهي تحمل كأس عصير بارد.
قابلتها دجلة بإبتسامة:العفو خالة تعبتكم وياية.
جلست"الخالة" عند طرف السرير:لا حبيبتي اخذي راحتج.اشون صرتي هسة؟
دجلة بلعت ريقها وغصت بدمعة: الحمد لله على كل حال.
بدأت زوجة ابيها سعاد بالاقتراب منها ومواساتها وتكلمت:
دجلة اسمعيني ...يمكن هاي اول مرة اكعد واحجي وياج بس هسة عرفت انتي ليش هيج تتصرفين وية بيت عمي بركات.
دجلة قطبت جبينها
سعاد:اي حقج لأن انظلمتي هواية ورغم مشتاق عزيز وغالي علية بس والله لو مسوّي ابنتي هيج الا اكَطعه بسناني .
اخفضت دجلة رأسها مع أنين.
اقتربت الخالة واحتضنتها:سامحينا دجلة.. آني ما جنت متخيلة نفسي راح انحط بهيج موقف خصوصا من ذكرتي اختج نجلاء وإنه ممكن يصير بيها اللي صار بيج,,اشتعلت بنار وحسّيت بحرقة قلبج وانتي وحيدة... مهما يصير تبقين أخت ولدي وبنت طارق ..ومن اليوم اعتبري هذا البيت بيتج.
دجلة بادلتها الحضن وهي تشكر تفهّمها لموقفها.

أكمل مشتاق اوراق السفر ..وكردّ للإعتبار..تمّ اعلان الخطوبة بشكل رسمي وتأجيل عقد القران والزواج الى بعد نهاية الكورس الأول..حيث سيُسافر بمفرده ويُهيئ جميع مستلزمات المعيشة ويدفع اقساط الكورس ومن ثم يعود بعد أربعة أشهر لإتمام زواجه..هكذا خطط هو ووافقت ابنة الوزير..
وصل الى لندن وهناك في بلاد الغربة حيث الوحدة..إفتقدها...وكان يُغالط نفسه...كلا لن يشتاق اليها فهي من
مرّ شهران وبالكاد تعوّد على الدراسة الصعبة وعلى زملائه الجدد وتعرف على مجموعة شباب عرب من بينهم فلسطينيين..ووجهوا له دعوة بتذوق الأكلات الفلسطينية المشابهة لما كانت تطبخه.
إنها تلاحقه في كل مكان حتى عند تذوقه للأكل..تركها هناك لكنها تأبى الا ان تكون في الذاكرة .
وبدا مشتاق يضغط على نفسه فهو يجب ان ينساها ,,ففي انتظاره حياة جديدة مع أخرى.

جلس مع رفاقه العراقيين والعرب في احد المقاهي وسط العاصمة ..
توجه نحوهم زميلهم المُلقب "ابو فراس"
وكان زملاؤه ينادونه بـ"أبي فراس الحمداني"وهو الاخر كان يحفظ الكثير الكثير لهذا الشاعر الكبير..

كان مشتاق مرتخيا على كرسيه شارد الذهن..أنتبه اليه الرفاق وأشار احدهم الى ابي فراس الذي اقترب بدوره من مشتاق قائلاً:
أراك عصي الدمع شيمتكَ الصبرُ
أما للهوى نهيُ عليكَ ولا أمرُ
بلى أنا مشتاق وعندي لوعةٌ
ولكن مثلي لا يُذاعُ لهُ سرُّ

تنهد مشتاق مبتسما:اهلا ابو فراس اشونج؟
ابو فراس مشاكسا له مع ابتسامة:
اللي آني متأكد منه إنت"مشتاق" وعندك"لوعة"بس لوعة لمنو ؟ما اعرف؟

مشتاق:ابو فراس متعوفني لخاطر الله.
ابو فراس:بس لا تكَول مشتاق لــ"دجلة"لأن ما راح اصدكَك.

خفق قلبه وارتجف فمه..كيف عرفوا بإشتياقه لها..هو لم يُعطِ سرّه لأحدهم.
تنهد بإرتياح..آآآه هم يقصدون
"دجلة النهر"
وهو يقصد
"دجلة ابنة العم"

أعاد ابو فراس سؤاله بصيغة ثانية:مشتاق والله كل العراقيين اللي اقابلهم هنا ,,اول شي اسألهم لـ ـشنو مشتاقين؟
يكَولون:مشتاقين لــدجلة.
بس لا أنتَ منهم ..الله عليك كَول إنت لمنو مشتاق..وسرّك في بير.(وهو يغمز لأصدقائه)

ابتسم الاصدقاء ومعهم مشتاق الذي اسند ظهره الى مقعد الكرسي مغمضا عينيه:والله العظيم مشتاق لـــ"دجلة".
مشتاقلها موووت.

لا بأس إن اعترف هنا..وأُذيع السرّ..
أراحه الاعتراف وقرر العودة حيث شقته.

حيثُ كان الجو ماطراً والضباب يلف المكان ..ها هو لوحده في الشقة ,ترك الكتاب الذي بين يديه بأيده وراح يتأمل حبات المطر ويسمع صوت الرعد.
تذكّر خوفها من صوت الرعد واحتماؤها به تلك الليلة..ابتسم وكأنه لايزال يشم رائحة عطرها وهي تلتصق به.
فتح حقيبته لأجل تصوير شوارع لندن اثناء المطر.
تلك الكاميرا هديتها هي..ضغط على زر التشغيل لتملأ عينيه صورتها ومقطع الفيديو اللذين صورتهما رغد دون علمها..
قرّب الشاشة وتوقف عند ملامحها..كانت حزينة..وكيف لا يذكر حزنها وهو سببه.
قرّب صورتها وضمّها اليه,قبّل خدها الايمن الذي أجرم بحقه و إعتذر منها..

أخافُ ان تمطر الدنيا ولستِ معي
فمنذُ رحتِ وعندي عقدةُ المطرِ
كيف امحوك من أوراق ذاكرتي
وأنتِ في القلب مثل النقشِ في الحجرِ

انتضروني بالجزء الأخير 😉

Continue Reading

You'll Also Like

51.4K 3.2K 28
🌼 روايــة حقيقة بقلم الكاتـبة : فاطمـة الشمري 🌼
390K 14.8K 55
Bibaline⚫🖤 جماعة لي ينقلو الفايس و الانسطا و لا يقولو لقيناها في ڨوقل اي ممنوع النقل منعا باتا لانها سرقة و ممنوع نقل أي فكرة من القصة هدي لاني تع...
1.4K 213 7
كوبــ مـن آلقهوه سـيئه آلمـذآق..... هكذآ كنآ سـبــعتنآ حـتى آتت قطـعه سـكر سـقطـت علينآ مـن آلسـمـآء مـغـيره لطـعم آلحـيآه كآمـله.... _BTS _Tchoi Han...
58K 4.9K 19
هو بَارد المشَاعر لا يفقه شئ عن الحُب و هُو يَتصرف و يحُب دون عقل و بِـتهور كَان علي إيقَافه و أنا كَان علِي جعله يندم قليلًا! • taekook fanficti...