حب تحت راية داعش

Od asooma-hd

311K 11.3K 3.2K

هذه قصة حب لا تشبه اي قصص الحب الاخرى .. بين ارهابي قاتل وشابة عشرينية الهوى تحيا سعيدة بين اهلها واصدقائها... Více

البارت الاول : المقدمة
بارت 2 : عمل جديد
بارت 3 : صدمة
بارت 4 : صدمة 2
بارت 5 : حب في زمن الحرب
بارت 6 : ذكريات
بارت 7 : لقاء غير متوقع
بارت 8 : غريب الأطوار
بارت 9 : ناريستان
بارت 10 : ناريستان 2
بارت 11 : ذكرى العيون الزيتية
بارت 12 : فقدان و رحيل
بارت 13 : الإرهاب يباعد الأصحاب
بارت 14 : الارهاب يباعد الاصحاب 2
بارت 15 : حفل الخطبة
بارت 16 : سنة جديدة
بارت 17 : حرب السلام وبداية الظلام
بارت 18 : بداية الظلام
بارت 19 : غربة وطن ( أُمّ )
بارت 21 : أحداث دامية
بارت 22 : خيانة و مهانة
بارت 23 : المواجهة ( استبانة الحقيقة )
اعلان هام
بارت 24 : عودة شبح الذكريات
بارت 25 : حياة جديدة
لمن يهمه الامر
اعلان هام
اعلان هام لكل القراء الاعزاء
شكر عام

بارت 20 : عمل و أمل

6.7K 345 142
Od asooma-hd

استيقظت صباحاً ، قامت بالاستحمام ، وتغيير ملابس النوم الى اخرى فضفاضة تناسب قوانين التنظيم ، لكنها لا ترتدي النقاب ، ولا تريد اخفاء وجهها خلف قطعة قماش سوداء ، لا يهمها ان رفضوا هذا ، فهي امراة متمسكة بقناعاتها .

كانت زينة قد سبقتها الى تحت ، ولم تطول المدة حتى لحقتها غالية الى الدور الاول ، حيث كانت الفتيات مرتديات الجلابيب السوداء الفضفاضة ، ونقبهن تغطين وجوههن ، وهن مستعدات لمزاولة اعمالهن .
بعضهن كن يراقبنها بغضب ، كيف تجرأ على مخالفة الاوامر العليا ، وعدم ارتداء نقاب او جلباب طويل ، حيث كانت تغطي شعرها بحجاب عصري ، بلون ازرق قاتم جدا مائل الى السواد ، وتنورة طويلة من نفس اللون ، مع قميص اسود فضفاض قليلاً ، بدأن يتهامسن فيما بينهن ، حتى انتبهت لهن مديرة النزل والمسؤولة عنه ، وقد وصلت الى مسامعها بعض الجمل :
" انظرن ماذا ترتدي غالية "
" كيف تخالف اوامر قيادتنا "
" لماذا لا تحاسبها السيدة كريمة "
ان تمرد غالية على الاوامر ، ستثير ضجة كبيرة بين الفتيات الاخريات ، و ربما غيرتهن فيبدأن بتقليدها او منافستها .
أرادت غالية الخروج ، لكن اوقفها صوت المديرة
- توقفي عندك غالية .

توقفت غالية و استدارت الى السيدة كريمة الغاضبة ، وقع بصرها صدفة الى بعض الفتيات اللواتي يبتسمن بشر لها ، لكنها عاودت النظر الى السيدة الكريمة مرة اخرى ، وهي تنظر لها ببرود تام لتجيبها ب " نعم "
- لماذا لا ترتدين نقاب او جلباب طويل ؟
- لا ارى مخالفة في ملابسي ايضا ، اما النقاب لا احبه لماذا اخنق نفسي خلف قطعة قماش سوداء تحجب عني ضوء الشمس والهواء .
- وتجادليني أيضا ، هيا اذهي و غيري ملابسكِ
- لن اغيرها
- قلت اذهبي هيا
( قالتها وهي تصرخ باعلى صوت ممكن ، لكن مايغضبها اكثر نظرات غالية الباردة لها ، كانها خالية من اي مشاعر ، الخوف - التوتر - القلق ، كل هذه المشاعر لا توجد بهاتين عينين )

غالية : أخبريني سيدة كريمة ، هل علي ان ارتدي النقاب ، لان رجال دولتكم زائغةٌ أبصارهم ، ولا يستطيعون خفض بصرهم عن النساء ؟

اجابتها السيدة بغضب اكبر :
- كيف تجرأين على قول هذا ، ان رجالنا همهم الاول والاوحد الجهاد في سبيل الله من اجل اعلاء راية الاسلام من جديد ، بعدما اسقطتموها انتي وامثالك في الوحل .
- حسناً ٱذاً لن ارتدي الجلباب ولا النقاب ، ان كنت واثقة هكذا برجالكم ، استودعكِ الله .

لحقتها زينة التي كانت ايضاً لا ترتدي النقاب ، لكن لا يحاسبوها فهي ما زالت جديدة على الاسلام ، وما زال هناك الكثير امامها لتتعلمه ، كانت متفاجئة لشجاعة وصلابة غالية ، لكنها على الرغم من ذهولها واعجابها بصديقتها ، الا انها حزينة لاجلها ، فقد اصبحت كالصنم متجمدة  المشاعر ، بليدة المرح ، خافتة الابتسامة .

بينما كن يسيرن جنب بعض ، توقفت امامهن فتاة مع تابعتيها المخلصتين ، وهي موجهة حديثها الى غالية " اعدكِ بانكِ ستندمين " ، علمت غالية من تكون هذه رغم النقاب الذي يغطي وجهها ، انها سارة : شابة تبلغ من العمر 25 من مدينة دلكش اسرتها جميعها من داعش ، واخيها الكبير سلمان قائد كتيبة أسود الوغى اقوى الكتائب في دلكش ، هذا مايجعلها متفاخرة دوما ، اما تابعتاها فهن صديقتاها وجاسوستيها نجلاء و تهاني ، قالت لها غالية بتنهد وتهكم واضحين :
- يا الهي ، المشاكل بذاتها تقف امامي .

اجابتها الاخرى بتهكم أيضا :
- هه يبدو ان حجزك وتعذيبك لم يؤثر بك ايضا ، هل أخبرهم ان يزيدوا مدة تعذيبكِ في المرة القادمة ؟

حديثها وسخريتها اللاذعة اغضبت زينة ، لكنها استطاعت ان تكتم غضبها وتسخر منها بدلا من ذلك قائلة :
- ابتعد عن طريقنا ، ايها الغراب ، يا كتلة السواد فمنظرك يبعث الشؤوم فينا .

لم تستطع غالية كتم ضحكتها اكثر ، هذا ما اغضب الاخرى وقامت بتوجيه سبابتها الى زينة :
- اسمعي أيتها الحسناء ، لا تتدخلي فهذا افضل لكِ ، والا ستلحقين صديقتكِ في حجزها التالي .

وبينهما هن كذلك ، تقدم اليهن شاب وسيم ، ترتدي ملامحه رداء الحزن والغضب ، كان يرفع لثامه عن وجهه ويضعه فوق رأسه ، قام برفع حاجبه متسائلاً :
- أهناك مشكلة أيتها الاخوات ؟

تركتهم ذات الاسود وابتعدت دون ان تجيبهم لتلحقها تابعتيها ، ردت عليه زينة وقد اشاحت وجهها بعيداً عنه :
- لا توجد اي مشكلة ، كنا نتناقش عن اعمالنا .
وابتعدن مسرعات الخطى

بعد ابتعادهن كان الشاب واقفاً ما زال يطالع اثرها ، وهو يقول بإندهاش وعجاب " سبحان الله " .

بعد وصولهن الى المدرسة ، افترقن لتجد كل واحدة منهن قاعتها ، كانت المدرسة حديثة البناء تتكون من ثلاث طوابق ، قاعاتها كبيرة ، تحتوي على المراوح والمكيفات الهوائية ، فيها ساحة كبيرة جدا ، ليلعب فيها الاطفال والصبية ، اما الدور الثالث فهو يحتوي على غرف كثيرة للطلبة ، فالبناء عبارة عن مدرسة وميتم لعدم وجود منازل تأوي اليتامى ، لم تكن مهتمة بالبناء والزخارف الاسلامية التي تزين الجدران ، جل اهتمامها كان يتمحور حول هؤلاء الايتام ، تطالع وجوههم الصغيرة البريئة ، ماكان ذنبهم ليفقدوا ابائهم وامهاتهم ، انهم يشبهوها الان ، وحيدون دون سند او عضد ، في عيونهم بريق مزيج من خوف مجهول ، وحده الله يعلم ماذا رأوا ، أيعقل انهم شاهدوا اهلهم يقتلون امامهم ؟ مثل ما شاهدت والدتها وهي تقتل امامها وتناثرت دمائها الطاهرة في المكان وسالت على الثرى ، ولانهم أصغر من ان يعوا ويفهموا هذا ، فقد غدت اعينهم تصرخ وتستغيث لكل قادم اليهم ، شعرت ان عليها مساعدتهم ، ان تصبح هي المسؤولة عنهم ، لا تريدهم ان يفقدوا طفولتهم وبرائتهم ، ويصبحوا ارهابيين منذ صغرهم ، لاتريدهم ان يوقفوا احلامهم وامانيهم ، انهم يستحقون طفولة جميلة ومستقبل باهر ، وعليها هي ان تبذل الغالي والنفيس كي تمنع عنهم ظلم الارهاب الغاشم .

دخلت الى القاعة وهي تطالعهم بعينين دامعتين ، لكنها لن تبكي ، لا تريد ان تخيف الاولاد في اول يوم لها ، القت التحية عليهم وقد ارتسمت على محياها ابتسامة لطيفة :
- السلام عليكم ، صباح الخير يا اطفال

ردوا عليها جميعهم بصوت منتظم :
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، صباح النور
- انا معلمة اللغة الانكليزية  ، ادعى غالية
اجابوها بنفس وصوت واحد :
- اهلا وسهلا استاذة غالية ، تشرفنا بكِ
- حسناً صغاري ، اريد التعرف عليكم ، ما اسماؤكم ؟

قاموا الطلاب بتعريفها باسماؤهم واحداً تلو الاخر ، وقد قضت غالية اوقات سعيدة في اول يوم لها ، لم تقم بتدريسهم ، كانت تود التقرب منهم اولاً ، والتعرف بهم ، حتى يطمأنوا لها منذ البداية ، ان رؤية ابتسامتهم الصادقة وسماع ضحكاتهم الصاخبة بعثت في نفسها الاطمئنان والسعادة والامل ايضا .

انتهى وقت الدوام ، وقد خرجت المعلمات من المدرسة ليعدن ادراجهن الى النزل ، كل واحدة منهن سعيدة بعملها رغم اختلاف اهدافهن ، طلبت زينة من غالية ان يذهبن للتسوق قبل العودة الى النزل ، لم تكن هناك سيارات اجرة كثيرة لايصالهن ، فكان لا بد من المشي ، لم ترفض غالية الفكرة بل راقت لها ، لكنهن بعد مدة تعبن من المشي المتواصل ، ومازال الطريق طويل الى السوق ، فجلسن على احدى المصطبات القابعة على الارصفة للاستراحة ، لكن توقفت امامهن سيارة حديثة ، وقد ترجل منها نفس الشاب الذي تحدث معهن في الصباح ، سألهن :
- هل تودن ايصالكن الى اي مكان ؟
طالعته غالية بمقت شديد واشاحت وجهها عنه وهي تنطق بالرفض " لا شكرا " ، لكن زينة اجابت بخجل "  نعم ، ممكن ؟ " ابتسم هو في المقابل لها واجابها " نعم ممكن ، تفضلن "
، غالية غضبت جدا وقد همت بالعودة لكن زينة اوقفتها قائلة :
- بحق الله غالية ، اين سنجد سيارة اجرة لايصالنا الان ، الوقت ظهرا ، ولن نستطيع الخروج لاحقا ، هيا ارجوكِ .
- اه ياربي ساعدني ، حسنا ، فقط اصمتِ ولا تثرثري كثيرا
( قالتها وهي تتنهد )
ابتسمت زينة في المقابل لها وهرعت راكضة الى السيارة لتلحقها غالية وهي ما زالت تتنهد .
طوال الطريق وهذا الشاب يسترق النضرات الى زينة من حين الى اخر وقد انتبهت له غالية ، في البداية انزعجت منه جدا ، لكنها بعد ذلك أحست بانه قد اعجب بزينة ، فمن غيرها يستطيع فهم تلك النظرات ، فقد عاشت تلك اللحضات وشعرت بمدى روعتها من قبل .
قبل ان يصلن الى السوق ، استجمع شجاعته ليسألهن :
- لا تبدون من دلكش ، فالفتيات هنا لا يرتدين هكذا ؟
اجابته زينة وهي تبتسم دون ان تنظر له :
- أجل نحن من السلام ، اما بالنسبة الى الزي ، طالما هو يسترنا ولا يظهر انحنائات جسدنا فلماذا لا نرتديه ، هل ترانا مخالفات فقط لاننا لانرتدي الجلباب ، او النقاب ؟
- انا كرأي شخصي ، اراها مناسبة ولا يعيبها شيء ، ولا حتى مبهرجة تجلب الانتباه

قام بايقاف السيارة عند مدخل السوق ، أخبرهن بانه سينتظرهن حتى ينهين تبضعهن ، ليقوم بايصالهن مرة اخرى ، وبعد ساعة عدن محملات بالاكياس ، لم يتحدث اي شخص منهم عند العودة الى النزل ، لكن قبل ترجلهن من السيارة ابتسم ابتسامة لطيفة و قال :
- بالمناسبة انا يوسف وانتن ؟
- تشرفنا اخ يوسف ، انا زينة وهذه غالية ، والان استودعك الله .

عند دخولهن الى النزل ، استقبلتهن السيدة كريمة بأسألتها المزعجة " لماذا تأخرتن ؟ أين كنتن كل هذا الوقت " ويبدو من صوتها انها غاضبة ، زينة تخاف منها كثيرا لهذا بدأت تتلعثم امامها
" كن .....كنا ، في .... في السوق "
- حسنا ، اصعدن الى غرفتكن ، وفي المرة القادمة اخبراني ، حتى ابعث مساعدتنا معكن .

كانت الفتيات متعبات جدا ، بسبب اول يوم للعمل ، لذا تناولن غدائهن ، وتوجهن لاخذ القيلولة ، بعد ساعتان استيقظن لاداء صلاة العصر ، وقد طلبوا منهن ان ينزلن الى القاعة ، لبدأ المحاضرة ، فقد تغيرت اوقاتها ، واصبحت فقط ساعتان ، عند العصر تبدأ في الرابعة وتنتهي عند السادسة .

******

مرت الايام والاسابيع ، وما زال الروتين لم يتغير ، كانت الفتيات سعيدات جدا باعمالهن ، كلا منهن تمارس عملها الذي تحبه ، الطبخ ، التعليم ، الخياطة ، الكتابة ، طبيبات مبدتئات ، او مساعدات طبيب ، محاسبات وحتى سكرتيرات ، وفر لهن التنظيم كل الاعمال التي يفضلنها ، مع مرتبات ثابتة كل شهر .
ولم يكن هناك اي جديد ، في الصباح تذهب الفتيات الى اعمالهن ، وفي المساء تبدأ محاضرتهن على ايدي استاذات مختصات بتدريس الفقه الاسلامي ، وشرح نصوص القران ، وتوضيح احكام الاسلام ، رغم السعادة البادية على وجوه الفتيات الا انهن حزينات ومهمومات دوما ، فقلوبهن ما زالت مجروحة لفقدان الاهل والاقارب والاصدقاء ، لكنهن لا يستطيعن البوح بهذا ، كل واحدة منهن تكتم جراحها واحزانها لنفسها ، لكن غالية رغم سحابة الحزن التي تحوم فوقها ، وكتلة الهموم التي تشغل الحيز الاكبر منها ، الا انها وجدت عزائها الوحيد باولئك الايتام ، اصبحوا هؤلاء الاطفال هم مصدر سعادتها ، قد توطدت علاقتها بهم ، وبدأ جميع الطلاب بالتعلق بها وحبها ، فقد عوضتهم عن حنان الام الذي فقدوه بسبب الارهاب .

********

بسم الله الرحمن الرحيم
( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) ) النساء

مالكم يا مسلمين لا تقاتلون في سبيل الله وفي سبيل نصرة المظلومين والضعفاء من الرجال والنساء والاولاد ، الذين يدعون الله ان يأتيهم من عنده ولي ونصير ، وان كنتم مؤمنين حقا وتصدقون بما امركم به ربكم ، عليكم ان تقاتلوا في سبيل الله وليس في سبيل الشيطان ، وان تقاتلوا اتباع الشيطان أيضا ، فهناك من الناس يخافون اناس مثلهم كخوفهم من الله وربما اكثر ، ويقولون لماذا امرنا الله بالجهاد لماذا لم يأخرنا الى حين ، لكن متاع الدنيا قليل ومتاع الاخرة خيرا وابقى ، وانتن ترين عزيزاتي ان رجال دولتنا الاسلامية اليوم اعز الله شأنهم ، كيف انهم تركوا متاع الدنيا القليل ، وتنازلوا عنه ، من اجل متاع الاخرة ، الموت في سبيل الله ليرزقوا بالجنة ويحسبوا عند الله شهداء ، هذا هو متاع الاخرة الابدي ، هل هناك سؤال او اضافة ؟

قامت سارة برفع يدها لتأذن لها الاستاذة حفصة بالتحدث :
- استاذة ان اخي سلمان اخبرني بانه عندما كان يحارب الفئة الباغية ، تعرض لجرح كبير في ذراعه منعه حتى من استعمال السلاح ، لكنه اخبرني انه لم يهتم وقد واصل الجهاد وانه لا يخشى الموت وامنيته الشهادة ..........
وقد واصلت حديثها عن بطولات اخيها حتى شعرت الفتيات الاخريات بالملل  ، فهي تكرر نفس الاحاديث كل يوم .

همست زينة الجالسة قرب غالية في اذن الاخيرة " الرحمة ، ما هذه ، الا تكف عن المفاخرة باخيها "
همست غالية في اذن زينة وهي تبتسم بخفوت
" صدقا افكر في اقتلاع لسانها كي لا تتحدث مرة اخرى " ولكن ما فاجئها واحرجها صوت ضحك زينة العالي الذي وصل الى مسامع الاستاذة و سارة التي صمتت تطالعها بحقد واضح .

غضبت الاستاذة من زينة وقامت بتوبيخها امام الفتيات :
- زينة اخبريني ما الذي يضحككِ هل الموضوع مضحك ، ام انك تسخرين من تعاليم الدين الاسلامي

تلعثمت زينة وهي تجيبها
- لا سيدتي ليس هذا مااضحكني
- اذا ماذا ؟ هيا اخبرينا كي نضحك معكِ
- انه ، انا ، اممممم

انقذت غالية الموقف ، وقد همت بالتحدث :
- استاذة انا من اضحكتها ، اخبرتها بان سارة ما تزال تعاود نفس الاحاديث كل يوم ، حتى اننا حفظناها عن ظهر قلب

بدأت جميع الفتيات بالضحك والتبسم ، فكلام غالية صحيح ولا يعول عليه ، حتى ان نجلاء وتهاني لم تستطيعا كتم ضحكتهما ، لكن مااخافهن هو نظرات الغضب في عينين سارة لهن ، والمفاجئة كانت ان الاستاذة حفصة ولاول مرة لم تغضب كعادتها من غالية ، بل بدأت بالضحك معهن ، وقد طلبت من سارة ان تجلس مكانها .

انتهت المحاضرة ، و ارادت الفتيات الخروج ، لكن الاستاذة اوقفتهن واخبرتهن ان السيدة كريمة لديها بشرى سارة لكن ، تحدثت كريمة لتستمع لها الفتيات بتمعن   :

- لقد علمنا من قياداتنا العليا ان مدن الجنوب الثلاث جميعها اصبحت تحت ظل دولتنا الاسلامية المباركة ، ولقد قمنا باسقاط الحكومة الحالية ، وانتهت الحرب بنصر مبين من عند الله ، والاسبوع القادم ستعود جميع كتائب دلكش المجاهدة ، معهم امير ازاد تصحبه كتائبه المقاتلة وبقية الامراء المنصبون حديثاً على مدن فيروزة والنصر والياقوت ، سنقيم احتفالا كبير بنصرتهم ، وعلينا اقامة مأدبة عظيمة لهم ، ومن يرغب منهم بالزواج من احداكن سنزوجه على بركة الله ورسوله ، فما اروع واحب الى الله من ان تتزوج المرأة برجل مجاهد يخدم الاسلام ويرخص الغالي والنفيس لاجل دينه .
وطلبت منهن ان يكبرن فرحا وسعادة .

كان هذا الخبر كالصاعقة في قلوب الفتيات اللواتي تم اسرهن وجلبهن عنوة الى هنا ، كغالية وزينة وبعض الفتيات ، هل قدرهن المحتوم هو الزواج من رجل ارهابي ظلوم ، ما تزال يداه ملوثة بدماء الابرياء ، و ملابسه تفوح منها رائحة الجثث التي قام بقتلها ، اي قدر هذا المشؤوم واي حياة تلك التي سيعشنها بهموم ، لكن ما زاد خوفها وحزنها عندما تذكرته ، لقد أخبرها انه يقاتل داعش ومطلوب من قبلهم فهل يعني هذا انه قد مات او أمسكوا به ؟ 

******

كان في هذا النزل قاعة كبيرة جدا اشبه بالكافتيريا ، مخصصة لتناول الطعام ، فيها 5 طاولات خشبيات مستطيلات الشكل يبلغ طول كل طاولة 8 امتار و الكراسي مرتبة بشكل منظم كل فتاة تجلس امام اخرى تقابلها ، اجتمعت الفتيات لتناول طعامهن حيث تجلب كل واحدة منهن الطعام الخاص بها وتتخذ لها مقعداً على احدى الطاولات ، لكن هذه المرة ، كانت طاولة غالية وزينة التي اعتدن الجلوس عليها محجوزة كلها ، فما كان منهن الا ان يجلسن مقابلات لسارة وصديقتاها ، تسائلت احدى الفتيات وهي تهاني :
- أخبرينا غالية ، لقد سمعت ان ابن وزير الداخلية ، كان في جامعتكِ ، هل تعرفيه ، هل التقيتي به من قبل ؟

لكن حديثها اغضب زينة جدا ، وقد شعرت بالغيرة ، فهي ما زالت تحبه ، وتظن بانه يبادلها نفس المشاعر ، ولا يحق لاي فتاة غيرها ان تتحدث عنه ، فما كان منها الا ان تحدثت بغضب واضح :
- في الحقيقة نعم ، لقد كان صديقنا المقرب منذ السنة الاولى

ابتسمت سارة لتغيضها فقد لاحظت كيف انها غضبت بسبب التحدث عنه وهذا يعني انها مهتمة به :
- هه قلتِ كان ، والان ؟

صمتت زينة ولم تجيبها ، فاغتنمت سارة الفرصة مرة اخرى لتغيضها :
- اخي اخبرني انه شاب مميز ، وشجاع ايضا لا يهاب الموت ، وقد ترك كل متع الحياة ولذائذها من اجل الدين ، منزله ، الفتيات ، المال ، الشهوات وحتى الاصدقاء هه ( وقد قامت بالضغط على اسنانها عند اخر كلمة لتغضب
زينة )
وقد نجحت في هذا وها هي زينة تترك طعامها وتتوجه خارجة من غرفة الطعام والغضب يعلو وجهها ، اما غالية فكانت هادئة كعادتها ولم تهتم بحديثها التافه .

أكملت الاخرى وهي نجلاء : انا اتمنى ان اتزوج من امير ازاد مأمون ، لقد سمعت انه وسيم جدا وغامض وقليل التحدث ، واقوى امير من بين الامراء

ان حديثها عنه جلب لغالية الحزن والكدر ، فقد لاحظت ان صفاته تشبه صفات ذاك الغائب الباذخ ، الذي اصبح الان في عداد الاموات ، فلا يعقل انهم سيطروا على كل المدن ولم يمسكوا به
، لم تستطع هي الاخرى تناول طعامها لذا تركت القاعة وتوجهت الى غرفتها .

********

مر الاسبوع بسرعة ، زينت دلكش باعلام النصر والزخرفة والزينة والورود ، النساء تهلل فرحا ، والرجال يكبرون فخراً بالنصر ، وقد عادت الكتائب المجاهدة لكنهم فقدوا الكثير من رجالهم ، اما الامراء الاربعة فقد كانو جالسين في احدى سيارات الجيب الحديثة التي زينت برايتهم السوداء ، وبعض العبارات الاسلامية ك الله اكبر ، والشهادتين ، وقد كان اغلب الرجال مصابين بجروح وطلقات نارية ، لذا قبل كل شيء ارسلوهم الى المستشفيات ليتعالجوا هناك ، ويقوموا بتضميد جراحهم ، وقد كان أحمد من ضمن المصابين .

كانا اميرا دلكش والرفيف ( صلاح و ذمار )  بانتظار الامراء الجدد ليتعرفوا اليهم ، وها قد التقوا جميعهم ، حيوا بعضهم بتحية الاسلام ثم طلب منهم صلاح ان يتفضلوا الى قصره .

قام مأمون بتعريف الامراء الجدد الذين نصبهم على المدن الثلاث :
ادم : امير مدينة الياقوت رجل في العقد الخامس من عمره يبدوا على هيئته الوقار والهيبة كان ضابطٌ في الجيش ، لكنه بعد تقاعده قرر الانضمام الى الدولة الاسلامية بعدما قام بالبحث عنها ودراسة اهدافها التي تتداخل مع اهدافه بالسيطرة والنفوذ .

عزيز : امير مدينة النصر يبلغ من العمر 35، على وجهه اثار خدوش وجراح كثيرة بسبب التعذيب المستمر في سجون الحكومة ، فقد كان طالب علم في أحد المساجد ، وقد قام الجيش بالقبض على جميع الشباب في هذا المسجد ، بتهمة انهم ارهابيون ويتجمعون في المساجد للتخطيط ومحاولة اسقاط الحكومة ، قاموا بتعذيبهم اسوأ انواع العذاب مما ولد عندهم الحقد والكراهية تجاه الحكومة وهذا ما دفعه للانضمام الى داعش هو ومن معه .

محمود : امير مدينة فيروزة يبلغ من العمر 41 ، عندما كان شاب قام أحد رجال الاعمال باغتصاب اخته الصغرى التي كانت تعمل في شركته ، وعندما بلغ عنه عند الحكومة قام هذا الرجل بدفع رشاوي بالملايين الى القاضي والمحامين والضابط المكلف بالتحقيق عن القضية ، وقام بتحويل التهمة ضد محمود واخته ، لذا قامت الاخيرة بالانتحار بعد ان لوثوا شرفها ، وقد اقسم محمود بان يأخذ بثأره منهم ، وبعد انضمامه الى داعش وفى بقسمه و وعده ، فقد قام  برجم رجل الاعمال حتى الموت ، اما القاضي فقد قام بنحره وقطع راسه ، والمحامين والضابط المسؤول قام بتفجيرهم بوضع عبوات لاصقة تحت سياراتهم لتنفجر بهم في قارعة الطريق .

وبينما هم جالسون في قاعة الاجتماعات ، قدم اليهم امير السلام السيد حسن وقد استقبله امير دلكش صلاح بابتسامة مخيفة وبلسان معسول ، فهو يطمع بالحصول على ثروته ، منذ ان سمع بانضمام احمد اليهم .
كانت تبدو على وجهه علامات الخوف والقلق ، فقد سمع بما اصاب ولده في المعركة ، حيث تعرض الى اصابة خطيرة في ساقه وقد نقل فورا الى احدى المستشفيات ، اخبرهم قائلا :
- اريد رؤية ولدي حالا

اعترض صلاح وهو يتملقه :
- ارجوك تفضل اولا وتناول القهوة معنا ثم اذهب لرؤية ولدك ، صدقني انه يتعالج تحت اشراف افضل اطبائنا .

- اسف لم آتي لتناول شيء ، اتيت لرؤية ولدي اولا ، والامر الاخر الذي دفعني للمجيء انقطاع اخبار الفتاتان عني ، اريد الاطمئنان انهن بخير و لقائهن ، ان كن ما زلن على قيد الحياة طبعا ، ولم تقتلوهن .

لفت هذا الامر انتباه مأمون ، هو يعلم جيدا ان احمد لا يملك اخوات فعن اي فتيات يتحدث ، تقدم اليه وقد اقترح ان يذهبا سويا لرؤية أحمد ، ومما يبدو من اهتمام مأمون بأحمد انهم اصبحا مقربين ، فمأمون لا يهتم باي احد الا من يعنيه امره ، طلب مأمون من السائق الخاص بهم ان يتنحى فهو من سيقود السيارة وقد جلس بالقرب منه السيد حسن  .

بعد وصولهما الى المشفى ، دخلا الى الردهة التي يقبع فيها أحمد وهو تحت تأثير المخدر ، كانت حالته يرثى لها ، جسمه مغطى بالجروح والكدمات ، يده اصيبت بجراح بالغة وقد لفت بالشاش ايضا ، اما قدمه فقد كانت ملفوفة بجبيرة بسبب تلف عظم الساق ، عندما رآه والده بهذه الحالة ، انتابه خوف وذعور ، لكن مأمون طمأنه قائلا :
- لا تقلق عليه انه شاب قوي ، سيشفى ان شاء الله ، لكنه يحتاج وقتٌ طويل للراحة ، عليك ان تدعو له ، دعنا نعود اليه غدا ربما نجده مستيقظ ، اما الان علينا العودة الى قصر صلاح .

اومأ حسن موافقا وانطلقا عائدين الى القصر
.

في الطريق لم يستطع مأمون الصمت وقد غلبه فضوله هذه المرة فسأله :
- أخبرني سيد حسن ما امر الفتاتين ومن هما ؟
تحدث السيد حسن بقصة الفتاتين لكن لم يخبره من تكونان ، اخبره كيف انقطعت اخبارهن عنه عند وصولهن الى هنا ، انه يشك بانهم قد قتلوهما ، طلب من مأمون ان :
- أرجوك سيدي اريد البحث عنهن بمساعدتك ، انا اعلم انك مختلف عنهم .

ابتسم مأمون بتهكم :
- من أخبرك اني مختلف عنهم ؟
- شاب من مساعديني ، انه ازادي ، قال لي يوما ان لا اثق باي امير ماعداك ، فانت لا تفكر مثلهم .
- ما هي صلتك بهاتين الفتاتين ؟
- انهن صديقات ولدي في الجامعة ، و واحدة منهن بمثابة ابنتي فوالدها صديقي

وفجأة توقف مأمون بالسيارة وقد كانا على وشك عمل حادث ، وهو خائف ان تكون هي من بينهن ، تلعثم بسؤاله وقد تسارعت نبضات قلبه ، حتى شعر انه على وشك الخروج من جسده :
- ما اسمهن ؟
- زينة و غالية

استشاط غضباً وقد استطاع حسن رؤية عروقه من يده ، و قام بضرب مقود السيارة بقوة فائقة حتى احمرت يده من شدة الالم ، قام بقيادة السيارة بسرعة متجها الى قصر صلاح ، وعينه احمرت من الغضب والندم ، ها قد اخلف بوعده لغاليته ، بسبب تلك الحرب اللعينة التي شغلته عنها وانسته امرها ...

يتبع ........

Pokračovat ve čtení

Mohlo by se ti líbit

924K 19.2K 197
#مهلكتى مش مجرد روايه هتقرأها وتمشى دى حياه هتعيش فيها هتفصلك عن الواقع بأكمله .. يمكن لأن الروايه من قلب الواقع احداث وتسلسل هيخطفك من نفسك أحمد وسل...
2.2K 137 23
كيف لي ان اتضاهر القوه ومن الداخل متحطم كيف لي ان اكون سعيد وداخلي حزين كيف لي ان ابتسم وداخلي يبكي من المه كيف لي ان اشعر بل فرح وداخلي يشعر بألم كي...
310K 19.3K 46
ذئبٌ جائعٌ سفاح يطارد الغريب أينما مضئ .. ويفتح الآفاق للأشباح وغابة الصفصاف لم تزل تعانق الرياحْ ماذا جنينا نحن ؟ حتى نموت مرتين فمرة في الحياة و...
2.7M 135K 21
قصه واقعيه حقيقيه ممزوجه بالخيال لفتاة عراقيه تعاني اخوانها المدمنين لتتعرض لمحاولة اغتصاب فتنهزم ومن ثم تبدٲ حكايه اخرى مع الحب... بقلمي زينب ماجد🌹