" لماذا تركتني أنتِ و أمكِ يا وردتي ؟ "
(راميـة)
تركت الكتاب على المنضدة بعد أن انتهت من المذاكرة ، فتحت أول رسالة من أخيها .
"مساء الخير لا أعلم ربما صباح الخير ههههه اشتقت إليكِ أختي انظري أرسلت لكِ صورة " .
نظرت إلى الصورة بتأمل ، كانت فادية مستندة على كتف خالد و متبسمة ، و آثار التعب متراكمًا على ملامحها ، نظرت إلى خالد كان ممثلًا عبقري جدًّابإخفاء آلامه ،
يُظهر المرح و الفكاهة ! كم أنت عظيم يا أخي أحاول بأن أصبح مثلك ولكن كيف؟ أنت ممثل ذكي يعرف كيف الحزن من عيني الطرف الآخر! و يتراكم الحزن داخلك و لا يسأل عنك شخصًا فيظنك فرحًا إلا إنك تعيس بل سيد التعساء !
ربما مات خالد القديم . .
تنهدت و أرسلت له صورتها الحديثة . .
•* * * * * * * * * * *
•
(خــالد)
اغمض عينيه بعد أن تأكد أنها خرجت من الدار بأسرها ، شهق بسرعة و زفر براحة غير معتادة ،
ربما لأن أخته سعيدة أو شيئًا كهذا ، أشاح بوجهه إلى الساعة كانت تشير إلى ثانية عشر ظهرًا أمال رقبته إلى هاتفه .
راميـة:[مساء الخير أعرف الساعة الآن الثانية عشر ظهرًا و قد سبقتك و علمت كم الساعة لديكم ، هل ستزور لندن مع أبوينا ?]
خـالد:[ مساء الياسمين ، إن شاء الله سنأتي لنرى مدى غباوتك هل أصبحت ذكية في الغباء أم لا ]
راميـة:[ هههههه بلا لم و لن أتغير يا مجنون ]
خـالد:[سنفورة ]
راميـة:[ هل رأيت الصورة ؟ ]
خـالد:[نعم تبدينَ حزينة بعض الشيء ! ]
راميـة:[لا بالعكس تمامًا أنت من يبدو حزين]
خـالد:[ههههه حقًا؟ لا تهتمي لأمري إذن ]
راميـة:[هيا سأنام غدًا لدي أختبار]
خـالد:[حسنًا ، تدفئي قدر استطاعتكِ خذي أكبر لحاف لدى المبنى ]
رامـية:[ههههه حسنًا و أنت كذلك ]
خـالد:[سأفعل ذلك إلى اللقاء ]
رفع نظره إلى المنضدة و من ثم أرجعه إلى الجوال ، نظر إلى صورتها و ابتسم بطريقة لا إرادية ،
شعر بالشوق و الحنين لأيامه الطفولية ، التمس إلى الشاشة كأنه يلتمسها ،
التمس خدها و ركز لملامحها جيدًا ، يرى الطفولة و السعادة في وجهها ليست مجرد أخت بل أكثر ، إنها أخته الصغرى مثلها كمثل ابنته ،
التي اشتاق لها و يشعر بالألم تجاه وجهها الذي يلومه في كل مرة . .
" لماذا تركتني أنت و أمكِ يا وردتي ؟
اشتقت إليكِ و إلى أمك ِ"
مسح دمعته التي كادت أن تسقط على شاشة . .
" منذ سنين لم أقابل وجهك البشوش يا أميرتي الجميلة " .
رفع نظره ورجع للشاشة :
ــ تشبهينها كثيرًا يا ابنتي لذا أحب أن أرى صورة عمتك يوميًّا !
* * * * * * * * * *
" الرجوع ! "
استغربت الطريق الذي يسلكه ،
توقف عند منزل ضخم ، نزل و نزلت خلفه خافئة بترقب .
فتح باب الفيلا و دخل قبلها ، دخلت خلفه و أسرعت راكضة لغرفتهما ، استوقفها صوته المستهزئ :
راشـد:ــ لمَ تركضين؟ أنت معي في المنزل لمَ تهربي هه !
التفتت إليه و رجعت :
فادية:ــ ماذا ستفعل ؟
هز كتفه و تكتف :
راشد:ــ الكثير و أنت تعرفين !
أومأت برأسها :
فادية:ــ أولها بأن تضربني ! أليس كذلك ؟
راشد:ــ هممم نعم أظن كذلك !
تراجعت إلى الخلف بخوف ، ضحك بسخرية و من ثم عاد إلى ما كان عليه :
راشد:ــ من الآن فصاعدًا ستعملين في هذا المنزل أفهمتِ؟
نظرت إليه بصدمة :
فادية:ــ أنا سكرتيرة لدي الكثير من الأعمال غدًا !
هز رأسه و ابتسم :
راشد:ــ المرأة خلقت لمنزلها !
اقتربت إليه بغضب :
فادية:ــ أين الآية التي قال فيها الله عز و جل بأن المرأة خلقت لمنزلها أو حديث النبي عليه الصلاة والسلام ؟
عبث برأسه باستحقار :
راشد:ــ لم يقول أحدًا أن المرأة خلقت لمنزلها ولكن زوجك راشد قال لك ذلك و أنت سوف تخدميه أتفقنا ؟
دفعته بضعف :
فادية:ــ لا لا اتفق لا اتفق
كان ينتظر بأن تبكي و تشكو مثل عادتها و لكن لم يرى ذلك!
رأى حزنٌ عميق داخل عينيها و لم يفهم مغزاه ،
" الهذه الدرجة قسوت عليكِ ؟ "
نفض أفكاره و أقترب إليها بتحدي :
راشد:ــ ستوافقين رغمًا عنك ِ!
أشاح بوجهه إلى غرفة الخدم و صرخ مناديًا بأسماءهن .
خرجن الخادمات و رؤوسهن منحنية باحترام :
ــ نعم سيدي
اقترب إليها أكثر و عينيه محدقة إليها بتركيز و تحدي :
راشد:ــ إجازتكن شهرًا كاملا هيا أخرجن
رجعت خطوة إلى الوراء قائلة بضعف غير معتاد :
فادية:ــ شكرًا
نظر إليها بصدمة :
راشد:ــ شكرًا ! !
بلعت غصتها قائلة بابتسامة :
فادية:ــ نعم أشكرك
أمسك بكتفيها :
راشد:ــ لماذا لماذا أصبحت ضعيفة لماذا ؟ ماذا جرى لتلك العاقلة و الصارمة أين هي ؟
ابتسمت بعكس اللهب اللذي بداخلها :
فادية:ــ ذهبت
أضافت :
ــ نعم ذهبت و لن ترجع
هزها بقوة :
راشد:ــ سترجع سترجع
فادية:ــ كلا
رفعت يديها و هزتها بقوة لتبعد يدين راشد و استدارت لتذهب ، القت نظرة على المنزل كان مغبرًا جدًّا زمجرت :
فادية:ــ ماذا كُنَّ يفعلن طيلة هذه الأيام ؟
تنهدت و أمسكت بالمساحيق و بدأت بالتنظيف ، ربما رجعت أيامها القاسية ، هزت رأسها :
ــ الرجوع نعم
كان متكتف اليدين و ينظر إليها بشفقة ، أمسكت بسلم طويل للغاية لتصل إلى إحدى المزهريات لتنفضها ، تسلقته ،
و كان متأكدًا مئة بالمئة بأنها ستقع, تقدم خلفها دون ملاحظتها ، أمسكت بها و بدأت تمسحها ،
شعرت بأنفاسه تداعب ساقيها ، انتفضت بخوف قبل أن تلتفت و هوت بين يديه ، رفعت رأسها و رأت وجهه ، كان خائفًا جدًّا
عليها :
راشد:ــ هل أنتِ بخير ؟
همست :
فادية:ــ نعم أنا بخير
حاول أن يطيل الحديث ، أضافت :
فادية:ــ هلا أنزلتني أريد أن أنتهي من عملي
أنزلها و بصوتٍ عالٍ :
راشد:ــ انتبهي في مرة القادمة و لا تنظفي الأماكن العالية !
ابتعدت عنه بسرعة و أمسكت بالسلم ، أخذه منها و ذهب ، أخذت المزهرية و بدأت تنظفها من جديد . .