حب تحت راية داعش

By asooma-hd

309K 11.2K 3.2K

هذه قصة حب لا تشبه اي قصص الحب الاخرى .. بين ارهابي قاتل وشابة عشرينية الهوى تحيا سعيدة بين اهلها واصدقائها... More

البارت الاول : المقدمة
بارت 2 : عمل جديد
بارت 3 : صدمة
بارت 4 : صدمة 2
بارت 5 : حب في زمن الحرب
بارت 6 : ذكريات
بارت 7 : لقاء غير متوقع
بارت 8 : غريب الأطوار
بارت 9 : ناريستان
بارت 10 : ناريستان 2
بارت 11 : ذكرى العيون الزيتية
بارت 12 : فقدان و رحيل
بارت 13 : الإرهاب يباعد الأصحاب
بارت 14 : الارهاب يباعد الاصحاب 2
بارت 15 : حفل الخطبة
بارت 16 : سنة جديدة
بارت 17 : حرب السلام وبداية الظلام
بارت 18 : بداية الظلام
بارت 19 : غربة وطن ( أُمّ )
بارت 20 : عمل و أمل
بارت 21 : أحداث دامية
بارت 23 : المواجهة ( استبانة الحقيقة )
اعلان هام
بارت 24 : عودة شبح الذكريات
بارت 25 : حياة جديدة
لمن يهمه الامر
اعلان هام
اعلان هام لكل القراء الاعزاء
شكر عام

بارت 22 : خيانة و مهانة

7.7K 361 138
By asooma-hd

بعد ان جائتهم الأوامر من أميرهم مأمون ، توجهت جميع كتائب آزاد نحو الغابة القابعة في الجانب الجنوبي الشرقي من مدينة دلكش .

كانت غالية تطالع بذعر واضح ، هذا الجمع الغفير من الدواعش الملثمين بملابسهم السوداء التي تبعث الرعب في القلوب ، لكنها كلما تذكرت صديقتها المخطوفة تشعر بذعر اكبر ، لا تعلم ماذا حل بها الان ، هل قتلوها ام بدأوا بتعذيبها كما عذبوها هي في ذلك السجن المخيف ..

لم يكن أحمد أفضل حالاً منها ، يشعر بأحاسيس متناقضة من الغضب والحزن والقلق ، حزين لموت والده ، غاضب ويفكر بالانتقام من قاتله ، وقلق على زينة التي أصبحت الان تحت رحمة ذلك الامير الجائر .

ما يزال الوقت طويل للوصول الى الغابة ، قضت غالية الساعات الاولى من بداية الرحلة وهي صامتة لم تنطق باي كلمة ، كانت تفكر بكلام السيد حسن قبل موته ، وهي تهمس لعقلها

" مأمون يحبني "

تذكرت أيضا قول صديقتها لها ، كيف انه واجه امير دلكش ، وصوب رصاصة نحوه من أجل ان يعلم بمكانها ويلتقي بها ، و في خضم تلك الافكار ، شعرت بالنعاس الشديد فقد واجهت يوماً قاسياً ومرهقاً بالنسبة لفتاة مثلها ، احداث مروعة واشلاء واختطاف ، لذا سمحت باغماض جفنيها وغرقت في سبات عميق . ..



**********


دخل الى الغرفة وعلى شفتيه رسمت ابتسامة خبيثة ، وهو ينظر لتلك المذعورة و المتكورة خلف السرير ، نظرة ملؤها الرغبة الشديدة ، و التوق الكبير .
اقترب منها اكثر وجلس امامها ، اراد ان يلمس وجنتها لكنها اشاحت بوجهها بعيداً عنه ، وهي تستغيث عله يرأف بها

" ارجوك ابتعد ، دعني أذهب أتوسل اليك "

وسعت ابتسامته اكثر ، وهو يهمس في اذنها

" ليس قبل ان افرغ فيكِ جماح رغبتي الشديدة ،يا جميلتي "

اشتاطت غضباً منه وشعرت بالاشمئزاز لذا قامت بالبصق على وجهه وهي تصرخ به

" كم أنت مقرف "

حاولت الهرب من براثنه ، لكنه امسك بها

وهو يشد شعرها ويسحبها باتجاهه ثم ضربها ضربة شديدة أسقطتها على السرير ، كانت هذه فرصته كي ينقض على جسدها الفاتن ...

صيحات مكبوتة ، نهران من الدموع الجارية
و تضرعات منشودة ، عل هناك من يسمع ويقدم للمساعدة كي يبعد هذا الوحش عنها ، لكن دون جدوى ، ربما قدرها اليوم ان تكون فريسة لمجرمٍ مريض ، لم تستطع ان تحتمل الألم أكثر من ذلك فاغمي عليها ..

فاقت بعد ساعة ، و دموعها ما زالت تتدفق بغزارة ، وهي ترتعد خوفاً وتتأوه وجعاً ، لتجد نفسها في حالٍ مزريٍ
ملابسها ممزقة بوحشية ، جسدها مليء بالكدمات ، اضافة الى الالم الفظيع الذي يخالج احشائها الجوفية .

حاولت الجلوس بصعوبة ، وقد نجحت في ذلك ، لكن صعقها منظر الدماء التي سالت منها ، بدأت تصرخ بذعر وهي تعلم سببها :

لقد انتهك الان ذلك الارهابي المتخلف عذريتها ، وسرق منها اغلى ما تملكه ( الشرف ) ، الذي تدفع المرأة من أجل الحفاظ عليه حياتها بأكملها ، شعرت انه سلب بهذا العمل اللاإنساني الفظيع كرامتها ، إرادتها وحريتها أيضاً ، تقوقعت حول نفسها و بدأت تندب حظها العاثر ، وهي تنحب بآسى غامر لما آلت اليه الحياة القاسية..



*********


انقشع الدجى وبانت أشعة الشمس المتلألئة في الافق البعيد ، وبدأت الطيور غنائها معلنة يوم جديد ..

استيقظت وهي تشعر بتشنج عضلاتها ، لكن شدها منظر هذه الاشجار الكبيرة والمتشابكة مع بعضها البعض ، رائحة الهواء النقي الممتزجة برائحة الاوراق الخضراء النضرة ، وبطريقة ما ذكرتها هذه الغابة ببستان منزلها ، جرت دمعة على وجنتها سرعان ما قامت بمسحها ، عندما التفت أحمد اليها وهو يبتسم ابتسامة باهتة :
- اظن اننا وصلنا .

بادلته هذه الابتسامة :
- تظن ؟

ترجل من سيارته ، ليقوم بفتح الباب لغالية :
- اجل لم آتي الى هنا من قبل .

انطلقا خلف تلك الحشود السوداء ، وقد اطبق الصمت في الارجاء ، ما عدا صوت الطيور المغردة و حفيف الاشجار ، لاحظت غالية احد الرجال المخيفين الشكل وهو عبد الله يرمقها بغضب وضغن ، لذا همست الى أحمد الذي كان يسير الى جانبها :

- أشعر بالخوف.

اجابها أحمد بطريقة درامية :
- أتشعرين بالخوف وسط هذه الطبيعة الخلابة ، لا تقلقي لا توجد هنا ثعابين او قردة ولا حتى اسود ، فقط الطبيعة تحيط بكِ

- اجل اجل ، والف رجل من القتلة و المجرمين

طالعها وهو يبتسم بسخرية ، لتكمل هي :
- اتعلم لن يجدوا صعوبة في قتلي وترك جثتي هنا ، في الحقيقة لا تخيفني تلك الاسود البرية بقدر ما تخيفني هذه الاسود البشرية الضارية .

- لا تقلقي لن يتجرأ احدهم على ايذائكِ ، ما دمتِ في حماية مأمون .
قال جملته وهو يغمز لها ، ثم تركها مبتعداً ليلحق ببقية الرجال

تسمرت مكانها وهي تطالعه بنوع من الغرابة ، همست لنفسها قبل ان تبرح مكانها

" ان مأمونك هذا ، هو اكثر ما يقلقني "


وصل الجمع الغفير الى مآويهم التي بنوها منذ سنتين ، والتي لا أحد يعلم بمكانها سوا مأمون و رجاله ، هرعوا اليها مسرعين ليرتاحوا فيها ، تاركين غالية وأحمد وحيدين يطالعان بعضهما وهما يتسائلان في نفسيهما

" اين سنمكث ؟ "

فاجئهم صوت حاد خلفهما ، يسأل :
- لماذا ما زلتما واقفين هنا ؟

التفتا ليجدا مأمون ، يبتسم لهما من خلف اللثام ، اجابه أحمد وقد بادله الابتسامة بمثلها :
- لم نجد مأوى نلجأ اليه ، يبدو انه غير مرحب بنا .

رد عليه الاخر وقد وجه بصره نحو غالية:
- هذه مشكلة حقا

لكن الاخيرة تجهم وجهها وامتعضت ملامحها ، واشاحت بوجهها بعيدا ، همت بالمغادرة لكن اوقفها صوته منادياً :
- غالية

توقفت دون ان تلتفت اليه ، فما كان منه الا ان يخطو باتجاهها وهو يحمل شيئاً في كفه ، صار مقابلاً لها ، وقد مد ذراعه نحوها قائلا :

- خذي هذا واذهبي لترتاحي .

كانت تطالع المفتاح بغرابة تسائلت :
- ما هذا ؟

اشار بيده نحو منزل وحيد ، بعيد عن منازل الاخرين :
- ستسكنين في منزلي .

ارتدت ملامحها الغضب وهي تجيبه :
- لن اسكن في منزلك

فهم سبب غضبها لذا اردف :
- سأسكن انا وأحمد في منزل آخر ، اما منزلي سيكون تحت تصرفكِ ( صمت قليلاً ) وحدكِ

طالعته بنضرة امتنان ، ارادت ان تأخذ منه المفتاح لكنها تراجعت قليلاً ، لذا قام بسحب ذراعها بسرعة ، واضعاً المفتاح في باطن كفها وابتعد ليلحقه أحمد ، تاركاً اياها في حالة ذهول . تمتمت بصوت خافت

" شكرا لك "

ثم توجهت نحو المنزل

اعتقدت في سريرتها ان منزله يشبه تلك المنازل المسكونة من قبل أحد السحرة المشعوذين ، او الاشباح ، والتي يملؤها الغبار ، ويحتوي على التوابيت القديمة والعقارب ، ومزينة بشباك العناكب ، لكن فاجئتها نظافة المنزل وترتيبه ، واثاثه البسيط .

كان المنزل حميمي بشكل ملفت ، يحوي صالة مربعة بنافذتين ذات ستائر بلون القهوة ، واريكة صغيرة امامها تلفاز صغير ، وفي اليسار اربع كراسي ، تتوسطهم طاولة صغيرة ، مكتبة صغيرة تحوي العديد من الكتب بمختلف العلوم الاسلامية والفلسفة وكتب الروايات والشعر والادب ، وغرفة بسرير لشخص واحد بها نافذة مطلة على شجرة كبيرة من الورد ذات رائحة زكية ، وايضا حمام و مطبخ صغيرين .

استلقت على السرير وهي تشعر بتشنج عضلاتها فقد قضت ليلة كاملة وهي جالسة في السيارة ، لكن انتابها الفضول فجأة فهمست لنفسها :

" بما اني الان في منزله ، سأقوم بالبحث عن شيء هام يتعلق به ، شخص مخيف مثل مأمون اظنه يخفي العديد من الاسرار "

قامت بالبحث في كل مكان لكنها لم تعثر على شيء ، اوراق ، صور او اي مستندات مهمة

" حسنا لقد اخطأت أظنه اذكى من ان يترك خلفه دلائل تشير ضده "

جلس الرجلان مستندين على الطاولة ، تحدث أحمد وهو يدفن رأسه بين ذراعيه :
- لقد أكملت مهمتي ، و اوصلت غالية الى هنا بأمان ، علي ان اعود الى دلكش لاعثر على زينة .

اعترض مأمون وهو يضرب على الطاولة :
- لا لن ادعك تذهب ، ولن اخاطر بحياتك ، لقد ارسلت رجالي ، وقمت بمهاتفة جواسيسي هناك ، لا تقلق سنجدها ومن ثم سأجعل صلاح يدفع الثمن غالياً .

- حبا بالله افهمني يا مأمون ، لا أستطيع ان اجلس هنا مكتوف اليدين دون ان احرك ساكناً ، وزينة تعاني هناك على يد ذلك الوغد ، اكاد ان أجن ان لم اذهب لانقاذها ..

- صلاح يعتقد انكما انت وغالية ما زلتما في دلكش ، لذا ارسل رجاله الى كل مكان في المدينة حتى في الاطراف ، وقد خصص مكافئة مالية لمن يعثر عليكما .

- انه شخص وضيع .

- لا ( تنهد سريعا ) بل أسوأ .

ربت على كتف أحمد ، ليواسيه في محنته ، ثم استقام متجها نحو باب المخرج ، لكن اوقفه سؤال أحمد :

- لم تخبرها صحيح ؟

هز رأسه دلالة ان لا ، التفت اليه قائلاً :
- ان علمت حقيقتي ، ستكرهني أكثر

ابتسم له وهو يخبره :
- من يحب فعلاً ، لا يكره أبداً


**********


في صباح اليوم التالي ، استيقظت غالية مبكراً كعادتها وهي تشعر بالجوع الشديد ، فهي لم تتناول اي طعام منذ مغادرتها دلكش ، توجهت نحو الغابة ، وهي تأمل ان تعثر على بعض الطعام .

مرت نصف ساعة ولم تعثر على شيئاٍ يؤكل بعد ، انتابها التعب والارهاق الشديد ، وبدأت تشعر بالظمأ ، لذا فكرت بالعودة ، ويا لبؤس حظها فقد نسيت طريق العودة .

تحدثت لذاتها بتهكم

" رائع غالية ، انتِ مرهقة وتشعرين بالظمأ والجوع وفوق ذلك تائهة ، هه رائع حقاً "

وبينما هي تتحدث مع نفسها كالمجنونة ، لاحظت حركة سريعة بين الاشجار ، شعرت بالذعر وهي تعتقد انه حيوان مفترس ، لكن هذا اسوأ برأيها ، فقد كان مأمون الذي من عادته التوغل في الغابة كل صباح ، غضب جدا عندما شاهدها امامه وحيدة دون مرافق وسط الغابة ، زعق بها مثيراً رعبها :
- ما الذي تفعليه هنا وحدكِ ؟

احابته بهدوء تام يخفي نوبة الذعر التي تحاول اخفائها :
- هذا ليس من شأنك .

زفر بقلة صبر وهو يرد عليها :
- ان الغابة كبيرة جدا وطرقها متشابهة ومتشعبة ، سوف تتوهين فيها وتنسين الطريق .

همست لنفسها قبل ان ترد عليه

" نعم فعلاً ، لقد نسيت الطريق وانا الان تائهة و وحيدة مع هذا المجرم ، اعتقد انه سيقوم بربطي على احدى الاشجار ويتركني كي اموت من الجوع والعطش ، او انه سيقوم بحرقي مع الشجرة "

كان واقف امامها يطالعها بنضرات غريبة ، حتى شعرت بتلك النضرات تلعثمت قبل ان تتحدث :
- لا تقلق لم انسى الطريق

- إذا عودي من حيث أتيتِ ، ولا تأتي الى هنا وحيدة مرة اخرى .

تحركت بسرعة لتعود ، لكنه ناداها بنبرة هادئة :
- غالية

- نعم

تنهد ثم أردف
- انه الطريق الخاطئ

- اووه حقاً

اجابها بنبرة ساخرة :
- نعم ، حقاً ، هيا دعيني اوصلك الى المنزل .

- لا سأعود وحدي

- قلت ساوصلكِ
قالها وهو يضغط على اسنانه

لم تكن تريد اغضابه لذا تبعته بهدوء ، وفجأة كمن تذكر شيئا ، عاد اليها بخطى سريعة وقد ازدادت ضربات قلبها وهي تعتقد

"اظنه سينفذ خطته ويقوم بربطي الان "

لكنه فاجئها بسؤاله التالي :
- أتشعرين بالجوع ؟

طالعته بعينين حالمتين ، لكنها سرعان ما ارتسمت على شفاهها ابتسامة بلهاء :
- لا لقد أكلت وشبعت.

- حسناً

ابتعد تاركاً اياها تسخر من نفسها

" غبية لتموتي من الجوع "

لكن انقذتها بطنها الفارغة التي أصدرت اصوات قرقرات مرتفعة ليسمعها مأمون ويعود ادراجه ، وهذه المرة كانت عيناه تبدوان جادتين وحازمتين ، اعاد على مسامعها سؤاله :
- غالية أتشعرين بالجوع .

طأطأت رأسها خجلا :
- نعم لم آكل شيئا منذ مغادرتنا لدلكش .

صمت قليلاً وهو يتفحصها بعينه ، ثم ابتعد تاركاً إياها متسمرة في مكانها ، وعلامات الدهشة رسمت معالمها على محياها ، شعرت ان تلك النضرات اخترقتها ، تلك العينان البنيتان ، تشعر انها تعرفها جيداً ، تظن انها شاهدتها من قبل لكنها كل مرة ، تبعد هذه الفكرة عن مخيلتها ، شيئا ما في مأمون يجذبها قليلاً ، افعاله ، نضراته ، صوته وحتى صمته يذكرها بإيادها ذاك الرجل الباذخ الصمت ..

التفت خلفه ليجدها ما زالت واقفة مكانها وهي غارقة في التفكير ، عاد اليها مرة اخرى ليعيدها الى ارض الواقع ، وهو يطلب منها ان تسرع الخطى اكثر ، فأومأت له موافقة و تبعته بإذعان ، حتى وصل الاثنان الى منزل مأمون الجديد ، دعاها للدخول الى المنزل كي تتناول الطعام ، فرفضت لكنها سحبت رفضها بعد رؤيتها لعيون مأمون الغاضبة .

شعر أحمد بالسعادة لرؤيته لغالية ، وقد انهى للتو تحضير طعام الافطار ، ابتسم لها واخبرها :
- شرفتي منزلي غالية ، تفضلي .

اعترض الاخر ممزاحاً :
- منزلك هاه ، لو لم أسمح لك بالسكن معي ، لكنت الان تعيش فوق احدى الاشجار مثل طرزان

تنهد أحمد بقلة حيلة :
- حسناً ، حسناً منزلنا .

ابتسمت غالية ابتسامة خفيفة ، وهي ترى الانسجام التام بين الرجلين ، لم يكن أحمد يتفق مع مهند و جمال كما يتفق الان مع مأمون .

بدأ الاثنان ( غالية ، احمد ) بتناول طعامهما ، اما الأخير فقد تركهما متوجها نحو رجاله الذين امرهم بالتجمع في مكان اجتماعهم المعتاد ، كذلك علمه ان غالية لا تطيق وجوده قربها ، لذا خرج كي تشعر براحة أكبر في غيابه ..

لحق بهم أحمد بعد ان انهى طعامه ، اما غالية عادت الى مسكنها ، ولم يكن لديها عمل مهم لذا التقطت احد كتب الروايات من المكتبة ، وبدات بالقراءة ، وهكذا قضت غالية تلك الايام في الغابة ، اما ان تخرج وحيدة اليها او بصحبة أحمد ان لم يكن منشغل ، او تجلس في المنزل لتقرأ الكتب ...



*********



مر شهر منذ مجيء غالية الى غابة آزاد ، ومنذ إختطاف زينة ، عانت فيه الاخيرة من الانهيار النفسي والجسدي ، في ذلك السجن القابع تحت الارض ، فبعد تلك الليلة المشؤومة التي هٌتك فيها شرفها على يد صلاح ، امر رجاله بزجها في السجن ، حيث تناوب على اغتصابها وتعذيبها يومياً العديد من الرجال المسؤولين عن السجن ..

تراجعت حالتها الصحية ، و صار جسدها ضعيفا وهزيلا اكثر ، بدأت تجتاحها نوبات صرع و رعاش ، تحلم بالكوابيس المخيفة ، و تهلوس بكلمات غير مفهومة ، وقد فقدت الأمل في هذه الحياة ، الامل في انقاذها من هذا الوضع المزري ، الامل الذي ينتشلها من الظلمة الحالكة التي تطغى على المكان ، الامل في عثور أحمد عليها ، كل هذه الامال لم تعد تؤمن بها ، اصبحت تتمنى الموت كل يوم ، فالموت عندها اهون مئة مرة من هذا الذل والهوان ..

فُتح باب السجن محدثاً صرير خفيف ، ليدخل منه رجلاً ملثماً لا يرتدي الملابس الخاصة بمسؤولي السجن ، اقترب منها وهي تتكأ خلف الجدار ، ترتعش خوفاً منه ، ونهر من الدموع يتدفق من عينيها ، تمتمت بخفوت

" ارجوك لا تلمسني ، لا تؤذيني "

وما فاجئها انه ربت على كتفها بطريقة عفوية وهو يطمئنها :
- لا تقلقي ليس عندي نية كي اؤذيك ، بل جئت كي أخرجك من السجن واوصلك الى اصدقائك .

رغم صوته المألوف اليها ، لكنها لم تطمئن فعاودت التوسل مرة اخرى .....



حمل هاتفه الذي بدأ بالرنين ليرى اسم المتصل ، ارتدت ملامحه الغضب العارم وهو يجيب الاخر :
- لو لم تتصل لقلت انك خدعتني وانت تعلم عقوبة المخادعين .

- هون عليك أيها الامير اتصلت كي أخبرك ان تطلب من رجالك عدم البحث على أحمد والشابة الاخرى ، فهما في غابة آزاد الان .

- ما الذي تقوله ان رجالي يحيطون بالمدينة من جميع الجهات ، كيف استطاعا الهروب دون ان يلمحهم احد الرجال .

- لقد عادا مع كتائب مأمون

- أتعني منذ شهر

- نعم

- اللعنة عليك وعلى رجالي ، اللعنة على مأمون ، وكيف سأصل الى تلك الغابة اللعينة ، فلا أحد يعلم بطرقها سوا مأمون و كتائبه .

ابتسم الاخر بشر :
- و انا

ابتسم صلاح نفس الابتسامة :
- إذا بماذا تنصحني .

- انصحك بإرسال رجالك فورا الى الغابة ، سأتواصل معهم كي ادلهم على الطريق .

- ماذا لو علم مأمون بهم ، اظنه سيقتلهم جميعاً

- لا تقلق مولاي ، اعرف طريق آخر لا يعلم به مأمون او أي احداً اخر


بعد ان انهى اتصاله ، جلس وهو يبتسم لشدة سعادته وتراوده تخيلات عن مقتل امير ازاد ، فقد سنحت له الفرصة اخيراً للقضاء على مأمون ، فهو لم ينسى اهاناته المتكررة له ، وما تزال قدمه تؤلمه بسبب تلك الرصاصة التي اطلقها عليه امام جميع الحاضرين ، وبينما هو غارق في تخيلاته ، جاءه سلمان قائد كتيبة اسود الوغى ، وهو ينادي بصوت مذعور :
- مولاي ، مولاي

- كنت سأطلبك الان يا سلمان ، لكن اولا اخبرني ما عندك لما هذا الضجيج ؟

- مولاي لقد هربت الشابة ، لم نجد لها اثرا في السجن كله ، واظن ان من ساعدها هو أحد رجالنا الخونة .

اشتاط صلاح غضباً وبدأ يزعق بسلمان :
- تبا لكم ، حمقى لا نفع منكم ولا جدوى ، ستصيبوني بسكتة قلبية يوماً ما

تلعثم الاخير:
- ماذا سنفعل الان .

- حسناً سأجد حلاً فيما بعد ، لكن الان توجه انت وكتيبتك نحو غابة آزاد .

- لكن مولاي لاأحد يعرف طريق تلك الغابة .

- لا تقلق خذ هذا الرقم واحفظه عندك ، هو من سيدلكم على طريق سري ، وعندما تصلون الى هناك ، إياكم ان تتهاونوا او تتراجعوا ، بل اقضوا على كل من يصادفكم ، حتى لو كان مأمون نفسه .

- مولاي انت تأمرنا الان بقتل اقوى الامراء السبع ، ماذا لو علمت الجهات العليا بذلك .

- أيها الاحمق ، لا تجادلني اذهب ونفذ ما أمرتك به ، هيا .

- أمرك

كان سلمان يخزر الامير بنضرات مخيفة ، حتى لاحظ الامير ذلك ، شعر بالقلق والتردد من هذه النضرات المبهمة ، وصرخ به بصوت متحشرج :
- ما الذي يوقفك ، اذهب وقم بما أمرتك

- حاضر مولاي

بعد خروج سلمان من القاعة الكبيرة التي كان يجلس فيها صلاح ، نادى الامير على أحد رجاله المخلصين في القصر ، امره ان يرافق الكتيبة الى غابة آزاد ، ويراقب بسرية ما يحدث هناك بين سلمان و رجاله ، دون ان يجلب الانظار اليه ، فخزرات سلمان لم تكن تبشر بالخير ..


**********


شعرت غالية بالملل الكبير ، وهي تجلس دوماً في المنزل ، دون ان يسمح لها مأمون بالخروج الى الغابة ، فقد تاهت آخر مرة ، اربع مرات ، وفي كل مرة تضل طريقها ، يذهب مأمون خلفها لاعادتها ، اما آخر مرة اضاعت طريقها كان منذ يومان ، حيث عثر عليها عبدالله عندما كان يحرس الغابة ، وقد قام بتهديدها بطريقة مخيفة وفظة جدا ، مما جعل مأمون يوبخه ، و يغضب على غالية لخروجها وحيدة ، دون ان تستمع الى نصائحه ..

وها هي اليوم تسللت أيضاً الى الخارج ، دون ان تعير نصائح مأمون لها وتهديداته اي اهتمام ، ففي رأيها انها كبيرة ولا يحق لمأمون او غيره ان يتحكم بها ، ويمنعها من الخروج .

كانت الليلة مثالية للخروج ، السماء صافية تزينها النجوم اللامعة ، والقمر المنير توسد حضن السماء باعثاً أشعته الباهته نحو الارض ، الهواء العليل يداعب اوراق الاشجار واغصانها ، والمكان خالي من أي انسياً ، تسللت وهي تمشي على اطراف اصابعها خلف المنزل ، وهي تراقب المكان كاللصوص .

توجهت نحو النهر الصغير الذي يبعد عن المنزل بضع امتار ، لكنها تفاجئت بالرجل الجالس على ضفة النهر ، لذا همت بتغيير وجهتها ، لكن بعد الامعان به تبين لها انه أحمد ، فذهبت اليه لانها لم تحادثه منذ ان حبست في المنزل ، ابتسم لها وهو يدعوها للجلوس قربه ، مرت 5 دقائق وهما صامتين يطالعان النهر الجاري امامهما ، أرادت ان تتحدث اليه ، لذا رفعت بصرها اليه لتفاجئ بتلك الدموع المتكومة في عينينه ، قامت برمي حصاة صغيرة في النهر ، ثم تنهدت قبل ان تسأله :

- أحمد لماذا لا نعود الى ديارنا .

- لا نستطيع يا غالية ، الوضع خطير جداً

- أين الخطر في عودتنا .

- ان ذلك الأمير اللعين صلاح ، أرسل رجاله للبحث عنا في مدينة دلكش وحتى في اطرافها ، وان لم يعثر علينا سيرسل رجاله الى جميع المدن ، ولن يرتح له بال حتى يجدنا ويقتلنا.

غالية : لماذا يكرهنا ويفكر بالانتقام منا ، لم نفعل له شيئاً .

أحمد : صحيح لكننا نعرف مأمون ومقربون منه .

غالية بتجهم : انت هو المقرب منه ، لسنا انا و زينة .

أحمد : أعلم هذا ، لكنه يعلم ان مأمون مهتم بأحداكن ( صمت قليلاً ثم اردف ) غالية ان مأمون اقوى أمير من بين الامراء السبع ، وصلاح يغار منه جداً ، كما انه يفكر في قتل جميع الامراء وتوسيع سيطرته على جميع المدن ، انه رجل وضيع حقاً .

غالية : لا أرى هناك فرق بينه وبين مأمون جميعهم قتلة ومجرمون .

أحمد وهو معترض : لا صدقيني مأمون لا يشبه صلاح او اي احدا اخر ، انه عادل ولا يرضى بالظلم او الاضطهاد

غالية بتهكم : هه تقول عادل ، هل العدل في قتله للابرياء وقتل والداي وعمي ، وان لم يكن يحب الاضطهاد كيف يسمح باعتقال النساء وتعذيبهن ، كيف يسمح بسرقة برائة الاطفال الصغار وجعلهم قتلة ومجرمون منذ الصغر، اين هو العدل الذي تتحدث عنه ، أين ؟

أحمد : نحن بشرٌ غالية ، لا أحد مثالي ، جميعنا نخطأ وجميعنا نفعل الصواب ، ان كنت حكمتِ عليه انه قاتل ومجرم فعليكِ ان تحكمي على الجميع بانهم قتلة ، لان هؤلاء الذين لم يقتلوا بعد وانتِ منهم ايضاً لم تتوفر لكم الفرصة ، لكن لو توفرت لكم هذه الفرصة لم تكونوا لتترددوا او تتراجعوا ، كل نظام او دولة لم تقم الا على الحروب والقتل في البداية حتى صارت دولة قوية مستقرة ، ثم ان من يستحق لقب الارهاب حقاً هي الحكومات ، فبسبب ظلمهم وتعسفهم لما خرجت المئات من التنظيمات التي ادرجت تحت مسمى الارهاب ، كلنا خطاؤون يا غالية ، كلنا .

صمتت قليلا قبل ان تكمل :
- ألم تقل ان صلاح ظالم ، ومأمون لا يشبهه اذا لما لا تقضوا عليه ما الذي يمنعكم .

- لا تقلقي لدينا خطة للقضاء عليه ، لكن اولاً علينا تحرير زينة من قبضته ، كي لا يجعلها ورقته الرابحة ويحاول ان يبتزنا دوماً حتى يجعلنا نتراجع .

طأطأت رأسها بتخاذل
- اه يا صديقتي ، الله أعلم بحالكِ ، ليعينكِ على اولئك الاوغاد .

عم الصمت بينهما ، لكن تذكر أحمد شيئاً ، فأخبرها :
- أتذكرين يا غالية تلك القصيدة التي حفظناها عندما كنا في السنة الثانية ، ولم نفهم وقتها ماذا تعني ، فقد حفظناها من أجل الاختبار فقط ، دون ان نتطلع على ما ترمز اليه .

كانت تحاول تذكر اسم القصيدة وقد نجحت في ذلك ، لذا أخبرته في حماس واضح
- أتعني قصيدة ( انت منذ الان غيرك )

- أجل ، أجل ، هي

بدأ الاثنين بإلقائها معا ، دون ان ينتبها لوجود مأمون خلفهما الذي كان يستمع اليهما منذ بداية الحديث :

"

هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى ‏دمنا على أيدينا... لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟

‏وهل كان ‏علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟

‏كم ‏كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء!

‏أن تصدِّق نفسك أسوأُ من أن تكذب على ‏غيرك!

‏أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا، وقساةً مع مَنْ يحبّونَنا - تلك ‏هي دُونيّة المُتعالي، وغطرسة الوضيع!

‏أيها الماضي! لا تغيِّرنا... كلما ‏ابتعدنا عنك!

أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟
وماذا تريدون مني؟ ‏فنحن أيضاً لا نعرف.

‏أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى عابري ‏سبيلٍ ثقلاءِ الظل!

‏الهوية هي: ما نُورث لا ما نَرِث. ما نخترع لا ما ‏نتذكر. الهوية هي فَسادُ المرآة التي يجب أن نكسرها كُلَّما أعجبتنا الصورة!

‏تَقَنَّع وتَشَجَّع، وقتل أمَّه.. لأنها هي ما تيسَّر له من الطرائد.. ولأنَّ ‏جنديَّةً أوقفته وكشفتْ له عن نهديها قائلة: هل لأمِّك، مثلهما؟

‏ولولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابةٍ نبيّ، ‏ولكل صحابيّ ميليشيا!

‏أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ ‏يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى!

‏مهما نظرتَ في عينيّ.. فلن ‏تجد نظرتي هناك. خَطَفَتْها فضيحة!

‏قلبي ليس لي... ولا لأحد. لقد استقلَّ ‏عني، دون أن يصبح حجراً.

هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته - أخيه: >‏الله أكبر< ‏أنه كافر إذ يرى الله على صورته هو: أصغرَ من كائنٍ بشريٍّ سويِّ ‏التكوين؟

‏أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن، ابتسامةَ النصر عن ‏الكاميرا. لكنه لم يفلح في كبح السعادة السائلة من عينيه.
‏رُبَّما لأن النصّ ‏المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل.

‏وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة، لأنهما من جذر ‏لغوي واحد، فما حاجتنا للدولة... ما دامت هي والأيام إلى مصير واحد؟.

‏لا أستطيع الدفاع عن حقي في ‏العمل، ماسحَ أحذيةٍ على الأرصفة.
‏لأن من حقّ زبائني أن يعتبروني لصَّ أحذية ـ ‏هكذا قال لي أستاذ جامعة!.

>‏أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن ‏عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ<. ‏ هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية ‏الجديدة، في أقبية الظلام.

‏من يدخل الجنة أولاً؟ مَنْ مات برصاص العدو، أم ‏مَنْ مات برصاص الأخ؟
‏بعض الفقهاء يقول: رُبَّ عَدُوٍّ لك ولدته أمّك!.

‏لا يغيظني الأصوليون، فهم مؤمنون على طريقتهم الخاصة. ولكن، يغيظني أنصارهم ‏العلمانيون، وأَنصارهم الملحدون الذين لا يؤمنون إلاّ بدين وحيد: صورهم في ‏التلفزيون!.

‏سألني: هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته ‏الصيفية في الريفيرا الفرنسية أو الايطالية.. لا فرق؟
‏قُلْتُ: لا يدافع!.

‏وسألني: هل أنا + أنا = اثنين؟
‏قلت: أنت وأنت أقلُّ من واحد!.

‏لا ‏أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف. ولكني أخجل من بعض ما جاء في مقدمة ابن ‏خلدون.

‏أنت، منذ الآن، غيرك!

"

صمت الاثنين وهما يطالعان القمر ، كانا يبتسمان له وكأنه قد سمع قصيدتهم فصفق لهما ، على هذه الرائعة التي القوها ، حتى نطق ثالثهم وهو يجلس قرب أحمد دون ان يأخذ إذنهما :
- انت منذ الان ، انت .... ليس غيرك ، طالما فقت اخيراً من غيبوبتك الذهنية .

تفاجئ أحمد لوجوده ، لكنه لم يعترض ولم يبدي اي رد فعل غاضب ، بل تحدث موجهاً حديثه الى مأمون :
- عندما انضممت الى الدولة الاسلامية ، وبدأت حروبنا ضد الحكومة والابرياء ، فأصبحت لا افرق بين الظالم والمظلوم ، اقتلهما معاً ، دون ان آبه ان كان هذا الخطأ او الصواب ، تذكرت هذه القصيدة وبدأت ارددها حتى فهمت محتواها وما ترمز اليه .

بدأ مأمون يردد بعض من الابيات التي ، ذكرته بماضيه في مراهقته :
- >‏أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن ‏عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ<. ‏

اما الاخيرة ، استقامت وهي غاضبة جدا ، وتطالع مأمون بغلٍ واضح ، صرخت في وجهه تحت ذهول الرجلين معاً :
- في المرة الثانية ، لا تحشر انفك فيما لا يعنيك ، فالتنصت الى أحاديث الناس ، عادة سيئة حاول التخلص منها ، وايضاً اطلب الاذن منا قبل ان تجلس بقربنا ، شخص بغيض .

ابتعدت عنهما وهي تتمتم لنفسها بغضب

" كم امقت هذا الرجل "

لكنه لحق بها والغضب يعتريه ، أمسكها من ذراعها بشدة ودفع بها نحو احدى الاشجار ، وعيناه تتطاير منهما شظايا الغضب :
- أتكرهيني الى هذا الحد ؟

اجابته وعيناها امتلئت بالدموع :
- بل اكثر مما تتخيل ، امقتك ، واحتقرك ايضاً ، أيها اللعين .

راقبته وهو يرفع ذراعه في الهواء ، لذا اغمضت عينيها في خوف وهي تغطي وجهها بكفها ، لكنه توقف فجأة وقد وعي لما يحاول فعله للمرة الثانية .
فتحت عينيها لتراه ما يزال قابض يده بقوة ، وبدل ان يضربها قام بضرب جذع الشجرة ، ليخدش جلده ويسيل منه الدماء ، رفع سبابته مهدداً :
- أخبرتك ان لا تلعني ثانية .

وابتعد تاركاً إياها متسمرة في مكانها تحت وقع الدهشة والذهول ، لم تعي ما قاله للتو ، وقد اختلطت عليها الافكار والاوهام ، لكن اعادها الى الواقع ذلك الرجل الغريب الذي يختبأ بين الاشجار ، والذي يبدو عليه انه يلاحق مأمون ويراقبه ، صعقت وقد لاحظت نصل السكين في يده الذي انعكس عليه ضياء القمر ، صرخت بأعلى صوتها :
- مأمون انتبه خلفك .

التفت بإستغراب ، ولم يجد شيئاً ، حتى ظهر ذلك الرجل المختبأ بين الاشجار خلفه ليقوم بخنقه بقوة ، بدأت غالية بالصراخ عل أحمد يسمعها ويأتي اليها ، وقد لاحظت سقوط شيئا ما من رقبة مأمون ، الذي كان يجاهد لفك خناق هذا الرجل ، حتى قام بطعنه بسكينه الحاد في بطنه ، لحقتها طعنة اخرى في ظهره .
اشتد صراخ غالية وقد سمعها أحمد الذي جاء مسرعاً ، ليفاجئ بهذا المشهد امامه ، اخرج سلاحه من بنطاله وقام بتوجيه فوهته نحو قدم الرجل حتى يبتعد .
وفجأة .... طلقة نارية ظهرت من بين الشجر اخترقت رأس ذاك الرجل لترديه قتيلاً ، هرول أحمد مسرعاً نحو تلك الاشجار ، وهو يصرخ

" من هناك ، اظهر نفسك "

- اخفض سلاحك انه أنا .

- سلمان ما الذي تفعله هنا .

- انها قصة طويلة ، دعنا نعالج الامير اولا ، ثم سأخبرك بالامر المهم .

رفع الرجلان الامير المصاب ، حيث جعلاه يتكأ على كتفيهما ، وقد نضحت ملابسه بالدماء ، وبدأت بالسيل على الارض ، ثم ابتعدوا تاركين غالية متسمرة مكانها والدموع تغطي وجنتيها ، وهي ما زالت ترتعش رعبا بسبب هذا المشهد الاجرامي الذي حدث للتو ، اقتربت من مكان سقوط مأمون على الارض ، وقد شدها هذا الشيء اللامع رغم تلطخه بالدم ، انتشلته من الارض ورفعته نحو ضوء القمر لتجده قلادة مكونة من سلسلة ذهبية يتصل بها دب صغير يتوسط بطنه حرف G

فغرت فاهها على أكمله ، وقامت بوضع يدها على فمها لهول المفاجأة ، شعرت بتزايد ضربات قلبها المرتفعة ، كأنها تحولت الى طبولٍ ، ثم اجهشت بالبكاء المرير وهي تشعر بالاختناق فلم تعد قادرة على التنفس ، تمتمت بخفوت وقد بدأت تضحك على حالها وتتألم أيضا لشدة الوجع الذي يعتصر قلبها :

" انه ، هو "

يتبع .....



********

كيف حال الجميع
رايكم بالبارت والاحداث ، وكيف هي طريقة السرد اشعر انها متكررة بشكل ممل 😢

* القصيدة ( انت منذ الان غيرك ) للشاعر الكبير محمود درويش *

لكن لم اكتب اسمه لاسباب تتعلق بالرواية ، فهي خيالية ، ولا يصح ان اكتب اسم شاعر معروف في رواية جميع شخصياتها واماكنها من الخيال

دمتم بخير اين ما كنتم اعزائي
❤❤❤

Continue Reading

You'll Also Like

440 99 13
كان واقعي موؤلم لدرجة اني كنت اكره نفسي لعيشي هاذا الحياء كان حبي وعشقي الذي احببتا منذ الصغر لغيري كنت في كل مرة احاول النسيان والتغاضي عنة لاكن لا...
21K 947 3
- بـعَد تععَب سنين وگف كُدامي دموععي شلالت احس نفسي حققت أَكبر أَنجاز بَـ حياتي من شفته بـ الـبدله العسكرية! وگف ودك تحيية وهو يبتسم: مشتااااقلچ وا...
1.4K 142 12
بـقـلم:الـكـاتـبـه زهـراء الـ تميم 🤍. {الام،انكسار،فقدان،حزن،حب،كره،اجبار،عنف} نبذه عن القصه:فتاة تحب والدها وتتعلق بيه ويموت ويربيها صديق ا...
532K 29.4K 53
[متوقفة مؤقتًا!! تستأنف في تموز] ليتيزيا، ذات الستة عشر عامًا سمعت خطة والدها بتزويجها من رجل مافيا خمسيني فقط من أجل العلاقات ما بين العائلتين. تخض...